أنيسة الهوتية
"السمسرة" وساطة بين البائع والمشتري بأجر معلوم، أو بنسبة مُتفق عليها يدفعها الطرفان أو أحدهما. وكذلك تُسمى (الدلالة) فالدلال يدل المشتري على السلعة والبائع على السعر، ولكن لفظ "دلال" أصبح غير مستحبٍ بعد استخدامه كثيرًا في مسائل التجارة غير الشرعية وغير الأخلاقية، وأصبح لفظ "دلال" يدل على شخص مُنحط أخلاقيًا بأغلب التعاملات المجتمعية.
وبِلا أدنى شك السمسرة جائزة شرعًا طالما أنَّ السلعة المعروضة للبيع، أو الفائدة منها حلال، ولا تدخل في المحرمات. مع شرطِ وضوحِ قيودها وبنودها، فلا احتيال مسموح من السمسار على البائع أو المشتري باتفاقهِ مع طرف ضد آخر وأخذه فوق المتفق عليهِ.
أما ما نراه في ظِل هذه الأيام ولا نقول بأنه لم يكن في الغابرِ منها! وهو أن يأخذ موظفٌ ما فائدة من مبيعات أو مُشترياتِ مؤسستهِ بالاتفاق مع المؤسسة الموردة أو المتعاملة بالخدمة، والإفتاء الشخصي في ذلك بأنه مال حلال يُعتبر نسبة لحق السمسرة!!! والحقُ أنه نصبٌ واحتيال، لأنَّ السمسرة الشرعية أن يكون السمسارُ طرفًا خارجيًا من كيان البائع والمشتري، وليس موظفًا يمثل المؤسسة بأيٍ من طرفيها. لأن الموظف يستلم راتبًا شهريًا لأداءِ عملهِ، وليس لهُ حقٌ في استلام نسبة للسمسرة. ولكن للأسف الشديد أن هناك غالبية عظمى من الموظفين في المؤسسات بأنواعها يتعاملون بهذه الطريقة، وإن بدأوا بالسليم إلا أن المغريات من المؤسسات المقدمة للخدمة سعيًا لزيادة مبيعاتها لا تقاوم بالنسبة لهم.
هذا وجهٌ واحدٌ من السمسرة الباطلة التي لها عدة أوجه ومنها أيضًا وجهٌ بدأ بالانتشار كالنارِ في هشيم مجتمعاتنا، وهي سمسرة الوظائف.
وهذا الوجه بحد ذاتهِ لديهِ أكثر من قناعٍ، أبسطها أن يكون شخصٌ إخطبوطًا ذو علاقات متعددة في المجتمعات العُليا مع بعض المُتنفِّذين، فيقدم لهم خدماتٍ داكنةٍ من وراءِ سِتار، ويقدمون لهُ بالمقابل كل ما يتمنى، وبالتالي من ضمن تلك الأمنيات أن يوظفوا له كل من أتى إليهِم بسيرته الذاتية دون النقاش في خبراته، شهاداته، أو حتى إمكانياته في تلك الوظيفة، وبالمقابل يتفق مع الشخص المتوظف أن يكون له نسبة من راتبهِ إلى عددٍ من السنين أو مدى الحياة!
دون النظر إذا كان هذا السمسار لديه وظيفة يعمل بها، أو أنَّه يظهر بشكل رجل أعمال وعوائده المادية الشهرية تأتي بأشكال متنوعة من البحرِ والبَر!
ولكن، لا زال الأمر هُنا مع مثل هذا السمسار شبه قانوني وإن لم يكن شرعيًا وفيه نوع من المراباة الاجتماعية وشبه الرشوة! إلا أن البلاء الأعظم أن يكون السمسار هو موظفٌ مسؤول في مؤسسة مُعينة ويستلم مرتبًا شهريًا لأداءِ وظيفته بأمانة تجاه المؤسسة إلا أنه يوظف على هواهُ وبراتب خيالي يفوق حتى توقعات شهادة وخبرات وإمكانيات الموظف الذي تم تثبيته لأداءِ الوظيفة، والفائدة هنا لهذا المسؤول ليس الموظف وخدماته إنما المرتب الذي نسبة منه تذهب إليه بينما هو بكل امتيازٍ وكفاءة يحتال على مؤسسته التي وظفته، ويخون أصحاب المال. والبلاء الأعظم إن لم يكن فقط موظفاً، بل شريكاً ويتلاعب بشركائهِ ويأكل من أرباحهم بالطريقة الاحتيالية إياها!
