هل نحتاج إلى: هيئة وطنية لسلامة الغذاء والدواء؟
تاريخ النشر: 2nd, October 2024 GMT
حسب تقديرات منظمة الصحة العالمية، فهناك (200) مرض قد تنتج من تناول الأطعمة الملوثة بالبكتيريا، أو الفيروسات، أو الطفيليات، أو المواد الكيميائية. كما يموت (400) ألف شخص حول العالم كل عام جراء عدم سلامة الأغذية. أيضا هناك خسائر مالية تزيد على (100) مليار دولار كل عام في النفقات الإنتاجية والطبية التي تسببها الأغذية غير الآمنة.
قبل بضعة أيام، تم ضبط مخالفات تتعلق بسلامة وجودة الغذاء. الأولى وهي كميات تصل إلى (42) طنا من الكركم الذي تم التلاعب في تاريخ صلاحيته في إحدى ولايات شمال الباطنة. أما الثانية، فإن نتائج الفحوصات المختبرية التي قام بها مركز سلامة وجودة الغذاء، لبعض عبوات المياه المعبأة التي تنتجها إحدى الشركات الوطنية، أثبتت ارتفاعا في مادة البرومات يفوق المسموح به طبقا للمواصفات الخليجية لمياه الشرب المعبأة. تلك المادة، تنشأ نتيجة تعرض المياه لعمليات التعقيم والمعالجة بالأوزون، وما قد ينتج عن ذلك من تحول مادة البرومايد إلى مادة البرومات التي أثبتت الدراسات أن لها آثارا سلبية على الصحة. أما الحالة الثالثة، فقد أصدرت هيئة البيئة توضيحا حول عدم سلامة تصريف المخلفات من إحدى المزارع بولاية سناو، ما نتج عنه ظهور روائح كريهة تضر البيئة والإنسان، حيث قامت الهيئة بعمل محضر وإحالة المخالفة إلى الادعاء العام. تلك المخالفات للاشتراطات والمعايير الصحية، - بلا شك - تحتاج إلى عمق في التحليل وأيضا قد تعطي مثالا للجهود الحكومية المستمرة في التحقق من سلامة وجودة الغذاء.
المتعارف عليه، في حال ضبط منتجات أو سلع غذائية مخالفة لمعايير الصحة والسلامة، فإن الأمر يأخذ أحد مسارين من حيث نشر الوقائع. أن يتم الاكتفاء بتطبيق المخالفة المقررة على الشركة أو المصنع أو المزرعة حسب ما تقرره الجهات المختصة ظنا منها، بأن الإفصاح عن المتسبب له تداعيات تجارية سلبية مع تضرر سمعة الشركة، وهذا ما حدث في الحالتين الأولى والثالثة. ولكن هناك من يرى، بأنه في حال كانت المخالفات جسيمة وتأكد بأن ضررا وقع أو قد يقع على أفراد المجتمع تسببت فيه الشركة أو المصنع، فإن دفع الضرر مقدم على مصلحة الشركة، وبالتالي، لا بد من أن يتم التعامل مع تلك المخالفات - بكل شفافية - مع ذكر اسم الشركة أو المصنع أو المزرعة، وهذا ما حدث في الحالة الثانية المتعلقة بعدم سلامة عينات المياه المعبأة.
بالنسبة لمؤشرات سلامة وجودة المنتجات الغذائية سواء المنتجة أو المستوردة، فإن سلطنة عمان حصلت على الترتيب (35) عالميا في مؤشر الأمن الغذائي لعام (2022) لعدد يضم (113) دولة، وعلى المستوى العربي حصلت على الترتيب الثالث. مؤشر الأمن الغذائي العالمي يتكون من مؤشرات فرعية. من تلك المؤشرات، مؤشر يعنى بسلامة الغذاء، الذي حصلت فيه سلطنة عمان على (68) درجة وهي أقل عن المتوسط العالمي وهي (76.4) درجة. ولكنها تصدرت في بنود أخرى منها: آليات سلامة الأغذية، وسهولة الحصول على الماء، والمقدرة على تخزين الغذاء بشكل آمن. وفي الجانب الآخر لم تعط درجة في بند: تناسب التشريعات المتعلقة بسلامة الغذاء، الذي هو أحد مكونات المؤشر الفرعي لسلامة الغذاء. ذلك البند لكي يتم قياسه، يتطلب مراجعة التشريعات المتعلقة بسلامة الغذاء بين (5 إلى 10) سنوات.
