لجريدة عمان:
2025-04-17@08:03:40 GMT

مشاهدة دماء وقتل أم تشجيع لألعاب رياضيّة

تاريخ النشر: 2nd, October 2024 GMT

ما يحدث حاليا في غزّة بفلسطين، وفي لبنان من دمار وتهجير، ومن قتل ودماء لا تكاد تتوقف، مجزرة إثر مجزرة، تظهر فيها بشاعة البشر، وتغيب فيها قيم الإنسان، وفي المقابل نجد هرجا في وسائل التّواصل الاجتماعيّ خصوصا، وفي وسائل الإعلام عموما، وكأنّ هناك فريقين رياضيين، هذا يشجّع هذا الفريق، وآخر يشجع الفريق المقابل، فتغيب أمام هذه الضّوضاء دائرة التّعقل، والدّعوة إلى السّلم وحماية الإنسان.

أمام هذه الفوضى الإعلاميّة، وأمام هذه الجيوش الإلكترونية- إن صح التّعبير-، نجد المثقف وصاحب القلم والفنّ، والدّاعي إلى حماية حقوق الإنسان، أمام طريقين لا ثالث لهما، إمّا أن ينزوي بعيدا عن هذا العالم، ليعيش فردانيّته المغلقة، ومع هذا يحاول الواقع أن يجرّه؛ لأنّه جزء منه، فيعبّر عن مكنوناته من خلال رمزيّات يدركها اللّبيب، أو يكتفي بالمشاهدة والتّعبير عن ذاته في دائرة مغلقة جدّا، وأمّا الفريق الآخر فيضطر إلى مسايرة أحد الفريقين، ليعيش الضّجيج مقابل ما يؤمن به من مبادئ وقيم، خشية أن يفقد موقعه في هذا العالم الملتهب، ليظهر ذاته ثائرا ومناضلا، معقّبا على كل حدث سلبا أم إيجابا، حسب الفريق الضّاغط عليه قطريّا أو مذهبيّا أو فكريّا.

وهناك من يستغل الحدث لجذب آلاف المشاهدات، وقد يستفيد منها ماديّا، ليثير أتباع هذا الفريق ذاك الفريق، فلكل جمهوره، وليت الإثارة اقتصرت عند قضايا اجتماعيّة أو رياضيّة أو فكريّة، ولكنّها أمام دم يسال، ونفوس تسفك، وأبرياء يقتّلون ويشردون من كافة الأطراف، وأسلحة تلقى من قبل سياسيين يستخدمون الدّين في تبرير فعلهم، وأمام خراب يتمدّد شيئا فشيئا، ليقضي على ما بقي من حرث ونسل.

وهناك من حارب الطّائفيّة ردحا من تأريخه؛ ليتحول اليوم إلى طائفيّ، فالدّم دم يجب أن يحفظ، أيّا كان دينه أو مذهبه أو فكره، لا يجوز التّبرير لقتل الأبرياء، فإن كان القاتل منتسبا إلى دين أو مذهب ما؛ لا يبّرر هذا لاستدعاء الطّائفيّة، فالإجرام لا يعرف فكرا ولا دينا ولا مذهبا، ولا تزر وازرة وزر أخرى، فعلينا أن نفصل الحدث سلبا أم إيجابا عن الطّائفة أو الدّين أو المذهب، لنعيش مع الحدث ومناقشته؛ نعم، قد يستدعي الحدث نصوصا دينيّة أو مذهبيّة، لكنّها تبقى إسقاطات لا يخلو منها فكر ولا دين ولا مذهب، ولا يعني ذلك حصر الفلسفات والأديان والمذاهب في هذه الإسقاطات، فيعم البعض على الكلّ، خصوصا وأنّها مصاديق وليست مبادئ كلية، فجميع الأديان والمذاهب أتت لحفظ النّفس والعرض والمال، وإقرار السّلم والعدالة والمساواة بين النّاس جميعا.

