إنتَظمتْ مسيرةُ الأيّام بالنسبةِ لي ولأبنائي بعد أكثرَ مِن شهرين من المُعاناةِ والآلامِ وحُزنِ الفِراقِ المُرِّ . عادَ عُمر إلى مدرستهِ القريبةِ مِن السَّكن وقد كانَ بالصَّفِ الثَّاني الابتدائي وعادَ أحمد إلى الرَّوضَة . عُدتُ إلى العَملِ بِنفسِ المدرسةِ التي كنتُ أعملُ بها قبلَ الحادِث . لمْ أنسَ مَوضُوعَ الماجِستير فَكتَبتُ إلى الجَامِعة والدُّكتور المُشرِف على رسالتي .

اعْتَذرتُ عن تأخُّري وشَرَحتُ الظُّرُوفَ الصَّعبةَ التي مَرَرتُ بها وطلبتُ تَمدِيداً للمُدةِ التي كانتْ مُقرَّرة من قبلُ . قَبِلُوا اعتِذاري ووافَقُوا على الزَّمنِ الإضافي الذي طَلَبتُه بَلْ أرْسلُوا إلي عَزاءاً مُفعَماً بالمَشاعِر الإنسَانِية .
واصلتُ الدِّراسةَ والتَّدرِيس وسارتْ الأُمورُ سيراً حَثِيثاً باتِّجاهِ نهاية العام الدراسي ٢٠٠٢ - ٢٠٠٣ م . وبِفَضلِ اللهِ أكملتُ الدِّراسة بِمُناقشةِ مَشرُوعِ البَحثِ وحصلتُ على تقدير +A وبعد وقتٍ قصيرٍ من النَّتيجةِ وصَلتنِي شهاداتُ الماجستير بالبريدِ السَّرِيع FedEx في عِقرِ داري مُوثَقةً ومَختُومةً بأخْتَامِ وَزارةِ العَدلِ والخَارِجية ومُوقَّعةً بِقلَم Collin Powell شَخصِياً وقد كانَ وزِيراً للخارِجيةِ الأمَريكية آنذاك . ليسَ هذا فَحَسب ، بل أرفَقُوا معها بعضَ الهَدايا الصَّغيرَة والقَيِّمة .
شَرَعتُ قبلَ نهايةِ العامِ الدِّراسي وحُلولِ الإجازةِ الصَّيفيةِ في البَحثِ عن مَسكنٍ بَديلٍ حتى أتْرُكَ الدَّارَ التي غَمَرتْها أُم أُسامة بالحُبَّ والعطفِ والحَنَان وتَركَتْ في كُلِّ رُكنٍ عَبَقاً وعلى كُلِّ فَرْشٍ وطاوِلةٍ بَصمَةً من رُوحِها الشَّفيفةِ وظِلاً من بهائِها . وطُيفُ الزَّوجةِ الحَبِيبةِ جُزءٌ من الدَّار وأهلِها لا يُفارِقُهم ويَظلُّ يُهَوِّمُ في أجْنِحة الدَّار لا يُفارِقُها ليلاً واحداً حتى يُفارِقُونَها ، فآثرتُ أنْ أفَارِقَها - أي الدَّار . " وما حُبُّ الدِّيارِ شَغَفنَ قَلبي ولكنْ حُبَّ مَنْ سَكَنَ الدِّيارَ " .
الحَمدُ للهِ وجدتُ بيتاً كبيراً في حيٍ آخر به ثلاثُ غُرف ومَجلِسٌ واسِعٌ ( صالون ) وصالةٌ ومَطبَخ وحمَّامَين وأمامَه حُوش . وأمامَ مُربَّع البيتِ وماجاوَرهُ مِن بُيوتٍ أرضِيةٍ وليستْ عَمارَات مَيدَانٌ فسيحٌ خالٍ رُبَّما يكونُ مُخَطّطاً لِمُنتَزهٍ أو حديقةٍ . استَبشَرتُ خيراً بهذا البيتِ فاستَأجَرتُه بالرَّغم مِن غلاءِ الإيجار . ثُمَّ طَفِقتُ أُجَهزُه بالنَّظافةِ والسَّتائرِ لنَنقُل إليه متاعَ شُقتِنا قبل أنْ نُسافِرَ في الاجازةِ الصَّيفِية .
وجَدتْ الوالدةُ أثناءَ إقامَتِها بالجُبيل احتفاءً كبيراً مِن كُلِّ النِّساءِ رَبَّاتِ الأُسرِ السُّودانية في البلدةِ والبلداتِ المُجاوِرة . كُنَّ يَزُرنَها باستِمرارٍ وخاصَّةً في عُطلةِ نهايةِ كُلِّ أُسبُوع .
وقبلَ حُلولٍ امتحاناتِ نهايةِ العامِ الدِّراسي استًلمتُ خِطابَ شُكرٍ مَصحُوباً بإشعارِ إنهاءِ خِدمة مُعلِّم مُتعَاقِد مِن طَرفِ إدارةِ التَّعلِيم بالمَنطِقة الشَّرقِية بالدَّمام ، وكانَ السَّببُ إحْلالْ سَعودِي فقلتُ " جاءَ زمانُ السَّعودة " ! إحدى وعشرون عاماً في خِدمةِ التَّعليمِ والمَدارِس السَّعودية . ثُمَّ إنَّ المُصائبَ لا تأتي فُرادَى - أو كما قالُوا !!!

محمد عمر الشريف عبد الوهاب

m.omeralshrif114@gmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

جدعون ليفي: وفي نهاية المطاف حماس هي الباقية

قال الكاتب الإسرائيلي اليساري جدعون ليفي إن ما فشلت إسرائيل في تحقيقه بالقوة الأشد "همجية" في تاريخها لن يتحقق بقوة أكثر بطشا.

