اعتبر رونين بيرغمان الصحفي الاستقصائي المعروف عالميا والمحلل العسكري لصحيفة يديعوت أحرنوت الإسرائيلية أن الرد المتوقع على الهجوم الصاروخي الإيراني -الذي استهدف إسرائيل ليلة أمس- قد يشكل نقطة تحول خطيرة، لأنه لن يقتصر على مجرد خطوة رمزية بل قد يمتد ليشمل مواجهة أوسع مدعومة من الولايات المتحدة أو حربا إقليمية.

إيران أخطأت الحسابات

وقال بيرغمان -الذي يعمل مع عدة وسائل إسرائيلية وعالمية- إن إيران أساءت تقدير الوضع السياسي والعسكري في إسرائيل، وقللت من تقدير رد الفعل، معتقدة أن الرد الإسرائيلي سيكون بطريقة محدودة تسمح للطرفين بإنهاء التصعيد، إلا أن إسرائيل رأت أن الهجوم الإيراني بمثابة "إعلان حرب" غير مبرر، وبالتالي فإن الرد سيكون قوياً وبالتنسيق مع الحليف الأميركي.

وبينما رأي الصحفي أن "إيران شنت هجومًا على إسرائيل ولم يكن هناك أي استفزاز، وهو ما يتناقض مع الأعراف القانونية والأخلاقية الدولية" فقد قال إن الهجوم الصاروخي يتناقض مع التصريحات السابقة لمسؤولين إيرانيين الذين ألمحوا إلى أنهم لا ينوون إشعال صراع واسع النطاق بعد اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله.

وحاول بيرغمان تفسير الهجوم الإيراني المفاجئ، بالقول "إن إيران قد تكون مارست خداعا متعمدا قبله أو أنه انعكاس لخلافات النظام الإيراني الداخلية، مثلما هي الخلافات في إسرائيل".

ووفقا لما استقاه الكاتب من مصادر إيرانية، فإن القيادة في طهران خلصت إلى أنها كانت مخطئة في عدم الرد على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران، ولم ترد بشكل كاف على استهداف قنصليتها في دمشق يوم 14 أبريل/نيسان الماضي.

وأوضح قائلا "كانوا يبحثون عن صيغة تسمح لهم بتجاوز المرحلة بكرامة، للتأكد من أن الولايات المتحدة لن تتدخل فيه بعد ذلك، وأنه إذا تسبب في رد إسرائيلي، فسيكون معتدلا جدا، وبعد ذلك سيتمكن الطرفان من إغلاق الجولة".

ولكن بيرغمان علق على ذلك بالقول "يبدو إن الإيرانيين عندما جعلوا اغتيال نصر الله يؤثر عليهم، لم يفهموا المزاج ودرجة الحرارة الحارقة في القيادة الإسرائيلية، كما أنهم أغفلوا تماما حاجة الولايات المتحدة، بعد منعها إسرائيل المرة الأخيرة من الهجوم بكل قوة، إلى الوقوف بقوة هذه المرة إلى جانبها".

وأضاف "وربما الأهم من ذلك أنهم لم يفهموا حقيقة أنه بعد فترة طويلة عانت فيها إسرائيل من مفاجآت سيئة وإخفاقات وخيبات أمل، فإنها تخوض أخيرا الحرب التي كانت تستعد لها، مدفوعة بالنجاحات التي حققتها ضد حزب الله بما يفتح شهيتها ليس فقط لإعادة سكان الشمال إلى منازلهم بأمان وتحقيق الهدوء الإقليمي لفترة طويلة، ولكن أيضا لتنفيذ ما يتم التعبير عنه باسم عملية النظام الشرق أوسطي الجديد".

الدعم الأميركي والحرب الإقليمية

وأكد الصحفي الاستقصائي أن إسرائيل ستطلب دعمًا دوليًا، خاصة من الولايات المتحدة، لمواجهة التهديد الإيراني، وقد يكون الدعم هذه المرة دفاعيًا وهجوميًا في آن واحد، وأضاف "هذا الدعم الأميركي يأتي في وقت تحتاج فيه إسرائيل إلى تحالف دولي قوي للرد، إذ إن المواجهة هذه المرة تتجاوز الحدود التقليدية، وقد تتسع لتشمل منطقة الشرق الأوسط بأسرها".

ولكنه يرى أن "الضرر كان في الغالب رمزيًا، ولكن إسرائيل، وبدعم من الولايات المتحدة، قررت أن هذا الهجوم لن يمر دون رد شامل".

