بقلم : وجيه عباس ..

الموتُ أولدكَ الحياةَ جديدا
من عارِها ألا تكون شهيدا
قد كنت وحدَك أمةً، ولطالما
عقمتْ بها أممٌ، وكنتَ وحيدا
الموتُ يستفتيك فيها واحداً
ليقولَ فيك حروفَه تقليدا
الآن ينسلُّ الوجودُ أصابعاً
ويراك تختصرُ اليقينَ وجودا
ها أنت تملأ خافقيها فطرةً
ويراك موتُك دونَها مولودا

الان ياشفةَ الجنوبِ ترفُّ في
أذنِ الزمانِ وسمعهِ تجويدا
الآن تنتصفُ الظلالُ،فراكعٌ
فيها لتسبقك الظلالُ مديدا
الآن تنثرُكَ القيامةُ موعداً
ليصدِّقوك الوعدَ والموعودا
ولأنت أدرى من سواكَ بيومِه
لكنما ودّْعتَه….

. لتعودا
ولأنت أبقى، كيف يكذب صادقٌ
كان الحسينُ على يديه زنودا؟

دعني ألمُّ بك الخطى، وأعيدُها
ولعلَّني فيها أراك صعيدا
كانت تعلّاتي القليلَ وأنت منْ
فاضت دماهُ على خطاهُ حدودا
من أين؟ توقفني يداك، وتملأُ
الطرقاتِ روحي إذ تفيضُ نشيدا
وأعودُ….تغتسل العيونُ بدمعِها
لتقيمَ مملكةَ السوادِ عمودا
يا أينَ؟ ياوجه الجنوب بأعيني
إني أراك على الجنوب مهودا
لكنَّما جبلٌ وعثرةُ خطوِهِ
أبقى سواه، إذا هوى، اخدودا

أرثيك؟! عفوك أنني بك قائمٌ
وأرى ظلالَك تستفيضُ شهودا
أبكيك؟! ما الدمعُ الخجولُ بمقلةٍ
لو أمطرت عيناه فيك حصيدا
معناي أنْ كنتَ الحليمَ لجاحدٍ
عيناك أبصرتاهُ فيك شريدا
من أيِّما لغةٍ أجيءُ، وأحرفي
خرساءُ تنطقُ مقلتيك شرودا
قف حيث تنتصب المآذنُ علَّني
أدنو فاسمعُ ماتقولُ قصيدا
دعني وصوتك في الهجير وماعسى
أن تستطيلَ بك الرمالُ بعيدا

أرثيك؟! مامعنى الرثاء لخالدٍ
يهبُ الحياة لما سواه خلودا
ولأنت أكبرُ من رثاء قصائدٍ
لوحاولتك حروفُها تغريدا
أرثي بك الموتَ الذي ناجزتَهُ
وأراكَ تكرمُه بنفسِكَ جودا
وأراهُ يسألُك الوفودُ كأنَّما
تعطيه ما استعصى عليهِ وفودا
إني لأرثي فيكَ بعضَ محمَّدٍ
وأرى عَليَّكَ في السجود فقيدا

ياابن الربى المتشحّطاتِ دماً به
نثرت خطاك على الجنوب أسودا
وابن الرغيف يكاد يطعمُ أهلَهُ
زوّادتين من الندى، ليجودا
ياجمرةً من كربلاء توقَّدتْ
للآن تورثُها الجنوبَ وقودا
ياابن الفواطم والعواتك نسبةً
نسلتكَ عترتُها هناك وليدا
وابن الربى حملتك رمحاً نافراً
لايستقيم على القناة حديدا
ياوجه لبنان الذي ماواعدتْ
كفّاهُ إلا أنجزتهُ ….. وعيدا
يا إرثَ زهرِ البيلسان على الثرى
نثرت يداه على ثراه ورودا
حَسَنٌ ونصرُ الله فيك تواعدا
فَتَجمَّعا، وتَمخَّضا عنقودا
لثلاثةٍ تحت التراب كأنَّما
واسيت جدَّك في الطفوف رقودا
وعمامةٍ قد حمَّلتك ديونَها
ورضيتَ رايتَها هناك عميدا
هي من أباحت قطف رأسِكَ سُنَّةً
إذ كنتَها قمراً بها، مرصودا
هي سترُ لبنانٍ، رأيتُ سوادَها
لبس القلوبَ على الجلود… جلودا