وهناك من يشتغل على التّهييج الشّعبويّ، وإصدار الخطابات المهيجة، والأحكام المسبقة، وصنع ثنائيات وهميّة، ليعيش في ضيق المصاديق، ويبعد العقل الجمعيّ عن سعة المبادئ الجامعة، وهو متكئ على أريكته الحريريّة، مستمتعا بلذائذ المأكولات والمشروبات، وما أنتجته الحضارة المعاصرة، من تلطيف الجو، وسهولة السّفر، فليت هذا التّهييج كان في اتّجاه الإحياء، ووقف العنف وحماية الإنسان، والدّعوة إلى التّعقل وحفظ النّفوس، ولكنه العيش في وهم النّضال والجهاد، مقابل آلاف القتلى والمشردين، مع الدّمار وانتشار الفقر وخراب الأوطان، حيث ينظر هؤلاء من زاوية ضيقة، ليقودوا العقل الجمعيّ إلى حالة الهيجان العاطفيّ، وغياب التّعقل والتّأني.

وخطورة هذا إذا دخل السّياسيون في هذا الهيجان، فغالب السّياسيين ليسوا عقلاء، ويقدّمون مصالحهم الشّخصيّة، فيستغلون الهيجان ليظهروا أمام الملأ، ويكسبوا قاعدة عريضة من النّاس، ليصنعوا لهم رمزيّة شعبويّة قد تكون وهميّة، ولو مقابل دمار وتشريد شعوب أخرى، وإدخالها في دائرة الخوف والفقر، والأخطر إذا تأدلجوا بأدلجة وهميّة ضيّقة، كما حدث لهتلر، فقاد العالم إلى حربين عالميتين، خلّفت ملايين القتلى وأصحاب العاهات والمشردين، ولمثل هتلر نماذج عديدة قديما وحديثا، ومنها ما نراه اليوم من اليمينيين المتطرّفين في الحركة الصّهيونيّة، فلا يؤمنون بالسّلم والأمن والاستقرار، ويمارسون ضدّ شعب أعزل أقبح ما وصل إليه الإنسان من تسليح، يقتلون بها الجميع، صغارا وكبارا، بلا رحمة ولا إنسانيّة، يدعمهم المحافظون في الغرب، ومن ينادون بحقوق الإنسان أنفسهم، في ازدواجيّة تضيق عندما يتعلّق الأمر بحقوق الشّعوب المستضعفة.

لهذا يجب على العقلاء اليوم من كتّاب ومثقفين وأدباء ومنظرين، ومن الرّموز السّياسيّة والدّينيّة والاجتماعيّة والمعرفيّة والإعلاميّة، أن يخلقوا وعيا وصوتا يقابل هذا الضّجيج، وعيا وصوتا يقوم على ثقافة الإحياء وليس الدّم، وعلى شموليّة البناء وليس الهدم، وعلى مساواة الذّات الإنسانيّة وليس العرق والطّائفيّة، وإلّا فنحن أمام فوضى يجني ثمرتها سياسيون وأمم لا يهمّها الإنسان، وإن ادّعت أنّها تلبس لباس الأنسنة، بل همّها مصالحها الذّاتيّة، ومنافعها القاصرة، فعلينا نحن أن نحافظ على هذا اللّباس، وإن يكون مكرّما لكرامة الإنسان ذاته، وحقّه في الإحياء والبناء، وفق المساواة والعدالة.

وفي عالمنا العربيّ علينا أن نوسع من دائرة التّعقل، وأن ندرك أنّ قوّتنا في إحياء الشّعوب العربيّة، وفي تحقيق كرامتها الإنسانيّة، وإشباع رغباتها البشريّة، وفي تعليمها ونمائها، وتقدّمها صناعيّا وزراعيّا ونموا، مع الحفاظ على أقطارها، وتحقيق الأمن فيها، وفي استقلالها من المحيط إلى الخليج، فإن كان ذلك صوتا مرتفعا؛ أثر على الأصوات الدّاعيّة إلى العنف والفوضى والدّمار، كما سيؤثر على القرارات السّياسيّة، ويكون لهذا الصّوت - قلم أو لسان - له مكانته وقوّته، وأثره بعد حين، لهذا من يخدم المستعمر والهيمنة الغربيّة هي هذه الضّوضاء والأصوات الدّاعية إلى الخراب وتدمير الدّيار، ولا يقابل هذا الصّوت إلّا بصوت العقل والأنسنة والإحياء والبناء والتّنمية، وجميع ما يتعلّق بحقّ الإنسان.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

انعقاد المؤتمر الصحفي الخاص ببطولة الاتحاد الآسيوي لألعاب القوى للناشئين والناشئات بالشرقية

عُقِد اليوم المؤتمر الصحفي الخاص بالبطولة الآسيوية السادسة لألعاب القوى للناشئين والناشئات التي تستضيفها المنطقة الشرقية غدًا، وتستمر أربعة أيام، بمشاركة واسعة من المنتخبات الآسيوية، في مدينة الأمير نايف بن عبد العزيز الرياضية بالقطيف.
وأعرب رئيس الاتحاد الآسيوي لألعاب القوى دحلان الحمد، خلال المؤتمر الصحفي عن سعادته باستضافة المملكة لهذا الحدث الرياضي، مؤكدًا أن هذه الاستضافة تُبرز التقدم الملحوظ في الحضور الرياضي السعودي إقليميًا ودوليًا.
وقال: “نحن على يقين بأن المملكة ستنجح في تنظيم هذا الحدث، وهو ما يتماشى مع رؤية المملكة 2030، التي جعلت من استضافة البطولات العالمية واقعًا ملموسًا وبوتيرة متسارعة، ما نشهده اليوم ليس سوى بداية لمسيرة حافلة ستقود الرياضة السعودية إلى آفاق جديدة”.
من جانبه أشاد نائب رئيس مجلس إدارة الاتحاد السعودي لألعاب القوى الدكتور بدر اليوبي، بالدعم الكبير الذي يحظى به الاتحاد من القيادة الرشيدة -أيدها الله-، مشيرًا إلى أن هذه البطولة تمثل أول استضافة سعودية رسمية لبطولة آسيوية في ألعاب القوى.
وأكد أن الدعم المستمر من الاتحاد الآسيوي، والمتابعة الحثيثة من سمو وزير الرياضة، أسهمتا في تحقيق أعلى المعايير التنظيمية، متمنيًا التوفيق لأبطال المملكة المشاركين في البطولة.
بدوره أوضح الرئيس التنفيذي للاتحاد السعودي لألعاب القوى حبيب الأمين أن فئة الناشئين تمثل حجر الأساس في إستراتيجية تطوير رياضة ألعاب القوى في المملكة, مؤكدًا الحرص على تأسيس جيل رياضي منافس من سن مبكرة، والسعي من خلال هذه البطولة إلى إكسابهم الخبرة والاحتكاك اللازم استعدادًا للمشاركات المقبلة, مضيفًا أن الهدف الرئيس هو إعداد فريق سعودي قوي قادر على المنافسة في دورة الألعاب الآسيوية 2034.

مقالات مشابهة

  • حماس: 17 أبريل يوما عالميا للتضامن مع الأسرى وفضح جرائم الاحتلال
  • عاجل- بيان ناري من حماس: شعبنا لن يتراجع رغم دماء غزة والضفة
  • حسن الخطيب: اتفاقية تشجيع وحماية الاستثمار الموقعة بين مصر وتونس بحاجة لتطوير
  • الزراعة وجهاز مستقبل مصر يبحثان مع التعاونيات تشجيع المزارعين على توريد القمح للدولة
  • إنجاز سعودي في افتتاح البطولة الآسيوية لألعاب القوى بالقطيف
  • "مستقبل وطن المنيا": نسعى لضخ دماء جديدة وتوسيع قاعدة العضوية
  • قصة حرب السودان.. دماء في مجاري النيل
  • نادي متحدي الإعاقة بدمنهور يُتوّج بـ30 ميدالية في بطولة الجمهورية لألعاب القوى
  • انعقاد المؤتمر الصحفي الخاص ببطولة الاتحاد الآسيوي لألعاب القوى للناشئين والناشئات بالشرقية
  • كاريكاتير| نتنياهو يشرب دماء الفلسطينيين في رفح