أستاذ التخطيط العمراني: وجود المسكن لجميع الطبقات على أجندة القيادة السياسية
تاريخ النشر: 2nd, October 2024 GMT
أكد الدكتور سيف الدين فرج أستاذ التخطيط العمراني، أن القيادة السياسية المصرية تمتلك استراتيجية عمرانية جيدة، والتي يكون هدفها الأساس رفع جودة حياة المواطن المصري لكل فئات المجتمع.
رفع جودة حياة المواطن المصريوأضاف “فرج”، خلال مداخلة هاتفية لفضائية "إكسترا نيوز"، أن وجود المسكن وتوافره لجميع الطبقات الاجتماعية المختلفة سواء محدودي الدخل أو المتوسط وحتي الفاخر لها نصيب على أجندة القيادة السياسية.
وتابع أستاذ التخطيط العمراني: "الحكومة توفر فى كل مكان فى مصر إسكانا كهدف أساسى من أهداف القيادة السياسية لتحقيق الإستقرار والأمان للمواطن المصري، مؤكدًا أن الدولة أطلقت مبادرة "سكن لكل المصريين" التي تخاطب فئة محدودي ومتوسطي الدخل من خلال توفير وحدات سكنية على نموذجين الأول مساحته 75 مترا وهو عبارة عن غرفتين وصالة ومطبخ وحمام، والثاني 90 مترا وهو عبارة عن 3 غرف وصالة ومطبخ وحمام.
وشدد أستاذ التخطيط العمراني، على أن مبادرة “سكن لكل المصريين” يغطي محافظات عديدة في مصر وسيجرى تسليم الوحدات كاملة التشطيب بهدف تقليل التكاليف على المواطن.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: التخطيط القيادة السياسية المصرية المصري المواطن المصرى أستاذ التخطیط العمرانی القیادة السیاسیة
إقرأ أيضاً:
مستقبل التصميم العمراني والأمن الغذائي « بمساعدة الأنثروبولوجيا »
يدرس الأنثروبولوجيون كيف تؤثر المساحات الحضرية على حياة السكان. على سبيل المثال، تشجع تصاميم الشوارع الضيقة في المدن القديمة على التفاعل الاجتماعي مقارنة بالشوارع العريضة في المدن الحديثة. ففي مدينة برشلونة مثلا، تم تصميم العديد من الساحات الصغيرة (Plazas) لتكون أماكن تجمع طبيعية للسكان، مما يعكس ثقافة الجلوس في الأماكن العامة. أما في الأسواق التقليدية في العالم العربي فتظهر البازارات والأسواق القديمة مثل سوق واقف في قطر، حيث التصميم يُراعي حركة الناس وتفاعلهم بطريقة تتماشى مع ثقافة البيع والشراء.
وعندما تبنى المدن بناء على الفهم الثقافي، تصبح أكثر استدامة اجتماعيا. الأنثروبولوجيا تساعد المخططين في معرفة الأنماط اليومية للسكان، مثل مواعيد العمل، الأكل، والتجمعات الاجتماعية، مما يؤثر على قرارات التخطيط. وحيث إن أحد أهم أدوار الأنثروبولوجيا هو مساعدة المخططين على تصميم مدن تتناسب مع العادات الثقافية للسكان ، فيتم استخدام المساحات المفتوحة واستغلالها بحيث ترتب المنازل في الأحياء لتعكس طريقة حياة السكان. ففي المغرب، تحتوي الأحياء السكنية التقليدية على رياض (ساحات داخلية) تتيح التفاعل العائلي مع احترام الخصوصية. أما في اليابان، فإن البيوت الحديثة تحافظ على بعض العناصر التقليدية مثل غرف التاتامي التقليدية، مما يعكس الاحترام العميق للتقاليد حتى في ظل التطور العمراني.
ومع ظهور المدن الذكية، أصبح دمج الأنثروبولوجيا في التصميم العمراني أكثر أهمية. والهدف ليس فقط بناء مدن تعتمد على التكنولوجيا، بل مدن تتماشى مع أنماط حياة السكان وثقافتهم. الأنثروبولوجيا تساعد في تصميم هذه المدن بحيث تُقدم حلولا عملية مع الحفاظ على البعد الإنساني. ففي المستقبل، سيمكن استخدام الأنثروبولوجيا لتطوير مدن ذكية تأخذ في الحسبان الفروق الثقافية وتستخدم التكنولوجيا لتحسين جودة الحياة. مثلا، تصميم تطبيقات ذكية لإدارة حركة السير، بناء على عادات التنقل المختلفة بين الصباح والمساء. وتعد مدينة مصدر في الإمارات العربية المتحدة أحد الأمثلة التي تعتمد على التكنولوجيا النظيفة، وصُممت كذلك لتعكس التراث المعماري العربي، مع شوارع مظللة ومساحات مفتوحة تُقلل من الحرارة. وفي الدنمارك: هناك مدن يجمع تصميمها بين التكنولوجيا ودراسة سلوكيات السكان، حيث تُشجع البنية التحتية على ركوب الدراجات بدلا من السيارات، استنادا إلى الثقافة المحلية.
