هل ستتلقى إسرائيل المزيد من الضربات من إيران؟
تاريخ النشر: 2nd, October 2024 GMT
وُضعت إيران في موقف حرج للغاية، دولة وثورة ومكانة ودورًا، وفي حالة لا تحسد عليها. فالرد على الصفعات التي تلقتها وتتلقاها هي وحلفاؤها من الدولة العبرية قد يكون له من التبعات والعواقب ما لا تقوى على تحمله وحمله، أما السكوت وعدم الرد فسيهوي بمصداقيتها إلى الحضيض بين حلفائها وأتباعها وسيهز صورتها، ويؤثر وبشكل كبير على دورها ومكانتها إقليميًا ودوليًا.
الأمر الذي كان أكثر ضررًا على إيران، هي الروايات والسرديات التي قدمها محللون ومراقبون، ذهبت أكثر من الحديث عن التردد الإيراني أو حتى العجز عن الرد على تجاوزات وانتهاكات الإسرائيليين، لتتحدث عن صفقة إيرانية إسرائيلية أميركية، قدمت بها طهران حزب الله لقمة سائغة لإسرائيل، وتخلت عنه في ساعة العسرة – سوى من تصريحات لا تسمن ولا تغني من جوع – في مقابل تقاسم النفوذ في الشرق الأوسط، على أن تكون دولة الاحتلال السيد الأول في المنطقة، فيما تكتفي إيران بدور الوصيف.
استدل أصحاب النظرية التآمرية على ذلك بالمعلومات المذهلة التي وصلت للدولة العبرية، والتي مكنتها من توجيه ضربات قاسية ودقيقة لقيادته العسكرية والسياسية وصولًا لحسن نصر الله ولمواقع الحزب الإستراتيجية من مرابض الصواريخ وحتى مستودعات أسلحته وذخائره. بل إن البعض يذهب أبعد من ذلك ليشكك بأن حرص حزب الله الأمني الشديد ما كان له أن يخترق كما جرى في موضوع البياجر وغيره، ما لم تكن هناك طمأنات إيرانية وعلى مستوى عالٍ.
يستدل المشككون في الموقف الإيراني والطاعنون فيه والذين انضم إليهم أسماء إعلامية برزت في العقد الأخير على شاشات القنوات والفضائيات تدافع عن محور المقاومة بشراسة، لتخرج الآن في مقابلات إعلامية تتحدث بطريقة صادمة وصريحة تشكيكًا في الدور الإيراني ونيلًا منه. بل إن تصريحات الرئيس الإيراني خصوصًا في نيويورك – وعلى الأخص غزله في الأميركيين – قبيل اغتيال حسن نصر الله زودت المشككين بذخيرة لا يستهان بها.
فهل يمكن للمتابع والمراقب ولأجيال نشأت وهي تستمع لهتافات إيرانية تنال من أميركا والشعار الأشهر: "الموت لأميركا" أطلقت لعشرات السنين حتى وصلت لشعائر الحج وطقوسه، أن تتقبل عبارات على المستوى الرئاسي الإيراني تشيد بأميركا، فيما الطائرات والذخائر المصنعة أميركيًا تتطحن أطفال غزة ولبنان، والغطاء السياسي الأميركي يدعم الصهاينة في مجازرهم وانتهاكاتهم وتجاوزاتهم؟
بعيدًا عن التشكيك في الموقف الإيراني والذي اضطرت إيران للرد عنه ونفيه في موضوع إسماعيل هنية واغتياله في طهران وهو في ضيافتها وحمايتها وكنفها، فإن عدم الرد الإيراني على الاغتيال بعد التصريحات النارية والتهديد والوعيد الإيراني، اعتبره البعض ردًا إيرانيًا يرتضي ويعترف لإسرائيل بالدور الرئيسي في المنطقة، فيما تتراجع طهران من خلفها خوفًا وطمعًا: خوفًا من البطش الإسرائيلي والأميركي وطمعًا في إبقاء نفوذها على عواصم عربية وعلى أجزاء من المنطقة.
وإذا كانت مسألة عدم الرد على اغتيال هنية، مع كل التصريحات النارية التي أعقبته من شخصيات إيرانية رفيعة المستوى، وعلى رأسهم خامنئي، تهز من مصداقية إيران وتفتح الباب على مصراعيه للتشكيك في مواقفها، فإن ترك حزب الله في الميدان وحده في مواجهة إسرائيل – ودمويتها ومجازرها في لبنان بحق حاضنة حزب الله الشعبية – والدعم الأميركي الكاسح لها ومن بعد اغتيال حسن نصر الله والذي لم يكن يتوقف عن الإعلان عن ولائه المطلق لإيران ولنظام ولاية الفقيه فيها، أمور سيكون لها على إيران دولة وثورة تبعات كثيرة وتداعيات خطيرة.