هذا خللٌ كبيرٌ يتسبب في تراجع الإنتاج الجيد والإنجاز المتقدم المستدام في المؤسسات بكل أنواعها، مما يتسبب بعرقلة عجلة التطور حتى في الدولة التي تعيش فيها أنواع هذه الرمة كالبطانة الفاسدة في "بِشت" الكفاءات العملية المهنية! كبلاءٍ عظيم يمشي جنبًا إلى جنب مع هدر طاقات الكفاءات الوطنية التي توقفت عجلتها عن الحركة، والعمر يمضي بهم دون أن يتقدموا في شيء.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
دور إدارة الموارد البشرية في تقويم أداء الموظف العام وتدريبه في ضوء أحكام قانون الخدمة المدنية رسالة دكتوراه بحقوق بني سويف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
شهدت قاعة المؤتمرات كلية الحقوق بجامعة بني سويف، مناقشة رسالة الدكتوراه المقدمة من الباحث المقدم شرطة ،يحيي صفوت عبدالحليم محمد، تحت عنوان “دور إدارة الموارد البشرية في تقويم أداء الموظف العام وتدريبه في ضوء أحكام قانون الخدمة المدنية رقم 81 لسنة 2016 دراسة مقارنة بين القانونين المصري والكويتي”.
وانعقدت المناقشة بحضور نخبة من الأكاديميين والباحثين، تحت رعاية الدكتور منصور حسن رئيس جامعة بني سويف، والدكتور عادل ابو هشيمة عميد كلية الحقوق، والدكتور رجب عبدالظاهر وكيل الكلية للدراسات العليا والبحوث.
وجاء ذلك بحضور عدد من أساتذة الجامعة وأعضاء هيئة التدريس، والإعلاميين والصحفيين، ووممثلي المجتمع المدني، وأسرة وزملاء الباحث.
وتكونت لجنة الإشراف على الرسالة: الدكتور عبد العليم عبد المجيد مشرف، أستاذ ورئيس قسم القانون العام، ووكيل كلية الحقوق بجامعة بني سويف "مشرفا".
أما لجنة المناقشة والحكم على الرسالة فقد ضمت كلا من: الدكتور منصور محمد أحمد ،أستاذ القانون العام وعميد كلية الحقوق جامعة المنوفية، رئيسا، والدكتور عبد العليم عبد المجيد مشرف، أستاذ ورئيس قسم القانون العام، ووكيل كلية الحقوق، بجامعة بني سويف سابقا، مشرفا وعضوا، والدكتور علي عبد الفتاح محمد خليل، رئيس قسم القانون العام بكلية الحقوق- جامعة بني سويف والمستشار القانوني لمجلس النواب، بمملكة البحرين سابقا، عضوا.
وأوضح الباحث في رسالته أن العنصر البشري يعد من العناصر الهامة التي تحيا بها المؤسسات والوحدات، لا سيما عندما صاحب استخدام التكنولوجيا تتطورات متسارعة في شتى مجالات الحياة؛ حيث أفرزت تلك التطورات مفاهيم جديدة منها (الثورة المعرفية والتكنولوجية، التعليم الرقمي، الذكاء االصطناعي ).
كما يعد المحرك الأساسي لجميع النشاطات وأساس فاعليتها، وخاصة إذا تميز بمهاراته ومعرفته وقدرته وقابليته للتكيف.
وأشار الباحث في رسالته إلى أن مفهوم إدارة الموارد البشرية في السنوات الأخيرة تطور تطورا كبيرا وحل محل مفهوم إدارة شئونه الموظفين التقليدية؛ نتيجة التطورات الحاصلة في بيئة العمل؛ حيث كان الدور التقليدي الإداري،يركز على مجموعة المهام الروتينية التي تهتم بتنفيذ القوانين واللوائح الخاصة بالعاملين.
