ماذا يقول المرء ومن أين يبدأ، الخطب جلل والمصاب عظيم، نجم من نجوم آل البيت- عليهم السلام- المضيئة في درب الجهاد والمجاهدين، يلقى ربه شهيدًا على طريق القدس مقبلًا غير مدبر، ناصحًا أمينًا وصادقًا وفيًا مقدامًا في أهم ميدان وأقدس معركة.
السيد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله ذلك القائد الفذ والاستثنائي المستبصر بنور الله.

. هو في الحقيقة، بفيض عطائه وجهاده المثمر وسجل إنجازاته وانتصاراته التاريخية، فكر ومنهج تحرري وهو مدرسة متكاملة في السياسة والاقتصاد وفي العسكر وفن التخطيط وفصاحة اللسان وبلاغة الأداء، وأضف إليها أنه أبرع قائد في التاريخ المعاصر يجيد الحرب النفسية ضد عدو الأمة بصدق وعوده وفهمه لنفسيات الصهاينة وحقدهم الدفين وحقيقة واقعهم المتوحش وقتلهم الأنبياء من خلال التدبر العميق للقرآن الكريم.
جريمة الاغتيال الجبانة والغادرة التي طالت الأمين على الدماء والأرواح، وهو اللقب الأحب إلى قلوب اللبنانيين، وصفها بعض الأعداء بأنها زلزال هزّ المنطقة. وهي كذلك؛ لأن من شأنها أن تجرف المستكبرين والعملاء منها وهذا حتمي، وراية المقاومة لا يمكن أن تنكسر باستشهاد سيدها؛ بل تزيدها قوة وتصميمًا على النهوض من جديد.
لا أجد نفسي مؤهلًا لأكتب عن الثائر الحسيني قائد محور الجهاد والمقاومة الميداني وناطقها الرسمي، تلك القلعة الشامخة والدرع الحصين.. فأي حديث يوفي العظماء حقهم، فاستحضار الشجاعة في حضرة السيد حسن نصر الله لا يضيف له شيئًا؛ لأنه وارثها من أسلافه كما ورث العزم والصبر والتضحية من الإمام الحسين- عليه السلام- وعن الصدق والبأس، فيكفي ما شهدت وتشهد به الأعداء قبل الأصدقاء والمبغضين قبل المحبين.. أما عن العزة والكرامة؛ فو الله أنه كان يمثل شرف الأمة وفخرها ومجدها على مدى عقود مضت، ولولا جهاده مع رفاق دربه والرجال من حوله لكانت أميركا قد غيّرت خريطة المنطقة منذ زمن بعيد، ولكان كل العرب والمسلمين تحت أقدام الصهاينة لا تسمع لهم صوتًا ولا تحس لهم عرقًا ينبض بالحرية والكرامة.
مفاجأت السيد التي انتصر للأمة بها وأعاد لها قيمتها في مواجهة الصهاينة الغاصبين لن يوقفها الزمان ولا حدود لمكانها بعد اليوم.. وخطاباته وتكبيراته ستظل تتردد في الأذهان، لحض الناس على القتال وصياغة فصول جديدة من الانتصارات، في زمن كثر فيه العملاء والخونة والمتخاذلون المطبعون حكامًا ومحكومين، والناس في حياة سيد سادة المجاهدين ومن بعده لن يروا إلا جميلًا؛ فزمن الهزائم ولى منذ العام 2006 والمقاومة كبرت بفضل الله وتعاظم شأنها، لتؤسس فيالق من المقاتلين الأشداء في العراق وسوريا وفلسطين وكانت بمثابة المنارة لانطلاقة المارد اليمني التي تحلق صواريخه وطائراته المسيرة في أجواء فلسطين المحتلة.
في اليمن؛ حب السيد نصر الله في القلوب يتدفق كمعين لا ينضب، وذلك الحب والعشق ليس وليد الوقفة الصادقة مع الشعب اليمني يوم اعتدى وتآمر عليه الأعراب، والأمريكان وتنكّر له وخذله العرب والمسلمون، بل هو عشق ممتد منذ الانطلاقة الأولى لقيادته حزب الله ودوره المحوري في إذلال الصهاينة وتمريغ أنوفهم في التراب معركة تلو أخرى حتى أرسى معادلة وحدة الساحات من أجل القدس، وجسد بدمائه الزكية مبدأ واحدية المصير.
ذكر السيد نصر الله كان وسيظل حاضرًا، ومواقفه لا تنسى وكما قال لزعماء دول خليج ذات مرة، وقد أنكروا عروبة اليمنيين ليسوّغوا سوء أفعالهم وجرائمهم بحق النساء والأطفال: “إن لم يكن الشعب اليمني من العرب فمن هم العرب؟” وجاء الدور لنقول للعالم بأسره وعرب التطبيع على وجه الخصوص- إن السيد نصر الله كان للشعب اليمني نعم السند والمعين بعد الله فعلًا وقولًا، انطلاقًا من أصالته وعروبته وغيرته على الدين وقيمه الإنسانية والأخلاقية، ولو سلك العالم واديًا وسلك الأمين المنتصر بالله واديًا آخر لسلكناه معه، ووقوفه معنا كان يغنينا عن مواقف العالم كلها.
من مواقفه التاريخية، أيضًا، مع احتدام المعركة المفتوحة بجبهة الساحل الغربي خرج الأمين -رضوان الله عليه- بخطاب تعبوي معنوي دفع الآلاف من اليمنيين للتوجه إلى ساحة القتال لمنع سقوط مدينة الحديدة. وهو ما تحقق- بفضل الله تعالى- وذلك لسماعهم القائد الأول الذي حطّم أسطورة الجيش الصهيوني يعبّر عن خجله أنه ليس مع المقاتلين اليمنيين في الساحل الغربي قائلًا: “يا ليتني كنت معكم أقاتل تحت راية قائدكم الشجاع والحكيم وكل أخ من المقاومة يقول ذلك”، مُضيفًا: ”لتعلم السعوديّة والإمارات أنهم أمام شعب لن يستسلم، ولديه قدرة عالية على الصمود”.
من واجبنا اليوم، وكل يوم، أن نقول لسادة المجاهدين في لبنان، سنكون معكم وإلى جانبكم، وسنكمل الطريق نحو القدس معًا وفاء لشهيد الإسلام والإنسانية.
في أول خطاباته، ثاني أيام العدوان على اليمن، حدد الشهيد القائد السيد نصر الله موقفه الداعم لليمن ولشعبه المظلوم منددًا بالوحشية السعودية الإماراتية المدفوعة أميركيًا من دون أن يكترث لتهديد وتهويل، ولا حتى تبعات الموقف التي انعكست حربًا اقتصادية على لبنان وشعبه. وكان ذلك الخطاب بالنسبة إليه أشرف وأعظم ما فعله في حياته وفقًا لتعبيره، مؤكّـدًا أنه لا توجد مظلومية على وجه الكرة الأرضية توازي مظلومية الشعب اليمني حينها.
كان -سلام الله عليه- مؤمنًا بانتصار الدم على السيف واستحالة أن يحقق الأعداء أهدافهم في اليمن كما هو إيمانه بانتصار غزة ومحور الجهاد والمقاومة. ومن واقع التجارب ومعرفتنا القريبة من بيئة حزب الله، وقد عشنا بينهم لأكثر من عقد من الزمن، نرى بوضوح هزيمة الصهاينة وفشلهم الذريع؛ لأنهم يواجهون أناسا تعلقوا بقائدهم ووفاء له لا يمكن أن يستكينوا أو يضعفوا، ولسان حالهم وحال كل الأحرار في لبنان وغيرها هي المقولة التي كان يرددها السيد نصر الله في خطاب عاشوراء: “أنبقى بعدك، أنتركك ونبقى بعدك لا طيب الله العيش بعدك يا حفيد الأئمة الأطهار، أما والله لو إنا نقتل ثم نحرق ثم ننشر في الهواء ثم نحيا ثم نقاتل ثم نقتل ثم نحرق ثم ننشر في الهواء يفعل بنا ألف مرة؛ ما تركنا وصيتك ولا طريق جدك الإمام الحسين (عليه السلام)”

