إيران كانت في الموعد
تاريخ النشر: 2nd, October 2024 GMT
ناجي بن جمعة البلوشي
أقدمت إيران على مهاجمة إسرائيل ردا على ما فعلته إسرائيل بها من ضربات موجعة، وكنَّا نتساءل لماذا بهذا التوقيت قامت بذلك؟
لا يخفى على أحد أنه قد سبق هذا الهجوم إعلان أمريكا إرسال مجموعة حاملة الطائرات "يو إس إس ترومان" وأسراب من الطائرات وعدد من الجنود الأمريكيين كقوات إضافية إلى الشرق الأوسط، كما فعلت ذلك بريطانيا بإرسالها 700 جندي إلى قبرص، حتى وإن كانت تحت غطاء أعذار أخرى لكنها في الواقع لدعم إسرائيل وحماية ظهرها في حربها على لبنان؛ فهي ترى أن الفرصة الآن سانحة للقضاء على حزب الله، الذي أوهمت إسرائيل نفسها أولا والعالم بأنه قد تدمَّر وانتهت قدراته وبدت محدودة وليس له قوة تذكر، وأنها أعادته إلى ما قبل عشرين سنة مضت، ويمكنها بهذه التداعيات بالتعاون مع الداعمين مسحه من الوجود والقضاء عليه، وبالتالي إنهاء نفوذ إيران في المنطقة فهو ذراعها الأوسع والأقوى والأعنف على إسرائيل.
لكن ما حصل غير ما تتمنى إسرائيل ومعاونوها فحزب الله يفاجئها بالنهوض من جديد ويبدأ في قصف إسرائيل بلا هوادة وفي كل أراضي فلسطين المحتلة وقد وضع الإسرائيلين جميعهم في الملاجئ، وبردة الفعل هذه ترددت إسرائيل في دخول لبنان فهي تعلم ما هي قدرات حزب الله في الحرب البرية ومواجهته تعني دخولها إلى جحيم دامٍ لن تخرج منه إلا وهي تدفع ثمن فعلتها بالتنازل عن ملفين مُهمين فشلت في الاستحواذ عليهما وهما ملف غزة والمتمثل في مقاومة حماس وملف لبنان والمتمثل في مقاومة حزب الله فأهدافها التي رسمتها في غزة أرادت أن تأتي بها من لبنان عن طريق الضغط على حزب الله لرفع يده عن مساندة غزة والنأي بنفسه عن دعم المقاومة ليكون التفاوض مع السنوار سهلاً ولتحصل على مرادها بمجرد فتح باب التفاوض من جديد.
غير أنها تفاجأت بالرد من حزب الله الذي انتفض من تحت الأنقاض ودك مواقع عسكرية وأمنية واستخباراتية حساسة ما كانت إسرائيل تفكر بإمكانية الوصول إليها بعدما دمرت مركز القيادة وقتلت كبار قادته وأمينه العام فهي اليوم في ذهول مما يحدث بعد أن وضعت الخطط وسمت الأشياء بمُسمياتها فتغيير اسم المعركة في شمال إسرائيل من أسهم الشمال إلى النظام الجديد لم يكن من باب الصدفة وقد استعانت بأمريكا ومن معها لتعود مجددا تلك الدول المارقة أخلاقيا في الواجهة من جديد بتقديم كل ما لديها من دعم عسكري أمني استخباراتي.
وبعد أن اكتملت الحلقة من كل جوانبها هنا وضعت الظروف إيران بين خيارات ضيقة إما الهجوم على إسرائيل لإبراز قوتها لأمريكا ولإسرائيل ومن يدعمها في رسالة حتى وإن كانت رمزية بما تمتلكه من أسلحة نافذة يمكنها أن تصل العمق الإسرائيلي؛ بل وبنك الأهداف المراد تحقيقها أو بين دخول إسرائيل إلى الجنوب اللبناني بمساندة غربية عمياء للقضاء على حزب الله.
لكن ما فعلته إيران كان في الموعد حتى وإن ردت إسرائيل مجددا بالقصف في لبنان أو أماكن أخرى أو في إيران ذاتها فهذا لن يغير قناعة الأمريكان وغيرهم من الدول الداعمة لإسرائيل بأن مصالحها في المنطقة باتت في خطر وذلك مقارنة بما في قواعدها وما تمتلكه إسرائيل من قوة دفاعية مضادة للصواريخ بداية مقلاع داوود والقبة الحديدية وبطاريات باتريوت وغيرها من الأنظمة المتقدمة إضافة إلى القواعد والسفن الحربية الأمريكية في المنطقة وربما أسلحة جوية من دول خافت على مجالها الجوي. والآن وبعد أن فشل ذلك المخطط الغربي الجديد الذي كانت تريده تلك الدول في المنطقة فإن إسرائيل الحالمة بالنصر المزعوم وبأيّ ثمن وطريقة وحال كاعتقادها بأن تشريد وتهميش أهل غزة سيؤدي إلى استسلام حماس أو تشريد المدنيين من جنوب لبنان سيكون ورقة سياسية قوية على لبنان بإنهاء مساندته للمقاومة لعودة سكان الشمال الإسرائيلي فإن هذا محال فكل محور المقاومة كان واضحا في هذا الملف توقف الحرب في غزة هو ما سيوقف كل شيء.
