لجريدة عمان:
2024-12-24@01:02:18 GMT

فرنسا وحجاب نُهَيْلة

تاريخ النشر: 12th, August 2023 GMT

«أُقْصِيَ الحجاب». هكذا احتفل جوليان أودول؛ النائب الفرنسي والناطق باسم التجمع الوطني اليميني المتطرف في فرنسا، في تغريدة له على منصة إكس (تويتر سابقًا) بفوز منتخب بلاده للسيدات على منتخب المغرب في نهائيات كأس العالم المُقامة هذه الأيام في أستراليا ونيوزلندا. والحجاب المقصود هو حجاب اللاعبة المغربية نُهيلة بنزينة؛ أول لاعبة ترتدي الحجاب في كأس العالم، التي لاقت تنمُّرًا شديدًا قبل المباراة وبعدها من فرنسا وإعلامها وسياسييها، وكان أودول نفسه قد طالب بطردها من البطولة قائلًا في تغريدة عنصرية: «إن تأثير نُهَيْلة سيجعل ملايين النساء حول العالم يشعرن بأنهن مُمَثَّلات، كما لم يحدث من قبل»!.

وهكذا؛ فإن فرنسا التي تفتخِر وتُفاخِر بأنها بلد الحريات وحقوق الإنسان في العالم يُزعجها أن تكون ملايين النساء مُمَثَّلات، وما زالت إلى اليوم تسنّ القوانين التمييزية ضد لعب النساء المحجّبات رغم أن الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) سمح بالحجاب، بل وأوضح أن هذا السماح جاء من أجل «تعزيز المساواة وتجاوز العقبات التي تواجهها اللاعبات في مجال الرياضة». في المقابل فإن فرنسا أيضًا هي التي انتفضت وزيرة رياضتها أميلي أوديا-كاستيرا في مايو الماضي (2023) قائلة: «ما حدث يؤسفني جدًّا. نحن نعيش في بلد شجّع دائمًا على احترام حقوق الإنسان»، فما الذي أزعج السيدة كاستيرا يا تُرى؟ إن امرأة من بنات جنسها تتعرض للتنمّر؛ لأنها اختارت ارتداء ما تمليه عليها قناعاتُها؟ الإجابة، لا. بل هي منزعجة؛ لأن بعضًا من لاعبي الدوري الفرنسي رفضوا المشاركة في حملة التضامن مع المثليين بارتداء قمصان تحمل ألوان قوس قزح الذي بات شعارًا للمثلية، وطالبت بمعاقبة هؤلاء اللاعبين. وهو الأمر الذي صار يتكرر سنويًّا في فرنسا، وتحديدًا في مايو، حيث تحتفل بالمثليين كل عام بفرض ارتداء لاعبي الدوري قمصانًا ملونةً بشعارهم. وقد رأينا السنة الماضية (2022) الحملة الشرِسة التي شُنَّت على اللاعب السنغالي المسلم إدريس جايا؛ لأنه غاب عن مباراة فريقه باريس سان جيرمان أمام مونبلييه متعمِّدًا بسبب رفضه ارتداء هذا القميص، وحملة التضامن العالمية معه ومع حقه في رفض أن يكون مروّجًا لشيء ضد قناعاته ومعتقداته. كما تابعنا عام 2019 البيان المشترك لوزيرة الرياضة الفرنسية الأخرى (روكسانا ماراسينو) ورئيس اتحاد كرة القدم الفرنسي نويل لوجريت اللذين طالبا فيه الأندية الفرنسية ومشجعيها بتشكيل جبهة موحدة لـ «محاربة كل أشكال التمييز». وما هو هذا التمييز الذي يقصدانه؟ أن ثلة من الجمهور أطلقت هتافات وشعارات ضد المثليين!. ولا أدري لماذا لا تتذكّر فرنسا التمييز إلا حين يتعلق بهؤلاء المثليين!.

وبالعودة إلى «قضية» حجاب نهيلة فإن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة: لماذا فرنسا بالذات هي المتصدرة في السنوات الأخيرة لرفض الحجاب بخلاف غيرها من الدول؟ ثمة من يرى أنها قضية مفتعلة، وأن من يثيرها من السياسيين الفرنسيين في الحكومة أو المعارضة على حدٍّ سواء يحاولون ركوب موجة المزاج الشعبي العام في فرنسا الذي ما زال مصابًا بمرض «الإسلاموفوبيا»، ورغم أن هذا التحليل صحيح، إلا أن جذوره أبعد من سنواتنا الأخيرة. وأذكر أنني قبل نحو عشرين عامًا كتبتُ مقالًا في هذه الجريدة عنوانه «حجابنا.. حجابهم» تعليقًا على إعلان الرئيس الفرنسي - آنئذ- جاك شيراك في خطابٍ له ألقاه في 17 ديسمبر 2003م، نيته فرض حظر على الحجاب في المدارس الفرنسية بحجة أنه رمز ديني يهدد علمانية فرنسا، داعيًا البرلمان الفرنسي لسرعة تبنّي قانون خاص بهذا الشأن، وهو ما حصل بالفعل، ووقّع شيراك القانون في 15 مارس 2004 ليصبح نافذا.