وأشار بيرغمان إلى أن إسرائيل قد تستخدم هذا الهجوم فرصة لفرض هدوء طويل الأمد وإعادة رسم خريطة المنطقة وترتيب أوراقها، مستغلة النجاحات التي حققتها في ضرب حزب الله، وتصاعد شعور الثقة داخل القيادة الإسرائيلية.

وحاول رسم طبيعة الرد الإسرائيلي، وقال إن "حكومة نتنياهو تنوي تدفيع إيران ثمنًا باهظًا للهجوم الأخير، مما قد يؤدي إلى ردعها لفترة طويلة" وأضاف "قد لا يقتصر الهجوم الإسرائيلي على الضربة الانتقامية، بل قد يشمل ردًا في جميع أنحاء الشرق الأوسط".

وحسب رأيه، فإن "ما يزيد من تعقيد الموقف أن الولايات المتحدة، التي منعت إسرائيل مرات سابقة من تصعيد الأمور، قد تجد نفسها هذه المرة مضطرة للوقوف بجانب إسرائيل عسكريًا" ولكنه أبدى في المقابل تشككا فيما إذا كانت واشنطن على استعداد للمشاركة في هجوم مشترك مع إسرائيل.

ختامًا، رأى بيرغمان أن السؤال الحاسم هو ما إذا كانت إسرائيل ستتجه نحو مواجهة واسعة النطاق أو جولة محدودة من القتال. فمع ارتفاع مستوى التوترات، يبدو أن الحكومة الإسرائيلية أمام مفترق طرق: إما أن تختار ردًا محدودًا يردع إيران بشكل مؤقت، أو أن تنفذ عملية عسكرية أكبر تهدف لتشكيل نظام شرق أوسطي جديد.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الولایات المتحدة هذه المرة

إقرأ أيضاً:

هل تستطيع أوروبا حماية أراضيها بدون الولايات المتحدة؟

أنقرة (زمان التركية) – صرح وزير الدفاع الأمريكي، بيت هيغسيث، في أول زيارة دولية له منذ توليه منصبه أن تمويل دفاع أوكرانيا ضد الغزو الروسي يجب أن توفره الدول الأوروبية إلى حد كبير. لكن، ماذا يعني هذا بالنسبة لأوروبا؟

أدلى هيغسيث بهذا التصريح وسط محادثات جارية بين الوفدين الروسي والأمريكي في المملكة العربية السعودية. وتقدم هذه المحادثات دلالات حول ما قد تكون عليه استراتيجية ترامب لإنهاء الحرب في أوكرانيا.

وفي حديثه في مؤتمر ميونيخ الأمني يوم الجمعة 14 فبراير/ شباط الجاري، شدد نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس على “ضرورة اتخاذ أوروبا خطوة كبيرة للدفاع عن نفسها”.

أثار هذا التحول الحاد في السياسة من قبل الولايات المتحدة قلق القادة الأوروبيين، وعُقد اجتماع طارئ في باريس في 17 فبراير/ شباط الجاري لمناقشة الحرب الروسية الأوكرانية وأمن القارة.

وهذا يثير تساؤلات حول مدى اعتماد أوروبا على الولايات المتحدة لأمنها وما إذا كان بإمكانها البقاء على قيد الحياة بمفردها.

ما أسباب تعاون الولايات المتحدة مع أوروبا ؟

نظرت الولايات المتحدة إلى أوروبا القوية اقتصاديًا وعسكريًا كعنصر حيوي في منع التوسع السوفيتي و قدمت مساعدة واسعة النطاق للدول الأوروبية بعد الآثار المدمرة للحرب العالمية الثانية.

وبالوقت الراهن، يتفق 32 عضوًا في الناتو، بما في ذلك بعض دول أوروبا الشرقية، على أنه يجب عليهم الدفاع عن بعضهما البعض في حالة تعرض أحدهم للهجوم.

لكن التطورات الأخيرة تضع الهيكل الأمني الذي تم إنشاؤه لأوروبا بعد الحرب العالمية الثانية في خطر. لا تزال الولايات المتحدة جزءًا من حلف الناتو، لكن القادة الأوروبيين قلقون من أنهم قد لا يعودوا قادرين على الاعتماد على مساعدة الولايات المتحدة.

كم تنفق الدول الأوروبية على الدفاع ؟

يريد الحليف الأمريكي من الدول الأعضاء بالناتو تخصيص ما لا يقل عن 2 في المئة من دخلها القومي للإنفاق الدفاعي.

ووفقًا لتقديرات الناتو لعام 2024، كانت بولندا هي الدولة الأكثر إنفاقًا للسنة الثانية على التوالي، حيث خصصت 4.1 في المئة من ناتجها المحلي الإجمالي للدفاع.

