نحن تحت المراقبة حيثما ذهبنا
تاريخ النشر: 2nd, October 2024 GMT
بقلم: كمال فتاح حيدر ..
صار بإمكانك انت الإنسان البسيط ان تستدل على مكان زميلك الذي يعيش في أقصى الارض، والتعرف على مكان صديقك الذي يعمل في عرض البحر، وذلك بمجرد معرفة رقم هاتفه الشخصي، فتكتشف مكانه عن طريق الاستعانة بعشرات التطبيقات المجانية، وبات بإمكانك الآن وانت تتناول وجبة العشاء في بيتكم ان تتابع تحركات طائرات الركاب والسفن التجارية حول العالم، وتتعرف على أرقام رحلاتها ونوع حمولاتها والمطارات أو الموانئ التي غادرتها أو المتوجهة اليها عن طريق هاتفك الشخصي.
انظروا كيف تصاعدت وتيرة القفزات العلمية المتسارعة في مضمار الأمن السيبراني، حتى أصبحت معظم أجهزتنا المنزلية والمكتبية مُخترقة، وربما صارت تتجسس علينا وترصد تحركاتنا وتحركات العاملين معنا خطوة خطوة من دون أن ندري. .
خذ على سبيل المثال الهجمات المباغتة التي تعرض لها كبار المسؤولين في العراق ولبنان وروسيا واوكرانيا وإيران وغزة وأماكن متفرقة من العالم بتوجيه من أجهزة المخابرات الدولية. صار بأمكانهم رؤيتنا وسماع أحاديثنا، ولديهم مخططات شاملة لتحركاتنا وتنقلاتنا حتى لو كنا نختبئ في غابات الأمازون أو خلف كثبان الربع الخالي. حتى الرادارات المرورية والعدسات الداخلية واجهزة الهاتف والتلفزيونات الحديثة وشبكة الواي فاي اصبحت تحت تصرفهم وفي متناول أيديهم ؟. من هنا يتعين على حكوماتنا أن تحث الخطى نحو حمايتنا وحماية نفسها من الهجمات السيبرانية المباغتة. لكن واقع الحال يوحي بعكس ذلك، فقد أصبح الموهوبون وأصحاب الخبرات التخصصية العالية خارج دائرة الإهتمام. .
الطامة الكبرى ان معظم حكومات البلدان المتحجرة والأنظمة السياسية المنطوية على نفسها لم تهتم بالعلم والعلماء، وظلت معتمدة على الأساليب القمعية، وتستمد معلوماتها الامنية من الوشاة، والمخبرين بأساليب رقابية تعود إلى عسس السلاطين في رواية ألف ليلة وليلة. .
حتى الكليات والمعاهد المحلية التي تخصصت عندنا بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات أو في مجال الحوسبة السحابيّة، لم ترق إلى المستويات العلمية ولا العملية المنشودة، وباتت عاجزة تماماً عن مسايرة العالم المتقدم، ولو بنسبة يسيرة مما تقدمه جامعات عالمية بارزة مثل: Stanford وكاليفورنيا
[ Berkeley] وكذلك MIT عبر مناهجها التعليمية المتقدمة، وزيادة في التوضيح نذكر أن المراكز العلمية في كوكب اليابان لم تصل إلى قوة الجامعات الأمريكية، والتقييم نفسه في جامعات المانيا وفرنسا وروسيا والدول الاسكندنافية، فما بالك بجامعاتنا العربية المتواضعة التي غابت تماماً عن كل الحلبات المرموقة ؟، وما بالك بالذين حصلوا على شهاداتهم المزيفة من سوق مريدي ؟. .
لا ندري كيف يستطيع هؤلاء حماية الشبكات، والأجهزة، والتطبيقات، والأنظمة والبيانات من التهديدات الإلكترونية ؟. وكيف سيستطيعون إفشال الهجمات التي تحاول الوصول إلى البيانات أو تحاول تدميرها، وتدمير من حولها، وكيف يستطيعون التصدي لمحاولات ابتزاز الأموال، أو منع تعطيل العمليات التجارية العادية، سواء أكانت تلك الهجمات من داخل البلد أو من خارجه، آخذين بعين الاعتبار أن حالات الجرائم الإلكترونية قفزت بنسبة تصل إلى 300 % في وقت مبكر من عام 2020 ، ويرجع هذا الارتفاع جزئيا إلى تحول القراصنة الذين يستهدفون الشركات إلى القوى العاملة البعيدة والمكاتب المنزلية دون وجود بنية تحتية قوية للأمن الإلكتروني كما يرجع ذلك أيضاً إلى الفرص المتاحة لاستغلال الظروف المربكة (حروب – زلازل – أوبئة)، بما في ذلك العروض التسويقية المزيفة. .
