فرنسا تخرق الحصار بمؤتمر لدعم اللبنانيين وماكرون يطالب بوقف كل الهجمات
تاريخ النشر: 3rd, October 2024 GMT
كتبت سابين عويس في" النهار": بالأمس، أعلن قصر الإليزيه أن باريس التي حركت قدراتها العسكرية في الشرق الأوسط للتصدي للتهديد الإيراني، بعدما دان الرئيس الفرنسي الهجمات الإيرانية على إسرائيل، ستنظم قريباً جدا مؤتمراً لدعم الشعب اللبناني ومؤسساته، وأن الوزير بارو سيزور الشرق الأوسط مجدداً.
ليست المرة الأولى تسارع باريس إلى استضافة مؤتمرات لدعم لبنان.
ورغم الجدية في التحضير وحشد الدول والمؤسسات المانحة لهذه المؤتمرات، غالبا ما كانت تصطدم عند التنفيذ بألغام الحسابات السياسية الداخلية المعطلة لأي جهود لإخراج لبنان من أزمته من خلال رعاية دولية. ومن المفيد الإشارة إلى أن هذا المؤتمر سيكون أول مبادرة تطلقها فرنسا على المستوى العربي أو الدولي، وسط تحفظ لافت في تعامل الأسرة الدولية مع الوضع اللبناني. وباستثناء الدعم الإنساني والإغاثي الذي قدمته أو وعدت به بعض الدول الصديقة للبنان، لم يتبلور بعد أي مسار ستسلكه البلاد في إعادة إعمار المناطق المهدمة تمهيداً لمعالجة أزمة النازحين الناجمة عنها.
حتى الآن، لم تتبلور بعد آليات المؤتمر الذي كشفت عنه باريس أو من سيشارك فيه وعلى أي مستوى، أو حتى موعده، لكن المؤكد أن ماكرون يكثف اتصالاته بالدول والمؤسسات المانحة والمنظمات الدولية التي تعنى بأعمال الإغاثة، في مسعى لتوفير الدعم الذي سيكون مشروطاً بالتزام لبنان وقف النار.
وكتب سمير تويني في" النهار":بعد اجتماع لمجلس الدفاع والأمن الوطني الفرنسي مساء الثلثاء الماضي في قصر الإليزيه، نوقشت خلاله التطورات اللبنانية والشرق أوسطية، أكد القصر الرئاسي المواقف الفرنسية الداعية إلى وقف لإطلاق النار ورغبة باريس في العمل من أجل لبنان.
ورأس الرئيس إيمانويل ماكرون الاجتماع الذي خصص للبحث في وضع لبنان والمنطقة، في حضور رئيس الوزراء ووزراء الداخلية والخارجية والدفاع.
وجدد في بيان صدر عن الرئاسة الفرنسية المخاوف من التصعيد، مؤكدا "التزام فرنسا السلام والأمن للجميع في المنطقة"، ومستنكرا "بشدة الهجمات الإيرانية الجديدة على إسرائيل". وإذ شدد على "التزام فرنسا أمن إسرائيل"، أعلن أن بلاده شاركت مساء الثلثاء في صدّ الهجوم الصاروخي من إيران على إسرائيل، وأن باريس "قامت بتعبئة وسائلها العسكرية في الشرق الأوسط لمواجهة التهديد الإيراني". وندد "بهجمات حزب الله" مكررا مطلب فرنسا "أن يتوقف الحزب عن أعماله الإرهابية ضد إسرائيل وسكانها".
وعبّر ماكرون عن رغبة فرنسا في "العمل من أجل لبنان لوقف المواجهات العسكرية وانتخاب رئيس وتشكيل حكومة ودعم الجيش"، مطالبا إسرائيل بـ"وقف عملياتها في أقرب وقت"، ومعتبرا "أن عددا كبيرا من المدنيين أصبحوا ضحايا لهذه العمليات حتى الآن".
وأعرب عن رغبته في "استعادة لبنان سيادته وسلامة أراضيه مع الاحترام الكامل لقرار مجلس الامن ١٧٠١"، مجددا التزام بلاده ضمن "اليونيفيل"، وداعيا اللبنانيين إلى "التكاتف في هذا الوقت الحرج". وأعلن "تنظيم مؤتمر لدعم الشعب اللبناني ومؤسساته قريبا"، مجددا عزمه على "التوصل إلى تسوية طويلة الأمد تضمن أمن السكان على جانبي الخط الأزرق وعودة النازحين إلى ديارهم بأمان سواء في إسرائيل أو في لبنان". ودعا إلى "إحالة الوضع الحالي على مجلس الأمن ليتمكن من التعبير عن رأيه في شأنه".
