هجوم الجيش السوداني على مواقع بالعاصمة الخرطوم وبطريقة مركزة جاء في وقت كثر فيه الحديث عن حالة تذمر من ضباط لا تعجبهم الخطط وطريقة سير العمليات.

الخرطوم- كمبالا: التغيير

أثارت تحركات الجيش السوداني الأخيرة والمفاجئة على مواقع تحت سيطرة قوات الدعم السريع، كثيراً من الشكوك والاستفهامات بشأن دوافعها وأهدافها، فقد جاءت عبر ثلاثة محاور في مدن العاصمة الخرطوم، وبالتزامن مع وجود رئيس مجلس السيادة، قائد الجيش عبد الفتاح البرهان في نيويورك، مصحوبة بانتقادت لشخص البرهان بشأن سير العمليات الحربية، مما عزز من إمكانية صحة التسريبات التي تحدثت عن مخطط للإطاحة به من قبل مساعده ياسر العطا بالاتفاق مع عناصر النظام المباد.

ورجح مراقبون أن الهجوم الذي شنه الجيش الخميس الماضي من ثلاثة محاور، قد تم التخطيط له بواسطة عناصر داخل الجيش بالتنسيق مع هيئة العمليات التابعة لجهاز المخابرات العامة وكتائب الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني المتحالفة مع الجيش، دون علم البرهان.

البرهان في المشهد

وفيما قالت مصادر أن انفتاح الخميس الماضي كان هدفه تسجيل نصر وإخراج ضباط من القيادة العامة لإعلان قيادة جديدة للجيش بالنظر إلى حالة التذمر من طريقة إدارة البرهان لملف الحرب، أكدت مصادر عسكرية عدم صحة هذه المعلومات.

ونفت مصادر عسكرية متطابقة لـ(التغيير)، أن تكون العملية التي قادها الجيش في عدد من المحاور الغرض منها الإطاحة بالقائد عبد الفتاح البرهان.

وأكدت أن البرهان قبل سفره إلى نيويورك للمشاركة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة اطلع على جميع تفاصيل العملية التي تمت بسرية تامة وفي دائرة ضيقة.

وأشارت المصادر، إلى  أن قيادة الجيش عازمة على حسم معركة الخرطوم، وأن البرهان الآن يتابع العمليات العسكرية بنفسه من الخطوط الأمامية.

وبالفعل عقب وصول البرهان من نيويورك تفقد الصفوف الأمامية وهنأ قواته بالانتصارات، وقال إنه لم يأتٍ للحديث وأشار بيديه بحركة فهم منها تضيق الحصار على قوات الدعم السريع ومواصلة العمليات العسكرية حتى يتم استرداد جميع المناطق التي تسيطر عليها بالخرطوم.

وأعلن مجلس السيادة تفقد البرهان أمس لمنطقة حطاب العملياتية كأول زيارة له في مدينة الخرطوم بحري بعد 17 شهراً من اندلاع حرب 15 أبريل 2023م.

تململ وتذمر

بدورها، أقرت مصادر عسكرية لـ(التغيير)، بوجود حالة تذمر من قيادة الجيش التي لم تتخذ تعليمات واضحة في القتال، وأن عدداً من الضباط لم تعجبهم طريقة سير العمليات العسكرية وخطط قيادة الجيش.

وقالت المصادر إن صوت التململ وسط الضباط والجنود وصل القيادة العليا للجيش لذلك حاولت أن تغير من طريقتها في إدارة العمليات العسكرية وتحولت من خانة الدفاع للهجوم.

محاولة سابقة

وسبق أن تم الإعلان عن محاولة انقلابية خطط لها ضباط محسوبون على النظام السابق، وتم حبسهم على ذمة التحقيق لكن نتائج هذا التحقيق لم يتم نشرها للرأي العام.

وفي حينها نفى الجيش حدوث المحاولة الانقلابية، لكنه لم ينف “اعتقال الضباط”، وقلل بعض الموالين له من العملية، وأشاروا إلى أن اعتقال الضباط بسبب تململ القادة الميدانيين من الخطط العسكرية لقيادة الجيش، بينما تناقلت وسائل إعلام أن هناك مخططاً يهدف للقبض على “ضابط كبير” في المنطقة العسكرية.

أفشل قائد

الحديث عن التخلص من قيادة الجيش لم يكن سراً ولا هي المرة الأولى، فقد ورد كثيراً منذ اندلاع الحرب، وتعرضت قيادة الجيش ممثلة في شخص البرهان تحديداً للكثير من الهجوم من داخل المؤسسة العسكرية نفسها ومن داعميها الذين عبروا بوضوح عن عدم رضاهم للطريقة التي يدير بها البرهان الحرب والفشل والهزائم المتلاحقة التي جعلت قوات الدعم السريع تتمدد وتسيطر على الكثير من المواقع، ولذلك ربط البعض بين العملية المفاجئة ومحاولة التخلص من القيادة التي عجزت عن تحقيق أي نصر على الدعم السريع وبات وجودها مهدداً للجيش.

