عن مستقبل الشرق الأوسط ودور مصر
تاريخ النشر: 2nd, October 2024 GMT
تبدو الأوضاع الإقليمية فى منطقة الشرق الأوسط فى الوقت الراهن، شديدة الحرج فى ظل صراعات تتمدد وتتسع بصورة غريبة، تجعل كل ذى لب منتبهاً لأى محاولات استفزاز أو توريط خارج سياق المصالح القومية بما يقضى على أهم مكسب تتمتع به مصر بين جيرانها وهو الاستقرار.
لا يبذل المرء جهدا كبيرا ليشعر بالامتنان لمن يديرون السياسة الخارجية المصرية والأمن القومى وسط هذه التوترات بدءا من القيادة السياسية العليا، وحتى أصغر دبلوماسى فى وزارة الخارجية، نظرا لما أبدوه من حكمة وعقلانية فى التعامل مع الأزمات المتوالية، يدفعهم فى ذلك الشعور بالمسئولية عن كل مصرى فى الداخل أو الخارج.
تحيط بنا مشاهد الصراع غربا وشرقا وجنوبا، ويفد إلينا كل يوم لاجئون من أقطار شقيقة، تعرضت بلادهم لفوضى الانقسامات واشتعلت بأتون الحروب، ليؤكدوا بذلك أن مصر هى واحة الأمان الأولى فى هذه المنطقة، وهى موطن الاستقرار والسلام.
ورغم ما يفرضه هذا اللجوء وهذه الاستضافة من أعباء مالية ضخمة على الخزانة العامة للدولة المصرية فى ظل أزمات اقتصادية عاتية، فإن مصر لم تغلق أبوابها يوماً فى وجه أحد انطلاقا من كونها بيت الأمان لجميع العرب.
لقد شهدت السياسة الخارجية المصرية تطوراً لافتاً فى استيعاب ما يجرى فى المنطقة من صراعات وتوترات غير مسبوقة، ونجحت فى لعب دور محورى شديد الأهمية، وأثبتت جدارتها فى إحداث التوازن، والقيام بدور الوساطة لحل النزاعات ورأب التصدعات هنا وهناك.
وفيما بعد 2013 اتسمت السياسة الخارجية بالحنكة والمرونة والتوازن، فاستعادت مصر علاقاتها مع العالم الغربى وأوروبا بسرعة مذهلة، وتعمقت علاقاتها بالصين وروسيا، وتطورت العلاقات مع دول الخليج، وتوطد الدور المصرى فى الملف الليبي، وترسخت أهميته فى الملف السوداني، وازداد وضوحه فى مساندة القضية الفلسطينية، والوقوف بقوة وصلف أمام مخططات التهجير الصهيونية، ومواجهة سياسات الإبادة للشعب الفلسطينى الشقيق.
كما استعادت مصر علاقات التعاون والتكامل مع دولة محورية ومهمة فى الشرق الأوسط وهى تركيا، بما يحقق مصالح الشعبين، ويساهم فى ترسيخ التنمية المنشودة لهما.
وفى حقيقة الأمر، فقد تحققت كل هذه النجاحات للسياسة الخارجية المصرية فى ظل تحديات اقتصادية جسيمة، عانى فيها المصريون جميعا، وضربوا أمثلة عظيمة فى الصبر والتحمل حفاظا على نعمة الاستقرار والأمن، وهو ما يستحق الإشادة.
إن كثيراً من المحللين والمفكرين فى العالم يتحدثون عن مرحلة فارقة وجديدة، يبدو فيها أن كثيراً من الصراعات القديمة سيعاد بعثها، وأن كثيراً من الخرائط ستشهد تغيرات كبيرة، وستصعد قوى وتهبط أخرى وتتغير قواعد موروثة وتتبدل القوانين الحاكمة للصراعات ومناطق النفوذ.
ولا شك أن مصر تنظر باهتمام كبير للمستقبل، وتخطط لما هو قادم، وتتجهز لكافة السيناريوهات، انطلاقاً من قواها الناعمة المتمثلة فى كوادر من الدبلوماسية وخبراء السياسات الخارجية، والمسئولين عنها.
وهذا بلا شك يمنحنا الشعور بالثقة والتفاؤل رغم كل المشاهد الموجعة.
وسلامٌ على الأمة المصرية.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: مستقبل الشرق الأوسط الأوضاع الإقليمية ى محاولات استفزاز
إقرأ أيضاً:
على حافة الهاوية!!
عوامل كثيرة جعلت من الشرق الأوسط منطقة صراع دائم وحروب كثيرة على مدار قرون وعقود طويلة، بعضها كانت لأسباب دينية وعرقية، وأخرى كانت بهدف الاستعمار وفرض النفوذ وخلق كيان جديد فى المنطقة تحت مسمى - إسرائيل - وفى النصف الثانى من القرن الماضى كانت مصادر الطاقة والأهمية الجيوسياسية للمنطقة مدعاة لتدخلات القوى الكبرى للسيطرة على الإقليم وتأجيج الصراعات فيه، وذريعة لتواجد هذه القوى بشكل مستمر تحت مسميات مختلفة.. ومع أن هذه المنطقة قد شهدت حالة من الاستقرار النسبى عقب حرب 1973 وتوقيع اتفاقية إسلام بين مصر وإسرائيل فى ظل التوازنات العالمية بقيادة الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتى، إلا أن هذا الاستقرار سرعان ما تلاش بعد استئثار الولايات المتحدة بقيادة العالم، لتبدأ فى خلق الصراعات وتفجير المنطقة بداية من حرب العراق، ثم تشكيل ودعم تيارات الإسلام السياسى وأذرعتها الإرهابية المسلحة، بهدف إحداث فوضى خلاقة فى المجتمعات العربية، تسهم فى تحقيق الأهداف الاستراتيجية للولايات المتحدة.
الآن بات الشرق الأوسط على حافة الهاوية، فى ظل الموجة الجديدة لنشاط ودعم تيارات الإسلام السياسى الذى ترعاه الولايات المتحدة الأمريكية لاستكمال مشروعها الاستراتيجى الذى وضعه - برنالد لويس - عام 1980، واعتمده الكونجرس الأمريكى عام 1982، كهدف استراتيجى للولايات المتحدة الأمريكية تحت مسمى - الشرق الأوسط الجديد - الذى ظهرت ملامحه بجلاء فيما سمى بالربيع العربى لإسقاط الأنظمة العربية وإحداث الفوضى الخلاقة على يد تيارات الإسلام السياسى، ودعمها للوصول إلى الحكم وإقامة أنظمة سياسية على أساس دينى، تنتج عنه صراعات طائفية وعرقية تنتهى بتقسيم هذه الدول، وهو الأمر الذى أدركته مصر مبكرًا بمؤسساتها وشعبها العظيم الذى حطم المشروع على أرض الكنانة فى الثلاثين من يونيو عام 2013، باعتراف وزير الخارجية الأمريكى هيلارى كلينتون، عندما أكدت فى مذكراتها أن الإدارة الأمريكية عجزت عن مواجهة الأمر فى مصر.. ومن المؤكد أن الأحداث فى سوريا والمنطقة سوف تكشف عن مفاجآت كبيرة وبخاصة الصفقة التركية فى دعم تيار الإسلام السياسى لحساب أمريكا، وأيضًا التفاهمات الروسية الإيرانية الأمريكية وغيرها من المفاجآت التى ترتبط بقدرة الفصائل التى تحكم سوريا على بناء نظام سياسى يحافظ على وحدة سوريا وتنوعها السياسى والعرقى أو الانزلاق إلى الفوضى والتقسيم.
الأحداث المتسارعة فى الشرق الأوسط، تكشف عن تحديات ومخاطر هائلة تواجه الدولة المصرية بسبب نشر الفوضى الخلاقة فى الإقليم وعلى الحدود المصرية من شتى الاتجاهات، سواء فى السودان أو ليبيا وأيضًا العربدة الإسرائيلية فى غزة وعلى أكثر من اتجاه، تشكل جميعها مخاطر على الأمن القومى المصرى وتأثيرات اقتصادية كبيرة سواء فى دخل قناة السويس أو حركة التجارة والسياحة وجذب الاستثمارات وغيرها من التأثيرات السلبية نتيجة إصرار الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل على إشعال المنطقة بشكل مستمر لتمرير وتحقيق أهدافهما الاستراتيجية.. لكن يبقى الأخطر والأهم هو قدرة مصر على الصمود فى مواجهة الموجات المتتالية من المخططات الأمريكية الإسرائيلية، خاصة بعد إعلان نتنياهو الصريح، بأن إسرائيل هى من ترسم خريطة الشرق الأوسط.. وهو أمر يدعو الشعب المصرى الذى صنع المعجزات، عندما سطر أعظم ثورة شعبية فى الثلاثين من يونيو، ثم استطاع دحر الإرهاب الممول والمدعوم، وفى ذات الوقت قاد أكبر عملية تحديث وتنمية شاملة غيرت وجه مصر وأعاد بناء وتحديث مؤسساته، وعلى رأسها المؤسسة العسكرية الوطنية بأحدث تكنولوجيا السلاح حتى أصبحت الأولى فى الشرق الأوسط وافريقيا.. على هذا الشعب أن يفخر بما حققه فى عقد واحد فقط، وأنه الضامن الحقيقى لحماية وطنه، بل وأمته العربية.
حفظ الله مصر