تحتل إستونيا المرتبة الثانية بنسبة 3.4 في المئة، بينما تحتل الولايات المتحدة المرتبة الثالثة بنسبة 3.4 في المئة وهو ما ظلت تنفقه على مدى العقد الماضي.

تحتل المملكة المتحدة المرتبة التاسعة بنسبة 2.3 في المئة. وقال وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، إن بلاده ملتزمة “تمامًا” بإنفاق 2.5 في المائة على الدفاع وستكشف النقاب عن خطة لتحقيق هذا الهدف في غضون بضعة أشهر.

ويقدر متوسط إنفاق أعضاء الناتو في أوروبا وكندا بنسبة 2 في المئة.

وأوضح كاميل جراند، الأمين العام المساعد السابق لحلف الناتو للاستثمارات الدفاعية، لبي بي سي أنه ليس من المستغرب أن تطلب الولايات المتحدة المزيد من الاستثمارات من أوروبا قائلا: “كان الأوروبيون ينفقون أقل من اللازم منذ عقود ويدفعون الآن الثمن. الطلب الأمريكي مشروع تمامًا. لماذا لا تنفق الدول الغنية أكثر ؟”

هل يمكن تشكيل “جيش أوروبي “؟

دعا الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، في الرابع عشر من فبراير/ شباط الجاري إلى إنشاء “جيش أوروبي” في حالة سحب الولايات المتحدة للمساعدات قائلا: “دعونا نكون واقعيين. لم يعد بإمكاننا استبعاد احتمال أن تقول أمريكا لا لشيء يهدد أوروبا. لقد تحدث الكثير والكثير من القادة عن الحاجة إلى أن يكون لأوروبا جيشها الخاص، جيش أوروبي”.

ولطالما دعم الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، إنشاء القوة العسكرية الأوروبية الخاصة لتقليل اعتمادها على الولايات المتحدة، لكن هذه الفكرة سرعان ما رفضها رئيس الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، كاجا كالاس.

وأوضح ريتشارد ويتمان، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة كنت، لبي بي سي أن دول الناتو في أوروبا غنية بما يكفي لبناء دفاعات ضد قوة مثل روسيا، لكن المشكلة الحقيقية هي التنظيم قائلا: “بر مشكلة في أوروبا هي كيفية الجمع بين كل هذه العناصر العسكرية ومزامنتها مع بعضها البعض. على سبيل المثال، كيفية ربطهم للتقنيات المتقدمة مثل أنظمة الأقمار الصناعية هي علامة استفهام كبيرة “.

ترى البروفيسور أميليا هادفيلد، ،المديرة المؤسسة لمركز أوروبا وإنجلترا بجامعة سري، أنه من غير المرجح تمامًا” أن يتمكن الجيش الأوروبي من الدفاع عن نفسه ضد قوة مثل روسيا.

وأشارت هادفيلد إلى قدرة الجيوش المختلفة على العمل مع بعضها البعض قائلة: “”لكنك تطلب منهم، بعد ثلاث سنوات على الهامش، أن يغرقوا في أزمة ساخنة، وأن يكونوا مستعدين وأن يتأكدوا من قدرتهم على بناء قوة حفظ سلام فعالة دون نقص في المعدات والأفراد وقابلية التشغيل البيني”.

منذ تأسيس الناتو، كانت عملياته العسكرية بقيادة وتنسيق القائد الأعلى لقوات الحلفاء لأوروبا (SACEUR). ولطالما تم تعيين ضابط أمريكي في هذا المنصب. وقد منحهم ذلك خبرة واسعة في عمليات زمن الحرب.

يؤكد البروفيسور ويتمان أن الجنرالات الأوروبيين ليس لديهم هذا المستوى من الخبرة مفيدا أن هذا سيكون عيبًا كبيرًا لـ “الجيش الأوروبي”.

بالإضافة إلى ذلك، فإن الفراغ السياسي الذي سينشأ مع انفصال الولايات المتحدة هو أيضًا قضية مهمة.

يشير البروفيسور ويتمان إلى أن الولايات المتحدة لا تقدم ضمانًا عسكريًا فحسب، بل تمنح أيضًا العمليات العسكرية سلطة سياسية مفيدا أنه لا يوجد مثل هذا الهيكل لصنع القرار في أوروبا سواء بشكل مباشر أو جماعي.

قد يؤدي ذلك إلى صراع على السلطة حول من سيأخذ زمام المبادرة في استراتيجية الدفاع الأوروبية.