وبالتالي تعززت فرضية مخطط انقلاب سر العطا بتحقيق نصر وإخراج ضباط القيادة العامة لإعلان قيادة جديدة للجيش.

هذا السيناريو يرجحه حديث عضو حزب المؤتمر الوطني المحلول محمد السر مساعد، في مقابلة أجراها “سعد الكابلي”، وصف فيها البرهان بأنه أفشل وأجبن رئيس وقائد للجيش مر على السودان.

وقال مساعد، إن الحرب بطريقة البرهان ستستمر 10 سنوات، وقلل من دور الجيش في الحرب، وذكر أن مدينة أم درمان تم تحريرها بواسطة الدفاع الشعبي وهيئة العمليات، وأن 30 ألفاً من الجيش موجودين في مواقعهم بأم درمان ولا يريدون التحرك لتحرير العاصمة الخرطوم.

رسالة تماسك

وكان وزير الإعلام السابق فيصل محمد صالح، رأى أن الهجوم تم التخطيط له من الأساس لكي يتزامن مع وجود البرهان في الجمعية العامة للأمم المتحدة، ولكي يرسل رسالة أن الجيش السوداني لا يزال متماسكاً ويستطيع قلب الطاولة على “قوات الدعم السريع”، ولهذا يجب أن توضع ملاحظاته وتحفظاته على مسارات التفاوض في أذهان الوسطاء، وتقابل بالاهتمام اللازم.

وقال صالح في مقال نشر بصحيفة الشرق الأوسط، إن هناك أيضاً قراءات لآخرين تستحق الانتباه والمراجعة، وهي من بعض المراقبين، ومنهم ناشطون في مجال “السوشيال ميديا”، ويدعمون موقف الجيش وحلفائه السياسيين. وقد قدم هؤلاء تفسيراً مغايراً يشير إلى أن هذا الهجوم خطَّطت له ونفذته عناصر داخل الجيش بالتنسيق مع هيئة العمليات التابعة لجهاز الأمن والمخابرات وكتائب الحركة الإسلامية المتحالفة مع الجيش، من دون علم البرهان. ويقول هؤلاء إن الرسالة الحقيقية موجَّهة من هذه المجموعات للفريق البرهان، ومفادها أنهم يريدون أن يقطعوا عليه الطريق حتى لا يقدم تنازلات للوسطاء خلال لقاءاته في نيويورك. ويتهم هؤلاء الفريق البرهان بأنه لا يريد أن يقاتل، وأنه السبب في تعطيل حراك الجيش لاستعادة المدن التي سقطت في يد «الدعم السريع».

ويضيف: “ومضى آخرون في تقديم صورة درامية أكثر مما هو متوقَّع، وهي أن هذا الهجوم هو محاولة انقلابية لم تكتمل، لأن النتائج المتوقَّعة منها لم تأتِ كما كان متوقَّعاً، إذ كان المخطَّط أنه بعد أن تنتصر قوات الجيش وتحتل قلب الخرطوم، أن يتم الإعلان عن عزل البرهان، وتكوين قيادة جديدة”.

لا خلافات

ومن جهته، قال الخبير العسكري خالد عبيد الله، إن العمليات العسكرية في الجيش السوداني تتم بتراتبية ولا يمكن أن تصدر تعليمات دون علم القائد العام، لأن قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان قبل سفره إلى نيويورك للمشاركة في اجتماعات الأمم المتحدة بارك هذه الخطوة.

وأضاف لـ(التغيير): “الحديث عن وجود محاولة انقلابية يقودها ياسر العطا بمشاركة عناصر النظام السابق غير واردة في الوقت الحالي، لأن الإطاحة بالقائد في هذه المرحلة تعني انهيار الجيش وتفككه”.

وأوضح الخبير العسكري أن كابينة القيادة في الجيش تعمل في تناغم تام ولا وجد لخلافات وجميع الخطط تسير وفق ما هو مخطط له “لإنهاء تمرد مليشيا الدعم السريع”.

استعداد للتصعيد

وبحسب مصادر عسكرية، فإن طرفي الصراع يستعدان للدخول في مواجهات عسكرية عنيفة بالخرطوم، الجزيرة، سنار والنيل الأبيض، إما بهدف استعادة السيطرة على مناطق تم فقدها أو السيطرة على  مناطق جديدة عقب انتهاء فصل الخريف.

وقال شهود عيان لـ(التغيير)، إن قوات الدعم السريع تعمل على تحشيد قواتها في الخرطوم والجزيرة وسنار والنيل الأبيض لمهاجمة مناطق جديدة لإحكام وزيادة مساحة سيطرتها، للضغط على الجيش السوداني من أجل الجلوس للتفاوض.

وفي خضم العمليات العسكرية يحاصر الجوع ملايين المواطنين في ولايات السودان الـ18 التي دخلت 15 مدنية منها دائرة الحرب، والـ3 ولايات تأثرت بالسيول والأمطار.