ويرى الباحث أن تقويم الأداء يسعى لتحديد ما يجب عمله لإصلاح وتعديل الإنحراف والخطأ؛ لتعود الأمور وفق ما ورد في الخطة والتنظيم، كما يعد تقويم الأداء جزءا مهما من مهام إدارة الموارد البشرية، وتهدف في ذلك إلى تطوير المهارات والخبرات، وتعديل السلوك البشري، وتنمية روح الابتكار والإبداع والحث على العمل الجماعي وفرق العمل.
وأوصت الدراسة أن تقويم الأداء سواء للوظائف الفنية والكتابية والحرفية والخدمات المعاونة وفقا للماده ٦٧ من اللائحة التنفيذيه لقانون الخدمة المدنية المصري رقم ٨١ لسنة ٢٠١٦، لا ينفذ من الناحية العملية لصعوبة تنفيذه، حيث تنص المادة سالفة البيان "أن السلطة المختصة تضع نظاما لتقويم الأداء اشتمل على محور أو أكثر للتقويم مثل تقويم الموظف ذاته، وتقويم الموظف من مرؤسيه، وتقويمه من الرئيس المباشر ومن زملائه في ذات الإداره ، ومن جمهور المتعاملين مع الوحدة" فكيف يتم تقويم أداء الموظف من جمهور
ً المتعاملين مع الوحدة أو من زملائه في ذات الإدارة من الناحية العملية وفقا للمادة ٦٧ سالفة البيان؟
كما أوصت الدراسة أن نظام تقويم الأداء وفقا لقانون الخدمة المدنية الحالي لا يطبق على الموظفين الخاضعين للتنظيم التعاقدي، فلا يتم تقويم أدائهم ويتم تجديد تعاقدهم حسب احتياج العمل بكل وحدة، فهم في الوقت الحالي يشكلون نسبة كبير ة قد تصل إلى نسبة 50 %من إجمالي الموظفين الخاضعين لقانون الخدمه المدنية؛ لذا يوصى الباحث في دراسته بضرورة إخضاع هؤلاء الموظفين لنظام تقويم الأداء الحالي عند تجديد تعاقدهم؛ منعًا لأية شبهة تحيز أو مجاملة لموظف على حساب موظف آخر.
وأوصت الدراسة أيضًا بتوجيه الاهتمام نحو تغيير ثقافة الموظفين واتجاهاتهم نحو الدورات التدريبية، فغالبية الملتحقين بالدورات التدريبية يرون أن الغرض منها هو الحصول على الشهادة فقط، أو خشية التعرض للمساءلة التأديبية في حالة التخلف عن الحضور للدورة التدريبية، ولضمان الحصول على الترقيات أو العلاوات وهذه الثقافة خطأ يجب الاهتمام بتغييرها لدى الموظفين، واستبدالها بأن الإتجاه نحو التدريب هو لغرض التقدم وتحسين مستوى الأداء، وزيادة قدرات الموظفين على استخدام الأجهزة الحديثة وتكنولوجيا المعلومات.
كما أوصى الباحث بضرورة العمل على مواكبة وتطوير قانون الخدمة المدنية المصري والكويتي بما يتناسب مع المستجدات الوظيفيه في كلا البلدين،بما يتناسب مع ظروف كل دولة،مع الإطلاع على كل ماهو جديد في القوانين المقارنة خاصة في الدول المتقدمة.
وفي ختام المناقشة أشادت اللجنة بالجهود المبذولة في الرسالة، التي تمثل إضافة علمية مهمة في مجال إدارة الموارد البشرية،لأنها تعتبر الثروة الرئيسية للأمم.
وبناءً على ما قدمه الباحث يحيي صفوت عبدالحليم ، من نتائج وتوصيات في رسالته، قررت اللجنة منحه درجة الدكتوراه في الحقوق في القانون العام.
٢٠٢٥٠٢١٥_١١٥٣٢٠ ٢٠٢٥٠٢١٥_١١٥٣١٨ ٢٠٢٥٠٢١٥_١١٥٣١٤ ٢٠٢٥٠٢١٥_١١٥٣١١