حتى في أكثر البيوت هدوءًا واستقرارًا، يعيش الوالدان أياما تكاد فيها الضوضاء والفوضى المرتبطان بالأطفال تخرج عن السيطرة، مما يورثهما شعورا بأنهما على حافة الانهيار!.

وعلى الرغم من أن هذا الشعور طبيعي وشائع، فإن بعض السمات الشخصية للآباء والأمهات يمكن أن تجعل الحياة الأسرية أكثر إرهاقًا من المعتاد.

إذ تصنّف أقلية -قد لا تتجاوز نسبتها ما بين 20% إلى 30%- من الآباء والأمهات، كـ"أشخاص شديدي الحساسية"؛ وترتبط هذه المشاعر عادة بالروائح، أو المشاهد، أو الأصوات، أو بعض المواقف الأخرى.

الآباء والأمهات شديدو الحساسية

يصعب على الأشخاص شديدي الحساسية عادةً التعامل مع المواقف والمناسبات التي تنطوي على معدلات مرتفعة من الضوضاء أو الأضواء الساطعة، مما يعرضهم للمعاناة من الإجهاد الشديد والإرهاق.

كذلك يمكن أن تؤثر الحساسية المفرطة لهذه الفئة على وعيهم المتزايد بمزاج أو مشاعر من حولهم، وقد يدفعهم التعاطف مع الآخرين لحالات من التعب والاحتراق النفسي.

وبالتالي، حين يواجه الأشخاص شديدو الحساسية محفّزات قوية لحواسهم ومشاعرهم – كالتي تتطلبها التربية والتزامات الأمومة والأبوة -، قد يمثّل القدر العالي من الضغط والتفاعل قنبلة موقوتة قابلة للانفجار في أي لحظة.

تمنح الأبوة شديدة الحساسية مزايا تربوية فريدة يمكن أن تساعد في تحويل الوالدية إلى تجربة أكثر بهجة وإثراءً (غيتي)

فبالإضافة إلى التحميل الحسي والعاطفي اليومي، يواجهون تحديا إضافيا متمثلا في رعاية الأبناء الذين يتميزون أيضًا بحساسيتهم الفطرية المفرطة في مراحل الطفولة المبكرة.

بالرغم من سلبية ما سبق واحتمال تأثيره على هدوء واستقرار الأسرة، فلحسن الحظ أيضا، أن هذه السمة تأتي كذلك بمزايا تربوية فريدة يمكن أن تساعد في تحويل الأبوة والأمومة إلى تجربة أكثر بهجة وإثراءً، بدلا من كونها تجربة مرهقة ومتحفّزة على الدوام.

مزايا الأبوة والأمومة الشديدة الحساسية

يوضح موقع "سايكولوجي توداي" المختص في علم النفس، عددا من الصفات والمؤشرات التي تدل على أن الوالد يتمتع بشخصية شديدة الحساسية، مثل:

يتأثرون بسهولة بالضوضاء العالية. ينزعجون من المشاعر المفرطة أو الانهيارات العصبية أو نوبات الغضب للأبناء. يدركون تمامًا التفاصيل العاطفية الدقيقة لطفلهم. كثيرو المعاناة من الإرهاق. عرضة للتفكير السلبي والمعاناة من القلق. يُساء فهمهم أحيانا، فيتهمون مثلا بـ: القلق، أو الخجل، أو التشدد، إلخ.

بدورها، تشير عالمة النفس الأميركية إلين آرون إلى أن الحساسية لها 4 جوانب رئيسية في السلوكيات اليومية، وهي:

معالجة المعلومات بصورة عميقة ودقيقة، والانتباه للتفاصيل. ردود الفعل القوية على المحفّزات البيئية (الأضواء، الأصوات، الروائح). التعاطف والاستجابة العاطفية القوية، مثل الشعور بمشاعر الآخرين. الاستجابة العالية والحساسة للمحفزات، مثل سرعة وشدة الانفعال.

