الأول من أكتوبر. أعود للبيت مفرغة من الحيوية. نُكمل عامًا على الإبادة. وكل ما يُمكن فعله، هو تلويحنا بضآلة بهذا الإضراب الذي أعلنّاه اليوم في وجه وحش يحرق الأرض، ويسوّي ما أعاد بناءه الناس في العقود الأخيرة بالأرض مجددًا. كما لو أنه كُتب على قلب المنطقة أن يدور في دائرة الفتك والبعث، الكسر والجبر، والنجاة التي بالكاد يُمكن أن تُدعى نجاة.
أصل للبيت، أفتح جهازي كما جرت العادة، ومتثاقلة أفتح البث الحي للتلفزيون العربي. هذه هي اللحظة التي ستُغيّر ليلتنا. الليلة التي لن تُنسى. الليلة التي اشتعلت فيها سماء تل أبيب. التي خرج فيها الغزّيّون من خيامهم، ليروا من هجّرهم، وأثكلهم، وفتح ناره عليهم بلا رحمة، تحت النار.
نحن نعلم أن حظنا من الانتصارات قليل. نعلم أن هذا لن يمر (مع أنه مجرد فعل ضئيل) دون أثمان دموية باهظة.
*
كانت الأيام التي تلت استشهاد نصر الله حامية ومشحونة. لا أريد الدخول في نقاشات -من قبيل ما إذا كان تصديه الدائم لإسرائيل في جبهة يقف فيها الحزب تقريبًا وحيدًا- هل يشفع له ما ارتكب في سوريا، أو لبنان حتى في العقد الأخير. ما يهم من أمر أن إسرائيل -أسوة بالطريقة الأمريكية في تسيير العالم- تستمر في فرض خياراتها فرضًا على المنطقة. إنها تنتزع من الشعبَين اللبناني والسوري الحق في اختيار وقت مساءلته، وتحرمهما من أن يقررا مصيرهما، من أن يختارا من يسامحا ومن يعاقبا. هذا طبعًا غير حقيقة أنها ضربة موجعة للمقاومة. وهذا إذا ما تجاهلنا تمامًا رمزيته، ومكانته لدى أهل الجنوب الذين لطالما هُمّشوا.
وها هو الغرب مجددا، يستخدم حجة «الإنقاذ» لارتكاب ما شاء من جرائم، وتغيير أنظمة حكم على هواه. فالمرأة المسلمة بحاجة إلى إنقاذ من الجماعات الدينية، والعربي بحاجة إلى إنقاذ من أنظمته المستبدة، والشعوب بحاجة إلى من يأخذ بثأرها. وكالعادة تتطوع أمريكا -أو إسرائيل هذه المرة- لإنقاذنا من أنفسنا، على النحو الذي تقرره، في التوقيت الذي تقرر. ثم تتفاجأ بالطبع من أن الأمور لم تسر كما هو متوقع. طبعًا هذا عندما تضطر للاكتراث نتيجة عدم قدرتها على التعامل مع التبعات التي تنتج من تدخلها القسري.
لن أتجرأ وأطلب ممن مسته الخيارات الخاطئة لحزب الله بأن يعفو، وما من عاقل يُنكر هول ما حدث في سوريا. ولا أطلب أن يتذكروا كم وقف في وجه الاحتلال، وسط تهاون الأنظمة العربية. لكني لا أتوقع من أحد أن يعتبر جريمة كهذه -بكل تفاصيلها وضحاياها، من إلقاء أطنان من القنابل ومحو بنايات من الوجود- مناسبة للاحتفال، مناسبة للتشفي، أو حتى أن يكون باردا وغير مكترثٍ بشأنها. لعل أكثر ما تم تداوله هذه الأيام هو عبارة لا أدري لمن تُنسب: «ليس مطلوبًا أن تكون معجبًا بالقتيل، المطلوب أن لا تكون معجبًا بالقاتل»، لكن عدم الإعجاب بالقاتل، مع عدم التعليق على الفعل، غير كاف. هذا الفعل الشائن يستحق الإدانة الشديدة، حتى ممن يعدون الحزب ألدّ أعدائهم. ليس لنتائجه المباشرة فحسب، أو تبعاته المحتملة على المقاومة، أو لأنه يُسهم في التبرير للكيان المحتل، بل لأنه يُمثل جوهر الفكر الصهيوني، الذي يضع أصحاب الأرض في مرتبة أدنى، يسمح لنفسه بأن يُقرر عنهم، ويرى أن سيطرته وتحكّمه حق رباني، طبيعي، وبديهي.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
مراسل «القاهرة الإخبارية»: غزة بحاجة إلى استجابات إنسانية سريعة
قال يوسف أبو كويك، مراسل قناة «القاهرة الإخبارية»، إن خيام النازحين في شمال وجنوب قطاع غزة تعاني من الأمطار الغزيرة، ومن الرياح التي دمرت المئات من الخيام في خان يونس، مشيرًا إلى أن بعض النازحين عادوا إلى المنازل المدمرة من قبل قوات الاحتلال محاولين الاحتماء بما تبقى من جدران منازلهم.
العائلات الفلسطينية لا تملك الأغطية أو الملابس الشتويةوأوضح «أبو كويك»، مراسل قناة «القاهرة الإخبارية»، أن العائلات الفلسطينية لا تملك الأغطية أو الملابس الشتوية التي تساعدهم على مواجهة هذه الرياح والأمطار المدمرة لهم، مؤكدًا أن بلدية غزة قالت إنها لا تمتلك ما تقدمه لمئات الآلاف من النازحين الذين عادوا إلى مدينة غزة.
الاحتلال الإسرائيلي لا يسمح بمرور المساعداتوأضاف أن قوات الاحتلال الإسرائيلي لم تسمح إلا بمرور القليل من المساعدات والخيام إلى اللاجئين، موضحًا أن البيئة المحيطة من مياه الأمطار والصرف الصحي لا تسمح بإقامة معسكرات للنزوح في هذا الوضع المأساوي.
وأكد أن الكثير من المؤسسات الدولية أعلنت أن قطاع غزة بحاجة إلى استجابات إنسانية عاجلة لتوريد الشاحنات المحملة بالمساعدات، قائلاً إن الأهم هو دخول الأدوات التي تسمح بتسوية بعض الأراضي لإقامة مخيمات تصلح للعيش الآدمي.
أزمة توافر المياه تزدادوأشار إلى أن أزمة توافر المياه تزداد بشكل كبير، سواء في المياه المستخدمة للأغراض المنزلية أو مياه الشرب، ولا تزال تعيق الجميع، مضيفًا أن الاحتلال الإسرائيلي يخترق اتفاقية الهدنة وقام بقتل شاب في منطقة المغراقة في وسط قطاع غزة.
الاحتلال يزيد حصاره على الفلسطينيينوشدّد على أن الاحتلال الإسرائيلي يزيد من حصاره على الفلسطينيين خاصة عند المعابر، مؤكدًا أن الاحتلال يتعمد منع دخول الشاحنات المحملة بالخيام والمستهلكات الطبية ذات الاحتياج الشديد.