خبير: الضربة الإيرانية على الأراضي المحتلة كسرت نشوة نتنياهو
تاريخ النشر: 2nd, October 2024 GMT
على ما يبدو أصبح شهر تشرين الأول/ أكتوبر الذي يحتفل فيه الاحتلال الإسرائيلي بأعياد دينية يهودية نذير شؤم عليه، فمع اقتراب الذكرى الأولى لعملية طوفان الأقصى التي نفذتها حركة حماس في السابع من ذات الشهر 2023، هاجمت إيران الأراضي المحتلة بعشرات من الصواريخ البالستية.
وبعد أن عاش نتنياهو نشوة نتيجة ما اعتبره انتصارا شخصيا عظيما بعد نجاح علميات اغتيال عدد من قادة المقاومة سواء الفلسطينية وعلى رأسهم إسماعيل هنية، أو اللبنانية وعلى رأسها الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، جاءت الضربة الإيرانية لتخلط الأوراق وتجبره على الاختباء في ملجأ محصن تحت الأرض.
وشنت إيران، مساء الثلاثاء، هجوما صاروخيا على الأراضي المحتلة، وقصفت عدداً من المدن الإسرائيلية بالصواريخ البالستية، ردا على اغتيال هنية في طهران وحسن نصر الله في بيروت.
"كسر نشوة الانتصارالشخصي"
وكان نتنياهو قد قال بعد اغتيال نصر الله، إنه "لا يوجد مكان في إيران والشرق الأوسط لن تصل إليه ذراع إسرائيل الطويلة"، معتبرا أن اغتيال نصر الله كان شرطاً ضرورياً لتحقيق الأهداف التي حددناها"، إلا أن الضربة الإيرانية كسرت نشوته وفرحته وقد تعني الكثير له.
الخبير بالشأن الإسرائيلي، الدكتور سليمان بشارات، يعتقد أن "الضربة الإيرانية في توقيتها وفي شكلها بالتحديد ستنزع النشوة التي حاول بنيامين نتنياهو أن يستعرض من خلالها القدرات الذاتية لشخصيته في إدارة هذه المرحلة".
وتابع بشارات في حديث لـ"عربي21": "من جانب آخر يتعلق الأمر بأن إسرائيل استطاعت أن ترمم المعادلة الردعية، فالمعاناة الكبرى التي لا زالت تعانيها منذ السابع من أكتوبر، أن صدمة ذلك اليوم ما زالت تلاحقها، ولهذا السبب اختيارها لتوقيت بداية أكتوبر للذهاب إلى العملية العسكرية في جنوب لبنان هي محاولة لإزالة ما تبقى في الذاكرة الإسرائيلية من هجوم المقاومة في ذلك اليوم".
وأردف: "ولكن عندما تأتي هذه الرشقة الصاروخية من طهران، فإن ذلك يُعيد للذاكرة الإسرائيلية السابع من أكتوبر الذي أحدث هزة في المنظومة الرادعة وفي المنظومة الاستخباراتية وفي الحالة النفسية الإسرائيلية الداخلية".
ولهذا السبب يعتقد بشارات "أن تأثير هذه الهجمة حتى وإن لم توقع أي أضرار - على الرغم أنه وفقا للمشاهد أن هناك عدد كبير من الصواريخ يبدو أنها سقطت فعليا وتجاوزت الاعتراضات- إلا أن الوقع النفسي والاستخباراتي والعسكري والهيبة الإسرائيلية وهي الأهم بالنسبة للاحتلال عادت لتهتز مرة أخرى".
ويرى أن "إسرائيل في كل مرة تحاول أن ترمم فيها هذه الصورة، تعود لتتهشم مرة أخرى، وهذا الأمر حدث في أكثر من محطة منذ السابع من أكتوبر، ومنها عندما ذهبت طهران للرد على قصف القنصلية الإيرانية في دمشق، وغيرها من المحطات".
وحول ما إذا كانت الضربة الإيرانية قد كذبت وعد نتنياهو بأنه سيوفر الأمن لكل سكان "إسرائيل"، قال بشارات: "نعم بالضبط، وهذه النقطة الثانية، وهي أن الأهداف التي يضعها في كل مرحلة من مراحل الحرب لا يستطيع حتى هذه اللحظة أن يحققها أو أن يجد أرضية لتحقيقها".
وأضاف: "وهذا الأمر تابعناه في الحرب على قطاع غزة ونتابعه الآن، ففي بداية الحرب على قطاع غزة وُضعت أهداف، وهي إعادة الأسرى الإسرائيليين، والقضاء على حركة حماس، وإعادة المستوطنين إلى مستوطنات الجنوب، لكن لم يتحقق ذلك، ووسع نتنياهو من أهدافه وذهب إلى عملية إبادة وتدمير في قطاع غزة".
ولفت إلى أن "نتنياهو قبل انطلاق العملية العسكرية في الشمال وضع هدفا سياسيا متمثلا بإعادة المستوطنين إلى المستوطنات هناك، لتأتي هذه الضربة الآن لتقول أنه حتى وإن فكرت أو وضعت أهدافا فيما يتعلق بذلك فإن باقي الإسرائيليين في قلب المدن الإسرائيلية غير محميين".
وأكمل: "بالتالي عندما نتحدث الآن عن حالة عكسية كليا للأهداف التي يضعها، هذا ربما يؤثر أو يضرب المصداقية والقدرة عند نتنياهو لأن يُقدم شيئا مكتمل الأركان للمجتمع الإسرائيلي".
رد محكوم بحسابات سياسية
وفور وقوع الضربة الصاروخية الإيرانية قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري إن "الهجوم الصاروخي الإيراني خطير وسيكون له عواقب"، وتوعد طهران "برد مختلف عن كل مرة"، رافضا تحديد كيفية ومتى سترد إسرائيل.
من جهته قال تنياهو في كلمة وجهها إلى الشعب الإيراني، "لا يوجد مكان في الشرق الأوسط لا تستطيع إسرائيل الوصول إليه"، وحذرهم "من أن حكومتهم تدفعهم أقرب إلى الهاوية"، فكيف سيكون رد الاحتلال بعد رفع نتنياهو لسقف تهديداته لطهران؟
يرى بشارات أن "الأمر يعد سهلا، وهذا الشيء ربما لاحظناه، فالمعادلة الآن في غاية الحساسية سواء بما يتعلق بإسرائيل أو حتى للضربة الإيرانية وما قبل ذلك".
وأضاف: "إيران كما قال الرئيس الإيراني استخدمت سياسة ضبط النفس والصبر الاستراتيجي لفترة طويلة جدا، وأنها حاولت أن تعطي مساحة للوساطات الدبلوماسية الدولية، لكن إسرائيل في نهاية المطاف لم تتعاط وتتعامل مع كل ذلك وأصرت على الذهاب أبعد من ذلك".
وأوضح الخبير بالشأن الإسرائيلي أن "إسرائيل ربما هي الأخرى لديها حسابات، صحيح أنه قد يكون هناك بعض الأصوات داخلها تقول إنه الوقت المناسب الآن لتعزيز فرضية الذهاب إلى ضرب ايران والمنشآت النووية الإيرانية بغطاء دولي من أمريكا وتحت ذريعة الرد على هذه الإطلاقات الإيرانية".
وتابع: "لكن اعتقد أن هناك أيضا حسابات أخرى، فهل أمريكا والعالم ككل مستعدون للذهاب إلى حرب إقليمية إذا ما ردت إسرائيل على الضربة؟ وهل المجتمع الإسرائيلي مستعد لدفع ثمن أكبر مما دفع بالسابق؟".
ولفت إلى أنه "عندما كان الحديث يجري عن الحرب على قطاع غزة والثمن الذي كان يُدفع إسرائيليا، فهو كان يُدفع من داخل الجيش وفي صفوف المؤسسة العسكرية، لكن الآن المُستهدف قلب المدن الإسرائيلية، ونحن نتحدث عن ما يزيد عن 2- 3 مليون إسرائيلي أصبحوا ضمن دائرة الاستهداف، وهذا سيشكل عبئا كبيرا على الحكومة الإسرائيلية وعلى بنيامين نتنياهو".
ولهذا السبب يعتقد بشارات أن "الحسابات الإسرائيلية ستكون بالغة الحساسية والدقة، بمعنى إما الذهاب إلى رد ربما مضبوط ومحاولة البقاء ضمن توازن الردع والردع الاستراتيجي والتفرغ للجبهة الشمالية وإلى استمرارية الحرب في قطاع غزة".
والخيار الثاني وفقا لبشارات "الانتظار إلى أن تحين الفرصة لتنفيذ عمليات موضعية كعمليات الاغتيال التي شاهدناها بما فيها اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، وبالتالي محاولة رد كما يقال الصفعة إلى طهران بشكل أو بآخر".
وأوضح أن الخيار الثالث المحتمل للرد هو أنه "ربما تصمت تل أبيب عن كل ذلك تحت إطار المطالب السياسية من قبل أمريكا والموقف الدولي، ومحاولة الإبقاء على الخطوط التي هي ما زالت تعمل عليها على الجبهة الشمالية وفي قطاع غزة".
وحول سبب توحد الجبهة الداخلية الإسرائيلية على الحرب مع حزب الله، على عكس ما كانت عليه في حرب غزة، قال بشارات: "الموقف الإسرائيلي فيما يتعلق بالجبهة الشمالية مُوحد منذ اليوم الأول للحرب على قطاع غزة، وجميع الأصوات كانت تطالب بضرورة تنفيذ ضربات إلى حزب الله على اعتبار أن جبهة الشمال هي ذات أولوية أكبر وخطر أكبر من خطر قطاع غزة".
وأضاف: "التوحد الإسرائيلي على الجبهة الشمالية المختلف عن الموقف على الجبهة الجنوبية مرتبط بوجود أسرى إسرائيليين، وبالتالي كانت المطالب دائما فيما يتعلق بقطاع غزة أن يتم تبديل الأولويات والأهداف، بمعنى أن يكون الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين في أي صفقة، ومن ثم العودة إلى استكمال الحرب، وبالتالي هنا كان الخلاف أو التباين في وجهات النظر الإسرائيلية".