وفي مثال على هذه السمات، إذا رأت أم شديدة الحساسية عربة أطفال في أحد الأسواق، فسيعمل عقلها بحماس، متسائلة عن تكلفتها، وتحليل ميزاتها، ومقارنتها بالعربة التي اشترتها بالفعل لصغيرها، وربما تتساءل عما سيحدث إذا انقلبت العربة.

وبالتالي، يمكن أن يكون اتخاذ القرار عملية مؤلمة ومرهقة بسبب هذه العادة المتمثلة في معالجة المعلومات بعمق.

لكن من ناحية أخرى، يكون الآباء والأمهات الحساسون الذين يعالجون المعلومات بعمق، أكثر ميلا للتمتع بضمير صادق، وأكثر قدرة على اتخاذ قرارات جيدة لصالح أبنائهم.

من ناحية أخرى، يمكن لسمات مثل القدرة على الانتباه للمحفزات الدقيقة كالصوت أو الرائحة أو تفاصيل أخرى صغيرة لا يلاحظها الآخرون عادة، أن تجعل من الأشخاص الشديدي الحساسية فعالين للغاية في من لا يتقنون التعبير عن أنفسهم، خاصة من الأطفال الصغار.

كما يكون الأبوان الشديدا الحساسية عادةً أكثر قُربًا وانسجاما مع أطفالهم بالعموم، في حين تجد أمهات هذه الفئة تربية الأبناء أكثر صعوبة وإرهاقا.

الآباء شديدو الحساسية أكثر ميلا لحماية أطفالهم إذا اعتقدوا أنهم مهددون بأي شكل من الأشكال (غيتي)

ويوضح خبراء التربية وعلم النفس السلوكي أن شديدي الحساسية يكونون أكثر قدرة على فهم طفلهم والاستجابة بشكل أسرع وأكثر ملاءمة لاحتياجاته على المدى الطويل.

كما تكون العلاقات الوثيقة التي يبنيها الآباء من هذا النوع مع أبنائهم متينة جدا، وغالبًا ما يتميزون بشدة الإخلاص، ويعملون على الحفاظ على علاقاتهم.

ونظرًا لأن المشاعر والأفعال السلبية تؤثر في الآباء الشديدي الحساسية بسهولة، فهم أكثر ميلا لحماية أطفالهم إذا اعتقدوا أنهم مهددون بأي شكل من الأشكال. على سبيل المثال، كونهم أكثر حساسية للنبرة العاطفية، فقد يلتقطون المؤشرات الدقيقة للتفاعلات التي ينقلها أطفالهم إليهم، فيصبحون أقل ميلا إلى تجاهلهم أو افتراض أن كل شيء على ما يرام.

كيف تصبح داعما لنفسك وأسرتك؟

نظرا لأن هذا النوع من الناس يتمتع بقدرة أعلى على استنفار الحواس، ويمكن أن يتأثروا بشدة بالبيئة المحيطة بهم، فهم بحاجة لأن يهتموا برعاية أنفسهم أيضا.

ومن بين النصائح التي يجب عليهم اتباعها لعدم الانجراف إلى التوتر خلال تربية الصغار:

إعادة صياغة ما يسمى بـ"المشاعر السلبية" باعتبارها تنبيهات ومؤشرات لإعادة تعريف المعلومات، والتأكيد على أنها مجرد معلومات وليست دليلا على وجود كارثة وشيكة. التقليل من التعرُّض للأضواء الساطعة والضوضاء الصاخبة، خاصة لمن تقترن حساسيتهم بالحواس الخمس. طلب المساعدة عند الضرورة وعدم الخجل من طلب الدعم من الأهل والأصدقاء أو حتى من المختصين عند الحاجة. نظرًا لأن الأشخاص ذوي الحساسية العالية يميلون لأن يكونوا حساسين للمحفزات الخارجية والداخلية، فهم أيضًا حساسون لمشاعرهم الخاصة. لذلك من المفيد دوما أن يتحققوا مما يشعرون به ويحتاجون له وما يقدمونه من قيم ومشاعر وخبرات في رحلة تربيتهم لأبنائهم.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات یمکن أن

إقرأ أيضاً:

تفاعل مع منشورات والد الشرع.. حذّر القيادة الجديدة وهاجم 3 شخصيات

تفاعل ناشطون مع منشورات حسين الشرع، والد الرئيس السوري أحمد الشرع في "فيسبوك"، والتي تضمن إحداها تحذيرا للإدارة الجديدة التي يقودها نجله.

ومؤخرا، بدأ ناشطون بالتفاعل مع منشورات حسين الشرع وهو أكاديمي ذو فكر قومي "ناصري"، ويركز في كتاباته بشكل كبير على القضية الفلسطينية، والعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.

ويظهر الشرع الوالد، دعما كبيرا للمقاومة الفلسطينية، ودائما ما يتحدث عن ضرورة إيجاد إجماع عربي للوقوف إلى جانب غزة في وجه العدوان والإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة دونالد ترامب.

إلا أن حسين الشرع فاجأ الجميع عند حديثه عن الشأن الداخلي السوري، بتوجيهه تحذيرا شديد اللهجة إلى الإدارة الجديدة التي يقودها نجله، في حال قررت تخصيص المؤسسات العامة.

وقال حسين الشرع "ما سمعته حول تخصيص شركات ومؤسسات القطاع العام الاقتصادي أود أن أقول بملء الفم هذا غلط كبير، ذلك أن هذا القطاع العام أقيم خلال عشرات السنين وهو ثروة قومية وهو ملك الشعب".

وأضاف "إذا كان هناك ترهل وفساد وخسائر فهذا لا يعود للبنى الأساسية تلك وليس للشركات والمعامل، لكن للإدارات الجهولة التي أدارتها بلا خبرة ولا اهتمام، لأنها اعتبرتها ملكا لهم يعملون فيه كما يشاؤون".

ووجه حسين الشرع تساؤلات للإدارة الجديدة، قائلا "هذا القطاع قد حمل العبث الأكبر في مراحل عديدة، وهو قادر على القيام بذلك، والعمل على التطوير الاقتصادي والاجتماعي، وتذكروا أن هذا القطاع يعمل به آلاف العمال بمختلف تخصصاتهم".

وأضاف "أين تذهبون بهم؟ هل ترموهم بالشارع؟ وتزيدون معدلات البطالة، ثم تكسبون ملايين الليرات وتخسرون هذا القطاع الواسع والشامل وتضعونه في جيب رأس المال الذي سيعدمه انتقاما وكيدية".

وقال "ولو درست ما حل بالقطاع العام في مصر لوقفتم وقفة تفكير وقد امتلكه الغرباء وليس المصريين، ويحدث عندنا كذلك، وهذا يهدد السيادة الوطنية، هذه الشركات والمعامل ليست فقط قطاع اقتصاد الشعب هذا له تاريخ وعراقة، فلا تهدموا تاريخنا الاقتصادي لأنكم لم تعرفوا أهمية هذا القطاع، أو لأنكم تهدموه لأنه يمت بصلة للأنظمة السابقة.

وتفاعل ناشطون مع انتقاد الشرع لجزء من نهج الإدارة الجديدة، قائلين إن هذه الحالة "صحية" افتقدها السوريون على مدار 53 عاما من حكم آل الأسد.

وفي سياق آخر، وجّه حسين الشرع انتقادات لاذعة لثلاث شخصيات سورية، واصفا اياهم بـ"أصحاب الدكاكين المسماة بالقنوات عبر اليوتيوب"، واتهمهم بأنهم "يسمحون لأنفسهم بنشر الأكاذيب والتشهير بلا حسيب أو رقيب"، وذلك على خلفية هجومهم على الإدارة السورية الجديدة.

والشخصيات الثلاثة هم الكاتب والمعارض لنظام الأسد كمال اللبواني، والذي زار الاحتلال الإسرائيلي سابقا، ولا ينفي وجود علاقات تربطه مع تل أبيب.

وعن زعم اللبواني أنه كان قادرا على إسقاط نظام الأسد كما فعل الثوار، عقّب الشرع "لا يخجل ولم يسمع أن العالم كله فوجيء بهذا النصر، ولم يطلع أحد لا تركيا ولا أسيادك في تل أبيب الذين زرتهم ترجوهم لينصروك، فرجعت تحمل عارا يلاحقك للأبد،  يا كمال يا لبواني أنت صغير جدا أمام هؤلاء الشباب".

والشخصية الثانية التي تحدث عنها حسين الشرع، هو العميد المنشق أحمد رحال، قائلا إنه "بقي لسنوات يشتم وينصب من نفسه قيما على هؤلاء المناضلين، وعندما تحقق الانتصار صار يخطط لهم من وراء شاشته، ويظن نفسه أنه الوحيد الذي يفهم في كل شيء، وما عرف حتى الساعة أن هؤلاء الذين حققوا الإنجاز التاريخي لديهم رؤيا واضحة، وخارطة طريق للوصول بسوريا نحو الأعلى بدون وصاية من أحد".

وقال الشرع إن الشخصية الثالثة الذي بدا "نزقا" بعد انتصار الثورة هو الصحفي نضال معلوف، مضيفا "يرد بعنف على من ينتقده ويعلنها أنه لا يمكن أن يقبل هذه القيادة، لماذا لأنهم لا يعجبونه وهذا حقه ولا اعتراض، ولكن السؤال ماذا يعجبك يا سيد نضال؟ الوضع السابق كان لا يعجبك، وهو الذي أعطاك قيمة وحشيمة وانت قلت ذلك في أكثر من بث".

وتابع "الحالة الجديدة لا تعجبك لأنهم إسلاميون وتطلب cv. لهم، وإنك لا ترتاح حسنا لا ترتاح، ولكن لا توزع اتهاماتك بدون دليل، وأنت تزعم أنك تعتمد على التوثيق، هؤلاء ياسيد أناس شرفاء لا يعرفون الارتباطات التي أدمنت عليها سابقا، ولا ينتمون إلا إلى سوريا أرضا وشعبا".


تفاعل واسع على منصات التواصل الاجتماعي حول منشور والد القائد الفاتح أحمد الشرع رئيس الجمهورية السورية الذي انتقد فيه سياسات خصخصة القطاع العام... هذا يدل على أن المسار في الاتجاه الصحيح
لا مجاملات حتى من الاب ل إبنه اذا كان هناك ما يستدعي المراجعه والنقد pic.twitter.com/pzrdGB2Fmx

— محبي الرئيس أحمد الشرع (@aladooly7) February 20, 2025

حدث في الأمس حدثًا غريبًا

حسين الشرع -والد الرئيس السوري- انتقد الحكومة عبر فيس بوك بما يخص أمور إقتصادية.

ما أسعدني أن سرعان ما تغيرت الدنيا في سوريا وأصبحت العائلة تنتقد بعضها علنًا أمام الشعب بأريحية ومحبة

وما أضحكني ان أبوك سينتقدك حتى لو كنت حاكمًا للبلاد pic.twitter.com/p6runvYuuj

— مشاري (@Miiiiish7) February 20, 2025

مقالات مشابهة

  • رئيس الجمهورية “هذه هي الجزائر التي نحبها ويحبها جميع الجزائريين.. جزائر رفع التحديات”
  • والد أسير إسرائيلي: مشكلتنا في نتنياهو وعرقلة صفقات التبادل
  • الصغير الأشقر والمتسولة.. تسليم طفل ألف مسكن لوالده
  • عطاف: علينا التعامل بجدية مع التحديات التي تمنع إستقرار إفريقيا وتنميتها
  • بمناسبة شهر رمضان.. محمد بن راشد يطلق وقف الأب
  • محمد بن راشد يطلق "وقف الأب" صدقة جارية عن جميع الآباء في الإمارات
  • لقاء روحي في دير البابا كيرلس وأم الغلابة بأنشاص
  • «الأعلى للأمومة والطفولة» يناقش دور الأسرة في تنمية عقول الأبناء
  • تصريحاته أثارت الجدل.. والد الشرع يحذر من خطأ كبير وينتقد 3 شخصيات
  • تفاعل مع منشورات والد الشرع.. حذّر القيادة الجديدة وهاجم 3 شخصيات