وأصدر تعليماته لوزير الخارجية "بالتوجه مرة أخرى إلى الشرق الأوسط للتشاور مع كل من له دور في بدء خفض التصعيد وإيجاد حلول مستدامة للأزمة الحالية بجميع جوانبها، ولا سيما في ما يتعلق بالوضع في لبنان وغزة".
وطالب ماكرون باتخاذ كل التدابير "لتقديم الدعم للفرنسيين في لبنان والشرق الأوسط"، داعيا إلى "اتخاذ الإجراءات المناسبة لأي تداعيات محتملة لهذه التطورات على الأراضي الوطنية وضمان أمن الجميع".
وكانت الخارجية الفرنسية قد أعربت عن قلقها من "التقارير التى تفيد بتوغلات برية يقوم بها الجيش الإسرائيلي جنوب لبنان، إذ تعارض باريس أي عملية برية إسرائيلية في لبنان وتدعو إلى وقف الهجمات العشوائية ضد المدنيين. وعلى "حزب الله" وإيران الامتناع عن أي عمل يمكن أن يؤدي إلى مزيد من زعزعة الاستقرار والقتل الإقليمي".
وحضّت الأطراف على "تناول المقترحات التي وضعت بالاشتراك مع الولايات المتحدة وشركائنا الآخرين من دون تأخير بهدف تحقيق وقف النار والتمهيد لتسوية ديبلوماسية للنزاع".
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: الشرق الأوسط فی لبنان
إقرأ أيضاً:
الشرق الأوسط الجديد: لا شيء يـبقى .. لا أرض تُـستثنى
التي يسعى إليها العدوُ الإسرائيلي بدعم وشراكة من الولايات المتحدة الأمريكية، وهو هدف الصهيونية العالمية ضمن مخططاتها في المنطقة العربية، يهدف هذا المشروع إلى توسيع نفوذ الكيان الصهيوني وتعزيز وجوده في المنطقة بما يفضي إلى تسيّده المطلق، واستباحته الكاملة لسيادة ومقدرات دول المنطقة، ومصادرتها كليا، قرارات وحقوق شعوبها وهويتهم، وهو في الوقت ذاته يجسّد جوهر أطماع السياسة الغربية المتبعة في العالم العربي.
لم يكن مشروع “الشرق الأوسط الجديد” فكرة مستجدة؛ بقدر ما هو تحديث لأهداف قديمة وضعها وصاغها المحتل، وهي موجودة في متن وهوامش استراتيجيته الانتهازية الإمبريالية، وبالتالي فإن “الشرق الأوسط الجديد” مفهوم حديث لمخطط قديم ، يعيد اليوم المستعمرُ الغربي قولبته وصياغته ليحقق أهداف المحتل وفق متغيرات المرحلة في المنطقة التي شهدت أحداثاً كبرى من بينها ثورات “الربيع العربي” التي تزامنت مع الترويج لمشروع “الشرق الأوسط الجديد” قبل عقد من الزمن، وأعلن للمرة حينها على لسان كوندليزا رايز، وزيرة خارجية الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الابن، كحصاد لمسرحية “أحداث” 11 سبتمبر، ضمن ترتيبات عالمية واسعة.
واعتمدت الولايات المتحدة في ذلك على خلق “فوضى خلاّقة” في الدول العربية، مستغلة الفروق الجغرافية والسياسية الناشئة أصلا عن اتفاقية “سايكس بيكو”، بالإضافة إلى تعزيز وتكريس الصراعات الداخلية التي أدت إلى تفكك الدول العربية وتمزيق مجتمعاتها.
استنزاف قدرات الأمةوفعلياً أدت السياسات الأمريكية إلى إضعاف القدرات البشرية والاقتصادية للدول العربية إثر سلسلة أحداث وفتن عصفت بالمنطقة، واستنزفت الثروات على حروب وصراعات داخلية، بينما تراجعت القضية الفلسطينية إلى مؤخرة الأولويات، في لحظة تراجع عربي وإسلامي غير مسبوق وفق تصنيف الكثير من الكٌتاب والنخب العربية، وهو ما مهّد لطرح مشاريع تطبيعية يقدمها كل وافد أمريكي جديد على البيت الأبيض ضمن مشاريعه الانتخابية في مضمار سباق الفوز برضا اللوبي اليهودي في أمريكا.
ورغم خطورة وانكشاف هذه المخططات مثل “صفقة القرن واتفاقية إبراهام” أمام الرأي العام والنخب في عالمنا العربي على ما تمثله من انقلاب واضح على القضية المحورية للأمة، شعوباً وأنظمة إلا أنها توضع على سكة التنفيذ، وتجد رواجاً وقابلية، وكان طرح مثل هذه الأفكار قبل سنوات يُعدُ خيانة تستوجب المحاكمة، وتلحق العار بدعاتها، لكنها اليوم وفي مؤشر على نجاح سياسة الترويض الأمريكية الإسرائيلية تُطرح بجرأة وتُقدم كحقيقة لا جدال فيها، وكقضية أساسية لتحقيق ما يصفه الأمريكي وأدواته الخيانية بـ”فرص خلق أمن واستقرار لشعوب المنطقة”!!.
بالعودة إلى الوراء قليلاً إلى مطلع القرن العشرين مع بداية الهجرة اليهودية إلى أرض فلسطين وما أعقبها من تفريط عربي بالأرض، نجد أن الصهيونية إنما تُعيد تدوير العناوين وتحديث الشعارات لتحريك عجلة مشروعها القديم ليس إلا.
ومع ذلك، بدأت تظهر بوادر صحوة تجاه القضية الفلسطينية، رغم التحديات التي فرضتها الحروب الأهلية والانقسامات الطائفية.
“الشرق الأوسط” من التخطيط إلى التنفيذيُعتبر الاحتلال الإسرائيلي حجر الزاوية في مشروع “الشرق الأوسط الجديد”، حيث تسعى الولايات المتحدة لإعادة تشكيل الجغرافيا السياسية للمنطقة بما يتناسب مع مصالحها ومصالح “إسرائيل”. على الرغم من محاولات بعض الأنظمة العربية للتعاون مع العدو الإسرائيلي، إلا أن الشعوب تظل متشبثة بقضيتها المركزية: فلسطين.
تشير التصريحات الأخيرة من المجرمين القادة الإسرائيليين، مثل “بتسلئيل سموتريتش”، إلى نوايا إسرائيلية واضحة للتوسع والضم، متجاوزةً الاتفاقيات السابقة مثل أوسلو.
ومع اقتراب ترامب من البيت الأبيض، يُتوقع أن تتصاعد هذه التوجهات، خاصة مع دعم ترامب العلني لإسرائيل، بما في ذلك نقل السفارة الأمريكية إلى القدس في فترة ترمب الرئاسية الأولى، ولاحقاً الاعتراف بالجولان السوري كجزء من “إسرائيل” وهو ما أعاد التأكيد عليه اليوم مجرم الحرب نتنياهو وحكومته التي صادقت على “خطة نتنياهو” لتعزيز النمو الديمغرافي بهضبة الجولان ومدينة “كتسرين”.
وجاء في تصريحات المجرم نتنياهو: “سنواصل التمسك بالجولان من أجل ازدهاره والاستيطان فيه”، مضيفاً أن “تعزيز الاستيطان في الجولان يعني تعزيز “دولة إسرائيل” وهو أمر بالغ الأهمية في هذه الفترة” حد وصفه.
وهكذا تدريجياً تتوسع مظاهر “الشرق الأوسط” الجديد لتشمل ضم الضفة الغربية وتهجير سكانها إلى الأردن، بالإضافة إلى التمدد نحو سوريا، تتجاوز هذه السياسات حدود الاتفاقيات الدولية، فضلاً عن تجاهلها التام لسيادة الدول العربية، حتى أنه يبدو أن ما يمنع العدو الإسرائيلي من التوسع في هذه المرحلة هو فقط اعتبارات صهيونية داخلية لا أكثر.
ومع تسارع مشاريع الاستيطان وتوسعها خارج حدود الأراضي الفلسطينية يبدو مشروع “الشرق الأوسط الجديد” خطر لا يهدد وجود الدولة الفلسطينية وحسب بل يضع دول الطوق الفلسطيني أمام تهديد وجودي يعيد رسم الخارطة وفق الأجندات الصهيونية، ويُلغي تماماً هوية شعوبها ويصادر حقوقها، ولا يفهم اليوم سبب التغافل عن هكذا خطر بهذا الحجم لن يبقي ولا يذر.