ثوابت محور المقاومة
تاريخ النشر: 2nd, October 2024 GMT
سالم بن محمد العبري
هذا هو الموقف اللازم والواجب التمسك به الآن من محور المُقاومة بعد كل التضحيات، وكل الجهد، وبعد أن بدا أنَّ الكيان أخذ الألم يسري فيه، كما قال الله تعالى: ﴿إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ [النساء: 104].
ومما يجب التمسك به: أنه لا نقاش في أي شيء إلا بعد انسحاب العدو الصهيوني من غزة كاملة، دون شروط، أو تسويفات، ورفع الحصار، وبقرار من مجلس الأمن تقبله إسرائيل بخطاب إلى مجلس الأمن، لاسيما وقد أصدر مجلس الأمن قرارًا آخر يتضمن نص قرار الجمعية العامة من أسبوعين حول إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لكل الأراضي العربية المحتلة منذ عام 1967، بما في ذلك القرى اللبنانية، وطبعًا الجولان السورية، وأن تكون الصياغات للقرارات مانعة قاطعة، لا تأويلات لمفردات الألفاظ، وأن تفتح المعابر من مصر دون وجود للعدو، وبعد تنفيذ هذه القرارات تبدأ المباحثات لتبادل الأسري من الجانبين، وأن يشكل وفد للتفاوض، والمتابعة من أعضاء من محور المقاومة كله، وأن تقوم بالوساطة والإشراف كُلٌّ من: الجزائر، وجنوب أفريقيا، وأسبانيا، وباكستان، وأن تُعْقَدَ الجلسات بجينيف، أو مدريد، أو موسكو، دون إشراك لأي دولة يكون لأمريكا قدرة على الضغط عليها، أو سلطان من أي نوع عليها، أو توجد قواعد لها بذلك القطر، ويُمْكِنُ أن يُعَزَّزَ الوفد المفاوض من محور المقاومة بمستشارين قانونيين، وعسكريين، وسياسيين، من موسكو، وإيران، والصين، إلخ.
ودائمًا ما نطالب وننبه إلى أن الاستعمار دائمًا يحاول عقد المهادنات والوصول لقرارات هلامية فضفاضة مائعة مُلَغَّمَة؛ ليمضي هو وكيانه المزروع في الوطن العربي، والمنطقة ليبقى مُحْتَلًّا لهذا الموقع الوسطي الاستراتيجي للعالم، وينهب ثرواته الحيوية.
ولا نمل من التنبيه مرةً بعد مرة: أنه لا يجب بعد كل التضحيات أن يكون التفاوض بصيغة سابقة، ولا بأماكن سابقة، وإن كان من المُمكن أن تُراعي بعض الأطراف المشاركة السابقة بالتواجد، ولكن قطعًا لا يجوز أن يكون للولايات المتحدة وجود؛ لأنها جزء أصيل من العدوان والاحتلال منذ القرن الماضي.
نُكَرِّرُ -دون كَلَلٍ أو مللٍ- ألا تقعوا فيما وقع فيه السابقون على مدى 80 عامًا من الغفلة، واللامبالاة، والثقة بالعدو، وأهله.. وفقكم الله وسدد خطاكم ونصركم وأيدكم وما النصر إلا من عند الله العزيز القوي الحكيم.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
نصر مُغيظ في غزة.. وبذرة التحرر أُضرجت بالطوفان!
محمد النهاري
أغاظ الاتفاق التاريخي الذي انتزعته المقاومة الفلسطينية انتزاعا من الكيان الصهيوني موقعة فيه خسائرَ إستراتيجية لا ينكرها ذو عقلٍ بصير وموضوعية متجردة من الأهواء وما أن انبلج الفرح في غزة، حتى خرجت ألسنةُ الشيطانِ من جحورها محاولةً تنغيص الفرحة كعادتها، فليس من الحكمة مجادلة أعمى القلب والبصيرة.
وقد رأينا هؤلاءِ الرويبضة ممن نفخ فيهم الشيطان كيره ودنسه قبل السابع من أكتوبر وقد اختالوا وانتفخوا بصدورهم بالتطبيع ومحاولات تمسيخ فكرية لوعي شعوب المنطقة وإسقاط الأوصاف الحمقاء والترهات الساقطة على الشعب الفلسطيني بأنه لم يقدم التضحيات وغيرها من الإسقاطات التي لا تخرج إلا من نفوس لم تعرف المروءة قط؛ بل وفطرة منتكسة وهم يظنون وهما وخنوعا بأن الأوان قد حان لطمس القضية الفلسطينية العادلة ودفنها وراء الغرف المغلقة!
