لجريدة عمان:
2024-10-02@18:23:52 GMT

المسرح العماني.. اتّجاهات جديدة

تاريخ النشر: 2nd, October 2024 GMT

عندما أسدل الستار على فعاليّات مهرجان المسرح العماني فـي نسخته الثامنة، أخلينا مقاعدنا، لجمهور جديد، مثلما أخلى جمهور سابق مقاعده لنا، وانطفأت الأضواء التي تراقصت أمام أعيننا على مدى عشرة أيام عامرة بالحركة، كانت مليئة بالعروض، والجلسات النقاشية والندوات التعقيبية، والمحاضرات، والورش التدريبية، والأنشطة الموازية، وشيئا فشيئا، لملم الجميع أوراقه، وأشياءه، وأقفل المسرح أبوابه، وحمل الضيوف حقائبهم وعادوا من حيث أتوا محمّلين بالصور، والذكريات، والكتب، والكراسات، والنشرات التعريفـية، وما تيسّر من الحلوى، والقهوة العمانية، والبخور الظفاري، وقبل مغادرة المكان، اختلطت مشاعر المحبة بألم الفراق، ورغم ذلك، كان الكلّ سعيدا بهذه التظاهرة التي استأنفت عجلتها حركتها بعد توقّف دام سنوات، وعادت بكل قوة وثبات، لتبقى تواصل مسارها نحو الأمام.

فـي جلسة جانبية جمعتني، بمجموعة من الأصدقاء المهتمين بالشأن المسرحي، بعد 4 أيام من انطلاق المهرجان، سألني المخرج جلال بن عبد الكريم اللواتي: ما الشيء المميّز فـي هذه الدورة من المهرجان باعتبارك من الذين واكبوه منذ انطلاقته الأولى عام 2004م؟

ورغم أن السؤال كان بسيطا ومتوقعّا، ويمكن لإجابته أن تكون تقليدية ومستهلكة، لكنّه حين يأتي من مخرج مسرحي يشقّ طريقه بخطوات ثابتة وواثقة مثل جلال، لابدّ أن تكون الإجابة دقيقة، ولكي لا أبدو مجاملا، وسريعا فـي أحكامي أرجأت الإجابة حتى نهاية المهرجان، وها أنا أجد نفسي ملزما بتقديم إجابة وافـية عن السؤال، فالميزات كثيرة، لذا سأتجاوز الحديث عن دقّة اللجنة المنظمة فـي اختيار المكان الذي قُدّمت به العروض (مسرح العرفان) حيث الأناقة والجمال والمرفقات والفندق الذي أقام به الضيوف، لاسيّما أن عددهم يزيد على عدد ضيوف الدورات السبع السابقة مجتمعين، ونوعية الأنشطة الموازية من عروض الفضاء المفتوح، وورش، وندوات، سأتجاوز عن هذا كلّه، وأتوقّف أمام النقطة الأبرز وهي المساحة الواسعة لمشاركة الشباب من مخرجين، ومؤلّفـين وممثّلين وفنيّين، وهي مساحة واسعة تبشّر بخير وفـير، فالتجارب الطليعيّة جاءت على أيدي الشباب، وهم وقود مشاعل التنوير، وحملتها.

وقد لاحظت فـي المهرجان بروز ظاهرة المخرج المؤلف، كما رأينا فـي العروض التي قدّمتها كلّ من: فرقة (لبان) وعرض (الجُدُر) لأحمد الزدجالي مؤلفا ومخرجا، وفرقة الشرق ( مَنْ بعثنا من مرقدنا؟) لياسر أسلم، وفرقة موشكا، وعرض (شجريون) لعبدالله تبوك، وفرقة نخل وعرض (أضغاث وأوهام) لأسامة السليمي وفرقة الدن وعرض (تغريبة القافر) لمحمد خلفان معدّا ومخرجا عن رواية (تغريبة القافر) للكاتب زهران القاسمي، وهي ظاهرة لديّ تحفظّاتي عليها، فاندماج المؤلف بالمخرج يحدّ من تعدّدية الرؤى، ووجهتا نظر فـي العرض أفضل من وجهة نظر واحدة، وأكثر ثراء، لكنّ المخرجين اليوم، يبدو أنهم استغنوا عن المؤلّف، وصاروا يخرجون أعمالهم ليطلقوا العنان لأنفسهم فـي التغيير، والحذف، والتعديل، والإضافة، وهذا سيضرّ كثيرا، مستقبلا، بالكتابة المسرحيّة، فالنص وفق هذا المنظور، صار ثانويّا، ملحقا بالعرض، وليس العمود الفقري الذي يستند عليه، فانسحب السرد النصّي لصالح السرد البصري، وتوارت الكلمة خلف ظهر الصورة، وكثرت المقطوعات الغنائية، والأداء الحركي الجماعي، وهذا الأخير سحب كثيرا من رصيد الممثل الذي هو سيّد العرض، كما رأينا فـي المسرح الذي نشأنا عليه، ودرسناه، وتعلّمنا منه، وكلّ هذا يأتي سدّا للفراغات، وإنقاذا لهبوط الإيقاع، الذي لم يكن منضبطا فـي بعض العروض التي اتّسمت بالمطّ والتطويل، والثرثرة البصرية، وهي اتّجاهات نراها اليوم سائدة فـي المهرجانات العربية والدوليّة، وقد تبنّاها الشباب، الذين تتميّز تجاربهم بروح المغامرة، سعيا للابتكار والتفرّد، وتغيير الذائقة.

