فى شارع نادى الصيد بحى الدقى العريق، يقع منفذ منتجات ألبان معهد بحوث الإنتاج الحيوانى، التابع لمركز البحوث الزراعية، بوزارة الزراعة، والذى أصبح أحد المقاصد الرئيسية لسكان الحى، وغيرهم ممن سنحت لهم الظروف لتجربة منتجاته «ذات الجودة المرتفعة والأسعار الرخيصة»، حسب تأكيدهم.

طوابير طويلة أحياناً ما تلاحظها على شباك المنفذ، وتحديداً فى توقيت قدوم اللبن من مزرعة المعهد فى مدينة سخا بمحافظة كفر الشيخ، خاصة خلال فصل الصيف، حيث يقل إنتاج المواشى على مستوى مصر عموماً من الألبان، مما يضطر القائمين على المصنع والمنفذ لتحديد حد أقصى لكل عميل، يتراوح بين 2 و4 كيلو، لتغطية احتياجات أكبر عدد من الناس.

فى طابور السيدات كانت تقف سامية أحمد، وهى محامية وربة أسرة، تنتظر دورها مع بقية المواطنين للحصول على نصيبها من اللبن، مبرّرة انتظارها بأن «جودة اللبن حلوة جداً، وكامل الدسم، وطعمه مختلف عن بره، وفى نفس الوقت سعره حلو جداً»، وهو ما يجعل الناس تحرص على الشراء منه.

تلتقط «أم طه» بجلبابها الأسود، طرف الحديث، قائلة: «اللبن هنا أحلى من بره 100 مرة، وضامنين إنه مش مغشوش، وأسعاره أرخص من بره، والطعم أفضل»، لافتة إلى أنها توصّلت إلى ذلك بعد ما «جربنا اللبن اللى بره كله»، حسب تعبيرها، والذى تتراوح أسعاره بالنسبة لكيلو اللبن الجاموسى ما بين 38 و48 جنيهاً، فى حين يُباع كيلو اللبن الجاموسى بمنفذ المعهد بـ34 جنيهاً فقط، وكيلو اللبن البقرى بـ26 جنيهاً.

نجحت «أم طه» فى الحصول على 2 كيلو، حسبما كان الحد الأقصى فى ذلك اليوم، لكن عندما جاء الدور على «سامية»، التى كانت تليها فى الطابور كانت كمية اللبن قد نفدت، وهو ما تكرّر مع آخرين من الرجال الذين كانوا قد اضطروا للانتظار أيضاً، حسب تأكيدهم، وغادروا وأيديهم خالية، وبعضهم تبدو عليه ملامح إحباط واستياء واضحة.

هنا تدخّل المهندس محمد عطية، مدير الإنتاج فى المصنع، قائلاً: «غصب عننا.. اضطرينا النهارده نبيع لكل واحد 2 كيلو لبن بس علشان أكتر عدد من الناس ياخد، ومحدش يزعل مننا، ونفسنا نزود الإنتاج علشان نلبى رغبة الناس».

داخل المصنع أشارت المهندسة آية رمضان، المسئولة عن التصنيع، إلى أن كمية اللبن التى وردت إلى المصنع فى ذلك اليوم من مزرعة المعهد بمدينة سخا بكفر الشيخ كانت 700 كيلو فقط، بدلاً من طن كامل كما هو معتاد، وهو الأمر الذى نتج عن تصنيع الفارق (300 كيلو) داخل مزرعة المعهد بكفر الشيخ، مشيرة إلى أنه فى الشتاء يتوافر اللبن بشكل أكبر، وتتضاعف كمية اللبن الواردة للمصنع، وتصل إلى ما بين طن ونصف إلى 2 طن. تبدأ عملية الإنتاج فى المصنع فى الحادية عشرة والنصف صباحاً تقريباً، حين تصل السيارة نصف النقل التابعة للمعهد، قادمة من المزرعة فى سخا بمحافظة كفر الشيخ، محمّلة ببراميل اللبن الذى سبق تبريده داخل مزرعة كفر الشيخ، بمعدل ثلاثة أيام تقريباً فقط فى الأسبوع، «بسبب ارتفاع تكلفة النقل من كفر الشيخ إلى القاهرة»، حسبما تشير «المهندسة آية».