أما في المواجهات الحربية المعلنة أو المستترة، فقد شهدت الساحة سلسلة من الهجمات غير المرئية على الأرض وفي البحر وفي الجو، وكان لها الدور الأكبر في حسم الكثير من الاشتباكات خارج الخنادق والمعسكرات. فبدون هذه التقنيات لا يمكن احراز أي نجاح، وهكذا لعبت الحرب الإلكترونية دوراً حاسماً في القتال الحديث. .
ترى أين نحن الآن من هذا العالم الرقمي غير المرئي ؟. واين نحن من هذه الثورة التقنية المتنامية ؟. .
كلمة أخيرة: يمكن للأنظمة السياسية أن تكون جاهلة أو متخلفة، لكن الأخطر من ذلك كله هو عندما تشعر أن تخلفها مقدساً ولا ينبغي المساس به. .
سوف أمني نفسي بوقفة مع القارئ الكريم لعلي أسلط له الضوء على بعض أشهر الإصدارات العالمية في هذه المجالات، و ربما سأقف على التحديد مع كتاب الدكتور Chase Cunningham الموسوم:
Cyber Warefare : Truth ,Tactics, and Strategies
الحرب السيبرانية: الحقيقة والتكتيكات والاستراتيجيات. . وكذلك كتاب كل من
R.A. Clarke و R.Knake، الموسوم:
The Fifth Domain : Defending our country, our companies, ourselves in the age of Cyber Threats
المجال الخامس: الدفاع عن بلدنا وشركاتنا وأنفسنا في عصر التهديد السيبراني
والله ولي التوفيق د. كمال فتاح حيدر
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات
إقرأ أيضاً:
مؤتمر الذكرى الثلاثين للسنة الدولية للأسرة يستعرض التحديات الكبرى التي تواجه الأسر العربية والعالمية
نوفمبر 4, 2024آخر تحديث: نوفمبر 4, 2024
المستقلة/- سلَّطت فعاليات مؤتمر الذكرى الثلاثين للسنة الدولية للأسرة، الذي عُقد بالدوحة على مدار يومين 30-31 تشرين الأول/أكتوبر، بعنوان “الأسرة والاتجاهات الكبرى المعاصرة”، الضوء على السياسات الكفيلة بحماية الأسر في البلدان المتضررة من النزاعات، وسُبل معالجة التحديات الكبرى التي تواجهها الأسر لتحقيق التوازن بين العمل والحياة الأسرية، والتصدي لأضرار الإفراط في استهلاك التكنولوجيا على الأجيال الناشئة، بالإضافة إلى آثار التغير المناخي على استقرار الأسر.
وقد شهد المؤتمر الذي نظمه معهد الدوحة الدولي للأسرة، عضو مؤسسة قطر، في مركز قطر الوطني للمؤتمرات، بالتعاون مع كل من وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة، ووزارة الخارجية في قطر، وإدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية بالأمم المتحدة، حضور أكثر من 2000 مشارك من الخبراء وصناع السياسات وقادة الفكر من المنطقة العربية وجميع أنحاء العالم، الذين استعرضوا السياسات والبرامج التي من شأنها أن تعزز مكانة الأسرة في قلب المجتمع، وذلك خلال جلسات وفعاليات ركزت على الاتجاهات العالمية الكبرى التي تؤثر على حياة الأسرة.
