قال الدكتور محمود الهواري، الأمين العام المساعد للدعوة بمجمع البحوث الإسلامية، إن المتأمل لمعنى الإنسانية، ولأحكام الشريعة وتفاصيل الوحي، يصل إلى يقين بأن الإسلام هو دين الإنسانية بامتياز، كما أنه دين الربانية في ذات الوقت، مبينا أنه دين الربانية من ناحية مصدره وغايته من المولى عز وجل، ودين الإنسانية من ناحية عناية هذه الأحكام على تعددها وتفاصيلها بالإنسان وتكريمه والمحافظة على وجوده، وأسباب وجوده.

الإنسانية ليست بديلا للإيمان ولا تلغي العقيدة

وبيّن «الهواري»، خلال حديثه اليوم بلقاء تنظمه اللجنة العليا للدعوة بمجمع البحوث الإسلامية في رحاب الجامع الأزهر تحت عنوان «الأخوة الإنسانية ضرورة وجودية»، موضحا أن الإنسان لا يستطيع أن يكون ربانيا حقا، دون أن يكون إنسانيا، كما لا يستطيع أن يكون إنسانيا حقا، دون أن يكون ربانيا، مؤكدا أن الإنسانية متجذرة في مصادر الإسلام من قرآن وسنة، وهي تلك الإنسانية التي ترجمها رسول الله صلى الله عليه وسلم والجيل الأمين من بعده سلوكا حياتيا وواقعا عمليا.

وثيقة الأخوة الإنسانية ولدت من أجل منع سيل الدماء

وأوضح الأمين العام المساعد للدعوة بمجمع البحوث الإسلامية، أن الأزهر الشريف حوّل هذه الإنسانية إلى صيغ عملية عبر تاريخه، حيث نادى الشَّيخُ محمَّد مصطفى المراغي عام 1936، وكان حينئذ شيخ الأزهر، نادى في مؤتمر عالمي للأديان بـ«الزَّمالةِ الإنسانيَّةِ» بين الأممِ كافَّةً لاحتواءِ صراعاتِ الأممِ والشُّعوبِ، كما كتب الشَّيخُ محمَّد عرفة في مجلَّة الأزهرِ سنة 1946 مقالًا نادى فيه بضرورةِ التَّعاونِ بين الإسلامِ والغربِ، وقد دفعه لكتابةِ هذا النِّداءِ ما انتهتْ إليه الحربُ العالميَّةُ الثَّانيةُ آنذاك من اختراعِ القنبلةِ الذَّريَّةِ والأسلحةِ الفتَّاكةِ، وقد حذَّرَ من فناءِ العالمِ كلِّه، إذا استعملَ المحاربون هذه المخترعاتِ.

أهداف وثيقة الأخوة الإنسانية

وكشف «الهواري» عن أن الأزهر حينَ أدركَ بحسِّه الدِّينيِّ، وواجبِه الإنسانيِّ، ودورِه العالميِّ، حاجةَ البشريَّةِ إلى النُّورِ الَّذي يبدِّدُ ظلماتِ العنفِ والتَّطرُّفِ، ويكشفُ التَّيَّاراتِ المنحرفةَ اسْتَنْبَتَ من أنوارِ النُّبوَّةِ نبتًا جديدًا معاصرًا أَثْمَرَ وثيقتينِ: «إعلانِ الأزهرِ للمواطنةِ والعيشِ المشتركِ»، و«وثيقةِ الأخوَّةِ الإنسانيَّةِ»، حيث أكَّدَ الأزهرُ في الأولى أنَّ «المواطنةَ» مصطلحٌ أصيلٌ في الإسلامِ، ترجمَه الصَّحابةُ إلى واقعٍ عمليٍّ، ظهرَتْ ثمراتُه في حياتِهم مع غيرِهم، وأنَّ «المواطنةَ الحقيقيَّةَ» لا إقصاءَ معها، ولا تفرقةَ فيها، وإنَّما تقبلُ التَّعدُّديَّةَ الدِّينيَّةَ والعرقيَّةَ والاجتماعيَّةَ.

وأكد الهواري أن «وثيقةُ الأخوَّةِ الإنسانيَّةِ» ولدت لتكون موجَّهةً إلى العالمِ كلِّه، بدءًا بقادةِ العالمِ وصنَّاعِ السِّياساتِ الدَّوليَّةِ والاقتصاديَّةِ العالميَّةِ، من أجلِ وقفِ الحروبِ وسيلِ الدِّماءِ غيرِ المبرَّرِ، ونشرِ ثقافةِ التَّسامحِ والتَّعايشِ والسَّلامِ، وتقفُ بما فيها من مبادئَ في وجهِ هذا الانحدارِ الثَّقافيِّ والأخلاقيِّ الَّذي يعارضُ القيمَ والثَّوابتَ، موضحا أن الإنسانية في الإسلام تؤدي حتما إلى ثمرات طيبة، هي الإخاء والمساواة والحرية، فالإسلام يحترم الإنسان ويكرمه من حيث هو إنسان؛ لا من أي حيثية أخرى، الإنسان من أي سلالة كان، ومن أي لون كان، من غير تفرقة بين عنصر وعنصر، وبين قوم وقوم، وبين لون ولون، مسقطا كل أنواع التفرقة القبلية والعنصرية والقومية، مبينا أن هذا الاختلاف أو التفاوت لا يجعل لبشر قيمة إنسانية أكبر من قيمة الآخر، حيث إن القيمة الإنسانية واحدة للجميع.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الأزهر البحوث الإسلامية الأزهر الشريف الأخوة الإنسانیة البحوث الإسلامیة ة الإنسانی أن یکون

