لعب الفن دورًا مهما في حياة الفنان خالد الصاوي، فساعده شغفه بالفن ما بين الكتابة والإخراج والتمثيل على إنقاذه من العديد من المشاكل في مراحل عمرية مبكرة، فكان يواجه بداخله إحساسا بعدم تناغم مع الحياة من حوله فساعده الفن في التعامل مع هذا الإحساس وكان بمثابة طاقة نور بالنسبة له، قائلا: «الفن أنقذني من الجنون والإدمان والإلحاد والضياع».

وانفتح الفنان خالد الصاوي خلال لقاء تليفزوني له، عن الفترة التي وقع فيها فريسة للإدمان، وكيف نجح في الخروج منها بعد ما مر بفترة صعبة لم تتجاوز الـ4 دقائق كان على يقين فيها أنَّه سوف يفارق الحياة، قائلا: «خذتي الممنوعات من العالم الحقيقي إلى العالم البديل أكثر مما ينبغي، وأكثر من المرحلة التي كان يجب أن يكون عندي حكمة وأتوقف عندها، وفي إحدى المرات تماديت، شعرت بضربات قلبي قوية للغاية حتى شعرت به يخرج من صدري بطريقة تخبرني أني سوف أموت في الحال».

وأضاف: «مشكلتي في ذلك الوقت، الفضيحة لو مت في هذا الحال لن تتحمل أمي الفضيحة، أريد أن أقوم لأخفي كل الأشياء التي كانت حولي ولكني لا استطيع أن أفعل أي شيء، ولكن استطعت أن أدخل إلى السرير بصعوبة شديدة ولمدة 4 ساعات ومازل قلبي يؤلمني، ولم استطيع في الاتصال بأحد أو الذهاب إلى المستشفى، ولم أجد أمامي إلا الله ألجأ له قولت له: سبحانك أنقذني من الذي أنا فيه وسوف أغير حياتي ولن أضع نفسي في هذا الوضع المهين مرة أخرى».

ولدت من جديد بعد أزمتي

وتابع خالد الصاوي: «بعد دقيقة واحدة من مناجاة الله غفوت 4 دقائق، واستيقظت كأني نائم لمدة 4 ساعات، هدأت دقات قلبي، وقومت وجمعت كل الأشياء التي كانت حولي حرقت أشياء منها وألقيت أشياء أخرى في القمامة، وشعرت أني أولد من جديد، صليت لله ثم نمت فترة قصيرة واستيقظت ألعب رياضة، وابتعدت تماما عن كل شيء متعلق بهذا الأمر سواء من أشخاص أو أماكن بعينها».

خالد الصاوي: كشفت حكايتي مع الإدمان حتى احذر الجميع 

وصف خالد الصاوي تلك المرحلة بـ «الأسوأ» في حياته، موضحا: «كان عندي ظروف شخصية وعائلية ومهنية، ولكن الحقيقة أنا كنت السبب الأول وأنا الذي بدأت والذي جاء بعد ذلك تبعات ما قمت أنا به، أهم شيء أن يواجه نفسه ويعترف بالخطأ، وأنا رويت تلك القصة حتى أوعي الجميع وأحذرهم».

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: خالد الصاوي الفنان خالد الصاوي أنس بوخش خالد الصاوی

إقرأ أيضاً:

«الفن.. ذلك الجرح الذي يصبح ضوءا»

كيف لنا أن نعيش من دون الفن، من دون الدراما؟

لا أتذكّر كم كان عمري حين أخذنا والدي إلى السينما فـي صلالة. فـي كل مرة أذهب فـيها وهي مرات قليلة لا تتجاوز أصابع الكف الواحدة، كنتُ أوقن أن ما يشدّني إلى الفـيلم، ليس فقط الصور والأبطال والحوارات، بل شيء أعمق، يتجاوز الشاشة. الخيال الهائل والحكايات المصوّرة لم تكن مجرّد تجربة سينمائية، بل انفتاحا على ما يمكن تسميته بالحياة التي هناك. ظللتُ أنصت إلى صوت الطفولة والمراهقة وتشكُّل الوعي، وجدت نفسي أتجه نحو نوع أدبي وفنيّ مشاكس، يشتبك مع تفاصيل الحياة ويعيد إنتاجها؛ فاخترت المسرح، هذا الفنّ الذي لا يُشبه سواه.

(*) المسرح فنّ الفعل، وفنّ الزوال

المسرح فنّ مركب وجهازه التكويني مرهق ومُرهف فـي آن معًا. هو فنّ يَحتفـي بالزوال، إذ يختفـي العرض فور انتهائه، ويظل أثره فـي الذاكرة والتجربة. السؤال الذي يتردّد داخلي هو: بمَ يختلف الواقع المجتمعي فـي السينما عن نظيره على خشبة المسرح، ربما يظل هذا السؤال حيًا ومُلحًا، لأن الإنسان بطبيعته مشتبك مع الحياة، ومتغيّر باستمرار. ومهما قُدمت الإجابات فـي الكتب والمراجع، فإن الخبرة الحيّة لها وزنها، والاحتكام إلى المعايير الثقافـية والتوجهات الفكرية تؤدي دورًا حاسمًا، كما أن إكراهات الواقع المجتمعي تفرض حيويتها.

حينما عرّفت الناقدة الفرنسية آن أوبرسفـيلد المسرح بأنه «فن مفارق»، كانت تؤكد أن جوهره يكمن فـي تناقضاته: فالممثل حاضر وغائب فـي الوقت نفسه، نحن نشاهده يؤدي شخصية خيالية، لكنه موجود أمامنا بجسده وصوته. هذا التوتر هو روح المسرح، وهو ما يجعل العرض أكثر من مجرّد تمثيل.

(*) الممثل، النص، الجمهور: تكسير الجدار الرابع

المسرح لا يقوم على النص وحده، بل على جدلية معقّدة بين المؤلف والمخرج، والممثل والجمهور. يقول الكاتب المسرحي داريو فو ساخرًا: «هذه المسرحية لديها عيب، إنها جميلة فـي القراءة». وهو بذلك يلخصُ الاشتباك الحاصل بين المؤلف والمخرج، بين النص والعرض، بين جمال اللغة وجمال التمثيل.

فـي المسرح، لا يتلفظ الممثل بكلمات فائضة، بل يصنع بالكلام فعلا. القول يتحول إلى حدث، والصوت إلى طقس، وهنا تكمن فرادة المسرح باعتباره «فن الفعل». الممثل فرد، لكنه حين يتفاعل مع الجمهور، يصبح جزءا من فعل جماعي، ويُهدم الجدار الرابع بين الخشبة والصالة. فـي هذا التداخل، تحدث الطقسية المسرحية، ويتحول العرض إلى فضاء مشترك بين الحقيقة والخيال.

المسرح فن مفارق أيضا فـي تمظهر فعل حوار الشخصيات فالممثل لا ينطق بكلمات لا معنى لها، أو كلمات فائضة، بل يخلق بالكلام فعلا يقدمه الممثلون فـي أجزاء عناصر العرض المسرحي ككّل، فالقول يغدو فعلا، ومن هنا جاء تعريف المسرح بأنّه فن الفعل. يقول تيمون الأثيني مخاطبا الذهب، فـيغدو الذهب شخصية فاعلة فـي العرض المسرحي وبناء الحدث الدرامي: «أيها الذهب اللامع! أيها المعدنُ الإلهي! يا مَن تُحوِّلُ الأسود إلى أبيض، والعدل إلى ظلم، يا من تُفسد الحكيم، وتُفسق العذراء، وتُقيم الحقير، وتُسقط النبيل، أيها الذهب، أيها الجحيم المضيء، كم تفعل!».

(*) الدراما والتراجيديا: صراع الأخلاق والمال

تأسرني شخصية أنتيغون وأعدّها نقطة مشرقة فـي سماء ما أنتجه الأدب الإغريقي من تراجيديات، إذا ما قورنت بأفعال ميديا الشنيعة. المسرح عند سوفوكليس ليس سردا للأحداث، بل كشفا للصراع الداخلي، وتحويلا لكل عنصر على الخشبة إلى فعل جماعي وطقسي غامض.

فـي مشهد من مسرحية أنتيغون، يكشف سوفوكليس قدرة المال على شراء الذمم. إذ تنبعث شكوك الملك كريون فـي أن حراسه قبضوا رشوة من المال للسماح بدفن أخيها بولينيس على نحو سري دون تقيدهم بقرار حظر دفنه حسب الطقوس الملكية. يقول كريون مخاطبا قائد الكورس: «... ما ازدهر بين الناس نظام أسوأ من نظام المال. إن المال هو الذي يُدمر الدول؛ وهو الذي يطرد المواطنين من بيوتهم، وهو الذي تُغري دروسه القلوب الشريفة، ويحملها على ارتكاب الأوزار. إنه يُعلمهم الجرائم كلها، ويُعلمهم الفسق الذي يتجاسر على كل شيء. لكن من يبيع نفسه، ويبلغ هذه الدرجة، سينتهي ذات يوم إلى أن يَنال العقاب...إلخ».