وعند الحديث عن سلامة الدواء فإننا نقصد بأن تكون هناك اختبارات مسبقة للأدوية التي تتم إجازتها للاستخدام الطبي بناء على المكونات التي تدخل في تصنيعها. بحيث لا يكتفى بالمصادقة من الهيئات الدولية وإنما يجب أن يتم بناء نظام وطني متكامل للأدوية يتم على أساسه منح الموافقات الطبية اللازمة. كما أن جوانب سلامة الأدوية التي يسمح بتداولها يجب أن تتعدى تلك التي تنتجها المصانع وشركات الأدوية، لتشمل الممارسات التي أصبحت تتنافس فيها العيادات، وهي استخدامات الليزر في علاجات متعددة، ومنها إزالة الشعر أو زراعة أو تكثيف الشعر والهدف منها هو تجميل الجسم والبشرة. الأمر المحير هو تباين الآراء الطبية حول استخدام الليزر، فهناك من يرى بأن التقنية الطبية في هذا المجال وصلت مراحل متقدمة ولا خوف من استخدامه في علاجات التجميل. الرأي الآخر، هناك من الأطباء من يحذر بأن هناك آثارا سلبية من استخدام الليزر - على المدى البعيد. وقد يكون سببه بأن أية محاولات للتدخلات الجراحية التي تمنع الشعر أو أعضاء الجسم من النمو بطريقة طبيعية، فإن لذلك آثارا جانبية.
هناك أيضا، الطب البديل (Alternative Medicine) الذي تتعدد أنواعه ومنها، العلاج عن طريق الوخز بالإبر، والعلاج بالحجامة، والعلاج بالايورفيدا. كما أن هناك اهتماما بالعلاج عن طريق الأعشاب الذي يستحسنه أغلب الأشخاص، طبعا في حال إخضاع الأدوية العشبية لاختبارات مختبرية وأظهرت مأمونيتها. فئة كبيرة من الأطباء أصبحت تنصح باستخدام الأعشاب كبديل عن الأدوية المصنعة. على المستوى الدولي عقد الاجتماع الخامس عشر لشبكة التعاون التنظيمي للأدوية العشبية التابعة لمنظمة الصحة العالمية، في شهر أبريل (2024) في تركيا الذي ناقش المستجدات حول هذا العلاج، الأمر الذي يعطي أهمية دولية للعلاج بالطب البديل ومنها الأعشاب الطبيعية.
تتعدد الجهات الحكومية التي تعمل على التحقق من تطبيق معايير سلامة وجودة الغذاء والدواء. فمركز سلامة وجودة الغذاء الذي تشرف عليه وزارة الزراعة والثروة السمكية وموارد المياه، له دور محوري في التأكد من مطابقة المنتجات الغذائية للمواصفات والمعايير المعتمدة. كما أن مركز سلامة الدواء والذي يدخل ضمن هيكلة وزارة الصحة، أيضا يقوم بدور جوهري في التفتيش والزيارات الميدانية للمستشفيات والصيدليات والعيادات الخاصة، للتأكد من أن الأدوية والمستلزمات الطبية وأماكن تخزيها، يتطابق مع المعايير الطبية، ولا ينتج عنها أية آثار سلبية على سلامة المرضى والمستفيدين من الخدمات الصحية. كما يقوم مركز سلامة الدواء في حال اكتشاف مخالفات بالتعميم على جميع الوحدات الصحية والخاصة بسحب الأدوية أو المستحضرات الصيدلانية من جميع أماكن تخزينها. أيضا هيئة حماية المستهلك تتأكد من مطابقة المواصفات والمقاييس، كما أنها مختصة بمتابعة حظر تداول أية سلعة قبل استيفاء الشروط الخاصة بالصحة والسلامة والحصول على الموافقات والتراخيص الرسمية. حسب الموقع الإلكتروني للهيئة فإنها قامت بسحب أنواع كثيرة من المعقمات الصحية. إضافة إلى ذلك، يوجد بالمحافظات دوائر أو أقسام تابعة للبلدية تقوم بالمتابعة والرقابة الصحية على المنتجات الغذائية والمطاعم والمقاهي.