يعود المهندس محمد عطية، مدير الإنتاج، ليشرح مراحل استقبال وتصنيع اللبن من مزرعة المعهد، قائلاً: «شعارنا منذ البداية هو إنتاج كوب لبن طبيعى 100% مبستر ونظيف وبدون أى مواد حافظة»، مشيراً إلى أن أول مرحلة هى تسلم اللبن والتأكد من جودته: «وطبعاً اللبن المنتج فى مزارعنا لا يُعلى عليه، لأنه يأتى من ماشية مُحسّنة وراثياً، ونبدأ عملية إنتاجه بتصفيته وفلترته بواسطة «شاش» من أى شوائب قد تكون به».

بعد ذلك، وفقاً لمدير الإنتاج، يدخل اللبن على جهاز البسترة، حيث يتم تعريض اللبن لحرارة تصل إلى 72 درجة مئوية، ثم تبريده بشكل مفاجئ لقتل أى بكتيريا فى اللبن»، لافتاً إلى أنه يمكن بعد عملية البسترة تناول اللبن بأمان، كما أنها تساعد على حفظه فى جو مبرد وتناوله خلال 4 أيام دون الحاجة إلى غليه، وهو ما يؤدى إلى زيادة القيمة الغذائية للبن وزيادة جودة المنتجات المصنّعة منه، لأن استخدام حرارة مرتفعة فى عملية «غلى اللبن» يؤدى إلى تكسير بعض المكونات والفيتامينات والأملاح المعدنية الموجودة به.

بعد «البسترة» تبدأ عمليات إنتاج منتجات الألبان المختلفة، كما يضيف «عطية»، حيث يمر جانب من اللبن على «جهاز الفراز» الذى يعمل بالطرد المركزى، لفصل «القشطة» عن «اللبن الفرز»، الذى يتم استخدامه لاحقاً فى صنع «الجبنة القريش» و«الجبنة اللايت»، وبعد ذلك تُستخدم «القشطة» فى صنع الزبدة والسمنة والمُرتة، أو تُباع «كقشطة» صافية أو تُستخدم لإنتاج «جبنة بالقشطة».

رغم «جودة ألبان المصنع ومنتجاته» التى يشهد بها زبائنه، يشير المهندس محمد عطية، إلى أن المصنع الذى كان آخر تحديث له عام 1995، يحتاج إلى تحديث الآن، بداية من تحديث تانكات اللبن بمزرعة المعهد بكفر الشيخ، ونقل اللبن بسيارة أحدث مجهزة بمبرد، وفى حالة زيادة كميات اللبن الواردة للمصنع، فإنه ستكون هناك حاجة أيضاً لزيادة سعة أجهزة البسترة والفرز وغيرها لتستوعب زيادة الألبان.

فى مكتبه بالمقر الرئيسى للمعهد، أكد د. شريف عبدالخالق، مدير وحدة تصنيع الألبان بالمعهد، أنه رغم انخفاض أسعار منتجات المصنع وارتفاع جودتها، مقارنة بغيرها من المنتجات الموجودة فى السوق، فإنه مع ذلك يُحقق أيضاً هامش ربح بسيط، يذهب ما بين مرتبات ومستلزمات إنتاج، فيما يذهب جزء منها إلى المعهد ككل إذا كان محتاجاً لأموال.

ويفسر مدير وحدة تصنيع الألبان بالمعهد سرعة نفاد منتجاتهم بجودتها وأسعارها: «نتمنى زيادة إنتاجنا بالطبع وخدمة عدد أكبر من الناس، لكن لكى يحدث ذلك لا بد من زيادة كمية اللبن المنتجة، ووجود منافذ بيع مختلفة، وعربات نقل مبردة».