تخلل المؤتمر مشاركة شخصيات بارزة من مختلف أنحاء العالم العربي منهم: سعادة السيدة شاناز إبراهيم أحمد، حرم فخامة رئيس جمهورية العراق؛ وسعادة الدكتورة مايا مرسي، وزيرة التضامن الاجتماعي في مصر؛ وسعادة الدكتورة أمثال هادي هايف الحويلة، وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل وشؤون الأسرة والطفولة في دولة الكويت؛ والدكتور هيكتور حجار، وزير الشؤون الاجتماعية في لبنان، إلى جانب عدد كبار الشخصيات وأصحاب السعادة.
وألقت الشيخة موزا بنت ناصر، رئيس مجلس إدارة مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، كلمة في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، شدّدت فيها على أهمية التنبه للتأثيرات التكنولوجية العميقة على الأُسر العربية، وقالت:”لا شكَّ أنّ قضايا الأسرة وتحدياتِها تتماثلُ في المجتمعاتِ جميعِها، ولكنَّها تختلفُ في خصوصياتِها من بلدٍ إلى آخر، فهناك مشتركاتٌ كثيرةٌ بينَ الأُسرِ من شَمالِ العالمِ إلى جنوبِهِ، أبرزُها تحدياتُ التكنولوجيا وتأثيرُها، واللغةُ الأم في عالمٍ معَولَم، وصراعُ الهويات”.
وفي هذا الإطار، تشير دراسة بحثية رائدة نشرتها جامعة ديوك بالتعاون مع معهد الدوحة الدولي للأسرة، إلى أن 84% من أولياء الأمور في المنطقة يشعرون بالقلق حيال تأثير الأوقات التي يمضيها أفراد أسرهم أمام الشاشات على العلاقات الأسرية، فيما يخشى 67% من احتمالية فقدان أبنائهم لهويتهم وخسارة قيمهم الثقافية في خضم هذا العصر الرقمي.
ويأتي تنظيم هذا المؤتمر، في سياق الذكرى الثلاثين للسنة الدولية للأسرة، حيث كانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد أعلنت عام 1994 سنةً دولية للأسرة، مؤكدة على دور الأسرة باعتبارها الوحدة الأساسية للمجتمع، والتي ينبغي أن تحظى بأكبر قدر ممكن من الحماية والمساعدة وذلك وفقًا للمواثيق المصادق عليها دوليًا. ويضطلع مؤتمر السنة الدولية للأسرة، الذي يُعقد مرة كل عشر سنوات بدور محوري في تطوير السياسات والبرامج التي يمكنها دعم وتمكين الأسر عبر العالم.
وتحدثت خلال الجلسة الافتتاحية أيضًا، السيدة أمينة محمد، نائبة الأمين العام للأمم المتحدة ورئيسة مجموعة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، عن أهمية الجهود الدولية في حماية الأسرة قائلةً: “غالباً ما يقع العبء على نسائنا وأطفالنا من غزة إلى السودان، ومن السودان إلى أوكرانيا، ومن أوكرانيا إلى ميانمار، والعديد من الأماكن الأخرى. من واجبنا في هذا المؤتمر أن نسعى لضمان أن تكون الأسرة من حق الجميع، وألا نترك أحداً خلف الركب.”
وقد تناول المشاركون في المؤتمر بالنقاش أربعة اتجاهات عالمية معاصرة تؤثر على الأسرة في قطر والمنطقة والعالم، وهي: التغير التكنولوجي، والاتجاهات الديموغرافية، والهجرة والتمدّن، وتغيّر المناخ.
وفي جلسة نقاشية حملت عنوان:” التأرجح بين الأسرة والعمل”، تحدثت الدكتورة ميمونة خليل آل خليل، الأمين العام لمجلس شؤون الأسرة، بالمملكة العربية السعودية، عن التحديات والفرص الرئيسية التي تواجه الأسر العاملة في سعيها لتحقيق التوازن بين العمل والحياة الأسرية، قائلة: “أثبتت الأبحاث أن ابتعاد الأب والأم لساعات طويلة عن المنزل بسبب العمل، يؤثر على الخصوبة وسن الزواج وكذلك معدلات الطلاق. لذا، لا بد من تقديم مبادرات تهدف إلى التأكد أن النساء نشيطات في القوى العاملة، ولكن التأكد أيضًا أننا نمارس دور الأبوة والأمومة بشكل جيد”.