يُحسب لهذه الدورة من المهرجان، ظهور وجوه جديدة فـي الكتابة والإخراج، والتمثيل، وبقية مكملات العرض، وهذا يعني أن دماء جديدة تسري فـي جسد المسرح العماني، تتغذّى على مشاهدة العروض، والقراءة، والاطلاع على التجارب المتحقّقة، عربيا ودوليا، والاشتراك فـي الورش التدريبية، فبدون ذلك تبقى تجارب الشباب تراوح مكانها، والمسرح حركة متجدّدة تتناغم مع حركة الحياة، وحين تتوقف عن الحركة تنفصل عنها الروح، وتذوي وتغدو مثل شجرة يبست عروقها، وذبلت أوراقها.

واليوم انتهى المهرجان وظل المسرح العماني مستمرا فـي حركته وأنشطته فاتحا ذراعيه لفضاءات الدهشة والجمال.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: المسرح العمانی

إقرأ أيضاً:

المؤرخ عمرو دوارة يسرد رحلة المكرمين مع المسرح العربي بمهرجان القاهرة للمونودراما

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

عقد مهرجان أيام القاهرة الدولي للمونودراما، ندوته الأولى حول فن المونودراما، ورحلة مكرمي المهرجان مع المسرح، اليوم الأربعاء، بالمجلس الأعلى للثقافة، وبحضور رئيس ومؤسس المهرجان الدكتور أسامة رؤوف، وحاضر بالندوة المؤرخ المسرحي دكتور عمرو دوارة، ومشاركة من الناقد المسرحي أحمد خميس.

في البداية رحب الدكتور أسامة رؤوف، بالحضور، معربا عن سعادته بمشاركة المخرج والمؤرخ المسرحي الدكتور عمرو دوارة في ندوات المهرجان، وتقديمه لندوة حول رحلة ومسيرة المكرمين فى الدورة السابعة للمهرجان.

وألقى الدكتور عمرو دوارة، الضوء على فن «المونودراما» والتعريف به، موضحا أن المسرح بدأ تاريخيًا بالمونودراما، وعاد من جديد ليقدم وينتشر في بداية القرن الحادي والعشرين، فالمسرح الإغريقي في القرن السادس قبل الميلاد بدأ بالممثل الواحد، وذلك من خلال «ثسبيس»، ومن بعده إدخال الممثل الثاني والثالث، حتى وصل العرض المسرحي  للشكل المتعارف عليه.

وأوضح «دوارة» أن سبب عودة المسرحيين إلى تقديم «المونودراما» أن الإنسان في القرن الحادي والعشرين، بدأ يشعر بالوحدة والإغتراب، لذا يريد أن يعبر عن مشاعره في هذا العالم وعن حالته النفسية، ومشاعره الفردية وأزماته النفسية الكبيرة التي يعيشها وسط المجتمع، وسط هذا العالم، إضافة إلى أن هذا الفن يتسم بتكلفة إنتاج منخفض وممثل ومخرج فيمكن أن تقدم بيسر في أي مكان .

وأكد «دوارة» أن مصر قدمت المونودراما منذ عقود طويلة في رحلة الفن المصري، وأول دولة تقدم عروض للمونودراما في الوطن العربي، منها عرضًا للمخرج سمير العصفوري بقاعة 1979 م تسمى باسم «صلاح عبد الصبور»، وقدمنا أول مهرجان للمونودراما للجمعية المصرية للهواة المسرح عام 1984م

واستعرض «دوارة»، رحلة وتاريخ المكرمين، وخاصة الثلاثة المصريين الذي خاضوا رحلتهم مع المسرح المصري منذ عقود طويلة، فالنجمة نيللي أكثر المكرمين المصريين مشاركة في المسرح، وبدأت في رحلتها على المسرح  وقدمت الدلوعة 1969م، وقدمت العديد من العروض المسرحية بعد ذلك، منها : "سندريلا والملاح، كباريه، العيال الطيبين، الدنيا دولاب، عريس في إجازة" وغيرهم .

