اغتيال نصر الله وشكل الشرق الأوسط
تاريخ النشر: 2nd, October 2024 GMT
بعيدًا عن الأحداث المتسارعة التى تجرى على الجبهة الإسرائيلية الإيرانية قد لا يكون من المبالغة القول بأن اغتيال حسن نصر الله زعيم حزب الله ربما يغير شكل الشرق الأوسط بأكمله. صحيح أن اغتيال سلفه عباس موسوى عام 1992 لم يمثل قضاء على قوة الحزب إن لم يكن على العكس حيث يمكن القول انه ربما لم تواجه اسرائيل مرحلة أشد صعوبة وقسوة عليها كما شهدت خلال فترة خلفه حسن نصر الله.
بعيدا عن الشخصية التى ستخلف حسن نصر الله قد يكون من المغالطة محاولة تصوير وضع الحزب بعد عملية اغتياله على أنه سيكون على ما كان عليه قبل الاغتيال ليس فى ضوء الحضور الطاغى الذى استطاع نصر الله تحقيقه على مدار نحو ثلاثة عقود من عمر توليه رئاسة الحزب وإنما فى ضوء متغيرات أخرى عديدة، أقلها تلك الضربات التى تلقاها الحزب خلال فترة وجيزة.
من المتصور أن هذه التطورات ستلقى بتأثير سلبى على أداء الحزب بشكل كبير فى المواجهة الجارية حاليا مع اسرائيل، بشكل نتمنى ألا يكون عميقا. لكن المشكلة على المدى الطويل تتمثل فى البيئة الإقليمية لعمل الحزب ليس على مستوى دول الموالاة–العربية–لإسرائيل، وهى تزداد فى العدد وفى نوعية العلاقات مع الكيان العبرى، وإنما أيضا على مستوى الدولة الحاضنة لنشاط الحزب وهى إيران.
فالملاحظ أن مصدر الاشتباك مع الدولة العبرية على مدار العقود الثلاثة الماضية ليس دول المنطقة، وإنما حركات مقاومة لما تتسم به من حرية ومرونة فى مثل هذا النشاط أكثر من الدول، ومن هنا يأتى سعى إسرائيل الحميم للقضاء عليها أو بالأحرى على آخر ممثلين لتلك الحركات وهى بشكل رئيسى حماس فى فلسطين، وحزب الله فى لبنان. وقد تحقق ذلك جزئيًا لتل أبيب خلال الحرب على غزة بالإجهاز على جانب من قدرات حماس، وهو السيناريو ذاته الذى تواصل تحقيقه حاليًا فى لبنان مع حزب الله.
على هذا الأساس يأتى توقعنا بأن يتراجع أداء الحزب ودوره فى المقاومة خلال المستقبل القريب، بفعل استكمال مخططات الاتفاقات الإبراهيمية والتى من المتوقع أن تستأنف معها مسيرة التطبيع مع دول عربية أخرى. وهنا نشير إلى أنه قد تتزايد جهود تلك الدول المنخرطة فى التطبيع فى التكاتف مع الدولة العبرية فى تضييق الخناق على حزب الله، تحقيقًا لأهداف سياسية خاصة.
المشكلة الأخطر تتمثل فى مؤشرات السياسة الإيرانية التى يمثل الحزب امتدادًا لها، فمن الواضح أن تلك السياسة تعيش موجة أكثر براجماتية، قد تؤدى على المدى الطويل إلى نوع من فك العلاقة مع الحزب سواء لترتيبات سياسية أو لاعتبارات تتعلق بمستوى قوة إيران حال حدوث مواجهة عسكرية مع اسرائيل بشراكة من نوع ما مع الولايات المتحدة. ويبدو أن اسرائيل بدأت تتحرك على خلفية مثل هذه الرؤية وهو ما يعكسه تماديها فى توسيع مستوى عملياتها ضد حزب الله.