وأوضح أنه "بالمقابل على الجبهة الشمالية لا يوجد أسرى إسرائيليين، وبالتالي الهدف الأول والأساس هو تنفيذ الحرب على حزب الله ومحاولة القضاء على قدراته وتقديم الهدف السياسي المتمثل في إعادة المستوطنين إلى مستوطنات الشمال، وهذا بالمناسبة هو جزء من وحدة الداخل الإسرائيلي خلف نتنياهو، إضافة إلى أن المؤسسة العسكرية استعدت أكثر لهذه الجبهة بعد حرب عام 2006".
مستقبل نتنياهو
بعد أن قدم نتنياهو هدايا اعتبرها ثمينة جدا للجبهة الإسرائيلية الداخلية، متمثلة بعدة نجاحات تكتيكية على الجبهة الشمالية، ارتفعت أسهمه في استطلاعات الرأي والتي رجحت في حال عُقدت انتخابات الآن نجاحه بالفوز به باكتساح.
لكن الضربة الإيرانية لم تدعه يفرح كثيرا بهذه الاستطلاعات، فهل ستكون هي المسمار الأخير في نعش مستقبله السياسي؟
يرد بشارات على هذا التساؤل بالقول: "لا اعتقد ذلك، فمن المبكر الحديث عن هذا الأمر لأن نتنياهو في نهاية المطاف استطاع أولا أن يحيد بشكل كبير موضوعات المعارضة، ثانيا بضمه لساعر - له أربعة مقاعد في الكنيست - إلى الحكومة استطاع الآن أن يحقق استقرارا إضافيا".
وأضاف: "بل بالعكس هو استطاع أن يحقق استقرارا أمام حالة الابتزاز التي يمكن أن يمارسها عليه بن غفير وسموتريش، فالأول لديه ستة مقاعد وكان دائما يبتزه بها، الآن يستطيع نتنياهو أن يقول له إنك لا تستطيع أن تبتزني بأي مقعد من المقاعد لأنني لدي حالة استقرار بدون حساباتك، وهذا ربما أحد الأهداف التي سعى إليها نتنياهو من إدخال ساعر إلى الحكومة".
وأوضح أن "نتنياهو أيضا استطاع تحييد باقي القيادات الإسرائيلية من غانتس إلى آيزنكوت ولابيد من المعارضة، وحتى غالانت، كلهم استطاع أن يُضعفهم أمام الشارع الإسرائيلي، وهذه ربما واحدة من القضايا التي منحته القدرة على إدارة هذه المرحلة، وهو يضمن الآن على أقل تقدير أن تستمر هذه الحكومة بشكلها الطبيعي حتى عام 2026".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات سياسة دولية الاحتلال إيران نتنياهو إيران نتنياهو الاحتلال المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة على الجبهة الشمالیة الضربة الإیرانیة على قطاع غزة الحرب على السابع من نصر الله إلى أن
إقرأ أيضاً:
كورسك.. روسيا استعادت 60% من الأراضي التي احتلتها أوكرانيا
كشف مصدر عسكري أوكراني أن القوات الروسية استعادت أكثر من 60% من الأراضي التي احتلتها القوات الأوكرانية في مقاطعة كورسك الروسية، خلال هجومها المباغت على المقاطعة الروسية المجاورة في شهر أغسطس الماضي.
فقد قال مصدر كبير في الجيش الأوكراني إن قوات بلاده خسرت أكثر من 40% من الأراضي التي سيطرت عليها في منطقة كورسك الروسية في أغسطس الماضي، وذلك مع شن القوات الروسية موجات من الهجمات المضادة لاستعادة السيطرة على المنطقة.
وأضاف المصدر، الذي يعمل في هيئة الأركان العامة للجيش الأوكراني، أن روسيا نشرت نحو 59 ألف جندي في منطقة كورسك منذ أن اجتاحت القوات الأوكرانية المنطقة وتقدمت فيها بسرعة، وذلك بعد عامين ونصف العام من بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.
وتابع المصدر "كنا نسيطر على نحو 1376 كيلومترا مربعا على الأكثر، والآن أصبحت هذه المساحة أصغر بالطبع. العدو يزيد من هجماته المضادة"، وفقا لرويترز.
وذكر "نحن الآن نسيطر على مساحة تقدر بنحو 800 كيلومتر مربع فقط. سوف نحتفظ بهذه المنطقة طالما كان ذلك مناسبا من الناحية العسكرية".
والهجوم الأوكراني على كورسك هو أول غزو بري تشنه قوة أجنبية على روسيا منذ الحرب العالمية الثانية، وهو ما أدى إلى مباغتة موسكو.
وتوغلت قوات كييف في كورسك بهدف وقف الهجمات الروسية في شرق وشمال شرق أوكرانيا، وإجبار روسيا على سحب قواتها التي تتقدم تدريجيا في الشرق ومنح كييف نفوذا إضافيا في أي مفاوضات سلام مستقبلية.
لكن القوات الروسية لا تزال تواصل التقدم السريع في منطقة دونيتسك بشرق أوكرانيا.