أكتوبر 3, 2024آخر تحديث: أكتوبر 3, 2024

المستقلة /- شهدت الأيام الأخيرة تصعيداً خطيراً بين إسرائيل وإيران، إذ شنت إسرائيل عشرات الاغتيالات والهجمات على منشآت إيرانية خلال السنوات الخمس الماضية في حرب استخباراتية تهدف إلى استفزاز طهران وجرّها إلى “فخ الرد”، وهو ما يبدو أن طهران قد وقعت فيه عبر قصفها المدن الإسرائيلية بعشرات الصواريخ يوم الثلاثاء الماضي.

يرى الخبراء السياسيون والأمنيون أن الرد الإسرائيلي القادم سيشل المصالح الاقتصادية الإيرانية ويعطل برنامجها النووي، وذلك على غرار ما حدث للعراق في ثمانينيات القرن الماضي عندما تم تدمير مفاعل “أوزيراك” النووي العراقي.

توقعات برد إسرائيلي واسع

التصريحات الإسرائيلية تشير إلى هجوم واسع خلال الأيام المقبلة يستهدف مواقع إيرانية إستراتيجية، حيث وصف الجيش الإسرائيلي القصف الإيراني بأنه “تصعيد خطير” سيقابله رد “في الوقت والمكان المناسبين”، محذراً من أن هذا التصعيد سيكون له “عواقب وخيمة” على إيران.

من جانبه، يعتقد الأكاديمي المتخصص في الشؤون الدولية، مازن الحيالي، أن إيران انجرت إلى هذه الحرب المفتوحة مع إسرائيل رغم أن توقعات كثيرة كانت تشير إلى التزام طهران بسياسة التهدئة. وأشار الحيالي إلى أن طهران كانت تتجنب الانخراط المباشر في الصراعات، وتفضل الاعتماد على أذرعها في المنطقة لخوض المعارك نيابة عنها.

لكنه يرى أن إيران ارتكبت “خطأً إستراتيجياً” بانجرارها إلى هذه المواجهة، لا سيما في ظل التوترات الدولية المحيطة بالملف النووي الإيراني، ومحاولاتها التأثير على الانتخابات الأمريكية المقبلة لعرقلة عودة دونالد ترامب إلى السلطة.

المكاسب الإسرائيلية والمخاطر الإيرانية

أما الخبير الإيراني، سردار خوشناو، فيرى أن العملية العسكرية الإيرانية التي أطلقت عليها “الوعد الصادق 2” قد تأتي بنتائج عكسية على طهران. فمنح التصعيد نتنياهو فرصة للبقاء في السلطة وتعزيز موقعه السياسي داخلياً. كما أن الحرب المفتوحة مع إيران قد تساعد في تعزيز التحالفات الإسرائيلية مع دول أوروبا وليس فقط الولايات المتحدة وبريطانيا، مما يزيد من عزل إيران دولياً.

وأضاف خوشناو أن الصراع قد يدفع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب للعودة إلى السلطة، وهو ما تخشاه إيران التي تعتبر أن سياسات ترامب كانت تميل إلى التعامل العسكري الحاسم مع طهران.

المخاطر على المنشآت النووية الإيرانية

من جهة أخرى، يشير فيصل العمري، الخبير في مركز “نينوى” للدراسات، إلى أن إسرائيل تستهدف منذ فترة طويلة المنشآت النووية الإيرانية، وسيكون هدفها الرئيسي الآن هو تدمير البنية التحتية النووية والحرمان الدائم لإيران من الوصول إلى التكنولوجيا النووية. ويرى العمري أن إسرائيل قد تستغل الأوضاع المتوترة الحالية في المنطقة لشن هجوم على المنشآت النووية والنفطية الإيرانية، مستفيدة من غياب رادع دولي يمنعها من تنفيذ هذا الهجوم.

تداعيات التصعيد على العراق والمنطقة

يحذر العديد من المراقبين من امتداد تداعيات هذا الصراع إلى دول الجوار، خاصة العراق الذي قد يتأثر بشكل مباشر نتيجة قربه الجغرافي وتحالفاته الإقليمية. وقد تشهد المنطقة بأكملها اضطرابات أوسع إذا ما استمر تبادل القصف بين إسرائيل وإيران، مما يهدد بتفاقم الأزمات الأمنية والسياسية في الشرق الأوسط.

في المجمل، يبدو أن التصعيد بين إسرائيل وإيران قد دخل مرحلة جديدة وخطيرة، تتطلب مراقبة دقيقة لتطورات الأوضاع وما ستؤول إليه من نتائج قد تكون كارثية على المنطقة بأسرها.

