في رحاب القائد الاستثنائي.. ماذا عسانا نقول نحن اليمانيّون؟
تاريخ النشر: 3rd, October 2024 GMT
ماذا يقول المرء ومن أين يبدأ، الخطب جلل والمصاب عظيم، نجم من نجوم آل البيت- عليهم السلام- المضيئة في درب الجهاد والمجاهدين، يلقى ربه شهيدًا على طريق القدس مقبلًا غير مدبر، ناصحًا أمينًا وصادقًا وفيًا مقدامًا في أهم ميدان وأقدس معركة.
السيد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله ذلك القائد الفذ والاستثنائي المستبصر بنور الله.
جريمة الاغتيال الجبانة والغادرة التي طالت الأمين على الدماء والأرواح، وهو اللقب الأحب إلى قلوب اللبنانيين، وصفها بعض الأعداء بأنها زلزال هزّ المنطقة. وهي كذلك؛ لأن من شأنها أن تجرف المستكبرين والعملاء منها وهذا حتمي، وراية المقاومة لا يمكن أن تنكسر باستشهاد سيدها؛ بل تزيدها قوة وتصميمًا على النهوض من جديد.
لا أجد نفسي مؤهلًا لأكتب عن الثائر الحسيني قائد محور الجهاد والمقاومة الميداني وناطقها الرسمي، تلك القلعة الشامخة والدرع الحصين.. فأي حديث يوفي العظماء حقهم، فاستحضار الشجاعة في حضرة السيد حسن نصر الله لا يضيف له شيئًا؛ لأنه وارثها من أسلافه كما ورث العزم والصبر والتضحية من الإمام الحسين- عليه السلام- وعن الصدق والبأس، فيكفي ما شهدت وتشهد به الأعداء قبل الأصدقاء والمبغضين قبل المحبين.. أما عن العزة والكرامة؛ فو الله أنه كان يمثل شرف الأمة وفخرها ومجدها على مدى عقود مضت، ولولا جهاده مع رفاق دربه والرجال من حوله لكانت أميركا قد غيّرت خريطة المنطقة منذ زمن بعيد، ولكان كل العرب والمسلمين تحت أقدام الصهاينة لا تسمع لهم صوتًا ولا تحس لهم عرقًا ينبض بالحرية والكرامة.
مفاجأت السيد التي انتصر للأمة بها وأعاد لها قيمتها في مواجهة الصهاينة الغاصبين لن يوقفها الزمان ولا حدود لمكانها بعد اليوم.. وخطاباته وتكبيراته ستظل تتردد في الأذهان، لحض الناس على القتال وصياغة فصول جديدة من الانتصارات، في زمن كثر فيه العملاء والخونة والمتخاذلون المطبعون حكامًا ومحكومين، والناس في حياة سيد سادة المجاهدين ومن بعده لن يروا إلا جميلًا؛ فزمن الهزائم ولى منذ العام 2006 والمقاومة كبرت بفضل الله وتعاظم شأنها، لتؤسس فيالق من المقاتلين الأشداء في العراق وسوريا وفلسطين وكانت بمثابة المنارة لانطلاقة المارد اليمني التي تحلق صواريخه وطائراته المسيرة في أجواء فلسطين المحتلة.
في اليمن؛ حب السيد نصر الله في القلوب يتدفق كمعين لا ينضب، وذلك الحب والعشق ليس وليد الوقفة الصادقة مع الشعب اليمني يوم اعتدى وتآمر عليه الأعراب، والأمريكان وتنكّر له وخذله العرب والمسلمون، بل هو عشق ممتد منذ الانطلاقة الأولى لقيادته حزب الله ودوره المحوري في إذلال الصهاينة وتمريغ أنوفهم في التراب معركة تلو أخرى حتى أرسى معادلة وحدة الساحات من أجل القدس، وجسد بدمائه الزكية مبدأ واحدية المصير.
ذكر السيد نصر الله كان وسيظل حاضرًا، ومواقفه لا تنسى وكما قال لزعماء دول خليج ذات مرة، وقد أنكروا عروبة اليمنيين ليسوّغوا سوء أفعالهم وجرائمهم بحق النساء والأطفال: “إن لم يكن الشعب اليمني من العرب فمن هم العرب؟” وجاء الدور لنقول للعالم بأسره وعرب التطبيع على وجه الخصوص- إن السيد نصر الله كان للشعب اليمني نعم السند والمعين بعد الله فعلًا وقولًا، انطلاقًا من أصالته وعروبته وغيرته على الدين وقيمه الإنسانية والأخلاقية، ولو سلك العالم واديًا وسلك الأمين المنتصر بالله واديًا آخر لسلكناه معه، ووقوفه معنا كان يغنينا عن مواقف العالم كلها.
من مواقفه التاريخية، أيضًا، مع احتدام المعركة المفتوحة بجبهة الساحل الغربي خرج الأمين -رضوان الله عليه- بخطاب تعبوي معنوي دفع الآلاف من اليمنيين للتوجه إلى ساحة القتال لمنع سقوط مدينة الحديدة. وهو ما تحقق- بفضل الله تعالى- وذلك لسماعهم القائد الأول الذي حطّم أسطورة الجيش الصهيوني يعبّر عن خجله أنه ليس مع المقاتلين اليمنيين في الساحل الغربي قائلًا: “يا ليتني كنت معكم أقاتل تحت راية قائدكم الشجاع والحكيم وكل أخ من المقاومة يقول ذلك”، مُضيفًا: ”لتعلم السعوديّة والإمارات أنهم أمام شعب لن يستسلم، ولديه قدرة عالية على الصمود”.
من واجبنا اليوم، وكل يوم، أن نقول لسادة المجاهدين في لبنان، سنكون معكم وإلى جانبكم، وسنكمل الطريق نحو القدس معًا وفاء لشهيد الإسلام والإنسانية.
في أول خطاباته، ثاني أيام العدوان على اليمن، حدد الشهيد القائد السيد نصر الله موقفه الداعم لليمن ولشعبه المظلوم منددًا بالوحشية السعودية الإماراتية المدفوعة أميركيًا من دون أن يكترث لتهديد وتهويل، ولا حتى تبعات الموقف التي انعكست حربًا اقتصادية على لبنان وشعبه. وكان ذلك الخطاب بالنسبة إليه أشرف وأعظم ما فعله في حياته وفقًا لتعبيره، مؤكّـدًا أنه لا توجد مظلومية على وجه الكرة الأرضية توازي مظلومية الشعب اليمني حينها.
كان -سلام الله عليه- مؤمنًا بانتصار الدم على السيف واستحالة أن يحقق الأعداء أهدافهم في اليمن كما هو إيمانه بانتصار غزة ومحور الجهاد والمقاومة. ومن واقع التجارب ومعرفتنا القريبة من بيئة حزب الله، وقد عشنا بينهم لأكثر من عقد من الزمن، نرى بوضوح هزيمة الصهاينة وفشلهم الذريع؛ لأنهم يواجهون أناسا تعلقوا بقائدهم ووفاء له لا يمكن أن يستكينوا أو يضعفوا، ولسان حالهم وحال كل الأحرار في لبنان وغيرها هي المقولة التي كان يرددها السيد نصر الله في خطاب عاشوراء: “أنبقى بعدك، أنتركك ونبقى بعدك لا طيب الله العيش بعدك يا حفيد الأئمة الأطهار، أما والله لو إنا نقتل ثم نحرق ثم ننشر في الهواء ثم نحيا ثم نقاتل ثم نقتل ثم نحرق ثم ننشر في الهواء يفعل بنا ألف مرة؛ ما تركنا وصيتك ولا طريق جدك الإمام الحسين (عليه السلام)”
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
كل كلام يقوله الإنسان محسوب عليه إلا 3 أمور فما هي؟.. علي جمعة يوضح
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن سيدنا النبي ﷺ: يقول: “من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه”، إنه أدب رفيع لا نراه في حياتنا اليومية، حيث نجد الناس يتدخلون في أمور ليست من شأنهم، فيتحدثون بما لا يعلمون، ويقولون بما لا يتقنون، وكل ذلك محسوب عليهم لا لهم. وقد قال رسول الله ﷺ: «كل كلام ابن آدم عليه لا له إلا أمر بمعروف أو نهي عن منكر أو ذكر الله».
وأضاف جمعة، فى منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الإجتماعي فيسبوك، أنه قد تعجب قوم من هذا الحديث عند الإمام سفيان الثوري رحمه الله ورضي عنه، فقال لهم: "لِمَ العجب؟" واستدل بقول الله تعالى: "لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ"، وبقوله تعالى: "يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا".
كان سفيان يستشهد بالقرآن على صحة الحديث ليزيل عنهم العجب، لأن كل كلام ابن آدم عليه لا له، إلا في الأمور الثلاثة: الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وذكر الله، وعندما يقول النبي ﷺ: "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه"، فهي كلمة جامعة تدعو الإنسان إلى أدب عظيم مع الله.
وكما ورد عن أبي ذر رضي الله عنه، عندما سئل رسول الله ﷺ عما ورد في صحف إبراهيم عليه السلام، قال ﷺ: "عَلَى الْعَاقِلِ مَا لَمْ يَكُنْ مَغْلُوبًا عَلَى عَقْلِهِ أَنْ تَكُونَ لَهُ سَاعَاتٌ: سَاعَةٌ يُنَاجِي فِيهَا رَبَّهُ، وَسَاعَةٌ يُحَاسِبُ فِيهَا نَفْسَهُ، وَسَاعَةٌ يَتَفَكَّرُ فِيهَا فِي صُنْعِ اللَّهِ، وَسَاعَةٌ يَخْلُو فِيهَا لِحَاجَتِهِ مِنَ الْمَطْعَمِ وَالْمَشْرَبِ" [رواه ابن حبان].
هذا هو العاقل الذي يشغل نفسه بما يعنيه من أمور دينه، وليس بما لا ينفعه من أمور دنياه. هذا هو العاقل الذي يستحي من الله. وقد قال رسول الله ﷺ: "الاِسْتِحْيَاءَ مِنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ أَنْ تَحْفَظَ الرَّأْسَ وَمَا وَعَى، وَتَحْفَظَ الْبَطْنَ وَمَا حَوَى، وَتَتَذَكَّرَ الْمَوْتَ وَالْبِلَى، وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ تَرَكَ زِينَةَ الدُّنْيَا؛ فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدِ اسْتَحْيَا مِنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ".
هذه هي حقيقة الحياء من الله سبحانه وتعالى: أن تحفظ الرأس وما وعى. فانظر إلى بلاغة النبي ﷺ، حيث لم يذكر العين وحدها لحفظها من النظر الحرام، أو اللسان من القول الحرام، أو الأذن من السمع الحرام، بل قال: "الرأس وما وعى"، وهذا يشمل الفكر الحرام أيضًا.
وينبغي عليك أيها المسلم أن تنزه باطنك وتطهره لله حياءً منه، وأن تأكل الحلال لتحفظ البطن وما حوى، وقد قال ﷺ: "أطب مطعمك تكن مستجاب الدعاء".
كما ينبغي عليك أن تذكر الموت دائمًا، فمن ذكر الموت امتنع عن الفسوق، وداوم على ذكر الله، وتذكر البلى، حيث لا شيء يبقى في هذه الحياة الدنيا، كما قال تعالى: "كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ".
عودوا إلى أدب الإسلام، فإن الإسلام كله حلاوة، يأمر بالمعروف، والجمال، والنظافة، وينهى عن القبح، وقلة الحياء، وقلة الأدب.