غرق 45 مهاجراً وفقدان 111 آخرين قبالة سواحل جيبوتي بعد إجبارهم على القفز من القوارب أثناء عودتهم من اليمن
تاريخ النشر: 3rd, October 2024 GMT
الجديد برس:
أعلنت منظمة الهجرة الدولية، يوم الأربعاء، عن غرق 45 مهاجراً وفقدان 111 آخرين من المهاجرين الأفارقة العائدين من اليمن، وذلك قبالة سواحل جيبوتي.
وذكرت المنظمة في منشور عبر حسابها على منصة “إكس” أن المأساة وقعت يوم الثلاثاء بعد أن أجبرهم مهربون على القفز من قواربهم في عرض البحر بالقرب من ساحل أوبوك، قرب مدينة جودوريا الجيبوتية، مما أدى إلى غرق 45 شخصاً على الأقل، بينما لا يزال 111 في عداد المفقودين.
وأفاد الناجون البالغ عددهم 98 شخصاً بأن القارب الأول كان يحمل 100 مهاجر، فيما كان القارب الثاني يحمل 210 مهاجرين، جميعهم كانوا في طريق العودة إلى جيبوتي من اليمن. وأجبر المهربون المهاجرين على النزول إلى البحر المفتوح والسباحة للوصول إلى الشاطئ.
وأوضحت المنظمة أنه تم إنقاذ 55 مهاجراً حتى الآن، بينما تستمر عمليات البحث والإنقاذ التي ينفذها خفر السواحل الجيبوتي للعثور على المفقودين.
ويعد هذا الحادث من أكثر الحوادث دموية في عام 2024 لعمليات عبور المهاجرين عبر البحر بين شرق أفريقيا ومنطقة القرن الإفريقي واليمن، وهو ثاني أكبر حادث بعد غرق 196 شخصاً في يونيو الماضي.
المصدر: الجديد برس
إقرأ أيضاً:
اليمن وكسر الردع الأمريكي: البحر الأحمر نموذجًا لفشل الهيمنة
عبدالوهاب حفكوف
من بين أكثر جبهات الصراع حساسيةً في الراهن الإقليمي، تبرز جبهةُ البحر الأحمر؛ بوصفها مرآةً حادةً لتعرِّي العقيدة العسكرية الأمريكية أمام خصم غير تقليدي. فاليمنيون، دونَ مظلة جوية، ولا منظومات دفاع متقدمة، ولا حماية نووية، نجحوا في إعادة صياغة مفهوم الردع، بل وفي تحطيم رمزيته في وعي القوة الأمريكية نفسها.
منذ اللحظة الأولى لتدخُّلِها في البحر الأحمر بذريعةِ حماية الملاحة، اعتقدت واشنطن أن بضعَ ضربات محسوبة ستُعيدُ التوازن وتفرض الهيبة. لكن الوقائع أثبتت عكسَ ذلك تمامًا. وقعت في فخٍّ مُحكم بُنِيَ بعناية تكتيكية فائقة، حَيثُ تقابلت العقيدة اليمنية القائمة على “رفع الكلفة بأقل الإمْكَانيات” مع منظومة أمريكية مأخوذة بالسرعة والضجيج.
كل عملية هجومية نفذها اليمنيون كانت تهدم جدارًا نظريًّا:
• فإسقاطُ مسيّرة أمريكية متقدمة لا يُضعِفُ الأدَاة فقط، بل ينسِفُ الثقةَ في أدوات الردع نفسها.
• وضرب سفينة تجارية لا يعطِّلُ الممرَّ فحسب، بل يربك مركز القرار في وزارة الدفاع الأمريكية.
• والأسوأ: أن الدفاعاتِ الأمريكية الذكية استُنزفت حتى أصبحت أضعف من الهجوم ذاته.
وفي العمق، تحولت معادلةُ الكلفة إلى كابوس استراتيجي: صاروخ بسيط لا تتجاوز تكلفته بضعة آلاف، يُقابل بمنظومة اعتراض بملايين الدولارات.
لكن الأمر لا يتوقف عند اليمن. كُـلّ ضربة يمنية ضد المصالح الأمريكية كانت تُترجَمُ إلى نقطة تفاوضية لصالح إيران؛ ليس لأَنَّ اليمنيين في سلطة صنعاء يتحَرّكون بأمر من أحد -فهم أسيادٌ تتضاءلُ أمامهم السيادة الزيتية العربية-؛ بل لأَنَّهم جزء من منظومة ردع إقليمية واسعة، نجحت في تقاسم الأدوار وتوزيع الجبهات، دون إعلان أَو ضجيج.
ومن هنا، بدأ التحول الأمريكي الحقيقي. الإدراك المتأخر أن التصعيد ضد اليمن كشف حجم الكارثة فجعل البيت الأبيض يُعيدُ الحسابات من جديد. فما كان يُخطط له كعملية تأديب محدودة، تحول إلى أزمة استراتيجية دفعت واشنطن للتراجع خطوة، والبحث عن مسار تفاوضي مع طهران.
في المحصلة، الحوثي لم يعد مُجَـرّدَ طرف محلي يحمي سواحله. لقد أثبت، من خلال أداء منضبط وحسابات دقيقة، أنه قادرٌ على تعديل هندسة القوة في الإقليم، وفرض نفسه كطرف لا يمكن تجاهله في أي معادلة تهدئة وَخُصُوصًا في المعادلة الفلسطينية.
هكذا، تحولت جبهة البحر الأحمر إلى مختبرٍ علني لفشل الردع الأمريكي، وصعود منطق جديد في إدارة الصراع.
أُولئك الذين ظنوا بأن العدوانَ الأمريكي سيقضي على اليمنِ في ظل حكم أنصار الله وحلفائهم، سيخيبُ أملُهم وَسيتعين عليهم الاستعدادُ للتعامل مع قوة إقليمية خرجت مرفوعة الرأس بعد منازلة أقوى دولة في العالم!
* كاتب وصحفي سوداني.. بتصرُّف يسير