الوسومالجمعية العامة للأمم المتحدة الجيش الخرطوم الدعم السريع السودان عبد الفتاح البرهان ياسر العطا

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الجمعية العامة للأمم المتحدة الجيش الخرطوم الدعم السريع السودان عبد الفتاح البرهان ياسر العطا عبد الفتاح البرهان العملیات العسکریة قوات الدعم السریع الجیش السودانی مصادر عسکریة قیادة الجیش لـ التغییر

إقرأ أيضاً:

خارطة مناطق استعادها الجيش السوداني وميليشيا الدعم السريع تتلاشى بشكل متسارع من الخارطة السودانية

 

تتناقص منذ أسابيع مساحات سيطرة الدعم السريع لصالح الجيش - غيتي

أعلن الجيش السوداني، اليوم الأربعاء، استعادته السيطرة على عدة مناطق في ولايات النيل الأبيض وسنار والنيل الأزرق جنوبي البلاد، بعد معارك مع قوات الدعم السريع.

وأفاد متحدث الجيش نبيل عبد الله في بيان، بأن القوات السودانية المسلحة تمكنت "في نشاط متزامن ومنسق" من تدمير قوات الدعم السريع في عدة مناطق بولايات النيل الأبيض وسنار والنيل الأزرق.

قتلى شمال أم درمان

وأوضح البيان أن الجيش استعاد "عنوة واقتدارًا" مدينتي "الدالي والمزموم" بولاية سنار، ومناطق "رورو والقربين وقلي" بولاية النيل الأزرق، ومناطق "التبون والجفرات والمليسا وأبوعريف" بولاية النيل الأبيض.

ومنذ أسابيع وبوتيرة متسارعة، بدأت تتناقص مساحات سيطرة "الدعم السريع" لصالح الجيش في ولايات الخرطوم والجزيرة وشمال كردفان (وسط)، والنيل الأبيض، وجاءت التطورات بولايتي سنار والنيل الأزرق لتزيد من تقدم الجيش في ميدان المعارك الجارية.

وفي هذا السياق، قال مراسل التلفزيون العربي وائل الحسن من بورتسودان، إن تقدم الجيش يأتي بالتزامن مع تقدمه في العاصمة الخرطوم، وتحديدًا في شرق النيل وجسر المنشية الإستراتيجي.

وأضاف مراسلنا أن قوات الدعم السريع قصفت بالمدفعية عددًا من المناطق شمال أم درمان، ما أدى إلى سقوط عدد من القتلى والجرحى المدنيين.

وتحدث عن معارك تجري في محيط القصر الجمهوري بين الجيش وقوات الدعم السريع، حيث تسيطر عليه هذه الأخيرة.

وباستعادة الجيش مدينتَي الدالي والمزموم من قوات الدعم السريع، تكون ولاية سنار الحدودية مع دولة جنوب السودان بالكامل تحت سيطرته، مع احتفاظ "الدعم السريع" بجيوب صغيرة في ولايتَي النيل الأبيض والنيل الأزرق.

وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، تمكن الجيش من استعادة سيطرته على معظم ولاية سنار وعاصمتها سنجة، عدا "الدالي والمزموم" في ذلك الوقت.

قتلى قرب الفاشر

وفي وقت سابق اليوم الأربعاء، قُتل ستة أشخاص في قصف لقوات الدعم السريع على مخيم للنازحين يعاني من المجاعة قرب مدينة الفاشر، العاصمة الإقليمية لولاية شمال دارفور المحاصرة، حسبما أفادت لجنة المقاومة المحلية.

وتشهد مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، منذ أشهر معارك عنيفة بين الجيش السوداني ومجموعات مسلحة متحالفة معه من جهة، وقوات الدعم السريع التي تفرض عليها حصارًا من جهة أخرى.

 

وتسيطر قوات الدعم السريع بشكل شبه كامل على إقليم دارفور ومساحات واسعة من منطقة جنوب كردفان ومعظم وسط السودان، في حين يسيطر الجيش على شمال البلاد وشرقها.

وتضم ولاية شمال دارفور وحدها 1,7 مليون نازح، ويواجه مليونا شخص انعدامًا شديدًا في الأمن الغذائي، وفق الأمم المتحدة.

 

مقالات مشابهة

  • الجيش السوداني يعلن تحقيق انتصارات على الدعم السريع في عدة محاور
  • خارطة مناطق استعادها الجيش السوداني وميليشيا الدعم السريع تتلاشى بشكل متسارع من الخارطة السودانية
  • قائد في الجيش السوداني: الدعم السريع يرتب لانسحاب وشيك من الخرطوم
  • الجيش السوداني يعلن خلو ولاية حدودية من الدعم السريع
  • الجيش السوداني: دمرنا أسلحة ومعدات عسكرية لميليشيا الدعم السريع في عدة مناطق
  • الجيش السوداني يستعيد مدينة مهمة في ولاية سنار من قبضة الدعم السريع
  • الجيش السوداني: “الدعم السريع” هاجمت بمسيرات سد مروي شمال البلاد
  • الجيش السوداني يستعيد مواقع استراتيجية ويسيطر على جسر المنشية في الخرطوم
  • «شرق النيل» في قبضة الجيش السوداني
  • الجيش السوداني يعلن سيطرته على "مواقع استراتيجية" شرقي الخرطوم