يمكن أن يكون التركيز على الأنثروبولوجيا وسيلة لتجاوز المشكلات الناتجة عن التصاميم الموحدة التي تتجاهل الفروق الثقافية. فبدلا من تصميم مدن متشابهة عالميا، يمكن تصميم أحياء تتفاعل مع السكان بطرق تناسب تاريخهم وعاداتهم. في المستقبل، سيكون التركيز على بناء مساحات تلبي احتياجات الناس الفعلية وتراعي تنوعهم الثقافي والاجتماعي، مما يخلق مدنا مستدامة وأكثر إنسانية. هناك أيضا مبادرات لإحياء القرى في إفريقيا عن طريق إعادة بناء القرى بمواد محلية وتصميمات تحاكي المناخ والثقافة، مما يساعد السكان على البقاء متصلين بتراثهم.
الأنثروبولوجيا والأنظمة الزراعية
يعد ربط علم الأنثروبولوجيا بالأنظمة الزراعية والتخطيط للأمن الغذائي خطوة مهمة لفهم العلاقة بين الإنسان والبيئة، خاصة عندما يتعلق الأمر بإنتاج الغذاء واستهلاكه. الأنثروبولوجيا تساعد في تحليل السلوكيات والممارسات الزراعية التقليدية، ودمجها مع التخطيط الحديث لتحقيق الأمن الغذائي المستدام. ويتم ذلك عن طريق العنصرين التاليين:
1. فهم العلاقة التاريخية بين الإنسان والزراعة: فهنا يدرس علم الأنثروبولوجيا كيف تطورت الممارسات الزراعية عبر الزمن، وكيف انعكست ثقافات المجتمعات في طرق الزراعة. على سبيل المثال، المجتمعات التي تعتمد على الزراعة المطرية، مثلا في بعض المناطق الإفريقية، طورت نظما تقليدية تعتمد على فهم عميق للبيئة المحيطة، وهو ما يمكن أن يُلهم حلولا زراعية مستدامة في التخطيط الحديث.
2. دراسة الأنماط الغذائية والتكيف مع البيئة: الأنثروبولوجيا تساعد في فهم تفضيلات الناس الغذائية وكيفية ارتباطها بالثقافة. وهذا الفهم مهم جدا لتخطيط الأنظمة الزراعية التي تنتج غذاء متوافقا مع احتياجات السكان، مع الحفاظ على التنوع البيولوجي.
فعلى سبيل المثال تعد الزراعة التقليدية المعتمدة على الأرز في الهند جزءا من الثقافة المحلية، وبناء على دراسة هذا النمط تم تطوير تقنيات حديثة تحافظ على هذه الزراعة مع تحسين الإنتاجية.
ويمكن للمخططين الزراعيين دمج المعرفة التقليدية بالتقنيات الحديثة عن طريق الاستفادة من الأنثروبولوجيا لفهم نظم الزراعة التقليدية التي تعتمد على الموارد المحلية، ومن ثم تحسينها باستخدام التكنولوجيا الحديثة وتقنيات الذكاء الاصطناعي. بالإضافة إلى المساعدة في تحديد احتياجات المجتمع المحلي الغذائية الفعلية للمجتمع، سواء كانت مرتبطة بأنماط استهلاك محددة أو تقاليد معينة، مما يضمن تصميم أنظمة زراعية تلبي تلك الاحتياجات بشكل مستدام.
في المغرب مثلا تم اعتماد مشاريع زراعية تستخدم نظم الري التقليدية «الساقية» جنبا إلى جنب مع تقنيات حديثة لتقليل استهلاك المياه وزيادة المحاصيل. ويعد نظام الأفلاج في سلطنة عمان مثالا حيا على كيفية تسخير المعرفة التقليدية لفهم وتطوير الأنظمة الزراعية، خاصة في سياق الأمن الغذائي.