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

المقاومة اللبنانية.. معركة إسناد فلسطين تسير كما لو أن السيد القائد ما زال حياً بيننا

الثورة نت/..

في حضرة الغياب القسري للأمين العام لحزب الله اللبناني السيد حسن نصرالله، لابد من الإشارة إلى أن استمرار عمليات المقاومة في لبنان وإطلاق صواريخها واتساع دائرة استهدافها، هو تأكيد على أنها ستكمل مهمتها في إسناد فلسطين، وأن الأمور تسير كما لو أن السيد القائد ما زال حياً.

وتصميماً على إكمال الدرب، الذي عاش واُستشهد من أجله السيد القائد حسن نصرالله أكد نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، أن الحزب سيستمر بإسناد قطاع غزة في مواجهة العدو الصهيوني.

وقال الشيخ نعيم قاسم في كلمة له أمس الاثنين: إنّ الحزب “مستمر بكلّ جهاده وميدانه بالخطوات التي رسمها السيد الشهيد حسن نصر الله”.. مُشدّداً على أنّ “عمليات حزب الله مستمرة بوتيرة متصاعدة حتى بعد استشهاد السيد نصرالله”.

وأضاف: “كل ما مررنا به من أجهزة البيجر وشهادة القادة وشهادة السيد القائد الكبير كانت ستهزّ جيوشاً لكننا استمرينا ونحن مستمرون مع التضحيات”.

