عربي21:
2024-11-17@04:55:08 GMT

عن اغتيال أبي بكر الصّدّيق رضي الله عنه

تاريخ النشر: 2nd, October 2024 GMT

يوم الاثنين ليلة الثلاثاء في الحادي والعشرين من شهر جمادى الثانية للسنة الثالثة عشرة للهجرة والذي يوافق الثاني والعشرين من شهر آب/ أغسطس من سنة 634م، غادر خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلّم الصدّيق أبو بكر رضي الله عنه دنيانا الفانية ليلتقي بصاحبه وحبيبه في جنات ونهر في مقعد صدف عند مليك مقتدر.

ولكن هل مات أبو بكر رضي الله ميتة طبيعيّة أم أنّه تعرّض لعمليّة اغتيال فقضى شهيدا مقتولا مغدورا؟

عموم الروايات التي يتناقلها المتحدّثون عن وفاة أبي بكر رضي الله عنه تركّز على آخر أسبوعين من حياته وإصابته بالحمّى بعد استحمامه، وهو ما أخرجه الواقدي والحاكم عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان أول بدء مرض أبي بكر؛ أنه اغتسل يوم الاثنين لسبع خلون من جمادى الآخرة، وكان يوما باردا، فحُمّ خمسة عشر يوما لا يخرج إلى صلاة، وتوفي ليلة الثلاثاء، لثمان بقين من جمادى الآخرة، سنة ثلاث عشرة، وله ثلاث وستون سنة".



وهذا الخبر لا ينقل الصورة الكاملة لما جرى مع أبي بكرٍ الصديق رضي الله عنه، وهذه الحادثة لا تنفي الحقيقة التي لا يعرفها الكثيرون وهي أنّ أبا بكر رضي الله عنه تعرّض لعمليّة اغتيال قام بها اليهود، وذلك عن طريق دسّ سمّ طويل الأمد له في الطعام في عمليّة اغتيال تشبه تلك التي تعرّض لها رسول الله صلى الله عليه وسلّم حين دسّ له اليهود السمّ في خيبر، وكان استشهاده صلى الله عليه وسلّم نتيجة السمّ الذي وضع له في الشاة وأكل منها. فقد أخرج البخاريّ في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان النّبي صلى الله عليه وسلم يقول في مرضه الذي مات فيه: يا عائشة، ما أزالُ أجد ألم الطّعام الذي أكلتُ بخيبر، فهذا أوان وجدتُ انقطاع أبهري من ذلك السّم".

يذكر السيوطي في "تاريخ الخلفاء" وغيره: "أخرج ابن سعد والحاكم بسندٍ صحيح عن ابن شهاب: أنّ أبا بكر والحارث بن كلدة كانا يأكلان خزيرة أهديت لأبي بكر، فقال الحارث لأبي بكر: "ارفع يدك يا خليفة رسول الله، والله إن فيها لسم سنة، وأنا وأنت نموت في يوم واحد"، فرفع يده، فلم يزالا عليلين حتى ماتا في يوم واحد عند انقضاء السنة.

وهذا الخبر واضح في اكتشاف الحارث بن كلة للسمّ المدسوس لهما في الخزيرة، وهي كما يقول قال ابن فارس: دقيق يخلط بشحم، وقال غيره مثل القتبي وتبعه الجوهري: الخزيرة أن يؤخذ اللحم فيقطع صغارا ويصبّ عليه ماء كثير، فإذا نضج ذرّ عليه الدقيق، فإن لم يكن فيها لحم فهي عصيدة.

وأما الحارث بن كلدة الذي اكتشف السمّ فهو أشهر أطباء العرب حينها، وكانت العرب تلقبه في الجاهليّة بـ"طبيب العرب"، وبقي على لقبه في الإسلام، وقد ورد في مهارته ما ذكره ابن حجر العسقلاني في "الإصابة في تمييز الصحابة" وأخرجه أبو داود عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه؛ قال: "مرضت مرضا أتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودني فوضع يده بين ثديي حتى وجدت بردها على فؤادي فقال: إنّك رجل مفؤود؛ ائت الحارث بن كلدة أخا ثقيف فإنّه رجل يتطبّب، فليأخذ سبع تمرات من عجوة المدينة فليجأهن بنواهن ثم ليلدك بهن".

