جوامع الجزائر.. فن معماري وإرث ديني خالد
تاريخ النشر: 3rd, October 2024 GMT
على مدى أسبوعين نظم مركز الفنون والمعارض في تلمسان بالتنسيق مع الديوان الوطني للثقافة والإعلام معرضا فوتوغرافيا للمساجد الجزائرية تحت عنوان "منارة الإيمان عبر العصور" في ولاية تيبازة شمالي الجزائر يوثق صور مساجد قديمة وحديثة من مختلف المدن الجزائرية، وذلك بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف، واستمر المعرض حتى منتصف الأسبوع الجاري.
ولعل أكثر ما شد انتباه زوار المعرض مسجد ندرومة المرابطي الكبير الذي يعتبر ثالث أقدم مسجد في الجزائر وتحفة معمارية ما زالت شامخة منذ 10 قرون، إذ يعد هذا المسجد نموذجا للعمارة الدينية المرابطية ويشبه في تصميمه المسجد المرابطي الآخر الموجود بمدينة الجزائر العاصمة.
ويتكون مسجد ندرومة من 9 بلاطات عمودية لجدار القبلة و3 موازية له، في حين تنفتح البلاطات الجانبية على الصحن، وتعد البلاطة الوسطى لبيت الصلاة أوسعها على الإطلاق، ويقوم هذا المسجد على دعائم ضخمة تحمل أقواسا متجاوزة، أما المحراب فإنه يتوسط الجدار القبلي ويتكون من 5 أضلاع وتعلوه قبة.
ولا يحتوي هذا المسجد على كتابات تذكارية، ورغم ذلك استطاع علماء الآثار تأريخه بواسطة لوحة المنبر الذي يعود إلى فترة حكم يوسف بن تاشفين وبالضبط إلى سنة 1106 ميلادية، وهذه اللوحة موجودة حاليا في المتحف الوطني للفن والتاريخ في تلمسان.
مسجد سيدي بومدينويجد الزائر للمعرض كذلك مسجد سيدي بومدين بطابعه الأندلسي، والذي يقع ضمن المركب المعماري للعباد في الجنوب الشرقي من مدينة تلمسان ويعد أحد أهم الرموز التاريخية بالمدينة ومن أهم منجزات الفن الجزائري الأندلسي، إلى جانب مدرسة العباد التي تشكل مزارا للسياح والباحثين نظرا للدور الذي لعبته في الثقافة والتعليم واستقطاب الطلبة والعلماء من كل مناطق المغرب العربي، وممن درس في هذه المدرسة من العلماء المشهورين العلامة عبد الرحمن بن خلدون.
ومسجد سيدي بومدين صغير الحجم نسبيا، ويتميز بباب فخم يعد من أروع ما أبدعه الفن الأندلسي، مزخرف بنقوش غاية في الجمال، وتبلغ مساحة المسجد نحو 30 مترا طولا و18 مترا عرضا، كما يتميز صحنه بجماله اللافت، حيث تتوسطه نافورة تضفي عليه رونقا خاصا.
ويعتبر هذا الصحن رغم صغر حجمه من أجمل صحون المساجد، حيث بنيت الصومعة المستطيلة على الطراز الحمادي ويبلغ طولها 10 أمتار وعرضها 11 مترا، وفيه جملة من أساطين المرمر البديعة تحمل على رؤوسها نقوشا خلابة.
عمارة إسلامية متكاملةوفي هذا الصدد، أبرز مسؤولون ومديرو مراكز ثقافية في تصريحات خاصة لوكالة الأنباء القطرية مكانة المساجد في الجزائر باعتبارها تجسيدا لفن العمارة المتكامل والتراث المعماري الإسلامي الذي يعتبر نموذجا للحفاظ على الهوية الثقافية والاجتماعية للشعوب، إلى جانب ما توفره لمرتاديها على مدى مئات السنوات من سبل الأمان والراحة ومتطلبات أداء الفرائض الدينية من خدمات وتسهيلات.
ونوهوا باشتمال المعرض على صور لمختلف المساجد العتيقة عبر الجزائر التي تبرز طابعها المعماري المميز وزخرفتها ومناراتها ومحاريبها.
وأوضح كريم محمد زياد مسؤول المركز الثقافي عبد الوهاب سليم بتيبازة أن اختيار شعار "منارة الإيمان عبر العصور" لهذا المعرض له دلالات كبيرة، فهو يعكس تشبث الجزائريين بميراثهم الديني عبر كل العصور، وهو ما ينعكس من خلال صور المساجد المعروضة، والتي تعطينا صورة عن المجتمع الجزائري عبر العصور من خلال هندستها وزخرفتها الفريدة.
وأضاف زياد أن تنوع الطابع العمراني للمساجد بين عثماني وأندلسي يوحي بالتنوع الثقافي الكبير داخل المجتمع الجزائري الواحد، والذي بقي محافظا عليه منذ عصور، وهو الهدف الذي يسعى إليه الفرد والجماعة اليوم، فتسليط الضوء على تراثنا مهم جدا لترسيخه وحفظه من الاندثار، وهو ما أكده الحضور المميز للجمهور والعائلات والأطفال كذلك، وهو ما يثلج الصدور ويؤكد تمسك الكبار والصغار بالهوية الجزائرية الإسلامية.