حتى التصريحات الإيرانية حول ما جرى في لبنان وما تعرض له حليفها حزب الله والتي بطبيعة الحال لا تكفي، شابها التناقض والغموض، فتارة تسمع أن حزب الله قادر على صد العدوان، وأخرى تقول إنه لا يمكنه الوقوف بمفرده ضد دولة يدعمها الغرب ويزودها بالسلاح.
المنطقة في إعادة تشكيل وترتيب تواجه منعطفات فارقة ومفترقات حادة بشكل عام، وإيران على وجه الخصوص. وجدت طهران أن السكوت والاكتفاء بالتصريحات والتهديدات اللفظية سيشجع إسرائيل على التمادي في ضرباتها وتجاوزاتها وتصفيتها قادة المليشيات الذين يدورون في فلكها، ويهوي بمصداقيتها للحضيض مع حلفائها في الدول التي لها فيها مليشيات ونفوذ، وربما يتمردون عليها، فرأت أن الفرصة سانحة – مع الانهماك الإسرائيلي على عدة جبهات – لرد مدروس يعيد لها شيئًا من هيبتها ويحفظ لها مكانتها بين حلفائها وأتباعها.
بدأ الاعتذار الإيراني غير المباشر من الأتباع والحلفاء بتصريح الرئيس الإيراني بأن الدول الغربية كذبت على إيران وخدعتها بعد اغتيال هنية بوعدها بوقف إطلاق النار على غزة، مقابل عدم الثأر والرد على استهداف القائد الفلسطيني على أراضيها وفي ضيافتها.
ضربت طهرانُ إسرائيل وبشكل مباغت، وصرحت بشكل واضح بأنها استهدفت المنشآت العسكرية وليست المدنية في دولة الاحتلال، وأنها ستصعد وتضرب البنية التحتية إذا ما ردّت إسرائيل على ضربات الثلاثاء.
ما يفهم من ذلك أن إيران اعتبرت ضربتها كافية ووافية، وأنها لن تقوم بالتصعيد وما تريده قد لا يتجاوز حفظ ماء وجهها.
الكرة الآن في الملعب الإسرائيلي، فإن ردت إسرائيل المنتشية وقيادتها السياسية والعسكرية (خصوصًا من المتطرفين) واغتنمت الفرصة لاستهداف المواقع النووية، فنحن أمام كرة نار تتدحرج بطريقة من الصعب التنبؤ بها، أما إذا مارست واشنطن وحلفاؤها ضغوطًا على الاحتلال للاكتفاء بالرد الشديد على "محور المقاومة" من ناحية الأطراف لا على القلب مقابل رِشا عسكرية وسياسية، فقد نشهد احتواء للتصعيد، وستحاول الدولة العبرية تعويض هزة الثلاثاء الفاتح من أكتوبر/تشرين الأول النفسية والمعنوية، بمزيد من الضربات الموجعة لحزب الله وحلفاء إيران في المنطقة، ما استطاعت إلى ذلك سبيلًا.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلاميةالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الرد على حزب الله
إقرأ أيضاً:
إسرائيل تنفذ ضرباتها على اليمن دون موافقة مجلس الوزراء الأمني
ذكرت هيئة البث الإسرائيلية أن الغارات التي شنت صباح أمس من قبل الجيش الإسرائيلي على أهداف مرتبطة بالحوثيين في اليمن لم يوافق عليها سوى رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس، دون موافقة مجلس الوزراء الأمني.
أوضح التقرير نقلاً عن مصادر لم تسمها الهيئة أن وزراء مجلس الوزراء الأمني تلقوا تحديثاً عاماً فقط حول التطورات التي لم تتضمن الأهداف التي تم ضربها أو ما وراء الضربات العسكرية.
وضرب الجيش الإسرائيلي أهدافاً للحوثيين في اليمن في وقت مبكر أمس الخميس، بعد ساعات فقط من شن الجماعة المسلحة المدعومة من إيران هجوماً على إسرائيل.
وقال الجيش الإسرائيلي في بيان إن الغارات الجوية الإسرائيلية، بما في ذلك على الموانئ والبنية التحتية للطاقة في العاصمة صنعاء، جاءت رداً على هجمات الحوثيين بالصواريخ والطائرات بدون طيار على إسرائيل خلال العام الماضي، والتي تم اعتراض معظمها.
Report: Yemen strikes went ahead without consulting security cabinet https://t.co/N6p1mulcgA
— ToI ALERTS (@TOIAlerts) December 20, 2024وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، في تحذير لقادة الحوثيين بعد الضربات إن "يد إسرائيل الطويلة ستمتد إليكم أيضاً".