وقال عنه جمال الدين القفطي في "إخبار العلماء بأخبار الحكماء": "وأدرك الحارث بن كلدة الإسلام وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر من كانت به علة أن يأتيه فيسأله عن علته". فنحن إذن نتحدّث عن تشخيص أمهر المتخصصين بالطبّ للواقعة، فقد كان قادرا على اكتشاف وجود السمّ وقادرا على تحديد نوعه ومدى خطره وزمان تأثيره.

وكان هذا الأمر شائعا في حينه، فهو ليس سرا نكتشفه عقب مرور هذه القرون كلّها، بل كان النّاس يتحدّثون به ويتناقلونه، ومن ذلك ما ذكره السيوطي في "تاريخ الخلفاء": "وأخرج الحاكم عن الشعبي قال: ماذا نتوقع من هذه الدنيا الدنية وقد سُمّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمّ أبو بكر".

ففي زمن أبي بكر رضي الله عنه كانت هناك كيانات معادية للدولة بعدما تعرض اليهود للإجلاء والعقاب نتيجة غدرهم المتكرر وخياناتهم المتعاقبة ونقضهم للعهود والمواثيق في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلّم. فنحن إذن أمام حادثة اغتيال سياسيّ يتعرّض لها أول حاكم للدولة الإسلاميّة في بعد رسول الله صلى الله عليه وسلّم، ومن إحياء الذّاكرة وإيقاظها أن تبرز هذه الحقائق الغائبة أو المغفول عنها في هذا الزمن، فإنّ فيها عِبرا لأُولي الألباب في ساح المواجهة المحتدمة.

x.com/muhammadkhm

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه اغتيال تاريخ اغتيال تاريخ أبو بكر الصديق سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة رسول الله صلى الله علیه وسل م صلى الله علیه وسلم بکر رضی الله عنه ة اغتیال أبی بکر

إقرأ أيضاً:

الشيخ ياسر السيد مدين يكتب: في حديث جبريل   

حدَثٌ غريبٌ يستحق منَّا النظرَ والتأمل.. إنه ذلك الحضور الحسىّ لأمين الوحى سيدنا جبريل عليه السلام، فى صورة رجل غريب رآه الصحابة كما يرى بعضُهم بعضاً، وسمعوه كما يسمع بعضُهم بعضاً.

وقد جاءت أحداث هذا الحدَث جاذبة لكل الجالسين، بحيث تلفت انتباههم لكل ما يُقال، فالحاضر رجلٌ غريب تتطلع لمعرفته الأنظار، له وجه حسَنٌ لا تلتفت عنه العيون، طيّبُ الريح بحيث تأنسُ له النفوس، ثيابه نظيفة لا يُرى عليها شىء من آثار السفر كالغبار والعرق! رغم أنه غريب غير معروف، فليس من أهل المكان وليس ضيفاً على بعض أهله! إنه شأن يجذب الحواسّ.

ثم هو يسلم على سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ويستأذنه فى الاقتراب منه مراراً، وقد جاء وصف هذا فى رواية الإمام النَّسَائىّ التى جاء فيها «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلس بينَ ظَهْرانَى أصحابه [أى: بينَهم]، فيجىءُ الغريب فلا يَدرى أيُّهم هو حتى يسألَ، فطلبنا إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم [أى: استأذناه] أن نجعلَ له مجلساً يعرفُهُ الغريب إذا أتاه، فبَنيْنَا له دُكَّاناً مِن طين [أى: دَكَّةً يقعد عليها] كان يجلس عليه، وإنا لجلوس ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم فى مجلسِه إذ أقبل رجلٌ أحسنُ الناس وجهاً، وأطيب الناس ريحاً، كأنَّ ثيابه لم يمسّها دنَس، حتى سلَّمَ فى طرَفِ البساطِ، فقال: السلام عليك يا محمدُ. فردَّ عليه السلام، قال: أَدنُو يا محمد؟ قال: «ادنُهْ». فما زال يقول: أدنو؟ مِراراً، ويقول له: «ادنُ»، حتى وضع يده على ركبتى رسولِ الله، صلى الله عليه وسلم».

