لجريدة عمان:
2025-03-26@10:46:52 GMT

مشاهدة دماء وقتل أم تشجيع لألعاب رياضيّة

تاريخ النشر: 2nd, October 2024 GMT

ما يحدث حاليا في غزّة بفلسطين، وفي لبنان من دمار وتهجير، ومن قتل ودماء لا تكاد تتوقف، مجزرة إثر مجزرة، تظهر فيها بشاعة البشر، وتغيب فيها قيم الإنسان، وفي المقابل نجد هرجا في وسائل التّواصل الاجتماعيّ خصوصا، وفي وسائل الإعلام عموما، وكأنّ هناك فريقين رياضيين، هذا يشجّع هذا الفريق، وآخر يشجع الفريق المقابل، فتغيب أمام هذه الضّوضاء دائرة التّعقل، والدّعوة إلى السّلم وحماية الإنسان.

أمام هذه الفوضى الإعلاميّة، وأمام هذه الجيوش الإلكترونية- إن صح التّعبير-، نجد المثقف وصاحب القلم والفنّ، والدّاعي إلى حماية حقوق الإنسان، أمام طريقين لا ثالث لهما، إمّا أن ينزوي بعيدا عن هذا العالم، ليعيش فردانيّته المغلقة، ومع هذا يحاول الواقع أن يجرّه؛ لأنّه جزء منه، فيعبّر عن مكنوناته من خلال رمزيّات يدركها اللّبيب، أو يكتفي بالمشاهدة والتّعبير عن ذاته في دائرة مغلقة جدّا، وأمّا الفريق الآخر فيضطر إلى مسايرة أحد الفريقين، ليعيش الضّجيج مقابل ما يؤمن به من مبادئ وقيم، خشية أن يفقد موقعه في هذا العالم الملتهب، ليظهر ذاته ثائرا ومناضلا، معقّبا على كل حدث سلبا أم إيجابا، حسب الفريق الضّاغط عليه قطريّا أو مذهبيّا أو فكريّا.

وهناك من يستغل الحدث لجذب آلاف المشاهدات، وقد يستفيد منها ماديّا، ليثير أتباع هذا الفريق ذاك الفريق، فلكل جمهوره، وليت الإثارة اقتصرت عند قضايا اجتماعيّة أو رياضيّة أو فكريّة، ولكنّها أمام دم يسال، ونفوس تسفك، وأبرياء يقتّلون ويشردون من كافة الأطراف، وأسلحة تلقى من قبل سياسيين يستخدمون الدّين في تبرير فعلهم، وأمام خراب يتمدّد شيئا فشيئا، ليقضي على ما بقي من حرث ونسل.

وهناك من حارب الطّائفيّة ردحا من تأريخه؛ ليتحول اليوم إلى طائفيّ، فالدّم دم يجب أن يحفظ، أيّا كان دينه أو مذهبه أو فكره، لا يجوز التّبرير لقتل الأبرياء، فإن كان القاتل منتسبا إلى دين أو مذهب ما؛ لا يبّرر هذا لاستدعاء الطّائفيّة، فالإجرام لا يعرف فكرا ولا دينا ولا مذهبا، ولا تزر وازرة وزر أخرى، فعلينا أن نفصل الحدث سلبا أم إيجابا عن الطّائفة أو الدّين أو المذهب، لنعيش مع الحدث ومناقشته؛ نعم، قد يستدعي الحدث نصوصا دينيّة أو مذهبيّة، لكنّها تبقى إسقاطات لا يخلو منها فكر ولا دين ولا مذهب، ولا يعني ذلك حصر الفلسفات والأديان والمذاهب في هذه الإسقاطات، فيعم البعض على الكلّ، خصوصا وأنّها مصاديق وليست مبادئ كلية، فجميع الأديان والمذاهب أتت لحفظ النّفس والعرض والمال، وإقرار السّلم والعدالة والمساواة بين النّاس جميعا.