المصدر: وكالة الصحافة المستقلة

إقرأ أيضاً:

أزمات وانهيارات.. إيران المهزومة في الخارج ضعيفة داخلياً

قال الكاتب الصحفي كاي أرمين سرجوي، إن موقف إيران الإقليمي ضعف بشكل كبير في عام 2024؛ إذ عانت طهران من هزائم استراتيجية في غزة ولبنان، وبالأخص سوريا، التي انهارت بسرعة غير مسبوقة.

التخطيط للخلافة أصبح شغلاً شاغلاً ملحاً بالنسبة للنظام

وأضاف سرجوي، صحفي إيراني عمل في طهران لصالح مجلة "تايم" ووكالة "فرانس برس" وصحيفة "واشنطن بوست" وهو مقيم حالياً بأوروبا، في مقاله بموقع مجلة "تايم" الأمريكية،  أن الإطاحة ببشار الأسد أدت إلى إجبار إيران على إجلاء ضباطها في فيلق القدس، مما ترك فراغاً حرجاً.
وتابع الكاتب: "أُهدرت استثمارات طهران الطويلة الأمد في سوريا، بما في ذلك 30 مليار دولار وأرواح لا حصر لها. وتؤدي هذه الانتكاسات بإيران إلى خسارتها لعدد من حلفائها، ولا سيما تقليص ما يسمى "محور المقاومة" إلى ميليشيات عراقية صغيرة والحوثيين في اليمن".

Recent regional setbacks have further weakened Iran’s hardliners at home, with increasing criticism from within the establishment holding them responsible for mismanagement and misdirection in the country’s foreign and domestic affairs.https://t.co/eEw6EdFasD

— Iran International English (@IranIntl_En) December 15, 2024

وفي الوقت نفسه، تفوقت إسرائيل، خصم إيران الإقليمي، على طهران في عمليات تبادل الضربات. واستهدفت الضربات العسكرية الإسرائيلية منشآت الصواريخ والدفاع الجوي الإيرانية الحيوية بنجاح في حين فشلت عمليات الانتقام الإيرانية في إلحاق أضرار جسيمة بتل أبيب. ولم تتلق إسرائيل أي رد على هجومها في أكتوبر (تشرين الأول)، مما أثار معارضة عامة نادرة بين الموالين للنظام، الذين يشككون بشكل متزايد في كفاءة قيادته.

الانهيار الاقتصادي والاجتماعي 

وعلى الصعيد المحلي، يصف سرجوي إيران بأنها تواجه أسوأ أزمة اقتصادية منذ ثورة 1979. فقد أدت سنوات من العقوبات الأمريكية إلى شل صناعة النفط الإيرانية، وعلى الرغم من امتلاكها ثاني أكبر احتياطيات من الغاز الطبيعي في العالم، فإن إيران تواجه نقصاً في الغاز.
وبعد أن كانت إيران مصدرة للكهرباء في السابق، تكافح الآن لتلبية احتياجاتها المحلية. وانخفضت قيمة العملة الوطنية، الريال، بشكل حاد، حيث فقدت 46% من قيمتها خلال العام الماضي، مما يجعلها أضعف عملة في العالم.

Humiliated Abroad, #Iran Is Also Enfeebled at Homehttps://t.co/z3mzEPqKyl

— Yemen Details (@DetailsYemen) December 17, 2024

وأدت التداعيات الاقتصادية إلى ارتفاع معدلات الفقر المدقع. ويعيش 30% من الإيرانيين تحت خط الفقر، ويقال إن 57% يعانون من سوء التغذية. وفي مواجهة تضاؤل الإيرادات، تفكر الحكومة في رفع أسعار الوقود المدعوم بشدة.
وتخاطر مثل هذه الخطوة بإشعال اضطرابات واسعة النطاق تذكرنا باحتجاجات "نوفمبر الدامي" في عام 2019، حيث قمعت القوات الحكومية المتظاهرين بعنف، مما أسفر عن مقتل 304 أشخاص على الأقل، وفقاً لمنظمة العفو الدولية.

 الحجاب والتحدي العام وما تزال القيادة الإيرانية مضطربة بشدة في أعقاب احتجاجات "المرأة والحياة والحرية" في عام 2022، والتي اندلعت بعد وفاة مهسا أميني أثناء احتجازها لدى الشرطة.
وأشار الكاتب إلى أن هذه الاحتجاجات كانت أخطر تهديد للنظام منذ ثمانينيات القرن العشرين، حيث امتدت إلى أكثر من 200 مدينة وأسفرت عن مقتل أكثر من 500 شخص وإصابة الآلاف على يد قوات الأمن.
ورداً على ذلك، صادق البرلمان الإيراني المتشدد على مشروع قانون جديد للحجاب، مما يزيد من تقييد حريات المرأة. ويمثل التشريع محاولة النظام لإعادة تأكيد السيطرة ولكنه يخاطر بإعادة إشعال الغضب العام والانتفاضات الجماهيرية.
وعلى الرغم من حملات القمع التي يشنها النظام، فإن التحدي العام ما يزال قائماً، مستشهداً بمثال باراستو أحمدي، المغنية التي بثت حفلاً موسيقياً مباشراً من إيران إلى ملايين المشاهدين وهي لا ترتدي الحجاب؛ وهو عمل غير مسبوق منذ حظرت الثورة الإيرانية على النساء الأداء أمام جمهور من الذكور. ويسلط اعتقال أحمدي وإطلاق سراحها لاحقاً الضوء على قبضة النظام الهشة على السيطرة المجتمعية. علامات النظام الممزق وقال سرجوي إن مزاعم النظام بالحفاظ على "الأمن" الوطني قد انهارت بسبب بعض الحوادث التي كشفت عن ثغرات أمنية محرجة، مشيراً إلى اغتيال زعيم حماس إسماعيل هنية في مجمع محصن بشدة في طهران خلال زيارة رسمية، والذي من المرجح أن يكون من عمل مخربين إسرائيليين.
وقع هذا الحادث بعد أسابيع فقط من وفاة الرئيس إبراهيم رئيسي في حادث تحطم مروحية غامض، وهو الحدث الذي لم تقدم الحكومة أي تفسير موثوق له. وتكشف هذه الهفوات عن هشاشة أجهزة الأمن الإيرانية، مما يزيد من تآكل ثقة الجمهور. تراجع سلطة خامنئي وأزمة الخلافة وأشار الكاتب إلى أزمة الحكم الوشيكة في طهران، إذ يحكم المرشد الأعلى علي خامنئي ( 85 عاماً) منذ عام 1989 ولكن يقال إنه في حالة صحية سيئة. ورغم نفي التسجيلات المسربة التي تشير إلى وفاته الوشيكة، لكن حالة خامنئي المتدهورة بشكل واضح تعزز التكهنات.
وركز خامنئي في خطابه الأخير، المسجل مسبقاً دون بث مباشر،على قمع المعارضة وسط إحباط عام متزايد بسبب خسارة سوريا.
ولفت الكاتب النظر إلى أن التخطيط للخلافة أصبح شغلاً شاغلاً ملحاً بالنسبة للنظام. وعلى النقيض من الانتقال المستقر نسبياً في أعقاب وفاة آية الله الخميني في عام 1989، تواجه القيادة اليوم مزيجاً غير مسبوق من الانهيار الاقتصادي والاضطرابات المجتمعية وتآكل الشرعية. الخلاصة: مستقبل في مهب الريح وخلص كاي أرمين سرجوي إلى أن موقف إيران، سواء على المستوى المحلي أو الدولي، محفوف بالمخاطر. ففي حين ينهار نفوذ طهران في الخارج، فإن اقتصادها وحوكمتها وتماسكها المجتمعي يضعف في الداخل. وفي مواجهة الاضطرابات الداخلية والخصوم الأجانب والفراغ القيادي الوشيك، يبدو مستقبل طهران في مهب الريح. والآن يتأرجح نظام إيران على حافة أزمة قد يكافح لاحتوائها.

مقالات مشابهة

  • الخارجية الإيرانية: مزاعم بريطانيا وأستراليا حول إيران لا أساس لها من الصحة
  • محمد علي حسن: الحروب الحالية في المنطقة ستؤدي إلى تصعيد غير مسبوق
  • قوة مُبالغ فيها.. ماذا تبقّى من "المحور الإيراني"؟
  • ليبرمان يدعو للخروج من غزة وضرب منشآت إيران النووية
  • السيسي يحذر من استمرار الحرب الإسرائيلية ضد الفلسطينيين وامتداد الصراع واشتعال المنطقة
  • الرئيس الإيراني يصل القاهرة للمشاركة في «قمة الثماني» |صور
  • إيران تعدم رجلاً اعتدى على 60 امرأة
  • كيف نفهم تغير خطاب إيران وحزب الله تجاه سوريا؟
  • أزمات وانهيارات.. إيران المهزومة في الخارج ضعيفة داخلياً
  • الأمم المتحدة تطلق نداء عاجلا لاستئناف المفاوضات النووية مع إيران