هذه الأمور كلها تتآزر لجذب انتباه الجالسين، بحيث تعى قلوبهم كل ما سوف يُقال، أليس فى هذا إرشادٌ للمعلمين وللدعاة وللآباء كيف يهيئون نفوس مَن يريدون توجيه الكلام والنّصح إليهم بحيث تكون قلوبهم أوعية واعية لما يوجّه إليهم من إرشاد؟!

ثم يبدأ الحوار الذى يرويه لنا سيدنا عمر الفاروق، رضى الله عنه وأرضاه، فيحكى قولَ الرجل الغريب الذى تمثَّلَ فى صورته سيدنا جبريل عليه السلام، إنه يبدأ الكلام، فيقول: يا محمدُ أخبرنى عن الإسلام.

البدءُ بالسؤال عن الإسلام أمر منتظرٌ من غريب جاء ليعرفَ الدين؛ فليس هذا غريباً أو عجيباً، ولكن الغريب حقّاً هو ما سوف يقولُه سيدُنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، كيف يستطيع صلى الله عليه وسلم أن يُلخّصَ شأن هذا الدين الذى هو رسالة الله تعالى للعالمين فى كلمات قلائل.. لو قيل لجمع كبير من العلماء الذين أفنَوْا أعمارَهم فى دراسة هذا الدين أن يلخّصوه فى كلمات ما استطاعوا، إنهم يحتاجون أن يُفرّغوا حتى يضعوا مؤلَّفاً لبيان هذا الدين، ثم هم كلما أعادوا النظر فيه زادوا فيه وبدّلوا وغيّروا.

وها هو سيدُ الخَلق، صلى الله عليه وسلم، يُلخصُّ الإسلام فى كلمات قليلات، فيقول، صلى الله عليه وسلم: «الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتقيم الصلاة، وتُؤتى الزكاة، وتصومَ رمضان، وتحجَّ البيت إن استطعتَ إليه سبيلاً».

لقد بدأ صلى الله عليه وسلم تعريفه للإسلام بقوله: «الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم». إن الإسلام يبدأ من الشهادتين الكريمتين؛ الشهادة لله تعالى بالوجود والوحدانية، والشهادة بصدق سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فى دعواه النبوة والرسالة.

ولا بد من الانتباه إلى خصوصية كلمة (أشهد) التى أشار إليها السادة العلماء، فإنه صلى الله عليه وسلم لم يقل بدلاً منها: (أعترف)، أو: (أُقرّ)، أو غير ذلك... وإنما قال: (أشهد) تلك الكلمة التى لا بد من أن ينطقها مَن يريد أن يدخل فى هذا الدين، ويُردّدها المسلم فى كل أذان وصلاة.

والشهادة يُعرّفُها العلماء بأنها «قولٌ صادرٌ عن علمٍ حصَلَ بمشاهدةِ بصيرة أو بصر»، إذن الإسلام يبدأ من هذه النقطة، من نقطة إزاحة أىّ غشاوة عن البصر والبصيرة، حتى يشهد الإنسان شهادة ليس فيها أدنى لبس بوحدانية الله تعالى وصدق رسالة رسوله الكريم، صلى الله عليه وسلم.

مقالات مشابهة

  • ما هي الأعمال التي تجعلنا نرى رسول الله في الجنة؟
  • الأزهر: الحياة دار ابتلاء وعلى المؤمن التحلي بالصبر والشكر
  • فعاليتان ثقافيتان في بني الحارث بذكرى الشهيد
  • ما هي البدعة التي حذرنا منها رسول الله؟ .. علي جمعة يوضحها
  • الشيخ ياسر السيد مدين يكتب: في حديث جبريل   
  • حكم تلاوة المرأة القرآن أمام الرجال الأجانب.. دار الإفتاء تجيب
  • اغتيال قادة حزب الله ستزيده شراسة وهذه هي الأسباب
  • حكم وجود طريق فاصل بين مصلى الرجال والنساء
  • أحمد عمر هاشم: مصر أصبحت بلد مئات الآلاف من المآذن.. فيديو
  • عدد ركعات سنة الجمعة وكيفية أدائها