فالأفلاج ليست مجرد قنوات ري، بل هي نظام متكامل يعكس ثقافة المجتمع العماني وتاريخه، ويمكن استخدام الأنثروبولوجيا لفهم هذا النظام بشكل أعمق ولتعزيز دوره في التخطيط الزراعي الحديث. و تقسيم المياه في الأفلاج يعتمد على نظام زمني دقيق (مثل «الساعات الشمسية»)، مما يعكس فهمًا بيئيًا وثقافيًا عميقًا. هذا النظام يمكن دراسته وتطويره ليصبح نموذجًا للاستخدام المستدام للموارد. وعليه فإن استخدام الأنثروبولوجيا لفهم الطرق التقليدية التي كانت تستخدم لصيانة الأفلاج يمكن أن يساعد في إعادة تطبيق هذه الممارسات باستخدام أدوات حديثة. ولقد تمكنت المجتمعات المحلية في ولاية نزوى وبهلا والحمراء من زراعة محاصيل تعتمد على مياه الأفلاج مثل القمح والذرة والنخيل والأعلاف، ما يساهم في تحقيق الأمن الغذائي للمنطقة.
وتبرز أهمية الأنثروبولوجيا في دور المزارعين التقليديين في الأمن الغذائي العالمي من خلال التركيز على المجتمعات الريفية، ومن خلال فهم سلوكياتهم وطرقهم الزراعية، فقد يساعد ذلك في تطوير خطط زراعية تعزز استدامة الإنتاج الغذائي. كذلك فإن دراسة التكيفات الثقافية تساعد في بناء نظم غذائية مرنة وتصميم أنظمة زراعية قادرة على مواجهة التغيرات المناخية والكوارث الطبيعية. المجتمعات التي طورت نظمًا زراعية مستدامة على مدى قرون تقدم دروسًا مهمة في تحقيق الأمن الغذائي. في إثيوبيا مثلا، هناك مبادرات لإعادة إحياء تقنيات الزراعة التقليدية القائمة على المحاصيل المحلية لتحسين الأمن الغذائي، مع مراعاة الثقافة والتقاليد الزراعية.
ومع ازدياد التوسع الحضري، يمكن للأنثروبولوجيا أيضا أن تساهم في تخطيط الأنظمة الزراعية داخل المدن، مثل الزراعة الرأسية والزراعة على الأسطح. وهذا يشمل دراسة كيفية تقبل السكان لهذه الأنظمة ودمجها في حياتهم اليومية. تم تصميم مشاريع للزراعة الحضرية في سنغافورة تستجيب لاحتياجات السكان الغذائية مع احترام محدودية المساحة المتوفرة.
تطبيق الأنثروبولوجيا
في الأنظمة الزراعية العمانية
تعد سلطنة عمان نموذجًا مثاليًا لتطبيق الأنثروبولوجيا في الأنظمة الزراعية. فمن خلال فهم التراث الزراعي التقليدي المرتبط بالأفلاج والواحات والأسواق، يمكن تعزيز الأمن الغذائي واستدامة الموارد، مع الحفاظ على الهوية الثقافية للمجتمع العماني. الأنثروبولوجيا تبرز أهمية التقاليد المحلية كركيزة للتخطيط الزراعي المستقبلي. وتتداخل الأنثروبولوجيا مع الأنظمة الزراعية، بما يعكس ثقافة المجتمع العماني وتاريخه وأسلوب تعامله مع البيئة المحيطة.
1) نظام الأفلاج التقليدية:
نظام الأفلاج هو أحد أبرز الأمثلة على العلاقة بين الأنثروبولوجيا والأنظمة الزراعية في عُمان. فالأفلاج تجسد تراثًا ثقافيًا واجتماعيًا يعكس فهم الإنسان العماني للبيئة وإدارته للموارد الطبيعية بطريقة مستدامة. حيث تعكس الأفلاج قيم التعاون والمشاركة المجتمعية، ويتشارك السكان المياه عبر نظام دقيق لتوزيع المياه يعتمد على ساعات محددة لكل مزرعة. ويتم تنظيم هذا النظام تقليديًا بواسطة العَرِّيف، وهو شخصية ذات خبرة ومعرفة بالمجتمع المحلي واحتياجاته الزراعية. أما في الجانب الزراعي فتستخدم مياه الأفلاج لري المحاصيل مثل النخيل، الليمون، والبرسيم الحجازي (القت). هذا النظام يعتمد على استدامة الموارد المائية، خاصة في المناطق التي تعاني من شح المياه. ومن أشهر الأفلاج التي تطبق الأنظمة الزراعية ، فلج دارس في ولاية نزوى، وهو أحد أكبر الأفلاج في السلطنة، ويمثل نموذجًا لإدارة المياه المستدامة. بالإضافة إلى فلج الملكي في منح، الذي يعكس مهارة العمانيين في استغلال التضاريس الطبيعية لتوفير المياه.
