العُمانية : تحرص سلطنة عُمان على تسخير كلّ الإمكانات المتاحة للحفاظ على هُوية المجتمع العُماني وترسيخ قيمه فـي نفوس الأبناء، وتنشئته على القيم وفـي مقدمتها الحفاظ على الهُوية الوطنية والاعتزاز بها.

وتعد المفاهيم العامة والمعارف والمهارات المرتبطة بالقيم والمواطنة إحدى الركائز الأساسية، التي أكدت وزارة التربية والتعليم على أهمية ترسيخها وإدماجها فـي المناهج الدراسية والبرامج التعليمية، خاصة فـي ظل تنامي المفاهيم العامة وتشعبها، وارتباطها بالإنسان محرك التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافـية داخل المجتمع.

وقال المكرم الدكتور عبد الله بن محمد الصارمي رئيس لجنة التعليم والبحوث بمجلس الدولة: إن حفاظ الشعوب على هويتها الثقافـية والوطنية أحد أكبر التحديات، وأن ربط الناشئة بتراثها وهويتها الثقافـية أصبح ضرورة قصوى وأولية وطنية كبيرة، مؤكدًا على أن هناك مسؤولية عظيمة تقع على المؤسسات التعليمية فـي الحفاظ على مكنونات التراث والحرف والعادات والتقاليد لدى الناشئة.

وأكد فـي تصريح لوكالة الأنباء العُمانية على الدور المحوري الذي تقوم به المؤسسات التعليمية بشقيّها العام والعالي فـي التعريف بالتراث العُماني غير المادي وربط الناشئة بهذا التراث بما ينمي لديهم الشعور بالهوية الوطنية العمانية والانتماء وذلك باتباع أحدث النظريات والتطبيقات فـي هذا المضمار. وأشار إلى أهمية توظيف التراث العماني غير المادي فـي النصوص المتعدّدة التي تحويها الكتب المدرسية فـي مختلف المستويات، وتتنوع تلك النصوص من نصوص أدبية من مكنونات التراث العماني أو نصوص تعريفـية بمفردات التراث العُماني والمفردات العُمانية المدرجة فـي قائمة اليونسكو للتراث العالمي، أو من خلال توظيف ذلك الموروث فـي الأنشطة اللاصفـية كالمسرح والرسم والفنون التشكيلية والموسيقى والمسابقات الأدبية والفنية المختلفة.

ووضح أن ربط الناشئة بمكنونات تراثهم وتنمية روح الفخر والاعتزاز بإرثهم الثقافـي والحضاري وتعريفهم بجغرافـية بلدهم ورموزهم الوطنية التاريخية يعزز لديهم مفهوم المواطنة، وينمي لديهم الشعور بالانتماء للوطن، وحبهم له، والتضحية من أجل الذود عنه، لافتًا إلى أن معرفة النشء بتراث آبائهم والحرف والمهن التي يعملون بها، وما قاموا به من تضحيات من أجل الوطن يجعلهم يقدرون المنجزات الوطنية وبالتالي المحافظة عليها والبناء عليها.

وذكر أن التراث العُماني يزخر بالكثير من الفنون لمختلف المناسبات الدينية والاجتماعية، وبالعادات والتقاليد والتراث المروي (الحكايات) والحرف، مشيرًا إلى أن تقديم الفنون والحرف بأسلوب عصري مطور فـي المؤسسات التعليمية من شأنه أن يحبب النشء فـي هذه الفنون والحرف، وينمي لديهم الاعتزاز بالهوية وموروثهم الثقافـي والاجتماعي، وفـي الوقت نفسه نحافظ على الموروث من الاندثار.

وأفاد بأن هناك العديد من السبل التي يمكن أن تنهجها مؤسسات التعليم العام والعالي لربط الناشئة بتراثهم وعاداتهم وتقاليدهم وحرفهم التقليدية وتعزز لديهم هويتهم العُمانية ويشعرهم بالفخر بتاريخهم وإرثهم الحضاري، منها تكثيف المحتوى غير المادي فـي المناهج التعليمية، ويجب تناول كل ما له علاقة بالتراث العُماني غير المادي فـي مختلف المواد الدراسية، وألا يقتصر على مواد التاريخ والجغرافـيا والتربية الوطنية، فمواد اللغة العربية والعلوم والرياضيات يمكن أن تتناول هذا التراث ليحصل الطالب على جرعة كافـية ومتعمقة عن تراث بلده وتاريخها وجغرافـيتها.