وعن النجم هاني رمزي، قال دوارة، إنه بدأ رحلته مع مسرحية «تخاريف» 1989 م واستكمل رحلته في عدة عروض مسرحية يعرفها الجمهور العام منها«ألابندا، كده أوكيه» وآخرهم مسرحياته «أبو العربي 2021»، ولكنه رغم مهارته وقدرته على تقديم المونوداما لكنه لم يقدمها.

أما النجمة إلهام شاهين، تحدث دوارة عن رحلتها قائلا: إنها بدأت رحلتها في السبعينيات بالقرن الماضي وقدمت العديد من المسرحيات من المحلية والعالمية منها «كاليجولا»، وقدمت المصيدة»، «بهلول في اسطنبول» 1995م وغيرهم من صنفي الدراما الكوميديا والتراجيديا.

وأكد دوارة، أن الفنانين المكرمين من الوطن العربي لهم أثرهم الكبير في مسرحهم المحلي والعربي، فالفنان غنام غنام مؤسسا لفرق مسرحية منذ بداياته، حيث شارك في فرقة «المسرح الحر» بالأردن وهو «رجل مسرح» بمعنى الكلمة، فشارك بالمسرح العربي ممثلًا ومؤلفًا ومخرجًا مسرحيًا ونشاطه المسرحي له تاريخ طويل وتجارب عديدة تمتد لعقود سابقة، وحصل على  الكثير من التكريمات والأوسمة والجوائز والمراكز الأولى في المهرجانات المحلية والدولية، واختياره يمثل تميزا كبيرا في المكرمين.

واستكمل«دوارة» أن المهرجان يكرم الفنان العراقي الدكتور جبار جودي، صانع السينوغرافيا المتميز، والداعم لجميع الفنانين من خلال كونه نقيبا للفنانين العراقيين، ويسعى دائمًا لانتشار وتقديم المسرح العراقي في المحافل المحلية والعربية والدولية، وله العدي من التجارب المسرحية المميزة.

وتابع دوارة: أن المهرجان يكرم الفنان التونسي محمد منير العرقي رئيس لجنة تنظيم أيام قرطاج المسرحية الدورة 25 لعام 2024، وناشط مسرحي عربي بارز، ومدير إدارة المسرح الفنون الركحية، وقد شارك «العرقي» في العديد من المهرجانات الدولية كعضو لجنة التحكيم، وأخرج للمونودراما «واحد منا» وقدم للمسرح «أنا والكونترباص و«سعدون 28»، وذلك مع نجوم الدراما في تونس وشارك في عدة فعاليات عالمية، كما شارك بالتمثيل فى العديد من المسرحيات والمسلسلات التلفزيونية والأفلام السينمائية.

تقام الدورة السابعة لمهرجان أيام القاهرة الدولي للمونودراما، برعاية الدكتور أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة، في الفترة من 1 حتى 5 أكتوبر الجاري، ويشارك فيها عدد من الدول العربية والأجنبية هم: "مصر وفلسطين والمغرب والإمارات والسودان والأردن وتونس والعراق والجزائر وسلطة عمان والسعودية والكويت ولبنان وكندا واليونان وإسبانيا وكوريا وإيطاليا والمجر".

 

مقالات مشابهة

  • مواعيد عروض مهرجان المسرح العربي في الإسكندرية.. الدخول مجاني
  • عمرو دوارة: مصر لها الريادة في تقديم فن المونودراما
  • المؤرخ عمرو دوارة يسرد رحلة المكرمين مع المسرح العربي بمهرجان القاهرة للمونودراما
  • مهرجان المسرح العربى يعلن مواعيد عروض دورته الخامسة
  • أضغاث أوهام أولا.. و أصحاب السبت ثانيا.. و الزمر ثالثا في مهرجان المسرح العماني الثامن
  • انطلاق فعاليات مهرجان الإسماعيلية للفنون الشعبية.. «كل الشعوب جاية تغني»
  • غداً... مهرجان المسرح العماني يختتم عروضه ويعلن عن الفرق الفائزة
  • غدا.. تتويج العروض المسرحية الفائزة بـ"مهرجان المسرح العماني"
  • مسرحيون وجمهور: المهرجان بوابة عريضة للتلقي وتجارب تستحق المشاهدة