2) الزراعة التقليدية المرتبطة بالمناخ والتضاريس:
تعد الزراعة التقليدية المرتبطة بالمناخ والتضاريس أحد أنماط تسخير الانثروبيولوجيا في الزراعة والأمن الغذائي. فلقد طورت المجتمعات العمانية أنماط زراعية تتكيف مع المناخ الجاف والتضاريس الجبلية ، من خلال الاعتماد على المحاصيل المحلية التي تتحمل الحرارة وقلة المياه، واستخدام المدرجات الزراعية في الجبال لتوفير مساحات للزراعة وتحقيق أقصى استفادة من المياه. وتعد مدرجات الجبل الأخضر الزراعية مثالًا حيًا على أنظمة زراعية تقليدية مستدامة. يزرع في الجبل الأخضر الرمان، المشمش، والخوخ، وهي محاصيل تلائم البيئة الباردة نسبيًا للجبل.
3) الأسواق التقليدية وربطها بالأنظمة الزراعية:
تساعد الأنثروبولوجيا في فهم كيف تشكل هذه الأسواق مركزًا للتواصل الاجتماعي والتبادل الاقتصادي. فالأسواق التقليدية مثل سوق نزوى وسوق مطرح تعكس التراث الزراعي لسلطنة عمان. ويظهر في هذه الأسواق كيف يعتمد السكان على الإنتاج الزراعي المحلي. المنتجات التي تباع في هذه الأسواق، مثل التمور والفواكه والخضروات، تعكس الأنماط الزراعية للمجتمع العماني. ومن أشهر هذه الأسواق «سوق نزوى» الذي يشتهر ببيع التمور التي تنتج في الواحات الزراعية القريبة.
4) الاحتفالات والمناسبات المرتبطة بالمحاصيل الزراعية:
الممارسات الزراعية في عمان ليست مجرد نشاط اقتصادي، بل هي جزء من الحياة الثقافية والاجتماعية. وتعد الاحتفالات مثل القيظ (موسم جني التمور) أبرازا للعلاقة الوثيقة بين الإنسان والزراعة. ففي هذه المناسبات، يتم تبادل التمور والفواكه بين الأسر، مما يعكس أهمية الزراعة كمصدر للتكافل الاجتماعي . وفي موسم جني الرطب في محافظات الظاهرة والداخلية مثلا يتم الاحتفاء بجني المحصول من خلال إقامة تجمعات عائلية ومجتمعية.
5) الزراعة في الواحات الصحراوية:
يمكن استغلال الأنثروبيولوجيا في تطوير الزراعة في الواحات الصحراوية. فالواحات تظهر كيف يمكن للمجتمعات التكيف مع الظروف المناخية الصعبة باستخدام تقنيات تقليدية مثل الحفر اليدوي للآبار وتقنيات الري. والواحات مثل واحة بدية في محافظة شمال الشرقية تعد نموذجًا للاستفادة من المياه الجوفية والزراعة في المناطق الصحراوية. تزرع في واحة بدية التمور البرسيم الحجازي (القت) وبعض المحاصيل الموسمية.
6) استخدام النباتات البرية في الأمن الغذائي والطب التقليدي
تساعد الأنثروبولوجيا في توثيق هذه المعرفة الشعبية وربطها بالتنمية المستدامة. في العديد من المناطق الريفية في سلطنة عمان، يتم استخدام النباتات البرية كجزء من النظام الغذائي أو للأغراض العلاجية. في محافظة ظفار مثلا، يتم استخدام اللبان كمصدر اقتصادي وطبي. بشكل واسع وتستخدم الأعشاب البرية في بعض المحافظات مثل الشوع والحرمل في الطب التقليدي أو كغذاء للماشية.
وفي الختام نستطيع القول إن علم الأنثروبولوجيا ليس مجرد أداة أكاديمية لدراسة الثقافات، بل هو جسر بين الإنسان والبيئة التي يعيش فيها. عندما يدمج هذا العلم في التصميم العمراني، فإنه ينتج مدنًا ومباني تعكس احتياجات السكان وتحافظ على هويتهم، مما يضمن جودة حياة أفضل واستدامة طويلة الأمد. ومن خلال دمج علم الأنثروبولوجيا مع التخطيط الزراعي، يمكن بناء أنظمة غذائية مستدامة تراعي التنوع الثقافي، وتستفيد من المعرفة التقليدية، وتستخدم التكنولوجيا الحديثة لتحقيق الأمن الغذائي. هذه الشراكة بين الثقافة والابتكار هي الطريق إلى أمن غذائي أكثر إنسانية واستدامة.
د. سيف بن علي الخميسي مدير مركز بحوث النخيل والإنتاج النباتي - وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه