الهروب الكبير من قارة البطالة إلى قارة التشرد
تاريخ النشر: 2nd, October 2024 GMT
بقلم: عبده حقي
في الخامس عشر من شتنبر 2024، حاولت حشود كبيرة وهائجة من المواطنين المغاربة، إلى جانب مهاجرين أفارقة وجزائريين وسوريين وسودانيين .. إلخ، اقتحام سياج الأسلاك الشائكة على الحدود البرية من جيب مدينة سبتة المحتلة شمال المغرب . وقد عكس هذا الوضع مرة أخرى أزمة سياسية على أوسع نطاق في المنطقة، حيث تواجه موجات المهاجرين، الذين يسعى العديد منهم إلى ظروف معيشية أفضل، تواجههم مخاطر شديدة واللايقين في رحلاتهم إلى أوروبا.
وهكذا ماتزال أوروبا ترمز في مخيال هؤلاء الحراكة إلى التقدم والرخاء والفرص المتاحة. ففي كل صيف، يتجمع مئات الشباب المغاربة على طول الساحل الشمالي بالمغرب ، وهم يتطلعون إلى مدينة سبتة السليبة باعتبارها بوابة إلى ما يعتبرونه المعبر الوحيد إلى حياة أفضل من واقعهم في وطنهم الأم. وتقوم تطلعاتهم على البحث عن ظروف معيشية لائقة من عمل قار، وأجور محترمة، وضمان اجتماعي، وتغطية صحية، والتمتع بالأنشطة الترفيهية . ومع ذلك، فهم يغفلون أن الواقع الذي ينتظرهم على الضفة الأخرى من الحدود ربما سيكون أكثر تعقيدًا وتحديًا مما يتوقعونه.
لقد كانت مدينتا سبتة ومليلية المستعمرتين الإسبانيتين في شمال المغرب، بمثابة نقطة استقطاب لأولئك الشباب اليائسين الذين يسعون إلى الهروب من الظروف الاجتماعية والاقتصادية القاسية . لقد أدى ارتفاع معدل البطالة في المغرب، وخاصة بين الشباب، إلى خلق حالة من الإحباط واليأس حيث تبدو الهجرة وكأنها السبيل الوحيد للخروج بالنسبة للعديد من السواعد العاطلة عن العمل. ومع ذلك، فإن الرحلة غالبا ما تكون محفوفة بالصعوبات، وبالنسبة للكثيرين، قد يتحول حلم أوروبا في طريقهم إلى كابوس مؤرق ومزمن.
إن العديد من المهاجرين الذين يحاولون العبور إلى سبتة ليسوا مستعدين بشكل كاف للواقع الذي سوف يواجهونه هناك عند وصولهم. فهم غالبًا ما يفتقرون إلى المؤهلات والمهارات المهنية التي من شأنها أن تساعدهم في تأمين عمل مستقر ودائم . وهذا الافتقار إلى التأهيل يجعلهم عرضة للاستغلال ويجبرهم على البحث عن وسائل بديلة للبقاء على قيد الحياة. وفي مواجهة هذه التحديات، يلجأ جلهم إلى استراتيجيات مؤقتة مثل الزواج من أوروبيات لتأمين وثائق الإقامة، وهي الخطوة التي غالبًا ما تأتي مع مجموعة من التعقيدات والمعضلات الأخلاقية والسوسيوثقافية والدينية .
والواقع أن الوضع في أوروبا، وخاصة في أعقاب الأزمة الاقتصادية التي اندلعت في عام 2008، ليس واعداً كما يتصوره الكثير من المهاجرين. ذلك أن أسواق الشغل تعاني من فائض البطالة، وخاصة في جنوب أوروبا، حيث تظل معدلات البطالة مرتفعة جدا والمنافسة على الوظائف التي تتطلب مهارات منخفضة شرسة. وكثيراً ما يجد المهاجرون أنفسهم متورطين في وظائف متدنية الأجور، وعاجزين عن الخروج من دوامة الفقر وعدم الاستقرار وكثير منهم باتوا يفضلون العودة إلى المغرب في السنين الأخيرة.
