في إطار فعاليات منتدى الثلاثاء الذي ينظّمه بيت الشعر بدائرة الثقافة في الشارقة، أقيمت أمسية شعرية أمس، أحياها الشاعر حسين العبدالله من سوريا، والشاعر د. مجتبى عبدالرحمن مضوّي من السودان، وحضرها محمد عبدالله البريكي، مدير البيت، إضافة إلى جمهور غفير احتشد في قاعة المنتدى التي غصت به، وتنوع بين محبي الشعر، والشعراء، والنقاد، الذين قدموا من كل أنحاء الإمارات، ليكونوا في موعد مع القصيدة وليحلقوا مع الشعر في سماء الإبداع.


قدم الأمسية الأستاذ كاميران كنجو، الذي افتتح الفعالية مرحبا بالحضور، وقدم في كلمته الشكر والتقدير لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، على جهوده في تعزيز الثقافة والفنون والابتكار، والتي جعلت من الشارقة نموذجًا يُحتذى به في التقدم والازدهار، كما قال أيضا: ” إن الشعر هو لغة القلوب، صوت الأحاسيس، وصدى المشاعر، ومن خلاله نستطيع أن نعبّر عن أفراحنا وأحزاننا، عن آمالنا وآلامنا. وفي كل بيت شعري، تكمن قصة، وتولد تجربة، وتظهر حكمة.”
افتتح القراءات الشاعر السوري حسين العبدالله، الذي اكتنزت نصوصه بالحس المرهف، والوجدانيات العالية، والذي له صدر له مؤخّرًا ديوان (لو أمطرت ذهبًا)، وقرأ قصيدة: “سفيرٌ من قلبِ أمي”، ليرسم بها بورتريه لأمه، لونه بالأحاسيس الصادقة والصور الشعرية المترعة بالذكريات والحنين، وقال فيها:
للشمس ِ كرسيٌّ هناك ببيتِنا
فرفاقُ أمي الشمسُ والتنّورُ

وحصيرُها في الحَيِّ كان حَرَمْلكًا
وتغارُ من ذاكَ الحصيرِ قصورُ

وبكفِّها مسكٌ و سَلْ حبلَ الغسيلِ
فلم يزلْ يبكي وفيه عبيرُ

وبَخورُها من دَخنةِ التنورِ يا
باريسُ هل مِن مثلِ ذاك عطورُ؟!

ووَضوءُ أمي حفنتانِ من الفراتِ
لذاكَ يسكنُ وجهَ أمي النورُ

بعد ذلك قدم الشاعر قصيدة في المدح النبوي، جاءت فيها إحالات إلى كعب وبردته، بدءًا من عنوانها “ردائي”، مرورا باستخدام اسم “سعاد” الذي كان في مقدمتها، ومما جاء فيها:

حُروفي يا سعادُ اليومَ شهدٌ
فَإنِّي للنبيِّ نذرتُ شِعرَا

سألتُ البدرَ يُقرضني سناهُ
لأجعلَ للقريضِ سناهُ حِبرا

وإذْ بالشمسِ نحويْ قد تدلَّتْ
تُسابقُ يا حبيبُ إليكَ بَدرا

واستمر نهر القصيدة دفّاقًا، لينتقل من بردى إلى السودان ونيليها، بقراءات للشّاعر السوداني د. مجتبى عبد الرحمن مضوّي، الذي سافر بالجمهور في رحلة عبر بعض من نصوصه، والتي تراوحت بين أسئلة الذات وتجليات العاطفة، بلغة شعرية حماسية ورقيقة في آن واحد، فيقول:
هي اللغةُ المعدّةُ للتسامي
وتهذيب الملاحةِ في التمني

مفارقةٌ من المعنى الإضافي
ودحرجةٌ إلى المغزى الأجنّ

وتفسيرِ الـ ” أحبكِ” حين تعصى
مقاربةُ المُكنّى للمُكنّي

لأنكِ لم تُديري بَعدُ كوناً
من الحفلاتِ قبلي أو لأنّي

كما قدم الشّاعر نصًّا آخر، غاص في طيات حروفه بين الخيال الخصب، ورؤية الشاعر للقصيدة وعلاقته مع الشّعر والشعراء، وقد اتضح ارتباطه بتراثه الشعري العربي، حيث وظف الشّاعر ظلاله في نصه، فيقول:

في موسم الشعراءِ قالت برقةٌ
هل تستفيقُ “عكاظُ” من متردّمِ ؟

هل فزّتِ الأعناقُ من متوسّمِ
أم هل عرفت “النحو” بعد توهُّمِ ؟

يا دار برقةَ ، ما المقامُ مصرّحٌ
فيه لزفرةِ راحلٍ متأزّمِ

وفي ختام الأمسية كرّم محمد البريكي الشاعرين المشاركين، ومقدم الأمسية.


المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

أيقونة أكتوبر 1964 .. إلى روح الشاعر الفذ والدبلوماسي الأديب محمد المكي إبراهيم

(إلى روح الشاعر الفذ والدبلوماسي الأديب محمد المكي إبراهيم، رحمه الله وأسكنه الفردوس الأعلى)

مضى الشاعرُ الفذُّ
مِنْ بعدِ طولِ انتظار !
أسبلَ عينيهِ عنْ بؤسنا ..
تغطي، ومدَّ رجليهِ
ونام !!
وحذَّرنا
– "لا توقظونيَ"
– شرطاً،
إذا لمْ يهزمِ الظلامَ النّهارْ !!
**********************
وعاش..
عاشَ في غيبوبةِ الصّحوِ – طوعاً،
يُغازلُ حلماً،
عصيَّ المنالْ !!
وكانَ مُتاحاً لدى جيلِهِ
تآلف صفٍّ،
وجُرأةُ زحفٍ
تَخِرُّ لها
راسياتُ الجِّبالْ !!
**************
مضى،
وفي رأسِهِ العبقري
براءةُ طفل،
وألفُ سؤال:
فيمَ الشِّقاقُ اللئيمْ،
وأينَ الودادُ القديمْ،
وكيفَ تحوَّلَ
ذاكَ العِناقُ الحميمُ
سيوفَ نِفاقٍ،
عميقِ النِّصالْ ؟؟؟!!!
*****************
تسنَّمَ ذروة ذاكَ النِّضالْ
وغنَّى لهُ،
فَحُقَّ لهُ
بعضُ ذاكَ التَّمنِّي !!
وكانَ
كَنحلِ الرحيقِ الرَّشيقْ،
يُحلِّقُ
ما بينَ غصنٍ وغُصنِ
ويأسِرُهُ بُرعُمُ البرتقال !!
********************

فلَّما تَصوَّحَ حُلمُ النَّماءْ
وبتنا نغُذُّ الخُطا للوراءْ
ونَقنعُ بالدون، دونَ البرايا
ونستجدي لقمة من رغيف
لأن الحقولَ استحالت تكايا..
بإهمالنا،
وظلمِ الشريفِ،
وهضمِ حقوقِ الضعيف
فَجفَّت ضروعُ السماء !!
********************
أنَّى لقلبِ كقلبِكَ يا سيدي
تنسَّمَ كلَّ صنوفِ الجمالْ
وعاشَ هياماً
بِرَبِّ الجمالْ
فكيفَ يطيقُ
ضروبَ الأذى،
وذُلَّ المنافي،
وعنفَ القتال ؟!
*******************
قد كان
مَكِّيَ الهوى
ولَهُ
بطيبةَ إصطلام !!
وأفاقَ
ثمَّ رأى
مآسينا،
مخازينا،
تُمانعُ
أنْ تغادرنا..
فآثرَأنْ ينام !!
***********
فإليكَ
يا رمزَ المحبَّةِ والسلام،
وإلى
نبيِّ الرحمةِ المُهداةِ،
والفيضِ الإلهيِّ المدام،
نهدي السَّلام !!
***************************

أحمد البدوي مصطفى عمر التني

30 سبتمبر 2024م  

مقالات مشابهة

  • وفاة الشاعر محمد محمد الشحات عن عمر يناهز 70 عاما
  • أيقونة أكتوبر 1964 .. إلى روح الشاعر الفذ والدبلوماسي الأديب محمد المكي إبراهيم
  • 9 معلومات حول الشاعر السوداني الراحل محمد المكي إبراهيم
  • جمهور غفير يحتشد في منتدى الثلاثاء قصائد تعبُرُ النيل وبردى في بيت الشعر بالشارقة
  • مصادر للوفد: تفويض الشاعر أحمد سامى خاطر قائماً بأعمال رئيس إقليم شرق الدلتا الثقافي
  • الشاعر محمد المكي ينعي نفسه ويرثي وطنه في هذه القصيدة
  • الشاعر المفكر الذي غادرعلى أجنحة الهوية
  • الثقافة والرياضة والشباب تعلن النصوص المتأهلة في مسابقات الملتقى الأدبي
  • شيوخ يعزون بوفاة موزة محمد الجروان