بيد أن ممارسة العمل الرقابي الذي يدخل في سلامة الغذاء والدواء، ينبغي أن يكون منفصلا عن العمل التنفيذي للجهات الحكومية، لأن دمجها في كيان واحد يعطيها قوة وفاعلية أكثر عند اتخاذ قراراتها. ولعل التجاذبات التي ظهرت بعد رصد عينات المياه المعبأة، بين الشركة ومركز سلامة وجودة الغذاء، يؤيد الرأي للحاجة إلى كيان حكومي مستقل له صلاحيات رقابية. أيضا فإن وجود هيئة وطنية لسلامة الغذاء والدواء لها صلاحيات تشريعية واسعة سوف تعطي تقييما مع التغذية الراجعة للجهات الحكومية، لمراجعة معاييرها وسياساتها المتعلقة بالبرامج والإرشادات وتوعية أفراد المجتمع. وخاصة إذا ما علمنا، بأن أغلب المخالفات التي تنتج عن سلامة الغذاء والدواء هي لممارسات خاطئة تقوم بها القوى العاملة الوافدة التي تتخذ التجارة مكسبا لها بغض النظر عن التداعيات الصحية على سلامة وصحة أفراد المجتمع والمقيمين فيه.
وجود كيان حكومي مستقل بمستوى أعلى من الوحدات والمراكز الحالية، سوف يعزز من تكامل الأدوار بين الجهات الحكومية ويساعد برفع ترتيب سلطنة عمان في المؤشر العالمي للأمن الغذائي خاصة في بندي: مدى تناسب التشريعات وسلامة الغذاء. أيضا إعادة هيكلة الاختصاصات المتعلقة بسلامة الغذاء والدواء لتكون بمستوى هيئة «للغذاء والدواء» يتوافق مع الممارسات المطبقة في بعض الدول إقليميا وعالميا. كما يعزز من مستوى الشفافية لتكون للهيئة المقترحة الصلاحية في نشر أسماء الشركات والمصانع والمزارع المخالفة والتي لا تضع سلامة وجودة الغذاء والدواء ضمن قمة الأولويات، عند ممارسة العمل التجاري والتسويقي للمنتجات الغذائية والدوائية.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: سلامة الغذاء والدواء سلامة وجودة الغذاء بسلامة الغذاء فی حال کما أن
إقرأ أيضاً:
موسكو تتصدر مدن العالم في توفر الخدمات وجودة الحياة
احتلت العاصمة الروسية موسكو المركز الأول عالميا في توفر الخدمات وجودة الحياة، متقدمة على برلين ولندن ونيويورك وسنغافورة.
وتم إعداد التصنيف من قبل خبراء الشركة الاستشارية "تس أن بي" وخبراء في مجال العمران، بناء على تقييم أكبر 10 مدن في كبرى الاقتصادات العالمية.
وتم تقييم المدن بناء على سهولة الوصول لخمسة وعشرين نوعا من الخدمات في 11 مجالا رئيسيا لضمان حياة مريحة في المدن الكبيرة.
واحتلت العاصمة الروسية المركز الأول من حيث سهولة الوصول لمختلف الخدمات: مثل الطبابة، والإسكان، والرعاية الاجتماعية والاتصالات والإنترنت والحوكمة الإلكترونية.
كما صنفت موسكو ضمن المراكز الثلاثة الأولى من حيث إمكانية الوصول إلى خدمات النقل، والخدمات التعليمية، والرياضة والثقافة والترفيه.
ونقلت الخدمة الصحفية لحكومة موسكو عن رئيسة قسم السياسة الاقتصادية وتنمية العاصمة ماريا باغريفا أن "التصنيفات الدولية أداة مهمة تسمح لحكومة موسكو وقطاع الأعمال والمواطنين بفهم كيفية تطور المدينة مقارنة بالمدن الكبرى الأخرى في العالم".
وأضافت أن ظهور تصنيفات جديدة تعتمد على بيانات مفتوحة وبمنهجية شفافة ولا تعتمد على ظروف خارجية، أمر مهم بالنسبة لسلطات المدينة.
وأوضحت أن "التحسن المستمر في جودة الخدمات وتوافرها يعد أحد أولويات حكومة موسكو، حيث تم على مدى 10 سنوات تطوير قطاع الخدمات والقطاع التجاري".
ولفتت إلى أن "حجم مبيعات المؤسسات في موسكو التي تقدم خدمات المدفوعة تجاوز هذا العام مستوى 3.3 تريليون روبل (نحو 32 مليار دولار)"، مشيرة إلى أن قطاع الخدمات يشكل نحو 85% من اقتصاد المدينة.
وتعمل موسكو بنشاط على تطوير المناطق السكنية وعقد المواصلات السككية والكهربائية الصديقة للبيئة وتسهيل الحصول على الخدمات، وتلعب مشاريع البنية التحتية الاجتماعية والرياضية والثقافية دورا مهما، بالتوازي مع استمرار تطوير شبكة مترو الأنفاق وطرق السيارات والترانزيت