المثير للسخرية أن شيراك - مثله مثل وزيرة الرياضة كاستيرا، ومثل كثير من سياسيي فرنسا ممن كلامُهم كالعسل وفعلهم كالأَسَل - لم ينس أن يتشدق في خطابه ذاك بأن «القيم الفرنسية تعتمد على العدالة واحترام الآخرين». وهي رطانة تبعث على الابتسام وتُذكّر بالمثل الشعبي: «أسمع كلامك أصدق، أشوف أمورك أستعجب».

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

دقيقة صمت في فرنسا حدادا على ضحايا إعصار شيدو الذي ضرب أرخبيل مايوت

وقف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون دقيقة صمت اليوم الإثنين بساحة قصر الإليزيه، حدادا على ضحايا الإعصار شيدو الذي ضرب أرخبيل مايوت الفرنسي في المحيط الهندي وتسبب في وفاة 35 شخصا على الأقل.

وتشهد فرنسا اليوم حدادا وطنيا أعلنه الرئيس الفرنسي تضامنا مع عائلات ضحايا الإعصار الذي عصف بالجزيرة الواقعة في المحيط الهندي، في وقت لا تزال فيه الجهود مستمرة لاستعادة الخدمات الأساسية بالأرخبيل. ولقي ما لا يقل عن 35 شخصا مصرعهم جراء هذه الكارثة الطبيعية وأصيب نحو 2500 وفقا لحصيلة مؤقتة.

كما وقف رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا بايرو دقيقة صمت بساحة مقر مجلس الوزراء حدادا على ضحايا الإعصار شيدو، فضلا عن موظفي الخدمات العامة في جميع أنحاء البلاد، وذلك تضامنا مع عائلات الضحايا وسكان الجزيرة المتضررين من الإعصار المدمر.

والأسبوع الماضي، زار الرئيس الفرنسي الأرخبيل لتقييم الوضع ومعاينة حجم الدمار الذي لحق بالسكان المتضررين. وأعلن أن الأعلام ستُنكس وسيتم الوقوف دقيقة صمت في منتصف النهار، خاصة في الخدمات العامة، داعيا جميع الفرنسيين إلى إحياء هذا اليوم تضامنا مع سكان مايوت.

وتواصل فرق الإنقاذ في مايوت البحث عن ناجين وتقييم حجم الدمار الناجم عن الإعصار، وهو أقوى إعصار يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاما حسب ما أفادت به هيئة الأرصاد الجوية الفرنسية.

وعلى مدار الأسبوع الماضي، جرت عمليات بحرية وجوية لنقل إمدادات ومعدات إغاثة بعد أن ضرب الإعصار شيدو الجزيرة الواقعة في المحيط الهندي برياح تجاوزت سرعتها 200 كيلومتر في الساعة.. ولم تتضح بعد الحصيلة النهائية لحجم الخسائر البشرية أو المادية في الجزيرة التي تقع بين مدغشقر وموزمبيق، إلا أن الحصيلة الرسمية التي أعلنتها السلطات المحلية في الوقت الحالي تصل إلى 35 قتيلا و2500 مصابا.

لكن السلطات تخشى وقوع عدة مئات من الضحايا، وربما حتى بضعة آلاف، فضلا عن أضرار مادية هائلة. فقد تسببت الرياح المصاحبة للإعصار في حدوث أضرار جسيمة، من انقطاع الكهرباء والمياه مع سقوط أعمدة كهرباء واقتلاع أشجار وتطاير أسقف منازل.

ومازالت فرق الإنقاذ تعمل بشكل متواصل لاستعادة الخدمات الأساسية في جزيرة مايوت الفرنسية، وهي من ضمن أقاليم فرنسا ما وراء البحار.

اقرأ أيضاًالاتحاد الأوروبي يقدم مساعدات طارئة للمجتمعات الإفريقية المتضررة من إعصار شيدو بموزمبيق

76 وفاة و768 إصابة حصيلة ضحايا إعصار شيدو في موزمبيق

ماكرون بصدد إعلان الحداد الوطني بسبب مأساة إعصار "تشيدو" المدمر

مقالات مشابهة

  • المشير “حفتر” يلتقي المبعوث الفرنسي إلى ليبيا “بول سولير”
  • المعارضة الفرنسية تنتقد التشكيل الحكومي الجديد
  • الإليزيه يعلن تشكيل الحكومة الفرنسية الجديدة بقيادة «فرانسوا بايرو»
  • بعد أشهر من الأزمات والضغوط..إعلان الحكومة الفرنسية الجديدة
  • تشكيل الحكومة الفرنسية الجديدة بعد أيام من الترقب
  • دقيقة صمت في فرنسا حدادا على ضحايا إعصار شيدو الذي ضرب أرخبيل مايوت
  • فرنسا تدين بشدة الهجوم الذي استهدف سوق عيد الميلاد في ماجديبورج بألمانيا
  • باحثة: الزيارة الفرنسية لسوريا تاريخية وتعكس المصالح الأوروبية
  • هل يقع التغيير بالثورة في اليوم العاقب لها: الثورة الفرنسية مثالاً (2-2)
  • التفاصيل الكاملة حول سحب القوات الفرنسية بتشاد