الحرب و السياسة و المتغيرات التي أحدثتها
تاريخ النشر: 2nd, October 2024 GMT
أن القراءة الصحيحة للواقع و متغيراته، و بعيدا عن الميول العاطفية و تدخلاتها في القراءة، إلي جانب معرفة قدرات القوى المؤثرة في هذا الواقع، و دورها في إدارة الأزمة، و معرفة قدراتها التكتيكية، قياسا مع قدرات القوى الأخرى، هو الذي يقود إلي النتائج الأقرب إلي الصواب من غيرها.. أن القوى السياسية و حتى الموالين لها يحاولون أن يبنوا توقعاتهم على دور الأخر في العملية السياسية، و ليس على الشعارات التي يرفعونها، و يعجزون عن كيفية إنزالها على الواقع.
القضية الأخرى أيضا: أن أي تغيير في الواقع سوف يؤثر في نتائج أي مشروع إذا لم تعاد مراجعته لكي يتكيف مع المتغرات الجديدة، و بدون نقع في فخ التنظير الذي ربما لا يفهم، تعالوا نقيس على تجربة الحكم منذ انقلاب الجبهة الإسلامية القومية في 30 يونيو 1989م، أن القوى السياسية المعارضة كونت تحالفها " التجمع الوطني الديمقراطي" لمنازلة النظام سياسا و عسكريا. الذي حدث أن الصراع الذي حدث داخل السلطة " الحركة الإسلامية" أدى إلي انقسام طولي في قيادة و قاعدة النظام " المفاصلة 1999" المتغيير حدث في النظام، ماذا حصل بعد ذلك؟ أن القيادات في النظام بحثت عن تحالفات من خارج الحركة الإسلامية لكي تحدث ضعفا في تحالف المعارضة، فتحت حوارا مع الحزب الاتحادي " زين العابدين الهندي" الذي أصبح شريكا في النظام ثم حزب الأمة مجموعات " مسار و الصادق الهادي و غيرهم".. إلي جانب قيادات الحركة الشعبية " ريك مشار و لام أكول" و بالفعل استطاعت أن تغير المعادلة السياسية، ثم فتح حوارا فيما بعد مع مجموعة حركة تحرير السودان و العدل و المساواة و استطاعت أن تحدث فيهم انشقاقات، أيضا بهدف إضعافها و خلق صراعا داخلها، كل ذلك يحدث تغييرا في المعادلة السياسية، ثم أقنعت مبارك الفاضل و التجاني السيسي و هي قيادات في حزب الأمة.. أضعفت المعارضة تماما حتى تمت تفاقية "نيفاشا" 2005م و شاركت كل القوى في الإنقاذ هذه المتغيرات لابد أن تحدث متغيرات في قيادة العمل السياسي..
بعد الثورة و سقوط الإنقاذ في 11 إبريل 2019م: ظهرت قيادات جديدة على الساحة السياسية، و فرضت نفسها على الواقع بحكم المتغيرات التي حدثت في الساحة السياسية، حتى القيادي على محمود حسنين و صديق يوسف و الصادق المهدي لم يجد حديثهم طريقا لآذان القوى الجديدة، و هذا كان متغيرا كبيرا في الواقع السياسي، القيادات الجديدة التي برزت كانت تجربتهم السياسية حديثة الميلاد، و إدارة الأزمة كانت تحتاج إلي عناصر ذات تجارب واسعة لكي تتغلب على التحديات، و لكن التجربة أكدت أن هؤلاء لم يقرأوا الساحة قراءة صحيحة و لم يتعرفوا على متغيراتها، و لم يكونوا على وعي بالتحديات التي سوف تواجه النظام الجديد..
أن أية عملية تغيير سوف تواجه بتحدي من قبل القوى المحافظة و القوى التي ارتبطت مصالحها بالنظام القديم، و لابد من معرفة الأدوات المطلوبة لعملية نجاح التغيير، إلي جانب المحافظة على القوى الشعبية المؤيدة، كل ذلك لم يحدث..! .. حتى القوى الداعمة للنظام الجديد من المثقفين و آهل الرأي الأغلبية منهم ساروا وراء الشعارات و العواطف، و لم يستطيعوا أن يمارسوا النقد بهدف التصحيح، لذلك أصبحوا هم أنفسهم أزمة جديدة على الواقع السياسي.. و البعض الأخر ابتعد لأنهم لم يجدوا آذان صاغية..
كان هناك فارقا كبيرا بين القوى الجديدة ذات التجربة الحديثة، و بين المعارضين الذين أكتسبوا تجربة كبيرة من خلال وجودهم ثلاثين عاما في السلطة.. الفارق يتبين في عملية كيفية إدارة الصراع، و كيفية استخدام التكتيك لكي يصب في المجرى العام للإستراتيجية التي تتبناها، غياب الرؤية تشكل أكبر عقبة في مسيرة العمل السياسي لأنها تجعل صاحبها مرهون في عمله على الأحداث حيث يصبح هو يعلق عليها و لايصنعها، فالذي يصنع الحدث هو الذي يتحكم في مسار العمل السياسي، لذلك عندما يصيح الكل " الكيزان و الفلول وراء الفشل و عدم الانجاز" هذا يعني هم الذين يتحكمون في مسار العملية السياسية، و هم الذين يصنعون المادة التي يفكر فيها الآخرين..