من جهتها، نوهت مديرة مركز الفنون والمعارض في تلمسان الدكتورة سميرة أمبوعزة بالهدف الأسمى لهذا العمل، وهو تثمين التراث الأثري والتاريخي الإسلامي وتعريف الزوار بثراء التراث الجزائري.
وأضافت أن الصور الفوتوغرافية المعروضة تتناول مساجد عتيقة شيدت منذ قرون على غرار المسجد الكبير لتلمسان ومسجد الباشا بوهران والمسجد الكبير للجزائر العاصمة والمسجد العتيق بـ"تيارت" ومسجد سيدي عقبة (بسكرة) ومسجد زاوية الهامل (المسيلة) وغيرها من المساجد المتميزة بطابعها المعماري وزخرفتها، والتي تعكس ثراء وتنوع الفن الإسلامي في الجزائر.
وأشارت مديرة مركز الفنون والمعارض بولاية تلمسان غربي الجزائر إلى دور المساجد في المجتمع الجزائري كمؤسسة دينية تعكس الهوية الإسلامية لشعوبها، وتعد من أهم المؤسسات التي ظهرت على مر العصور، فكانت بيوت الله ومنبر الصلاة للمؤمنين ومنارة العلم والعلماء ومكانا تُجرى فيه الدروس والمحاضرات ومحكمة المجتمع الفاصلة في خصامه وقضاياه ومكانا يتعارف فيه الأشخاص والعباد، وهكذا ترسخت صورة المسجد كمؤسسة يتلاقى فيها المسلمون في كل جوانب حياتهم فعم فضل بنائها في كل بقاع الأرض.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات مسجد سیدی
إقرأ أيضاً:
بتكلفة 5 ملايين جنيه.. محافظ أسيوط يفتتح مسجد آل السليمانية بقرية بني حسين بعد إحلاله وتجديده
افتتح اللواء دكتور هشام أبوالنصر محافظ أسيوط، مسجد آل السليمانية بقرية بني حسين التابعة لمركز أسيوط بعد إحلاله وتجديده بالجهود الذاتية بتكلفة تصل إلى 5 ملايين جنيه، وأدى المحافظ ومرافقوه صلاة ظهر الجمعة به وذلك في إطار تعزيز دور المجتمع المحلي في تحسين وتطوير المنشآت الخدمية.
جاء ذلك بحضور اللواء محمد عزت رئيس مركز ومدينة أسيوط والشيخ ناصر العزايزي مدير المتابعة بمديرية الأوقاف بأسيوط والنائب علاء سليمان عضو مجلس النواب ووكلاء وزارات التموين والعمل والاسكان والشباب والرياضة والطرق والنقل والري والتعليم الفني والطب البيطري وشركات المرافق والشيخ رمضان جمعة مدير المساجد الأهلية والشيخ عبدالجابر عبدالبديع مدير أوقاف بحري مركز أسيوط ولفيف من الأئمة والتنفيذيين ومواطني القرية.
أزاح محافظ أسيوط الستار عن اللوحة التذكارية للمسجد وأدي صلاة الجمعة به وسط جموع أهالي قرية بني حسين واستمع والمصليين إلى بعض آيات من الذكر الحكيم ثم خطبة الجمعة التي تناولت موضوع القيم الأخلاقية التي تعد الأساس في بناء المجتمعات السليمة، وأهمية الصدق والأمانة والتسامح في التعامل بين الناس والتعاون والمشاركة في أعمال الخير التي تدل على التماسك والترابط بين أفراد المجتمع.
وعقب الصلاة قدم المحافظ التهنئة للمصلين بمناسبة افتتاح المسجد معرباً عن سعادته البالغة لمشاركة المواطنين فرحتهم بافتتاح بيت من بيوت الله والذي يعد نموذجاً ناجحاً للتعاون بين مؤسسات الدولة والمجتمع المدني، حيث تم تنفيذ الأعمال الإنشائية والتجديدات بجهود ذاتية وتبرعات أهلية، وهو ما يعكس روح التعاون والتكافل بين المواطنين من أجل تحسين مستوى الخدمات العامة في قراهم مؤكداً على دور المسجد كمركز إشعاع ثقافي وديني يعزز من القيم الإنسانية ويسهم في نشر الوعي المجتمعي.
كما هنأ أبوالنصر المواطنين بقرب حلول شهر رمضان المبارك، مؤكداً أن الدولة عازمة على الاستمرار والمضي في تحقيق الإنجازات في شتى القطاعات مما يساهم في تغيير حياة المواطنين وتحقيق النهضة الشاملة تنفيذاً لخطة التنمية المستدامة ورؤية مصر 2030، في ظل القيادة الحكيمة الرشيدة للرئيس عبدالفتاح السيسي. كما استمع إلى مطالب بعض المواطنين واحتياجاتهم ووجه الجهات التنفيذية بحلها.
من جانبهم، عبر الأهالي والمصلون عن سعادتهم بافتتاح المسجد، مثمنين جهود المحافظة في تحسين الخدمات العامة للمواطنين.