وكتب في مقال له بصحيفة هآرتس أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ستظل باقية في نهاية المطاف بعد حرب سُفِكت فيها الدماء، وقُتل فيها مئات الجنود الإسرائيليين وعشرات الآلاف من سكان قطاع غزة، ودمار هائل بحجم ما حلَّ بمدينة درسدن، عاصمة ولاية ساكسونيا الألمانية، خلال الحرب العالمية الثانية.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2خبيران دوليان: أوقفوا الحرب المقبلة بين إثيوبيا وإريتريا قبل اشتعالهاlist 2 of 2عنف الاستعمار بالجزائر.. فرنسا استخدمت التعذيب والحرق والأسلحة الكيميائيةend of list

وأضاف أن على إسرائيل أن تعترف بأنه لن يبق في قطاع غزة سوى حركة حماس، وعليها أن تستخلص من هذه الحقيقة الدروس والعبر.

واللافت للنظر أن جدعون ليفي كرر اسم حماس في مقاله 24 مرة، ليؤكد ما ذهب إليه من أن حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية رغم أنها تضررت من الناحية العسكرية بشكل كبير، إلا أنها ستتعافى.

ومن الناحية السياسية والأيديولوجية، يقر بأن حماس ازدادت قوة خلال الحرب، بعد أن بعثت الروح مجددا في القضية الفلسطينية التي اعتقدت إسرائيل والعالم أن النسيان طواها.

والشاهد في الأمر أن إسرائيل -برأي الكاتب- لا تستطيع تغيير حقيقة أن حماس باقية، فهي لا تملك القدرة على تعيين كيان حاكم آخر في غزة، وليس ذلك لأن وجود كيان من هذا القبيل مشكوك فيه فحسب ولكن أيضا، وبالدرجة الأولى، لأن هناك حدودا لجبروتها، أي دولة الاحتلال.

إعلان

ولهذا السبب، فإن ليفي يعتقد أن الحديث عن "اليوم التالي" مضلل؛ "فليس هناك يوم بعد حماس، ومن المحتمل ألا يكون هناك يوم بعد حماس في أي وقت قريب".

وعزا ذلك إلى أن حماس هي الجهة الوحيدة الحاكمة في قطاع غزة، على الأقل في ظل الظروف الراهنة التي تكاد تكون غير قابلة للتغيير، ومن ثم، فإن "اليوم التالي" سيشمل حركة المقاومة الإسلامية، وعلى الإسرائيليين أن يعتادوا على ذلك.

استئناف الحرب خطوة عديمة الجدوى، فهي ستقتل من تبقى من الأسرى الإسرائيليين وعشرات الآلاف من سكان غزة، وفي النهاية ستبقى حماس

والاستنتاج الأول الذي خلص إليه المقال أن استئناف الحرب خطوة عديمة الجدوى، فهي ستقتل من تبقى من الأسرى الإسرائيليين وعشرات الآلاف من سكان غزة، وفي النهاية ستبقى حماس.

وبدلا من خوض حرب أخرى "لاجتثاث حماس من السلطة إلى آخر هذا الكلام الفارغ، علينا أن نعوّد أنفسنا على وجودها"، حسب تعبير ليفي الذي يضيف أن ذلك يستوجب من إسرائيل أن تتحدث مع الحركة.

وقال أيضا: "لو أن إسرائيل أوفت بوعودها كما فعلت حماس، لكنا الآن في المرحلتين الثانية والثالثة من اتفاق وقف إطلاق النار".

من المستحيل تعيين زعيم في قطاع غزة ولا حتى محمد دحلان، من دون موافقة حماس، والسلطة الفلسطينية تحتضر ببطء في الضفة الغربية ولن تعود إلى الحياة فجأة في غزة.

وتابع أنه لو كان لدى إسرائيل رجل دولة يتمتع بالرؤية والشجاعة -وهي فكرة ربما ميؤوس منها، حسب قوله- لحاول التحدث مع حماس بشكل مباشر وعلني وعلى مرأى من الجميع في غزة أو في القدس.

ومع أن الكاتب يرى أن من الأفضل لو كان في غزة حكومة مختلفة، إلا أنه يقر أن هذا الخيار ليس في متناول اليد في المستقبل القريب.

ووفقا له، فمن المستحيل تعيين زعيم في قطاع غزة ولا حتى محمد دحلان، من دون موافقة حماس. وفي اعتقاد ليفي أن السلطة الفلسطينية، التي قال إنها تحتضر ببطء في الضفة الغربية، لن تعود إلى الحياة فجأة في غزة.

مقالات مشابهة

  • الروبوت أوبتيموس يزور المريخ نهاية عام 2026
  • ماسك: مركبة فضائية تحمل روبوتا ستنطلق إلى المريخ في نهاية
  • المرحلة الأخيرة.. هل نحن على أعتاب نهاية الحرب في السودان؟
  • الحكومة المصرية تقرر رفع الدعم نهائيا عن الوقود نهاية العام بسبب صندوق النقد الدولي
  • الاسمر: لدمج الرواتب التي تعطى كمساعدات في القطاع العام ضمن أساس الراتب
  • بأمر بيسيرو | 3 لاعبين يغادرون الزمالك نهاية الموسم.. من هم؟
  • فلكية جدة: كسوف جزئي للشمس نهاية رمضان
  • ألمانيا تسلم بودريقة نهاية مارس.. مكتب المدعي العام في هامبورغ: السلطات المغربية قدمت لنا أدلة قوية
  • جدعون ليفي: وفي نهاية المطاف حماس هي الباقية
  • نهاية الشعب العراقي