عن طريق هذا الفعل تتجلّى الدراما كمرآة للصراع الإنساني الدائر: بين الخير والشر منذ هابيل وقابيل، وبين الطمع والجشع وبين القناعة والقبول والاعتراض والرفض، وبين التسليم المناسب بالقدر للضمير الإنساني والتمرد. هذه الجدلية لا تقتصر على كريون، بل تمتد إلى تيمون الأثيني، إن أبشع ما فعله نحو الدراما الأخلاقية تمظهر فـي تحوله من محتقر للمال، إلى عابد له يوظفه فـي إفساد ضعاف النفوس، ويزرع الفوضى والكراهية التي قادت فـي نهاية المطاف إلى نهش جسد أثينا. إن وظيفة الفن بحسب (جورج براك) لا تقتصر على خلق التوازن بين الواقع والخيال، بل إن الفن، ذلك الجرح الذي يصبح ضوءا.

(*) الدراما: صيغة الحاضر الأبدية

الدراما ليست وصفة طبية علاجية، ولا خلطة أعشاب سحرية تباع عند العطّار، إنها أبعدُ من ذلك. الدراما فن الفعل وصيغة الحاضر الأبدية. إنها مساحة اعتراف وتحرر وتطهير. حين يصرخ الملك أوديب فـي وجه العالم الإغريقي معترفا: أنا القاتل! فإنّه يؤكد تلك الصيغة الحاضرة للدراما فـي تفاصيل حياتنا، وفـي مصيره قبل مصيرنا. أوديب لا يكشف عن مأساته فقط، بل يضعنا أمام مرآة الضمير الإنساني نفسه.

لا يكف الدرس الأكاديمي عن العودة إلى التراجيديا الإغريقية للبحث فـيها عن تجسيد التجارب الإنسانية فـي حاضرنا. تمظهر هذا الطرح مع (هيغل) فالتراجيديا فعل يُجسد تناقضات الصراع الأخلاقي والجدلي فـي اللحظة الحاضرة. تنبع قوة الدراما الكلاسيكية من تفاعلها مع المبدأ الأخلاقي دون أي تزعزع. ينطلق تيمون إثر خيانة أصدقائه له من الخير المطلق إلى الشر، وهو بتحوّله يدين المنظومة الأخلاقية لمجتمع أثينا (ق.م)؛ تلك المنظومة التي جعلت المال أساس العلاقات (نلمح جذور الميكيافـيلية). والملك كريون انطلق من منظومة الدولة فوق كلّ شيء، فالقوة الدرامية تتجلى فـي أن سقوط الشخصيتين نتجا عن تورطهما فـي مطلق أخلاقي عالٍ لا يلين. فـي مسرحية الاغتصاب لسعدالله ونوس التي تناولت الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي على اعتباره صراعا وجوديا أخلاقيا وإنسانيا، حيث نشاهد البطل ممزقا بين الحق الشخصي والحق الجماعي، كما أنتيغون.

يبدو كحقيقة واقعة، من موقف تيمون إلى كريون، ومن أنتيغون إلى أوديب، ومن داليا إلى خالد، ينجح المسرح فـي عرض سلسلة من الصراعات العميقة بين الحقوق، وليس فقط بين الخير والشر، ليقول لنا على نحو من الأنحاء: الفنّ ليس حلا لمشكلات المجتمعات، بل تفكير وسؤال دائم، وجرح يتوهّج.

هل نكون على خطأ حين يُحب البشر المال، ويتقاتلون من أجل حيازته؟ ألم يُزّين الله تعالى المال فـي الحياة الدنيا؟ التراجيديا الكلاسيكية تضع سؤال الأخلاق كمبدأ للصراع الجدلي، فالأخلاق تُنتج مأساة حين تؤخذ على إطلاقها دون وعي بالواقع وتحولات النفس البشرية.

مقالات مشابهة

  • الفن لغة التسامح والتعايش
  • «الفن.. ذلك الجرح الذي يصبح ضوءا»
  • تسريب مناقشات الأمن الرئاسي الأمريكي حول الهجمات على اليمن.. من المسؤول عن الفضيحة؟
  • محمد الصاوي: المخرجين قديما كانوا يتخوفوا من الاستعانة بكوميديان في أدوار الشر أو الطيبة
  • محمد الصاوي: محمد سامي مخرج عبقري.. ومي عمر شخصية طيبة جدا
  • محمد الصاوي يرد على شائعة إصابته بالشلل: موتوني مرتين
  • سلام عن قضية أموال المودعين: المصارف يجب ان تتحمل جزءا من المسؤولية
  • حنان ماضي تحيي حفلا غنائيا فى ساقية الصاوي.. 2 أبريل
  • دراسة: إدمان وسائل التواصل لا يقل خطرا عن الكحول
  • مصر..موظفو مركز لعلاج الإدمان يقتلون مدمناً أمام والدته