نبيل أديب: وحمّلناه ما لا طاقة لنا به
تاريخ النشر: 2nd, October 2024 GMT
عبد الله على إبراهيم
22 فبراير 2021
(أعيد نشر هذه الكلمة عن لجنة التحقيق في فض اعتصام القيادة التي اعتزلتها الحكومة الانتقالية ليصير نبيل أديب، رئيسها، من فرط إهمال الدولة له، ضحية أخرى، بل شهيداً. قد تسمع من كادر قوى الحرية والتغيير أنهم فشلوا، بل وأدمنوا الفشل. ولكنهم لن يخرجوا لنا بتوثيق لصحيفة سوابقهم في الفشل.
قال إسماعيل حاج موسي كلمة قيمة ذات يوم عن الفشل وإدمان الفشل. قال ما قيمة هذه العبارة إن لم تقم في أثرها محاكمة فكرية نافذة لمرتكبي كبيرة الفشل مثنى وثلاث. والرابعة تترى).
ترافقت زيارة السيد رئيس الوزراء لأسرة الشهيد هزاع مع ندوة عقدها نبيل أديب المحامي، رئيس لجنة التحقيق في مذبحة فض الاعتصام، عبر المنبر الثقافي لجنوب كاليفورنيا. ولا أعرف من ميز زيارة رئيس الوزراء لأسر الشهداء مثل لؤي محترم في لايف على اليوتيوب. ففتحت الزيارة ملف الشهداء على أعلى مستويات الدولة بعد خموله وتحوله إلى فقدان للوجهة والأعصاب.
أشفقت على الدفعة نبيل يتحدث إلى المنبر عن أشياء منها لجنة التحقيق في فض الاعتصام. وبدا لي أننا حملناه ما لا طاقة لنا به. واحتملها عنا ببسالة أعرفها عن رفيق الصبا اليساري. فلم يبق من أعضاء لجنته السبعة سوى خمسة استقال الاثنان مؤثرين السلامة مما لقته اللجنة من تهزئه وإهانات. وهي ما صدر من حسنى نية يريدون البت بليل في تحقيق يطول بطبيعته علاوة على تراخي الدولة عن الاستثمار فيه كأسبقية ثورية. وسَردَب رفيقي تمومة كيفي. وتخّن جلده الأبيض.
رغبت لو أن رئيس الوزراء اصطحب نبيل في زيارته الميمونة هذه لبيت هزاع. فشكا نبيل في ندوته من دولة قابضة لم تستثمر في التحقيق ما يعجل به برغم حرج المسألة. فلم توفر بعد خبراء الأدلة بعد اعتذار الاتحاد الأفريقي عن تزويد السودان بهم. ومنهم خبراء فيديوهات ليوثقوا لما بيدنا منها يظنها مثلي أنها كافية في حد ذاتها لإدانة من نعرف ومن لا نعرف. ولكنها لن تصمد في حالها الراهن الخام مع ذلك كبينة اتهام ما لم يتأكد خبير من صدق تمثيلها لفض الاعتصام من مثل تاريخ تصويرها مثلاً. وهذه سبيل اللجنة لتزبيط أدلة اتهامها حتى لا تتعرض للطعن لمجهولية أصلها. كما لا يزال أعضاء اللجنة يعملون بصورة غير متفرغة مما يضطرهم لتخصيص وقت لكسب معاشهم.
هذا عيب بشع من الدولة بحق الشهداء والثورة. فلم تقبض يدها عن لجنة التحقيق فحسب، بل تركت نبيل الذي على رأسها يأكل ناره مع شباب الثورة. وأحزنني وجعه لأن الإساءة له ولزملائه تجاوزتهم إلى بيوتهم. كان العهد مع اللجنة يقتضي الدولة أن تملك الناس حقائق الموقف وأن تمتلك دورها في عطل اللجنة. وهذا ما رغبت سماعه من رئيس الوزراء في لقائه بأسرة هزاع. ولم يحدث. وهذا أقل ما ينتظره الناس من نساء في الوظيفة العامة ورجال لا يبدأ الواحد منهم خطبة له إلا ب"والرحمة للشهداء والقصاص من قتلهم والعودة للمفقودين". فلو نفذت هذه المعاني إلى شغافهم لأحسنوا للشهداء والمفقودين أما بالاستثمار الذكي في اللجنة، أو بإدارة حوار مسؤول مع أسر الشهداء وشباب الثورة عن عجزهم عن تمويل اللجنة كما ينبغي لمثلها ناهضة بعظائم الأمور.
بل صح أن يطلعونا أن كانوا رتبوا ميزانية لحقوق الشهداء وأسرهم علينا. وكنت طالبت منذ أكثر من عام أن تدرج أسر الشهداء والمفقودين في منظمة الشهيد القائمة بعد ضبطها مع بقائها على التزاماتها القديمة. ولم أسمع طقة عن الأمر بالكلية. ولتسأل نساء الوظيفة الثورية ورجالها إن نقص لهم أي امتياز موروث عن الوظيفة العامة التي احتلوها وقد دبجتها الإنقاذ بالنعم لحد الطمبجة والسفه. فتسامع الناس مثلاً عن "نثريات" مبالغ فيها وعن أكثر من سيارة للوزير ما يزال. إن "تخسيس" الوظيفة العامة واجب ثوري على رجالها ونسائها ممن رأينا سيماء الزهادة عليهم في أول الثورة بمبالغة.