أنا لا أقيلُك عبرتي، فلأنّك
التأريخُ يسطرُ مارواهُ تليدا
ولأنت قائمُ أمةٍ لم تستقمْ
إلا وكنت بأمسِها موؤودا
دمُك الصحاحُ وللعروبةِ ألسنٌ
عقمت بها أن تستزيد بليدا
نصف ومليارٌ يرونَكَ قائماً
وتراهُمُ أنّى نظرتَ قعودا
دمُك الذي يتلو الوجوهَ مغيَّبٌ
وأراكَ وحدَك دونهم مفقودا

إيهٍ أبا الهادي، وربَّ شكايةٍ
أبقيتَها لتقولَ فيكَ مزيدا
تلك الثلاثون التي بك آمنتْ
عادت يتاماها هناك حشودا
عمرٌ وكانَكَ برزخاً وطويتَهُ
حتى كأنَّك مارضيتَ لحودا
أنا إن تولاني الذهولُ فَعبْرةٌ
في الصدر ماوجدت هناك صمودا
والدمعُ يسكنُني حنيناً لم أجد
إلا التوجُّعَ فيهِ والتنهيدا
ولأنت أدرى أنَّ صوتي نازفٌ
وأبيتُ فيه البرءَ والتضميدا
الحرفُ أصغرُ أن يحيطَ بهامةٍ
لم ترض إلا للإله سجودا
أيُّ الحروف وأنت تحفظُ أمَّةً
قد اثقلتك سلاسلاً وقيودا
تركتك وحدك في النزال، وابرزتْ
لبني اليهود إذا وقفتَ يهودا
قتلوا بك القرآن يتلو بينهم
وتخيَّروا الانجيلَ والتلمودا

يا أيها الجبلُ السماويُّ الذي
كان التراب لخطوتيه صعودا
يامالئاً كلَّ الجنوبات التي
عطّرتها بدماك منك مُريدا
يا مِغزلاً في كف فاطمة التي
نطقت شهادتُه بها التوحيدا
ياوجهَ كلِّ الأرضِ كلِّ سمائِها
عرفتك فانتظمت هناك جنودا
ياحاملاً باسم الرسالة رايةً
مهّدت للآتي لها تمهيدا
الآن عدتَ إلى السماء ودونك
الآتون يتلون الكتاب مجيدا
إني لأبصرُ، بيد أنك عارفٌ
معنى إذا ماقلتُ كنتُ طريدا
لكنني ودماء شيبتك التي
أقسمتُ فيها إذ أراك سعيدا
سُبُلاً مشيتَ وأنت تنثرُ دونها
وَلَدا شهيداً تقتفيه ورودا
أَأَعزُّ منك عشيرةً، شهداؤها
كانوا ضيوفَك في الحياة رصيدا
كانوا بك الأحياءَ ترزقُ ذكرَهم
مابين موتانا بهم تحميدا
ياابن السماء الارض كلُّ فخارها
أن تجتبيك مفاخراً وعقودا
يا أيها الحَسَنُ الشهيدُ كرامةً
لو جاء نصرُ الله فيك جديدا

1-10-2024

وجيه عباس

المصدر: شبكة انباء العراق

كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات

إقرأ أيضاً:

ما بين 26 كانون الثاني و١٨ شباط...هذا هو الفرق

كان يُفترض بالراعي الأميركي لاتفاق وقف النار في الجنوب اللبناني أن يستبق تحرك الجنوبيين، نساء وأطفالا وشيوخا وشبانًا، نحو بلداتهم مع انتهاء المهلة المعطاة للمحتل الاسرائيلي للانسحاب من كل شبر من الأراضي التي يحتلها، ويعلن تمديد الهدنة إلى 18 شباط المقبل. ولو فعل ذلك لما كان أدخل لبنان في ورطة جديدة كان في غنىً عنها، ولما تمكّن "حزب الله" من اتخاذ ناسه دروعًا بشرية لإثبات فعالية معادلته الثلاثية "جيش وشعب ومقاومة" على أرض الواقع، وللانتقال لاحقًا إلى تكريسها ولو في شكل تحايلي على اللغة العربية الزاخرة بتعابيرها الملتبسة في البيان الوزاري للحكومة العتيدة، التي قد تبصر النور خلال ساعات بعد مرور أسبوعين على تكليف القاضي نواف سلام مهمة التشكيل.
وفي الوقت الذي كان الجميع يتوقعون عدم إقدام جيش الاحتلال على الانسحاب كان "حزب الله" يعدّ العدّة لعودته إلى العمق الجنوبي عبر ناسه، ولو بلباس مدني. وهذا أمر طبيعي باعتبار أن مقاتلي "الحزب" هم من أبناء القرى الحدودية، ومن حقّهم أن يعودوا إليها بلباس مدني بعدما تركوها بلباسهم العسكري. وبهذه الطريقة استطاع "حزب الله" أن يعود إلى جنوب الليطاني ولو من دون سلاح. وفي اعتقاد أكثر من مسؤول حزبي أن هذا الدخول للأهالي وبهذه الطريقة الجريئة والشجاعة قد أعاد خلط الأوراق الإقليمية والداخلية على حدّ سواء، خصوصًا أن هذا الدخول ترافق مع موجة جديدة من التصريحات والمقالات، التي تحدّثت عن "عرس الانتصار" على رغم الدماء البريئة التي أريقت على أرض الجنوب، وعلى رغم اعتقال جيش العدو عدد من الأهالي واقتيادهم إلى الداخل الإسرائيلي للتحقيق معهم.
إلاّ أن ما حصل أمس الأول لا يمكن إلا إدراجه في خانة البطولات الشعبية بغض النظر عمّا كان "حزب الله" يخطّط له. ويقول الذين يدورون في فلك محور "الممانعة" أن "الحزب" نجح في استثمار التحرّك الشعبي المنظّم والعفوي في آن، خصوصًا أنه أراد أن يثبت لجميع المعنيين في الداخل والخارج، ومن بينهم بالطبع إسرائيل وراعيا اتفاق وقف النار، أي الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا، أنه لا يزال موجودًا في كل الساحات، العسكري منها والمدني ، وبالأخصّ السياسي، وذلك من خلال فرضه معادلة تكريس حقيبة وزارة المالية لـ "الثنائي الشيعي" حتى ولو تمّ تشكيل الحكومة من غير الحزبيين، وليس على طريقة إسنادها إلى أي شيعي خارج "الثنائي"، فضلًا عن التلميح بعدم السماح للحكومة بأن تبصر النور إن لم يحصل "الثنائي" على وعد بأن يتضمّن البيان الوزاري ما يشبه "المعادلة الثلاثية". ولكن آخر المعطيات تشير إلى أن هذه العقدة قد تمّ حلها بما يؤمن للحكومة غطاء سياسيًا أكيدًا.
لم يسمع أحد كلامًا لسياسيي محور "المعارضة" عمّا حصل في الجنوب غير الكلام المدروس والمتقدّم في رؤيته للأمور، باعتبار أن ما قام به الأهالي، وإن كان "حزب الله" كان وراء هذه المشهدية، يدخل في إطار البطولات الشعبية. إلاّ أن ما ترافق مع "عرس الانتصار" من حركات استفزازية في أحياء مغدوشة وعين الرمانة والجميزة أعاد الحديث إلى مربعه الأول، مع ما حملته هذه الاستفزازات من أجواء غير صحية تعكس حالة من عدم الاطمئنان إلى الغد، الذي لا يزال فيه "شبح السلاح" مسيطرًا على الساحة الداخلية.
الفرق بين 26 كانون الثاني و18 شباط هو أن التاريخ الأول لم يخلُ من الدمّ، الذي أهرق منه الكثير على مدى سنة وأربعة أشهر على أيدي جيش العدو، فيما التاريخ الثاني قد يحمل في طياته ما يؤشرّ إلى انسحاب كامل لآخر جندي إسرائيلي من آخر شبر محتل في العمق الجنوبي، واكتمال عقد انتشار الجيش في كل الجنوب تطبيقًا لاتفاق وقف النار وللقرار 1701.
  المصدر: خاص "لبنان 24"

مقالات مشابهة

  • رئيس الجمهورية العربية السورية السيد أحمد الشرع يتلقى رسالة تهنئة من رئيس الجمهورية التركية السيد رجب طيب أردوغان أكد فيها الرئيس التركي على وقوف بلاده إلى جانب الشعب السوري والارتقاء بالعلاقات الثنائية واللقاء في أقرب وقت
  • علي جمعة: هناك ملائكة لم تذكر فى القرآن كـ ملك الرحم أو نفخ الروح
  • القائد الشهيد السيد حسين بدر الدين الحوثي .. باعث العرفان العملي
  • ما الذي دفع بالإسرائيلي إلى تمديد بقائه في الجنوب؟
  • مثل الشهيد مازن كمثل الصحابي الجليل عمرو بن ثابت الذي حفظ الله جسده من الأعداء
  • أبو العينين: دول الجنوب تتمتع بمزايا عديدة يمكن أن تزيد فيها القيمة المضافة
  • كيف وصل مشروعُ الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي إلى العالمية؟
  • رسالة من حزب الله إلى أهالي الجنوب والعدو.. إليكم ما جاء فيها
  • رسالة من حزب الله إلى أهالي الجنوب.. إليكم ما جاء فيها
  • ما بين 26 كانون الثاني و١٨ شباط...هذا هو الفرق