وأكد على أن الأنشطة اللاصفـية التي يقبل عليها الطلاب كثيرًا تعد متنفسًا من ضغط المواد الدراسية ومساحة واسعة وخصبة لممارسة الحرف والفنون التقليدية والعادات والتقاليد، ويمكن أن تكون الأنشطة على هيئة مسابقات بين الطلبة، للتنافس وفق معايير محددة ومعلنة مسبقًا فـي حرفة معينة كالغزل والنسيج والسعفـيات والفخاريات أو الفنون التقليدية أو عبر عصرنة الموروث الشعبي: ونقصد به تحديث وتطوير وتنقيح الموروث الشعبي أو التراث غير المادي من خلال إدخال التقانة والآلات الحديثة فـي إعادة إنتاج الموروث الثقافـي، كالآلات الحديثة والمتطورة فـي النجارة والمشغولات الخشبية أو فـي الغزل والنسيج، وأن نستبدل آلية السرد التقليدية للقصص والحكايات الشعبية بقناة رقمية فـي اليوتيوب من شأنه أن يحبب هذه المهن لدى الناشئة ويعود عليهم بمردود مادي مجزٍ فـي الوقت ذاته.

ودعا إلى أهمية تعزيز جانب البحث العلمي فـي الموروث الشعبي بالمؤسسات الأكاديمية ويجب توجهه لتوثيق هذا الموروث، وتطويره وفق الأسس العلمية المستجدة.

من جانبه، قال الدكتور سليمان بن عبد الله الجامودي المدير العام للمديرية العامة لتطوير المناهج بوزارة التربية والتعليم: إن هناك عدة مداخل متبعة من قبل الوزارة فـي إدماج مفاهيم الهوية الوطنية فـي المناهج الدراسية، من بينها المدخل والاندماج، الذي يهتم بتضمين أو تشريب أو دمج المفاهيم المتعلقة بالهوية الوطنية فـي كل المناهج الدراسية مع تنوّع طرائق معالجتها لتأخذ عدة أشكال مثل: موضوعات، أو دروس، أو أنشطة أو أمثلة أو صور حسب طبيعة المادة الحاملة للمفهوم. وأضاف أنه يتم اتباع مدخل الوحدات الدراسية، هو عبارة عن وحدة دراسية متكاملة تتناول المجال من جميع أبعاده الاجتماعية والاقتصادية والطبيعية أو مدخل الأنشطة غير الصّفـيّة بهدف إكساب الطلبة المعارف والمفاهيم والقيم المناسبة خارج الصّف، وفـي فضاءٍ من الحرية والارتياح خصوصًا إذا كانت الأنشطة قائمة على اكتشاف المعرفة وعلى تطبيقها المباشر وممارستها فـي موقفها الطبيعي.

وأكد فـي حديث لوكالة الأنباء العُمانية على أن الوزارة تقوم بجهود كبيرة فـي إدماج وتعزيز الهوية الوطنية لدى الناشئة، أبرزها إدماج هذه المفاهيم فـي مختلف المناهج الدراسية ولكافة الصفوف الدراسية من الصف الأول إلى الثاني عشر وتمثل ذلك فـي استحداث مادة جديدة تُعنى بالهوية والمواطنة للصفوف من الأول إلى الرابع فـي العام الدراسي الحالي 2024/ 2025م لتعزيز وتأسيس قيم الهوية والمواطنة لدى الناشئة. ووضح أن دائرة المواطنة التي تم إنشاؤها بالوزارة تسعى من خلال اختصاصاتها إلى تعزيز الهوية الوطنية العُمانية لدى الطلبة، كما تم إنشاء قسم الثقافة الدينية بدائرة التربية الإسلامية وهو يعنى بالتوعية الدينية الطلابية، وبث القيم الأخلاق الفاضلة، ونشر ثقافة التسامح ونبذ العنف والسلام وهي القيم القائمة عليها الهوية العُمانية.

وذكر أن الوزارة أصدرت العديد من الوثائق الداعمة مثل وثيقة المفاهيم العامة فـي المناهج الدراسية فـي سلطنة عُمان وتهدف إلى تحديد المفاهيم التي ينبغي إدماجها أو تعزيزها فـي المناهج الدراسية كالتربية على المواطنة، كما إن إصدار وثيقة التربية على المواطنة بوزارة التربية والتعليم تعتبر مرجعًا يستند إليه العاملون فـي الوزارة، والمختصون بالتربية على المواطنة، فـي إعداد النشء على المواطنة.

وأفاد بأن إصدار كتاب «سلطنة عُمان الهوية الوطنية والتراث العالمي» يهدف إلى تقديم صورة تعريفـية بالهُوية العُمانية وإبراز ملامح التراث العُماني، وإصدار كتابي شخصيات عُمانية خلدها التاريخ (الجزء الأول، والجزء الثاني)، وإصدار كتاب «من أجل الوطن... تفاعل إيجابي وشعور بالمسؤولية» تضمن تنفـيذ مشروع مشاركة مجتمعية من طلبة الصف العاشر الأساسي، وهو يترجم ما يشعرن به الطلبة من مسؤوليات نحو وطنهم. وأردف أن إصدار الفـيلم الكرتوني «لوطني أنتمي» الذي يتضمن عشر حلقات تحمل عناوين مختلفة تهدف إلى تعزيز قيم الهوية والمواطنة لدى الناشئة، مشيرا إلى أن المختصين بدائرة المواطنة قاموا بإعداد دراسات وأبحاث فـي التربية على المواطنة هدفت إلى دراسة واقع التربية على المواطنة بمدارس التعليم الحكومي بسلطنة عُمان.

وفـي سياق متصل، قال محمد بن حمد الحسني معلم تربوي: إن العملية التعليمية أسهمت من خلال المناهج الدراسية والبرامج التعليمية فـي غرس القيم والمبادئ والمثل العليا فـي التراث الإنساني غير المادي لدى الناشئة.

وأضاف: إن التراث العُماني غير المادي فـي سلطنة عُمان أسهم فـي تعزيز حفظ الهوية الوطنية لدى الناشئة فـي مختلف المراحل التعليمية واعتباره جزءًا أصيلاً من تراث البلاد وعمل على تعلمه وتوارثه ونقله للأجيال عن طريق المناهج الدراسية، ووسائل الإعلام المختلفة. وبين أن الهوية الوطنية مكنت فـي المناهج التعليمية معرفـياً ووجدانيا على عدة محاور ففـي الناحية الدينية تتمثل فـي تقديم الدروس المستقاة من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، ومن الناحية التاريخية تناولت التاريخ الحضاري الذي تتمتع به سلطنة عُمان وقوة واستقلالية الشخصية العُمانية على مر التاريخ واعتزازها بالموروث الحضاري، بالإضافة إلى الموقع الجغرافـي الفريد الذي تتمتع به من تضاريس وامتدادات الحدود ساحلية كانت أو برية التي حباها الله بها، كما أنها تناولت تعليم الناشئة على العادات والتقاليد وعملت على المحافظة عليها بالمناهج الدراسية فـي مختلف المراحل العمرية لدى الناشئة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: التربیة على المواطنة فـی المناهج الدراسیة الهویة الوطنیة غیر المادی فـی لدى الناشئة الع مانیة فـی مختلف من خلال ع مانیة

إقرأ أيضاً:

تدشين الهوية الترويجية لمحافظة جنوب الباطنة ضمن جهود تعزيز المكانة الاقتصادية والسياحية

 

محافظ جنوب الباطنة: نعكف على إعداد استراتيجية متكاملة لتحقيق تنمية شاملة ومُستدامة

إطلاق بوابة للخدمات الإلكترونية وتطبيق للهواتف النقالة.. قريبًا

 

الرستاق- خالد بن سالم السيابي

 

 

دشَّنتْ محافظة جنوب الباطنة هويتها الترويجية الجديدة، في حفل رسمي أُقيم تحت رعاية معالي الدكتور خلفان بن سعيد الشعيلي وزير الإسكان والتخطيط العمراني، وحضور سعادة المهندس مسعود بن سعيد الهاشمي محافظ جنوب الباطنة، وعدد من أصحاب السعادة ولاة الولايات وأعضاء مجلس الشورى والبلدي، إضافة إلى عدد من قادة الوحدات الحكومية والعسكرية بالمحافظة.

وتهدف هذه الهوية الترويجة لتوحيد الجهود الرامية لتعزيز صورة محافظة جنوب الباطنة محليًا ودوليًا، وتسليط الضوء على مقوماتها المتعددة التي تشمل التراث والثقافة والطبيعة. ومن خلال هذه الهوية، تطمح المحافظة لبناء صورة ذهنية قوية تدعم رؤية "عُمان 2040"؛ حيث تضع في اعتبارها تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز الجاذبية الإقتصادية والسياحية للمحافظة.

وقال سعادة المهندس مسعود بن سعيد الهاشمي محافظ جنوب الباطنة إن الهوية الترويجية الجديدة تهدف إلى تعزيز الصورة الذهنية للمحافظة ودعم الرؤى الاستراتيجية للتنمية؛ بما يتماشى مع رؤية "عُمان 2040". وأشار سعادته إلى أن الخطوة الأولى نحو هذا الهدف بدأت مع إطلاق مسابقة الهوية البصرية، والتي شهدت تفاعلًا واسعًا من مختلف شرائح المجتمع داخل وخارج المحافظة، موضحًا أن هذا التفاعل عكس روح التعاون والشغف في دعم الهوية الجديدة التي ستسهم في بناء مستقبل أكثر إشراقًا للمحافظة وتعزيز حضورها على الصعيدين المحلي والدولي.

وأضاف سعادته أن محافظة جنوب الباطنة تعمل حاليًا على إعداد استراتيجية مُتكاملة تسعى لتحقيق تنمية شاملة ومُستدامة في مختلف القطاعات، وتُركِّز هذه الاستراتيجية على محاور أساسية مثل: الاتصال والتميز والتنوع؛ بهدف تعزيز كفاءة الخدمات وتحسين جودة الحياة للمواطنين والمقيمين. ولفت الهاشمي إلى أن هذه الاستراتيجية ستشهد إطلاق العديد من المبادرات الطموحة التي تهدف إلى تطوير البنية الأساسية وتعزيز القطاعين الاستثماري والسياحي؛ مما يجعل المحافظة بيئة جاذبة للاستثمار والسياحة.

وأضاف سعادته أن "الهوية الجديدة ليست مجرد شعار؛ بل انطلاقة جديدة نحو مستقبل رقمي متكامل؛ حيث سيتم قريبًا إطلاق بوابة خدمات إلكترونية وتطبيق للهواتف الذكية، مما سيسهم في تسهيل الإجراءات على المواطنين والمستثمرين وتعزيز الشفافية والتكامل مع الجهات الحكومية". وتابع أنه من المقرر تنفيذ عدد من المشاريع الرقمية، مثل ترقية البنية الشبكية وربط المؤسسات الحكومية، مما سيشكل نقلة نوعية في الخدمات العامة وتعزز مكانة المحافظة كرائدة في التحول الرقمي والابتكار.

وفي إطار تطوير عناصر الهوية، فقد استُلهمت مكونات شعار الهوية الجديدة من معالم محافظة جنوب الباطنة الثقافية والطبيعية؛ حيث يتألف الشعار من 6 أجزاء تمثل ولايات المحافظة الست، التي تجتمع معًا لتُعَبِّر عن التماسك والترابط بين أبناء هذه الولايات. ويدل الشعار على شكل خريطة محافظة جنوب الباطنة، وذلك تعبيرًا عن احتضانها وتسخير إمكانياتها للجميع. وقد تم دمج الدوائر المخفية في التصميم لترمز إلى التعاون والتكامل بين مختلف قطاعات المجتمع؛ مما يعكس الروح الجماعية التي تتميز بها المحافظة. ويرمز الشكل الذي يُشبه القوس في الشعار إلى المسارات المستقبلية التي تسير عليها المحافظة لتحقيق أهدافها التنموية ورؤيتها الطموحة.

وحظي اختيار الألوان في الهوية البصرية باهتمام كبير؛ حيث تُمثِّلُ الألوان الرئيسية للمحافظة طبيعتها الغنية؛ فاللون الأخضر يُعبِّر عن الأراضي الخصبة والنخيل التي تتميز بها المحافظة، بينما يرمز اللون الأزرق إلى الاقتصاد الأزرق والولايات المُطِلة على بحر عُمان، أما الألوان الثانوية فتشمل تدرُّجات مُستوحاة من الجبال والقلاع والأودية؛ مما يعزز من ربط الهوية بالموروث الطبيعي والتاريخي للمحافظة.

ومع هذه الهوية الجديدة تؤكد محافظة جنوب الباطنة استعدادها للمستقبل بتفاؤل وثقة مع تطلعها إلى تحقيق المزيد من الإنجازات التي تواكب تطلعات أبناء المحافظة وتعزز من موقعها على خريطة التنمية في سلطنة عُمان فهذه الهوية التي تجمع بين الماضي والحاضر تُمثل خطوة حيوية نحو مستقبل واعد مليء بالفرص والإنجازات.

مقالات مشابهة

  • أعمال درامية تعزز الهوية الوطنية والانتماء.. «منها الاختيار»
  • أستاذ اجتماع: الحفاظ على الهوية الوطنية ضرورة لمواجهة الحروب الناعمة
  • بالتعاون مع اليونسكو… المتحف المصري بالتحرير يفتتح معرضًا للتراث المصري غير المادي
  • قيادي بـ«مصر أكتوبر»: تعزيز الهوية الوطنية ركيزة لتحقيق التنمية
  • افتتاح معرض مؤقت عن التراث غير المادي بالمتحف المصري
  • افتتاح معرض مؤقت عن التراث غير المادي بالمتحف المصري بالتحرير -تفاصيل
  • وزارة السياحة والآثار ومكتب اليونسكو بالقاهرة يحتفلان بالتراث غير المادي لمصر
  • تدشين الهوية الترويجية لمحافظة جنوب الباطنة ضمن جهود تعزيز المكانة الاقتصادية والسياحية
  • الأرشيف والمكتبة الوطنية يعزّز الهوية الوطنية بالمواهب الإبداعية