وتابع: إنّ “المسيرة التي رباها وواكبها سماحة الأمين العام وأشرف على قيادتها هي مسيرة مستمرة”.. مؤكداً أنّ “الخطط البديلة التي وضعها للأفراد والقادة البدائل نحن نتعامل معها والجميع حاضر في الميدان”.

وأردف الشيخ قاسم: “لن نتزحزح قيد أنملة عن موقفنا في مساندة غزة وفلسطين والدفاع عن لبنان وشعبه”.. مُشدداً على أنّ ما يقومون به هو الحد الأدنى كجزء من خطة متابعة المعركة وما يتطلبه الميدان.

وفيما نوه الشيخ قاسم بأنّ المعركة ستكون طويلة، قال: “نحن مستعدون لمواجهة أي احتمال وسنخرج منتصرين من هذه المعركة”.. مُشدداً على أنّ الكيان الصهيوني لم يتمكن “من أن يطال قدرتنا العسكرية وقدرتنا متينة وكبيرة”.

وبالنظر إلى الكلمة التي أدلى بها الشيخ نعيم قاسم نجد أنه رغم الضربات القاسية والخسائر الجسيمة، فإن حزب الله لن يتوقف عن استهداف الكيان الصهيوني وسيستمر حتى انتهاء الحرب على غزة، تأكيدًا منه على الربط بين جبهة جنوب لبنان وجبهة غزة.

وهذا الربط بغزة كان آخر ما شدد عليه الشهيد السيد نصرالله، حين صرح في خطابه الأخير، عقب مجزرة تفجير آلاف أجهزة الأجهزة اللاسلكية في لبنان، بأن الهدف منها هو “فصل الجبهتين وتوقف الجبهة اللبنانية”، ليرد: “أيًا تكن التضحيات، أيًا تكن العواقب، أيًا تكن الاحتمالات، أيًا يكن الأفق الذي تذهب إليه المنطقة، المقاومة في لبنان لن تتوقف عن دعم ومساندة أهل غزة وأهل الضفة والمظلومين في تلك الأرض المقدسة”.

ومن بين سطور ما أكد عليه الشهيد السيد نصرالله تُشير التطورات السريعة إلى أن الوضع الميداني والعسكري للمقاومة الإسلامية في لبنان ما يزال بالمستوى نفسه الذي سبق عمليات الاغتيال الغادرة الاخيرة، بدليل تصاعد أداء المقاومة مما جعل العدو الصهيوني يُقر بأن فعالية المقاومة على هذا المستوى ما زالت تشكل خطرا عليه.

إذ لوحظ بعد الإعلان عن اغتيال الشهيد السيد حسن نصرالله زيادة عدد العمليات العسكرية الموجهة نحو الكيان الصهيوني، بما في ذلك “تل أبيب”، مما يدل على أن المقاومة ما تزال تُمسك، بشكل شبه كامل، بإدارة معركتها العسكرية لناحية القدرة الصاروخية والمسيرة.

ووسط هذه الاجواء، تؤكّد مصادر دبلوماسية لموقع “ليبانون ديبايت”، أن اغتيال الأمين العام، لن يُحيّد حزب الله عن الصراع أو يفكّ ارتباط الساحات التي ما زالت تعمل على إيقاع واحد، رغم أن الكُلفة الباهظة تقتصر في الآونة الأخيرة على اللبنانيين والحزب، ذلك أن “التمنّي” الصهيوني لن يتحقق، وإن كان من المبكر إطلاق أي تكهنات حول القادم من الأيام.

فالكيان الصهيوني وإن كان قد وجّهة ضربة مؤلمة إلى حزب الله إلا أن هذه المصادر، ترى أن دور الحزب قائم ومستمر في إسناد المقاومة في غزة، وهو ما يعني أن هذا الموقف سيكون هو عنوان المرحلة القادمة للحزب وقيادته الجديدة.

مقالات مشابهة

  • فعاليات تأبينية لشهيد الأمة السيد حسن نصر الله بأمانة العاصمة
  • فعالية تأبينية لشهيد الأمة السيد حسن نصر الله في صعدة
  • السيد نصر الله سيبقى يلاحقهم ويرعبهم
  • جامعة صعدة تنظم فعالية تأبينية لشهيد الأمة السيد حسن نصر الله
  • صنعاء تقيم فعالية تأبين للشهيد القائد السيد حسن نصرالله
  • صنعاء.. وقفات طلابية غاضبة تنديداً باغتيال القائد السيد حسن نصر الله
  • أبناء مدينة البيضاء ينظمون وقفة غضب تنديداً بجريمة اغتيال السيد حسن نصر الله
  • المقاومة اللبنانية.. معركة إسناد فلسطين تسير كما لو أن السيد القائد ما زال حياً بيننا
  • المركز اليمني لحقوق الإنسان ينعى شهيد الدفاع عن الإنسانية السيد حسن نصر الله