أن الحرب قد وقعت و أثرت على قطاع كبير من المواطنين.. و هذا يعد متغييرا ليس بالساهل معرفة إفرازاته المستقبلية، إذا كانت النخب السياسية محصورة في طريقة تفكير واحدة، أن تجد تبريرات إلي أخطائها، و ماتزال تعتقد أن الأحداث تسيرها جهة واحدة، سوف تصبح غير مدركة للمتغيرات التي سوف تحدث في الساحة السياسية مستقبلا.. أن الحرب سوف تفرز متغيرات سياسية كبيرة، و أيضا سوف تبرز منها قيادات جديدة و هذه القياات سوف تكون مدعومة بقطاع واسع من المجتمع و خاصة الشباب الذين يحملون السلاح و يقتلون مع الجيش، و الذي يقدم روحه رخيصة من أجل الوطن لن يكون متساهلا في مستقبلا في العملية السياسية.. و هذا الواقع محكومة أيضا بدرجة الوعي التي يكسبها هؤلاء الشباب بحملهم للبندقية، و معرفة في الأدب السياسي اليساري أن البندقية تعد من أعلى درجات الوعي السياسي.. أن الحرب بالضرورة متغيرا كبيرا له شروطه، لأنها لا تقف فقط في حدود هزيمة الجانب الأخر فقط بل عدم السماح له بأي ممارسة يمكن أن تقود مستقبلا للحرب، و هي المسألة التي تحاج للوعي... نسأل الله حسن البصيرة...
zainsalih@hotmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
المخلافي: بحثنا مع العليمي المتغيرات الدولية بما يخدم المعركة الهادفة لإنهاء الإنقلاب
أكد عبد الملك المخلافي مستشار رئيس مجلس القيادة الرئاسي، نائب رئيس هيئة التشاور والمصالحة أن اللقاء الذي جمع الهيئة وقادة الأحزاب والمكونات السياسية برئيس مجلس القيادة بحث المتغيرات الإقليمية والدولية والإستفادة منها فيما يخدم العمل الوطني الهادفة لإستعادة الدولة وإنهاء الإنقلاب.
وأوضح المخلافي في سلسلة تغريدات على منصة إكس تعليقا على لقاء العليمي مع رئاسة هيئة التشاور والمصالحة وقادة الأحزاب والمكونات السياسية الأعضاء في الهيئة، أن اللقاء كان متناسبا في أهميته مع متطلبات توحيد الصف والرؤية في هذه المرحلة من تاريخ الشعب اليمني ونضاله من أجل استعادة دولته والأحداث والتحولات في المنطقة والعالم.
وقال إن اللقاء بحث طويلا المتغيرات المحلية والإقليمية والدولية ومتطلبات التعامل معها بما يخدم الهدف الوطني في استعادة الدولة والأمن والاستقرار وعودة السلام إلى اليمن، بما في ذلك حق الشعب اليمني وجيشه وقواته في "هزيمة الحوثي وتحرير البلاد من رجسه وإجرامه وتجريم الإمامة والعنصرية، في الدستور كما جرمت النازية"
وأشار إلى أن الرئيس العليمي، كان واضحا وصريحا وشاملا في طرحه خلال اللقاء الذي "أخذ وقتا كافيا لمناقشة كل متطلبات المرحلة من جميع النواحي أكان من متطلبات وحدة الجبهة الداخلية لمواجهة مليشيا الحوثي أو الوضع الاقتصادي والحفاظ على الموارد وزيادتها ومواجهة الفساد وتخفيف معاناة المواطنين وحل الأزمات التي نتجت عن المدة الماضية في بعض المحافظات"
ولفت إلى أن قيادة هيئة التشاور والمصالحة وأمناء الأحزاب والمكونات السياسية في الهيئة عبروا بوضوح وصدق وصراحة عن وجهات نظر الشعب اليمني وقواه وما يدور في الشارع ومعاناته وتطلعات الشعب لإنهاء العشرية السوداء التي خلفها الحوثي، والانتصار على المشروع الإمامي وعودة السلام إلى بلادنا والإقليم
وبحسب المخلافي، فقد تضمن اللقاء حوارا صريحا ومسؤولا حول كل القضايا والاتفاق على أهمية، إجراء الإصلاحات اللازمة في جميع أدوات الدولة والحكومة والموارد المالية والالتزام من الجميع باستراتيجية العمل التي أقرها مجلس القيادة الرئاسي والالتزام بالموجهات الإعلامية للمرحلة.
وأضاف، بأنه تم البحث والاتفاق على دور هيئة التشاور والمصالحة ورئاستها ومكوناتها في إسناد مجلس القيادة والقيام بالدور المطلوب لتنفيذ استراتيجية وأهداف المرحلة، في إطار الحديث الاستراتيجي المهم والصريح والرؤية الشاملة التي طرحها الرئيس، واستنادا إلى إعلان نقل السلطة والقواعد المنظمة لعمل المجلس والهيئات.
ونوه، إلى أن اللقاء ناقش الدور الذي يلعبه التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة في دعم اليمن وقيادته وشرعيته في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية ودعم استعادة الدولة وتحقيق السلام في اليمن.