وقد تغيرت الصورة المثالية التي كانت سائدة ذات عصر لأوروبا باعتبارها أرض الفرص اللامتناهية إلى حد كبير بسبب واقع الركود الاقتصادي والبطالة المنتشرة على نطاق واسع.
وفي غياب فرص العمل الملائمة وأنظمة التشغيل المباشر، ينخرط العديد من المهاجرين في أنشطة غير قانونية، مثل الاتجار بالمخدرات، أو السرقة، أو ممارسة الجنس المثلي مقابل الأجر. وقد يدفعهم اليأس الاقتصادي اليومي إلى سلوكيات فائقة الخطورة، مما يورطهم في دوامة خطيرة من الجرائم المختلفة. ومن المؤسف أن العديد منهم ينتهي بهم المطاف في السجن أو التشرد أو الجنون حتى ، مما يزيد من تعقيد حياتهم الغارقة في مستنقع الهشاشة.
لقد أصبحت ظاهرة تجارة المخدرات، على وجه الخصوص، متنامية بين المهاجرين. وتستغل شبكات الجريمة المنظمة المهاجرين الضعفاء، وغالباً أولئك الذين يفتقرون إلى الوضع القانوني أو الموارد اللازمة لمقاومة مثل هذه الإغراءات. وقد ألقى تورط المهاجرين في هذه الأنشطة الإجرامية بظلاله على النقاش الأوسع نطاقاً حول عواقب الهجرة غير النظامية ، مما أدى إلى تفاقم التوتر بين السكان المحليين والمهاجرين الوافدين من الجنوب.
وبالنسبة للنساء، وخاصة اللاتي فررن من مناطق مزقتها الحروب الأهلية مثل سوريا والسودان وجنوب الصحراء، فإن الوضع يكون أكثر مأساوية. وبسبب تعرضهن للاستغلال والإساءة، تضطر العديد منهن إلى العمل في شبكات الدعارة، مما يزيد من تفاقم معاناتهن.
في كثير من الأحيان يجد المهاجرون واللاجئون الذين يصلون إلى أوروبا أنفسهم تحت سياط الصرامة البيروقراطية، مع قلة فرص الحصول على السكن المستقر، والخدمات الاجتماعية، أو العمل المكفول. وينتهي الأمر بالعديد منهم إلى العيش في مخيمات مزدحمة وغير صحية، في انتظار شهور أو حتى أعوام لمعالجة طلبات اللجوء الخاصة بهم حيث تتبخر فكرة أوروبا كجنة واعدة.
ومن خلال هذه الصورة القاتمة يتعين على الشباب المغاربة الذين يحلمون بالعبور إلى الشاطئ الأوروبي أن يعيدوا تقييم مخطط هجرتهم ويفكروا في مسارات بديلة للترقي الاجتماعي. فأوروبا لم تعد تقدم ضمانات الرخاء والأمن التي كانت تقدمها لآبائهم في السابق. وبدلا من ذلك، قد يحتاج أولئك الذين يسعون إلى تحسين حياتهم إلى إيجاد السبل لخلق الفرص في أوطانهم بدلا من الاعتماد على احتمالات الهجرة غير المؤكدة.
إن المغرب، باقتصاده المتطور والصاعد، يمكن أن يوفر العديد من السبل لريادة الأعمال، وخاصة في الصناعات مثل السياحة والزراعة والتكنولوجيا والتعليم . ومن خلال تطوير المهارات والاستفادة من هذه الفرص، يمكن للشباب المغاربة خلق فرص عمل لأنفسهم وللآخرين، والمساهمة في التنمية الأوسع لوطنهم. ويتطلب هذا المنهج دعم الحكومة المغربية من خلال قروض للمقاولات الصغرى والمتوسطة وتبسيط مساطر الاستثمار للمقاولين الشباب وعلى المنظمات الدولية من جهتها توفير الموارد وبرامج التدريب التي تزودهم بالأدوات التي يحتاجون إليها لتحقيق النجاح والاستقرار في بلدانهم الأصلية.