وفقًا لهادفيلد، قد تكون فرنسا والمملكة المتحدة، وهما أكبر شركاء الأمن والدفاع في أوروبا، أقوى المرشحين للقيادة. ومع ذلك، يجب أيضًا الإجابة على أسئلة مثل كيفية تقسيم النفقات ومن سيتحمل العبء الأكبر.

هناك قضية حرجة أخرى وهي “الوقت”.

يتساءل البروفيسور ويتمان ما مدى السرعة التي يمكنك بها بناء الأقمار الصناعية وإطلاقها مفيدا أن هذا الأمر لا يستغرق الأمر أيامًا أو أسابيع أو شهورًا ؛ بل يستغرق سنوات.

وهذا يثير أيضا التساؤل عن مدى فائدة “الجيش الأوروبي” للأزمة الحالية في أوكرانيا.

وذكرت كاميلا جراند أن أكبر التحديات التي ستواجه أوروبا ستكون “الحجم والاستعداد” مفيدة أنهه من المهم ليس فقط عدد القوات، ولكن أيضًا مدى استعدادها للحرب. وأوضحت جراند أن التقنيات المتقدمة مثل التزود بالوقود جوًا والمركبات الجوية بدون طيار والصواريخ طويلة المدى ستكون من بين التحديات.

وأسردت جراند ورفاقها مشاهداتهم في مقال نشر في مركز بيلفر للعلوم والعلاقات الدولية في جامعة هارفارد على النحو التالي:

“”لن يتم بناء قدرة دفاعية أوروبية قوية، والتي تعد جزءًا لا يتجزأ من الشراكة عبر الأطلسي، بين عشية وضحاها. وسيتطلب الأمر سنوات من الجهد والالتزام المستمرين. لضمان حرية أوروبا ومكانتها العالمية، وللحفاظ على القيادة الأمريكية في عصر عدم اليقين العالمي، يجب على كل من أوروبا وأمريكا إجراء تغييرات صعبة”.

ماذا يعني هذا لمستقبل أوروبا؟

بسبب الثغرات في القدرة العسكرية لأوروبا، يشعر الكثيرون بالقلق إزاء التهديد بسحب الدعم الأمني الأمريكي.

وذكر البروفيسور ويتمان أنه من الصعب تخيل أن أوروبا آمنة عسكريًا بدون الولايات المتحدة.

وأفاد جراند، وهو مسؤول تنفيذي سابق في الناتو، أنه سيتعين على الدول الأوروبية الاستمرار في زيادة إنفاقها بشكل كبير من أجل بناء جيش مستدام وجماعي.

ويشعر آخرون بالقلق بشأن ما إذا كانت روسيا ستختبر تغيير توجه الاهتمام الأمريكي.

وقال البروفيسور هادفيلد: “من المحزن أن نقول إن الناس معتادون على فكرة أن أوكرانيا ستتفكك وسيتعين علينا إعادة بنائها، لكنهم غير معتادين على فكرة أن روسيا ستضرب السويد أو بولندا أو حتى بريطانيا، وهذا مستوى آخر من الصراع. سيتعين على الناتو تحديد هويته بسرعة كبيرة دون أن يكون عضوًا مؤسسًا”.

 

Tags: التوترات بين أوروبا وأمريكاالحرب الروسية الأوكرانيةجيش أوروبيحلف الناتودونالد ترامب

مقالات مشابهة

  • أخّر “طوفان الأقصى” نصف ساعة.. الضيف تفّوق استخبارياً على إسرائيل
  • صحفي إسرائيلي: الضيف صاحب قرار عملية طوفان الأقصى
  • الرئيس الإيراني: نريد التفاوض مع أمريكا ودول المنطقة ولن نخشى إسرائيل
  • الولايات المتحدة ترفض قرارا أمميا يدعم أوكرانيا
  • اتهامات في إسرائيل لجهات إقليمية بالعمل على تخريب علاقاتها بمصر
  • العلاقات بين إسرائيل وتركيا تتأرجح.. بسبب إيران وحزب الله؟
  • رئيس أركان الجيش الإيراني: أي اعتداء على إيران لن تنعم المنطقة بالهدوء ثانية
  • هل تستطيع أوروبا حماية أراضيها بدون الولايات المتحدة؟
  • لماذا تتهم إسرائيل تركيا بدعم حزب الله؟
  • صحف العالم.. انعقاد القمة بين بوتين وترامب محتمل قبل نهاية فبراير .. وترامب يتهم أوكرانيا ببدء صراع دمر أراضيها وقتل الآلاف من شعبها