وأضافت:” بينما نعمل على تمكين الأسر ونطلب منهم توفير حياة أفضل لأطفالهم، علينا أن نتأكد أننا ندعمهم أيضًا بمبادرات مختلفة، مثل العمل المرن، والتربية النشطة. ويتعين على أرباب العمل إدراك أن هذه السياسات سوف تجعل النساء العاملات أكثر إنتاجية وتركيزًا في العمل، وبالتالي يسهمن بشكل أفضل في التنمية الوطنية.”
وفي جلسة أخرى جاءت بعنوان “حياة ممزقة: الأسرة في ظل الحروب والنزاعات”، تحدثت الباحثة والأكاديمية الفلسطينية، الدكتورة نور نعيم، المدير التنفيذي لأكاديمية “آي أي مايندز” عن التدمير الممنهج لكل من الطبقة الوسطى والتعليم في قطاع غزة، قائلة: “تأتي قوة المجتمع في غزة من الأسر والترابط الأسري القوي جدًا، حيث تنزح الأسر إلى منازل بعضها البعض، دون التمييز بين القريب والغريب، ويعيشون معًا كأنهم أسرة واحدة، فهذه هي القيم والمبادئ التي يقوم عليها المجتمع في غزّة، عكس ما يحدث دائماً في الحروب. وهناك مجتمع مدني تطوعي شبابي داخل الخيام والمشافي لدعم الأسر الفقيرة، والمتطوعين في مجال التمريض”.
وأضافت: “حالة التكافل المجتمعي في غزة يجب أن تدرّس في الكتب وعلم الاجتماع في العالم بأسره، والدافع الأساسي لهذا التكافل هو أننا كلنا سواسية تحت الموت في كل لحظة، وليس أمامنا الآن رفاهية البكاء، خيارنا هو التماسك والصبر”.
وفي جلسة نقاشية أخرى دارت حول تأثيرات التغير المناخي على استقرار الأسر، سلَّط المتحدثون الضوء على آثار الهجرة الناجمة عن المناخ والأمن الغذائي وندرة المياه والقلق حيال قضايا البيئة، وجاءت بعنوان: “حماية كوكبنا تبدأ من الأسرة”.
وخلالها، قالت السيدة ماهينور أوزدمير جوكتاش، وزيرة الأسرة والخدمات الاجتماعية في الجمهورية التركية: “لأجل التوصل إلى حلول ناجعة، يبقى الأهم هو تحمل المسؤولية بشكل جماعي، ودعم المؤسسات الحكومية في مختلف البلدان بكوادر بشرية مؤهلة، بالإضافة إلى الدعم المالي اللازم. كما تبقى الحاجة ماسّة لتعزيز التعاون بين مختلف الدول عن طريق تبادل خبراتنا والانخراط في تحالف بيئي من خلال وضع سياسات فعالة ومستدامة تستهدف مواجهة التحديات المرتبطة بالتغير المناخي”.
بدوره، سلَّط الدكتور محمد بهناسي، وهو خبير بيئي أول في المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، ومقره في العاصمة المغربية، الرباط، الضوء على ثلاث ظواهر بيئية مترابطة تؤثر على الأسر وهي: “النزوح الناجم عن تأثير المناخ وانعدام الأمن الغذائي الذي يتفاقم بسبب التغير المناخي، وانعدام الأمن بفعل الحروب.” وشدّد على أن “هذه التحديات المترابطة باتت تفضي إلى ما نسميه الهجرة المناخية – أي الهجرة التي ترجع أسبابها إلى قضايا بيئية، وتتضخم أكثر بسبب ندرة المياه والفيضانات والتصحر وإزالة الغابات”.
واُختتمت فعاليات المؤتمر بالإعلان عن “نداء الدوحة للعمل” الذي تضمن سلسلة من التوصيات الرامية إلى التصدي للتحديات الكبرى التي تواجه الأسر حول العالم ودعا الحكومات إلى دعم الأسر وتمكينها من المساهمة في عملية التنمية. ومن المقرر أن تتم مشاركة هذا النداء للتباحث مع جميع المشاركين في مواقع صناعة القرار، ومنظمات الأمم المتحدة، ومنظمات المجتمع المدني، ومراكز الفكر، والجامعات، والجهات المعنية.