فى حال تحقق هذا السيناريو، بتآكل قوة حركات المقاومة، بغض النظر عن التوافق مع أهداف تلك الحركات أم لا، فإننا نتوقع أن يتحول الشرق الأوسط لآخر جديد مستأنس، يمارس فيه الكيان العبرى حالة من الهيمنة، ما يزيد من الشكوك والتساؤلات بشأن مستقبل وضع القضية الفلسطينية التى تعيش المنطقة على حافة بركان منذ أكثر من سبعة عقود بسبب تعقيداتها.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: تأملات اغتيال نصر الله د مصطفى عبدالرازق نصر الله حزب الله
إقرأ أيضاً:
ميقاتي يتحدث من روما عن اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل والوضع في سوريا والشرق الأوسط
روما – تناول رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي، خلال ندوة عقدت في العاصمة الإيطالية روما، مساء السبت، ملفات شملت اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل والوضع في سوريا والشرق الأوسط.
وأكد ميقاتي خلال المنتدى السياسي السنوي لرئيسة الوزراء الإيطالية، جورجا ميلوني والذي عقد في روما: “أن التنفيذ الشامل لتفاهم وقف إطلاق النار ووقف الانتهاكات الإسرائيلية، له أمر بالغ الأهمية لحماية سيادة لبنان وسلامة أراضيه، وتسهيل العودة الآمنة للنازحين إلى بلداتهم وقراهم”.
وأضاف أن “هذه مسؤولية مباشرة على الدولتين اللتين رعتا هذا التفاهم وهي الولايات المتحدة وفرنسا”.
وشدد على “الحاجة الملحة لتأمين استقرار المؤسسات الدستورية في لبنان بدءا بانتخاب رئيس جديد للجمهورية”.
وتناول ميقاتي في كلمته العدوان الإسرائيلي الأخير على لبنان، قائلا: “إننا على قناعة أن تفاهم وقف إطلاق النار الذي اقترحته وترعاه الولايات المتحدة وفرنسا من شأنه إزالة التوترات على طول جبهة الجنوب ويشكل الأساس لاستقرار مستدام وطويل الأمد”.
وتابع “من شأن تطبيق هدا التفاهم أن يمهد الطريق لمسار دبلوماسي تؤيده حكومتنا بالكامل، ويهدف هذا النهج إلى معالجة الإشكالات الأمنية على طول الحدود الجنوبية وانسحاب اسرائيل الكامل من الأراضي التي تحتلها وحل النزاعات على الخط الأزرق من خلال التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن الرقم 1701”.
وأردف: “العدوان الإسرائيلي على لبنان، زاد معاناة شعبنا وأدى إلى خسائر فادحة في الأرواح، كما ألحق أيضا أضرارا جسيمة بالبنى التحتية والاقتصاد والاستقرار الاجتماعي، وأدى النزوح الجماعي لآلاف اللبنانيين إلى نشوء أزمة إنسانية غير مسبوقة، مما يستدعي اهتماما ودعما فوريين من المجتمع الدولي”.
وقال “وفقا لتقديرات البنك الدولي، سيحتاج لبنان إلى ما لا يقل عن خمسة مليارات دولار لدعم عملية إعادة الإعمار”.
وحول الملف السوري، قال رئيس حكومة تصريف الأعمال: “قبل أيام قليلة، شهدنا تحولا كبيرا في سوريا من المتوقع أن يؤدي إلى إعادة رسم المشهد السياسي فيها للسنوات المقبلة”.
وأوضح “ما يعنينا بشكل أساسي في هذا الملف هو عودة النازحين السوريين إلى بلادهم، وعلى المجتمع الدولي، وخاصة أوروبا، المساعدة في حل هذه الأزمة من خلال الانخراط في جهود التعافي المبكر في المناطق الآمنة داخل سوريا، وأن تكون علاقاتنا مع سوريا مرتكزة على مبدأ احترام السيادة وحسن الجوار”.
وحول الشرق الأوسط، أشار ميقاتي إلى أن “منطقة الشرق الأوسط التي عانت طويلا من الصراعات وعدم الاستقرار، تشهد مؤشرات واعدة للتحول نحو الاستقرار على المدى الطويل، ولا يمثل هذا التحول بصيص أمل فحسب، بل يوفر أيضا فرصة مميزة لتلاقي الإرادات لإرساء الاستقرار والازدهار”.
ولفت بأنه “من أبرز عوامل التحول في الشرق الأوسط، إعطاء العديد من الدول العربية وفي مقدمها السعودية الأولوية لإيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية، يقوم على مبدأ الدولتين”.
المصدر: RT