ولهذا فإن قصف إيران للعمق الإسرائيلي بتلك الصواريخ الجديدة التي كانت تتمناها إسرائيل بنفس النموذج السابق في القوة والسرعة والدقة إلا أنها تفاجأت هي وحلفاؤها بالجديد الذي غير الواقع إلى واقع يقول بأن كل محاولات نتنياهو في معالجة الملفين بالحرب والقوة العسكرية فاشلة وعلى كل العالم أن يصدق أن القوة العسكرية الإسرائيلية لا تستطيع تغيير الواقع أو الحصول على ما يتمناه في مخيلته العمياء المدعومة غربيا.
بعد الضربة الإيرانية تغيرت المعادلة في الإقليم وهناك حسابات دقيقة لابد أن تدرسها القيادة الأمريكية وإلا ستتلقى الضربات الموجعة التي ستزول بكل ما بنته منذ أن وضعت رجلها في المنطقة ومن بين تلك الحسابات حل الدولتين بأسرع مما كانت تظن وإلا فإن الحدود الإسرائيلية ستتآكل قريبا.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
إسرائيل تقصف معابر بين سوريا ولبنان تسببت بسقوط جرحى وأضرار مادية جسيمة
بيروت - أعلن الجيش الإسرائيلي، الجمعة 21فبراير2025، أنّه قصف معابر بين سوريا ولبنان يستخدمها حزب الله، في ضربات جوية أوقعت وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان عددا من الجرحى وأضرارا مادية جسيمة.
وقال المتحدّث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي في منشور على منصة "إكس" إنّ طائرات حربية إسرائيلية "أغارت على محاور نقل على الحدود السورية-اللبنانية" يستخدمها حزب الله في محاولة "لنقل وسائل قتالية إلى داخل لبنان".
وأضاف أنّ "هذه المحاولات تشكّل خرقا فاضحا لتفاهمات وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان"، مؤكدا أنّ الجيش "سيواصل العمل لإزالة أيّ تهديد على دولة إسرائيل وسيمنع أي محاولة تموضع لحزب الله الإرهابي".
من جهته، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إنّ "قصفا إسرائيليا استهدف المعابر غير الشرعية بين سوريا ولبنان في وادي خالد وريف حمص الغربي" وأوقع عددا من الجرحى.
وأضاف أنّ "طائرات إسرائيلية شنّت غارات على المنطقة الحدودية بين سوريا ولبنان، واستهدفت الغارات جسر معبر الواويات" في بلدة وادي خالد شمالي لبنان مما أدّى إلى "خروجه عن الخدمة".
وأشار الى أنّ "الاستهداف جاء بعد رصد رتل سيارات للتهريب من سوريا باتجاه لبنان" وقد "أدى لسقوط جرحى" لم يحدّد عددهم.
وبحسب مدير المرصد رامي عبد الرحمن فإنّ الغارات أوقعت "أضرارا مادية جسيمة في المباني والآليات" في المواقع المستهدفة.
من جهتها، ذكرت وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية أنّ طائرات تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي "تحلّق على علوّ مخفوض فوق مدينة الهرمل وقرى البقاع الشمالي" في شرق لبنان قرب الحدود مع سوريا.
وقبل عشرة أيام أعلن الجيش الإسرائيلي أنّه شنّ غارة جوية استهدفت نفقا على الحدود بين سوريا ولبنان يستخدمه حزب الله المدعوم من إيران لتهريب أسلحة.
ودخلت في 27 تشرين الثاني/نوفمبر حيّز التنفيذ هدنة هشّة بين إسرائيل وحزب الله بعد مناوشات حدودية استمرت بين الطرفين أكثر من عام وتحوّلت في آخر شهرين منها إلى حرب مفتوحة خلفت نحو 4000 قتيل في لبنان ودمّرت معاقل لحزب الله.
ورغم وقف النار، تواصل إسرائيل توجيه ضربات في لبنان، وسط تبادل للاتهامات بين الطرفين بخرق الهدنة.
وشنّت إسرائيل مئات الضربات على سوريا منذ اندلاع الحرب الأهلية في هذا البلد عام 2011.
وفي كانون الثاني/يناير شنّ الجيش الإسرائيلي غارات جوية على مناطق في شرق لبنان وجنوبه ضد أهداف لحزب الله بينها طرق تهريب على طول الحدود مع سوريا.
Your browser does not support the video tag.