من جهة أخرى بدا لي عزلة القانونيين أنصار الثورة عن لجنة التحقيق في فض الاعتصام ناهيك عن لجنة إزالة التفكيك وسائر الكيانات القانونية التي دعت الوثيقة الدستورية لإنشائها أو إصلاحها. فلم أر منهم ضغطاً قاصداً على الحكومة لاستكمال التحقيق في فض الاعتصام، ولا بياناً عن أطوار التحقيق وصعوباته، ولا حديثاً يطمئن لشباب الثورة. وأقول ضغطاً ب"العنية" حتى لا يدخل فيه "النصح". فما قرأت لأحد من هؤلاء القانونيين عن الأوضاع الدستورية حتى تسمع منه أنه "نصح". وترد العبارات السقيم: و"لو أسمعت حياً" أو "نصحتهم نصحي بمنعرج اللوى". ويا رقبة خلصي.
والناصح ضيق الصدر. فأخلاق الناصحين سرعان ما تضيق متى طنشوهم. وغالباً ما ينتهي الناصح إلى مطلب ساذج وهو تغيير المسؤول كأن هناك خيار أم خير. ومتى سفهوه وَلّع في الحكومة من فرط القنوط لحين ثم صمت إلى الأبد. وخلافاً لذلك فالكاتب لا ينصح. فتعاقده ليس مع الحكومة حتى يتذلل لها بالنصح. فتعاقد المهني الكاتب مع قارئ يريد جذبه إلى الكتلة الحاسمة (critical mass) التي يرعرعها حول أجندة لتغيير منتظر. فليس حقيقة أننا الآن تحت حكومة ثورية أنها كفت أن تكون حكومة تخضع أيضاً لضغوط غير ثورية تفح غلاً. وقد تُكره للنزول عند مطالب "الفلول" في مثل سحب كتاب لجنة المناهج الشهير.
أتمنى أن تكون زيارة رئيس الوزراء لدارة الشهيد هزاع وندوة نبيل في كاليفورنيا فتح الفتوح في مسألة شهداء الثورة بل كل شهداء الوطن. فللأولين القصاص ولهم جميعاً إدارة حكومية-أهلية لسد مسدهم بين أسرهم
ibrahima@missouri.edu
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: لجنة التحقیق فی رئیس الوزراء فض الاعتصام عن لجنة
إقرأ أيضاً:
"الصحفيين" تقرر إعادة طرح مشروع المدينة مجددًا على المطورين
عقدت لجنة الإسكان بنقابة الصحفيين، اجتماعًا هامًا مساء اليوم بحضور نقيب الصحفيين خالد البلشي، وعضو المجلس ورئيس اللجنة محمد خراجة، لمناقشة أخر التطورات لإنشاء المدينة السكنية.
وناقش الحضور غياب المطورين عن الاجتماع المحدد له الخميس الماضي مع الاستشاري.
وانتهى الاجتماع بعدة قرارات حاسمة، أبرزها إعادة طرح مشروع المدينة مجددًا فور ورود تقرير الخبير الاستشاري إلى النقابة.
واتفق الحضور، التأكيد على الالتزام بالاشتراطات التي وضعها الحاجزون والاستشاري في كراسات الشروط، دون أي تعديل، واستكمال إنشاء المدينة السكنية وفق هذه المحددات، بغض النظر عن تشكيل المجلس المقبل.
كما شدد الحضور على ضرورة إشراك لجنة الحاجزين في جميع الخطوات القادمة بما يساهم في تسريع وتيرة تنفيذ المشروع، وتحديد مهام اللجنة وشرعية المتابعة والمشاركة فى اتخاذ القرارات، مع تكثيف جهود الترويج للطرح الجديد من خلال النشر والتسويق بجميع الوسائل الممكنة.
وأكدت اللجنة أن المشروع مستمر ولن يتوقف، وأن الأرض المخصصة قائمة كما هي، داعية الزملاء الصحفيين إلى عدم الانجراف وراء الشائعات أو إثارة اللغط حول المشروع، لما لذلك من تأثير سلبي على سير التنفيذ ومصالح الحاجزين.
وطالب الحضور بضرورة تحديد دور ومهام اللجنة المشكلة من الحاجزين بقرار من مجلس النقابة، بما يضمن وجود رقابة فعالة ومتابعة مستمرة حتى الانتهاء من إنشاء المدينة وتسليم الوحدات لمستحقيها.
وشدد محمد خراجة على أهمية متابعة البيانات الرسمية الصادرة عن النقابة بشأن المشروع، وعدم الانسياق وراء أي معلومات مغلوطة قد تُنشر خارج القنوات الرسمية، حفاظًا على مصالح الزملاء الصحفيين وتحقيقًا للشفافية.