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الألبان السلع الاستراتيجية کفر الشیخ

إقرأ أيضاً:

توقيع اتفاقية لتعزيز جودة الإنتاج الزراعي والسمكي عبر “التجفيف الشمسي”

يمانيون../
في خطوة عملية نحو تحسين جودة المنتجات الزراعية والسمكية وتعزيز الاكتفاء الذاتي، وقع صندوق تشجيع الإنتاج الزراعي والسمكي، اليوم، اتفاقية تعاون مع الاتحاد التعاوني الزراعي لتنفيذ مشروع نوعي يهدف إلى إدخال تقنية التجفيف الشمسي في عمليات الإنتاج ما بعد الحصاد، خصوصاً في قطاعي التمور والمنتجات الزراعية والسمكية.

وتنص الاتفاقية، التي وقعها كل من المدير التنفيذي للصندوق المهندس عبدالوهاب الأشول، ورئيس الاتحاد التعاوني الزراعي مبارك القيلي، على تمويل توفير “صوب تجفيف شمسية” وتوزيعها عبر الاتحاد على الجمعيات التعاونية الزراعية المنتشرة في مختلف المحافظات.

ويأتي المشروع استجابة للحاجة الماسة إلى تقليل نسبة الفاقد في الإنتاج الزراعي، خصوصاً في قطاع التمور، حيث تُقدّر نسبة الفاقد حالياً بحوالي 30% بسبب ضعف تقنيات التجفيف والتخزين. كما يسعى المشروع إلى رفع جودة المنتجات المحلية لتكون قادرة على منافسة المستورد، وتقليل فاتورة الاستيراد عبر الاعتماد على الإنتاج المحلي ذي الجودة العالية.

من أبرز أهداف المشروع، تعزيز قدرات المنتجين على الاستفادة من الإنتاج الزراعي والسمكي خارج المواسم، من خلال تقنيات التجفيف الشمسي التي تتيح حفظ المنتجات لفترات أطول دون الحاجة إلى طاقة كهربائية مكلفة أو تقنيات معقدة. وهو ما يُعد مساهمة مباشرة في تحقيق الأمن الغذائي من خلال تقليص الفاقد، ورفع كفاءة استخدام الموارد، وتثبيت وفرة السلع في السوق على مدار العام.

يمثل هذا المشروع بُعداً تنموياً مزدوجاً، من حيث دعم الجمعيات التعاونية وتمكينها فنياً وتقنياً، ومن حيث تشجيع التقنيات البيئية والاقتصادية في آنٍ واحد. كما يعكس توجهاً متقدماً لدى الجهات الحكومية والمؤسسات التعاونية لتعظيم أثر الدعم الزراعي والسمكي في ظل التحديات الاقتصادية والبيئية التي تواجهها البلاد.

مقالات مشابهة

  • «الزراعة» تصدر أكثر من 700 ترخيص لأنشطة ومشروعات الإنتاج الحيواني والداجني
  • الزراعة: إصدار أكثر من 700 ترخيص لأنشطة الإنتاج الحيواني والداجني خلال أبريل
  • الزراعة تصدر 712 ترخيص لمشروعات الإنتاج الحيواني والداجني والألبان
  • توقيع اتفاقية لتعزيز جودة الإنتاج الزراعي والسمكي عبر “التجفيف الشمسي”
  • يلا شوت برشلونة LIVE.. مشاهدة مباراة برشلونة وإنتر ميلان بث مباشر جودة عالية اليوم في نصف نهائي دوري أبطال أوروبا
  • «بداخلة 100 طن خام».. ضبط مصنع أسمدة غير مرخص في الجيزة
  • ضبط 160 طن أسمدة فى مصنع غير مرخص بالجيزة
  • مشروع لتربية ثروة المحار في سواحل مسندم
  • القوات المسلحة تزور مصنع منتجات البلازما لشركة «جريفولز إيجيبت»
  • محمد صلاح من داخل مصنع 27 الحربي: دعم لا محدود لتوطين التكنولوجيات الحديثة