وهناك من يشتغل على التّهييج الشّعبويّ، وإصدار الخطابات المهيجة، والأحكام المسبقة، وصنع ثنائيات وهميّة، ليعيش في ضيق المصاديق، ويبعد العقل الجمعيّ عن سعة المبادئ الجامعة، وهو متكئ على أريكته الحريريّة، مستمتعا بلذائذ المأكولات والمشروبات، وما أنتجته الحضارة المعاصرة، من تلطيف الجو، وسهولة السّفر، فليت هذا التّهييج كان في اتّجاه الإحياء، ووقف العنف وحماية الإنسان، والدّعوة إلى التّعقل وحفظ النّفوس، ولكنه العيش في وهم النّضال والجهاد، مقابل آلاف القتلى والمشردين، مع الدّمار وانتشار الفقر وخراب الأوطان، حيث ينظر هؤلاء من زاوية ضيقة، ليقودوا العقل الجمعيّ إلى حالة الهيجان العاطفيّ، وغياب التّعقل والتّأني.

وخطورة هذا إذا دخل السّياسيون في هذا الهيجان، فغالب السّياسيين ليسوا عقلاء، ويقدّمون مصالحهم الشّخصيّة، فيستغلون الهيجان ليظهروا أمام الملأ، ويكسبوا قاعدة عريضة من النّاس، ليصنعوا لهم رمزيّة شعبويّة قد تكون وهميّة، ولو مقابل دمار وتشريد شعوب أخرى، وإدخالها في دائرة الخوف والفقر، والأخطر إذا تأدلجوا بأدلجة وهميّة ضيّقة، كما حدث لهتلر، فقاد العالم إلى حربين عالميتين، خلّفت ملايين القتلى وأصحاب العاهات والمشردين، ولمثل هتلر نماذج عديدة قديما وحديثا، ومنها ما نراه اليوم من اليمينيين المتطرّفين في الحركة الصّهيونيّة، فلا يؤمنون بالسّلم والأمن والاستقرار، ويمارسون ضدّ شعب أعزل أقبح ما وصل إليه الإنسان من تسليح، يقتلون بها الجميع، صغارا وكبارا، بلا رحمة ولا إنسانيّة، يدعمهم المحافظون في الغرب، ومن ينادون بحقوق الإنسان أنفسهم، في ازدواجيّة تضيق عندما يتعلّق الأمر بحقوق الشّعوب المستضعفة.

لهذا يجب على العقلاء اليوم من كتّاب ومثقفين وأدباء ومنظرين، ومن الرّموز السّياسيّة والدّينيّة والاجتماعيّة والمعرفيّة والإعلاميّة، أن يخلقوا وعيا وصوتا يقابل هذا الضّجيج، وعيا وصوتا يقوم على ثقافة الإحياء وليس الدّم، وعلى شموليّة البناء وليس الهدم، وعلى مساواة الذّات الإنسانيّة وليس العرق والطّائفيّة، وإلّا فنحن أمام فوضى يجني ثمرتها سياسيون وأمم لا يهمّها الإنسان، وإن ادّعت أنّها تلبس لباس الأنسنة، بل همّها مصالحها الذّاتيّة، ومنافعها القاصرة، فعلينا نحن أن نحافظ على هذا اللّباس، وإن يكون مكرّما لكرامة الإنسان ذاته، وحقّه في الإحياء والبناء، وفق المساواة والعدالة.

وفي عالمنا العربيّ علينا أن نوسع من دائرة التّعقل، وأن ندرك أنّ قوّتنا في إحياء الشّعوب العربيّة، وفي تحقيق كرامتها الإنسانيّة، وإشباع رغباتها البشريّة، وفي تعليمها ونمائها، وتقدّمها صناعيّا وزراعيّا ونموا، مع الحفاظ على أقطارها، وتحقيق الأمن فيها، وفي استقلالها من المحيط إلى الخليج، فإن كان ذلك صوتا مرتفعا؛ أثر على الأصوات الدّاعيّة إلى العنف والفوضى والدّمار، كما سيؤثر على القرارات السّياسيّة، ويكون لهذا الصّوت - قلم أو لسان - له مكانته وقوّته، وأثره بعد حين، لهذا من يخدم المستعمر والهيمنة الغربيّة هي هذه الضّوضاء والأصوات الدّاعية إلى الخراب وتدمير الدّيار، ولا يقابل هذا الصّوت إلّا بصوت العقل والأنسنة والإحياء والبناء والتّنمية، وجميع ما يتعلّق بحقّ الإنسان.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

خيط الجريمة.. قصة عامل سرق وقتل تاجرا بعدما طالبه بأفعال منافيه للآداب

"اليوم السابع" يقدم فى سلسلة حلقات على مدار شهر رمضان، "خيط الجريمة"، والتي تقدم قصصا تكشف الخيط الذى يساعد رجال الأمن والقضاء على فك طلاسم الجريمة والوصول إلى حل اللغز والتعرف على مرتكب الجريمة، تلك القصص ليست دربا من الخيال، وإنما هى قصص حقيقية على أرض الواقع، ظل رجال الأمن فترات حتى وصلوا إلى "خيط الجريمة".

في هذه الحلقة ننشر تفاصيل جريمة بشعة شهدتها منطقة عزبة الهجانة في مدينة نصر، بعد أن انتشرت رائحة كريهة بأرجاء إحدى العمارات في دائرة القسم، أبلغ الجيران حارس العقار بتتبع تلك الرائحة، ظنوا أنها كمامة ملقاه بأحد الأدوار تتبعها ووجد مصدرها من شقة "ر .ط" ، تاجر، 55 سنة، حاول حارس العقار التواصل وظل يدق جرس الشقة ولكن دون جدوى، على الفور أبلغ قسم شرطة مدينة نصر وبعد أن تأكدوا أنه لم يغادر شقته كسروا باب الشقة ليجدوا التاجر ملقى على الأرض وغارقا في دمائه.

نيابة مدينة نصر توجهت إلى مكان الواقعة لمعاينة الحادث لرفع البصمات، اكتشفوا عدم وجود كسر بباب الشقة أو النوافذ وتبين سرقة محتويات المجنى عليه، تتبعت النيابة دليل مكالمات القتيل ليجدوا اتصاله بأحد الأشخاص تربطه به صداقة اتفقوا خلالها على مقابله، على الفور أصدر النيابة قرار بضيطه ، وبالتحقيق معه والضغط عليه اعترف بأنه  تربطه علاقة صداقة بالمتهم "عامل" ، وتوجه معه الى شقته بمنطقة عزبة الهجانة في مدينة نصر، وأثناء جلوسهما نشبت بينهما مشادة تطورت الى مشاجرة بسبب عرض المجنى عليه على المتهم ممارسة الرذيله معه، قام على اثرها المتهم بضرب المجنى عليه بـ"مطرقة" وسرق متعلقاته وفر هاربا.

كان قسم شرطة أول مدينة نصر، تلقى بلاغا من أهالى عقار بمنطقة عزبة الهجانة، بانبعاث رائحة كريهة من شقة يتم تجهيزها، انتقل رجال المباحث لمكان الواقعة ، وبكسر باب الشقة تم العثور على جثة تاجر، "ر.ط" 55 سنة ملقاة على الأرض وغارقا في دمائه، حيث تبين من المعاينة أن المجنى عليه مصاب في رأسه بجرح أودى بحياته .

 







مشاركة

مقالات مشابهة

  • مسحة الخد.. اختبار إلزامي للعداءات
  • الأمم المتحدة: الهجوم على مسجد في النيجر وقتل المصلين انتهاك صارخ لحقوق الإنسان
  • وزير الاقتصاد يرأس اجتماعاً لمناقشة تشجيع الاستثمار وتوطين الصناعات
  • قضية إيمان خليف تدفع اتحاد ألعاب القوى لإقرار قانون جديد
  • خطة إطلاق ثلاثية المراحل لألعاب Nintendo Switch 2
  • بغداد.. اعتقال 3 متهمين باغتصاب وقتل فتاة متسولة
  • مستشار الرئيس الفلسطيني: نرحب بأي مقترح يفضي إلى حقن دماء أهل غزة
  • خيط الجريمة.. قصة عامل سرق وقتل تاجرا بعدما طالبه بأفعال منافيه للآداب
  • حكيم باشا الحلقة 24.. سفر مصطفى شعبان وقتل الجارحي والد هاجر الشرنوبي
  • وزير الخارجية: «مصر ترفض التصعيد في الساحل السوري وقتل المدنيين الأبرياء»