غليزان: ترحيل 29 عائلة بحي أولاد العربي بجديوية إلى سكنات لائقة
تاريخ النشر: 3rd, October 2024 GMT
قامت صبيحة اليوم الاربعاء مصالح دائرة جديوية بمعية مصالح بلدية جديوية في إطار القضاء على البناء الفوضوي والسكن الهش RHP وكذا تحسين ظروف الساكنة وحمايتهم من خطر الفياضانات. ترحيل 26 عائلة من القرية الفلاحية بأولاد العربي ببلدية جديوية الى مساكن لائقة مع هدم سكناتهم الهشة.
العملية تمت تحت إشراف السيدة رئيس الدائرة وبمعية رئيس المجلس الشعبي لبلدية جديوية، السلطات المحلية الامنية والعسكرية الحماية المدنية ومختلف المصالح المختصة.
وتم تسخير جميع الوسائل المادية والبشرية لمختلف المصالح التقنية بالاضافة الى المصالح التقنية لبلديات دوائر جديوية، وادي رهيو والحمادنة.
المصدر: النهار أونلاين
إقرأ أيضاً:
الإنسان بين مرايا ذاته ومآرب غيره
د. بدر بن أحمد البلوشي
الله على الإنسان… هذا الكائن العجيب، الممتلئ بالتناقضات، الرقيق حينا والعنيف حين تتلبسه مصالحه.. كم يبدو جميلاً حين يتجرد من أناهُ، وكم يصبح مفزعا حين ينكفئ على ذاته ويرى العالم من ثقب رغباته.. ما أن تختلف الرؤى، حتى تبدأ معركة التأويلات، وما أن تتعارض المصالح، حتى تُستخرج السكاكين المُغلفة بالمجاملات.
الرؤية ليست قالباً جاهزا ينسكب في كل عقل، بل هي عدسة تتشكل من ذاكرة التجارب، وتراكم المعارف، وحساسية النفس تجاه الأشياء.. كل واحد فينا يرى الأمور من قمة جبل بناه بنفسه، لذلك ما يراه أحدنا شمسا، يراه الآخر سرابا.. هنا لا يكون الصدام ضرورة، لكنه غالباً ما يصبح قدرا حين يغيب احترام الاختلاف.
المصالح، تلك المفردة الملساء التي تخفي تحت جلدها شهوات ومكاسب وخسائر.. كم من مصلحة لبست رداء المبادئ، وكم من مبدأ ذُبح على محراب المصلحة.. المصالح لا تطرق الأبواب بأدب، بل تقتحم المشهد مدفوعة برغبة الهيمنة أو الخوف من الفقد.. وعندما تتصادم، تُسقط معها كل شعارات التعايش والتكامل.
في زاوية أخرى من الصورة، يتمدد الخطر الأخطر.. نرجسية الرأي.. حين يقدس الإنسان رأيه كأنه وحي منزل، ويقصي ما عداه، تنكمش المساحات المشتركة.. تغيب المرونة، ويُختزل الصواب في زاوية واحدة.. كم من فكرة قُتلت قبل أن تولد، فقط لأنَّ من حملها لم يكن يملك الصوت الأعلى.
الحوار، ذلك الغائب الأكبر عن مشاهد الاختلاف، لا يأتي إلا حين ننزع عباءة التفوق.. ليس الحوار ضعفا ولا مساومة، بل هو فن لا يتقنه سوى الأقوياء بثقتهم، الأوفياء لفكرة الإنسان قبل الموقف.. بدون الحوار، تصبح الكلمات خناجر، والمواقف جدرانا.
التاريخ لا يرحم من يعيد أخطاءه.. كم من حضارات تساقطت أوراقها لا لهجوم الأعداء، بل لخيانة الداخل، لتناحر الرؤى وتكالب المصالح.. إنها سنة كونية، أن الضعف لا يبدأ من الخارج، بل من الداخل حين تتحول العقول إلى معاول.
الإنسان يعيش بين مرآتين.. مرآة يرى فيها ذاته، وأخرى يرى فيها الجماعة.. إن بالغ في الأولى، أصبح أنانيا مهووسا.. وإن ذاب في الثانية بلا ملامح، صار تابعا بلا موقف.. التوازن بين الرؤية الفردية ومصلحة المجموع هو ذروة الحكمة.
الرؤية حين تتحول إلى سلاح، تفقد معناها.. حين تصير أداة إقصاء لا أداة بناء، تصبح الرؤية مشروعة على حساب الآخر، لا بالتشارك معه.. وكل فكرة تُطرح من على منصة مرتفعة تُقصي من تحتها، لا يمكن أن تبني مجتمعا.
الاختلاف حين يُدار بذكاء، يصبح فرصة للتطوير لا ذريعة للتمزيق.. اختلاف الزوايا هو ما يصنع الصورة الكاملة.. أما إذا تحول الاختلاف إلى ساحة حرب، وخضع لإملاءات المصالح الضيقة، فحتى أعظم العقول تغدو وقودا لصراع لا عقل فيه.
ويبقى السؤال، وهو بيت القصيد.. متى يدرك الإنسان أن الحقيقة لا تختبئ في جيب أحد، وأن المصلحة الآنية لا تبرر خنق الحوار؟ متى يعترف بأن الحق ليس نسخة واحدة، وأن الخلاف لا يعني العداء، وأننا جميعا عابرون فوق مسرح الحياة، فما نتركه من أثر هو ما يبقى، لا ما ننتزعه من مكسب؟