المصدر: أخبارنا
كلمات دلالية: العدید من من خلال
إقرأ أيضاً:
من الحصاحيصا وأبو عشر وحتي الخرطوم وجبل أولياء.. الميليشيا.. الهروب من الطوفان!!
من الحصاحيصا وأبو عشر وحتي الخرطوم وجبل أولياء..
الميليشيا.. الهروب من الطوفان!!
الجيش يعد العدة لوثبته الأخيــــــــــــرة في العاصمة..
خبراء: هؤلاء مجرد مرتزقة قدموا للنهب والسرقة والاغتصاب
صور لنقل أُسر المتمردين من شرق النيل والرياض والطائف
تقرير_ محمد جمال قندول- الكرامة
يبدو واضحًا من خلال المؤشرات الماثلة، بتقدم الجيش في كل محاور القتال، وفك حصار القيادة، وتحرير مصفاة الجيلي، أن الحرب في خواتيمها.
الميليشيا أصبحت محاصرة مع وثبة مرتقبة للقوات المسلحة والقوات المساندة لها في قادم المواعيد، ومع اقتراب الطوفان وحالة الانهيار التام لميليشيات آل دقلو الإرهابية عسكريًا وسياسيًا، وحصار شبح الموت لأفراد التمرد، تزايدت أعداد الهروب الكبيرة لهم.
الهزائم المتكررة
ونقلت وكالات ومواقع أمس، حالات هروب جماعي لعناصر الميليشيا من الحصاحيصا وأبو عشر وانسحابات للخرطوم وجبل أولياء، هذا بجانب صور مسربة لنقل عوائل وأسر للميليشيا من شرق النيل والرياض والطائف، التي كانت تحتضن أعدادًا كبيرة من ذويهم.
ودخل الجيش في المرحلة الثالثة التي قد تكون الأخيرة في (معركة الكرامة) خلال الأيام الماضية بانتصارين كبيرين، الأول كان التقاء الجيوش القادمة من أم درمان وبحري في سلاح الإشارة، ثم العبور الكبير للقيادة العامة وفك الحصار عنها بعد 21 شهرًا، والثاني كان بتحرير مصفاة الجيلي أحد أكبر معاقل مجموعات دقلو الإرهابية.
ويرى خبراء عسكريين أنّ حالات الهروب التي تزايدت داخل الميليشيا طبيعي ومرده الهزائم المتكررة بوتيرة سريعة مقابل طوفان الجيش الذي أصبح بالنسبة لهم كابوس لا مفر منه، وهو ما دفع أعدادًا كبيرة من الميليشيا خاصةً المتواجدين بمناطق شرق النيل والخرطوم شرق في أحياء الرياض والطائف والمعمورة وأركويت للهروب خشية الموت.
ويشير الخبراء إلى أنّ الهروب الجماعي يؤكد بأن التمرد ليس له أهدافٌ واضحة أو قضية محورية، وإنهم مجرد مرتزقة قدموا للنهب والسرقة والاغتصاب.
زحفٌ كبير
وكانت القوات المسلحة قد تقدمت أمس (الاثنين) وحررت مقر الشرطة الأمنية بشارع السيد عبد الرحمن بوسط العاصمة، فيما بدأ الجيش والقوات المساندة وتحديدًا (النخبة) التابعة لجهاز المخابرات العامة تطهير شرق النيل والتقدم بثبات.
وتوقع مراقبون تزايد حالات الهروب والانسحابات وذلك بعد الحصار الذي فرض على الميليشيا بالعاصمة، مع توقعات بزحف كبير ومرتقب للجيش لتحرير العاصمة بأكملها، خاصةً بعد فك الحصار على القيادة الذي سيكون مفصليًا بالوثبة الأخيرة للقضاء على الميليشيا المتمردة.
وبدا واضحًا الأثر الكبير للضربات المتتالية للميليشيا بالخرطوم والجزيرة، خاصة الأخيرة بعد تحرير عاصمتها مدني، ما أدى لتقهقر الميليشيا وهروب عناصرها خوفًا من المواجهة القادمة مع القوات المسلحة في الحصاحيصا ومنطقة أبو عشر.