إقرأ أيضاً:

مرصد الأزهر: الفتوحات لم تكن لنشر الإسلام بالقوة بل لحماية المظلومين

أكد الدكتور وجيه فكري، الباحث بـ مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، أن الفتوحات الإسلامية لم تكن بهدف نشر الدين بالقوة أو إجبار الناس على الدخول في الإسلام، وإنما جاءت لمقاومة العدوان القائم على الظلم والاستبداد، كما كان الحال في الدولة الفارسية والرومانية آنذاك، والتي مارست القتل ونهب الثروات لبسط نفوذها. 

وأوضح الباحث بمرصد الأزهر لمكافحة التطرف، خلال تصريحات تلفزيونية، أن الإسلام سمح لغير المسلمين بالتعايش السلمي، مستشهدًا بما حدث مع أقباط مصر، حيث تعرضوا للاضطهاد من قبل الرومان، وكان الفتح الإسلامي عام 640م سببًا في إنقاذهم ومنحهم حرية ممارسة دينهم بعد العدل الذي وجدوه في الحكم الإسلامي. 

وأضاف أن النبي محمد (ﷺ) لم يفرض الإسلام بالسيف، بل ظل 13 عامًا في مكة يدعو بالحكمة والموعظة الحسنة، مما أدى إلى دخول خيار الناس في الإسلام، مستشهدا بكلام المؤرخ الفرنسي غوستاف لوبون، الذي أكد في كتابه حضارة العرب أن الإسلام لم ينتشر بالقوة بل بالدعوة، وأنه وصل إلى الصين دون أن يفتح العرب أي جزء منها. 

وأكد أن الإسلام دين عدل وسلام، مؤكدًا أن فهم الفتوحات الإسلامية يجب أن يكون في سياقها التاريخي الصحيح بعيدًا عن التصورات الخاطئة.

مرصد الأزهر: القرآن والسنة النبوية يرفضان نهج التكفير العشوائي

ويواصل مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، في إطار جهوده المستمرة لمكافحة الفكر المتطرف، تفنيد مزاعم الجماعات التكفيرية التي تحاول تشويه تعاليم الإسلام السمحة. 

وفي أحدث تقاريره، كشف المرصد زيف الادعاءات التي يروجها تنظيم "داعش" الإرهابي في خطابه الدعائي، والذي يستغل مفاهيم شرعية مثل “العزة” و"التوحيد" لتبرير تكفير المجتمعات الإسلامية وشرعنة العنف والقتل باسم الدين.

ويرى مرصد الأزهر أن الحكم على مجتمعات بأكملها بالكفر يتناقض مع المنطق والفطرة السليمة، إذ إن الإسلام وعد بحفظ الأمة وعدم اجتماعها على ضلالة. كما أن مبدأ المحاسبة الفردية في الإسلام لا يجيز تعميم الأحكام على الأفراد استنادًا إلى سياسات الحكومات، مستشهدًا بقوله تعالى :﴿ألَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾  النجم: 38

وأكد أن القرآن والسنة النبوية يرفضان نهج التكفير العشوائي، حيث نهى الله عن التسرع في اتهام الناس بالكفر، كما في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَىٰ إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا﴾ النساء: 94

مقالات مشابهة

  • هل صيام الشخص المتنمر مقبول؟.. هبة النجار تجيب
  • أمين البحوث الإسلامية : التعاون يؤكد ريادة مصر في مجال علوم الفضاء
  • البحوث الإسلامية: العلم والإيمان يتشاركان في حل المعضلات العقائدية والشرعية
  • وكيل أوقاف الغربية: الإسلام دين الرحمة والتسامح ويدعو للتعايش ويعزز قيم الأخوة والترابط
  • شيخ الأزهر يحذر من تصاعد الإسلاموفوبيا ويدعو إلى وضع قوانين لوقفها
  • مجمع البحوث الإسلامية: مشهد مائدة المطرية صورة حية للوحدة والتسامح في مصر
  • “الشؤون الإسلامية” تنظم أمسية “إضاءات في مسيرة رجل الإنسانية”
  • في 15 نقطة .. تعرف على أهم أحكام زكاة المال في الشريعة الإسلامية
  • مرصد الأزهر: الفتوحات لم تكن لنشر الإسلام بالقوة بل لحماية المظلومين
  • "الشؤون الإسلامية" تنظم أمسية "إضاءات في مسيرة رجل الإنسانية"