حتى إنَّ غلاتهم ذهبوا إلى أبعد من ذلك؛ ورسموا مشاريع لغزة في أوهامهم منزوعة السلاح خانعة كحالهم تدار من شرعيات خارجية ثم وقع زلزال طوفان الأقصى الذي اجتثَّ تلك المشاريع الدنيئة اجتثاثاً وفضح كل أشكال الخنوع والركوس والتذلل للكيان الصهيوني ورعاته الدوليين حتى عادوا يتخبطون كالذي يتخبطه الشيطان من المس.
فهموا ابتداء باعتزاز الصهيوني الحركي لإدانة العملية بشيطانية ألبسوها لباس الإنسانية وهي منهم براء في المحافل الدولية بحجج نترفع عن تلويث أوعيتكم بها ثم تأملوا هم كم يتأمل الغريق في قشة تنجيه بأن يحقق الصهاينة أمانيهم الباطنة في القضاء على المقاومة وفكرتها الحرة وروحها المتشبثة بالأرض بإجرامهم في المدنيين واستخدامهم أقصى أنواع العنف والإبادة والتجويع حتى ييأسوا من أهل غزة وصمودهم، وكانت لهم الفاضحة الكاشفة عنهم لكل محتار فيهم بأنهم ثلة من الشياطين الصغيرة منزوعين الكرامة والمروءة والدين والأخلاق والبصيرة كان أملهم كأمل الشيطان الأكبر في إلحاق بني آدم جميعا به في جهنم ويتركوا جنات وعيون ومتاعا لا حد لها ولا فناء.
أرادوا لغزة الخنوع والهزيمة النفسية والاستسلام الإستراتيجي وتمثيليات السلطة والحكم الرمزي منزوع الكرامة وبيع الآخرة بدنيا كما باعوها هم بثمن بخس ولكن أخزاهم الله جميعا ونصر أهل غزة الذين دفعوا أثمانا غالية وفُتنوا واختُبروا في أنفسهم وأموالهم وأحوالهم في سبيل ذلك ولم يبدلوا تبديلا، فلم يحقق الكيان الصهيوني خلال سنة ونيف أي هدفٍ من أهدافه المعلنة (القضاء على المقاومة وكتائبها وسلاحها وصواريخها وشرعيتها الداخلية من خلال العنف على حاضنتها الشعبية، واستعادة الأسرى بالقوة، والبقاء في محوري نتسريم وفيلادلفيا للأبد، وإدارة معبر رفع، وحكم عسكري في غزة وبناء المستوطنات، وتهجير أهالي شمال غزة، وتدمير البنى التحتية للمقاومة)، في حربٍ غير متناظرةٍ يكون معيار النصر فيها بموضوعية بما حقق للطرف الأكثر قدرة وهو الكيان الصهيوني وأعوانه من الدول العظمى، فانظر إلى الأهداف وانظر فيما بعد إلى ما تحقق منها,
لكن لا ريب في أمة غرست فيها أعواما متراكمة من الهزيمة في نفوسهم واستنقاصًا من قدراتهم وضخموا الصهاينة إلى حدٍ استصعب على عقل كثيرين قبول أي فهم موضوعي للنصر عليهم وعلى أعوانهم ونسوا منطلقات وأصولًا فكرية وسننًا تاريخية وروحًا دينية، وضببت فطرتهم عن الحق ولعلها المعركة الفاصلة بين الباطل والحق تكون الدائرة المقبلة فيها للحق الناصع على الظلم والاستكبار والإفساد.
فقد علموا أهل غزة البشرية جمعاء العلاج الأمثل لنيل الحقوق والتخلص من الاستبداد والرزوح تحت الطغيان بأشكاله وقالوا "ما اِستَعصى عَلى قَومٍ مَنالٌ إِذا الإِقدامُ كانَ لَهُم رِكابا"، وغرسوا فسيلة النهاية لأبشع احتلال جاثم على صدر الأمة، إنها فسيلة "طوفان الأقصى" فريدة في بستان التضحيات والنضال الفلسطيني شعبٌ لم يستكن عن البذر والبذل يقينا سيحصد ثمره.
مبارك لغزة النصر والشهادة والصمود، واختيار الله لهم لمعركة الحق، و"يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين".