بشكل مفاجيء، للمراقبين ولاجهزة الاستخبارات العالمية، حصل الرد الايراني على اغتيال كل من رئيس المكتب السياسي في حركة حماس اسماعيل هنية والامين العام لـ "حزب الله" السيد حسن نصرالله، الامر الذي ادخل المنطقة في مرحلة جديدة من غير المعلوم كيف سيكون مسارها، سلبيا او ايجابيا، فهل يساعد الرد الايراني على انهاء الحرب في لبنان وفلسطين ام يؤدي الى تصعيدها لتطال دول جديدة ومسارات خطيرة جدا.




خسرت ايران في الاسابيع الماضية قدرتها على الردع، اذ استطاعت اسرائيل ان توجه ضربات قياسية من لبنان الى طهران ووصلت الى القمة عند اغتيال السيد حسن نصرالله، وعندها بات رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو يثبت انه قادر على الحفاظ على مصالح واشنطن، وان التصعيد الذي يسعى اليه لا يؤدي الى تفجير المنطقة والوصول الى حرب اقليمية، وهذا سلب عامل المبادرة من طهران بشكل شبه كامل.

الاهم ان نتنياهو تخلص وبوقت قياسي في الشهرين الماضيين من الضغوط الداخلية وظهر كأنه المخلص في اسرائيل ولم تعد هناك اي ضغوط فعلية عليه لانهاء الحرب بسبب ان المعارك والقصف والاضرار لا تصيب العمق الاسرائيل، وهذا كله دخل اليوم مرحلة التغييرات الكبرى اذ بدأت فورا اصوات المستوطنين ورؤساء البلديات في المدن الكبرى الحديث عن ضرورة وقف الحرب.


هكذا تحول الضغط مجددا ضد نتنياهو، فاستراتيجيته لم تعد فاعلة بالنسبة للاميركيين، ولم تعد قادرة على ضمان عدم توسع المعركة وانفلات الامور الى اشتباك اقليمي كبير، لذلك فإن اي تصعيد اسرائيلي سيكون مضبوط اميركيا هذه المرة، خصوصا ان الرد الاسرائيلي لا يمكن منعه على الارجح لكنه من الممكن ان يصبح مضبوطاً للغاية على الارجح ما يحول دون استمرار توسع النزاع في المرحلة المقبلة.

ستخسر اسرائيل بشكل واضح قدرتها على المبادرة وسيعود الردع بشكل تدريجي ولن يعود نتنياهو قادرا على ابتزاز المحور والتهديد بان واشنطن ستكون الى جانبه عسكريا في حال اشتعلت الحرب الكبرى، وعليه فإن التصعيد التدريجي والمتدحرج من قبل تل ابيب سيتوقف، اقله بعد الرد الاسرائيلي المفترض، علما ان اسرائيل مصرة على عملية الاجتياح البري بإتجاه القرى الحدودية في لبنان..

كما ان التصريحات الاميركية كان واضحة امس، اذ اكدت ان الضربة الايرانية فشلت ولم تؤد الى سقوط قتلى والى اضرار عسكرية، وهذا يعني ان واشنطن تريد لاسرائيل ابتلاع الضربة قدر الامكان وتعطيها الحجة الكافية لعدم الرد كما حصل في الرد الايراني الأول، كل ذلك يحصل في ظل حرب شبه كاملة بين اسرائيل و"حزب الله" ما يفتح الباب امام تدحرج الامور في اي لحظة..
  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

نتنياهو يفتح قوس الصراع

في حين كانت الولايات المتحدة تنجح في حشد عديد الدول الغربية والعربية لصالح مبادرة بالشراكة مع فرنسا، تقول: إنّه تم تنسيقها مع إسرائيل، فاجأ بنيامين نتنياهو الجميع بتوجيه بُوصلة الصراع نحو وجهة أخرى.

المبادرة الأميركية الفرنسية، التي تدعو إلى هدنة لثلاثة أسابيع لم تكن تستهدف وقف الحرب على جبهتَي غزّة ولبنان، بقدر ما أنها استهدفت الفصل بين الجبهتين، وتفكيك العلاقة بين «حزب الله» اللبناني، وحاضنته الشعبية، وأيضاً فصل الحزب عن سياسة الحكومة اللبنانية، ورفع الغطاء عنه رسمياً وشعبياً، وتمكين دولة الاحتلال من الاستفراد به، خلال وقتٍ قصير تلاعب نتنياهو بالمبادرة وأصحابها، وأنهى كلّ حديث عنها، حين أعطى الضوء الأخضر لجيش العدوان بقصف الضاحية واغتيال عدد من قيادات الحزب وعلى رأسهم أمينه العام حسن نصر الله.

تتنصّل الإدارة الأميركية من المسؤولين عن عملية القصف والاغتيال، ولكنها ترحّب بها بعد أن اتضح أنّها نجحت في اغتيال نصر الله وعدد آخر من مسؤولي الحزب.

مرّة أخرى، وكما وقع خلال مجريات الحرب، ينجح نتنياهو في جرّ الولايات المتحدة خلف مخطّطاته، وضمان استمرار دعمها لما يقوم به، متجاوزة الإهانات التي يتسبب بها ذلك السلوك، لجر بايدن وإدارته التي تبدو ضعيفة، أو متواطئة.

بعد عملية الاغتيال الرهيبة تطلب دولة الاحتلال من واشنطن إرسال قوات إضافية للمنطقة استعداداً لرد إيراني محتمل، فيكون الردّ أنّ بايدن أمر وزير الدفاع لويد أوستن بزيادة القوات الأميركية في الشرق الأوسط لردع إيران ووكلائها، وتقليل خطر نشوب حرب إقليمية أوسع.
ومرّة أخرى يؤكّد بايدن أن بلاده تدعم بشكلٍ كامل حق الدولة العبرية في الدفاع عن نفسها ضد «حزب الله».

بعد مجزرة «البايجر»، وتعطيل شبكة الاتصالات التي يستخدمها الحزب، ومنذ اغتيال القائد العسكري البارز فؤاد شُكر، كانت المبادرة الأميركية الفرنسية تتعارض مع خطط نتنياهو، الذي يرفض منح الحزب فرصة لاستعادة الأنفاس وإعادة ترميم أوضاعه الداخلية.

كانت لنتنياهو طريقة أخرى لتحقيق أهداف المبادرة الأميركية الفرنسية، فهو يعتمد أسلوب القصف الموسّع لعشرات القرى والبلدات والمدن اللبنانية لترويع السكان، وإجبارهم على النزوح، وحملهم على التخلّي عن الحزب، ومواقعه، وتخويفه لبنان الرسمي، من الاستمرار في تقديم مواقف تنسجم مع سياسة الحزب.

الأسلوب ذاته الذي تم اتباعه في قطاع غزّة، جرى ويجري اتباعه مع لبنان، بما في ذلك تكبيد السكان المدنيين أثماناً باهظة، وضرب البُنى التحتية، من مستشفيات وأجهزة دفاع مدني، ومدارس وبلديات.
في الواقع، فقد نجح نتنياهو في تحقيق انتصارات تكتيكية مهمّة، ونجح في تحشيد الجبهة الداخلية، حيث انضمّت إليه كل أحزاب «المعارضة»، الأمر الذي عزّز من شعبيته، وحسّن فرص «الليكود» في أيّ انتخابات، تجري في هذا الوقت، حسب استطلاعات الرأي.

المشكّكون في جدّية «محور المقاومة»، سرعان ما أن كرّسوا أقلامهم وخطاباتهم، للتأكيد على صحّة شكوكهم، وكثير منهم أظهروا قدراً من الشماتة بما أصاب الحزب.

وبالتأكيد، إنّ اغتيال نصر الله، وعدد كبير من قيادات الحزب، من الصفين الأوّل والثاني، ترك قدراً من الإحباط وخيبة الأمل وحتى الخوف، من قبل أولئك الذين راهنوا على الحزب و»محور المقاومة».
برأينا، إن أصل الأزمة التي يواجهها الحزب تكمن في أنه واصل القتال من موقع الإسناد، وحافظ على «قواعد الاشتباك»، من دون أن يأخذ في الاعتبار أنّ الطرف الآخر سيتجاوز كل الخطوط لجهة شن حرب واسعة قد تبدو للبعض على أنّها مفاجئة.

ثمّة فارق كبير بين أن تخطط لمواجهة حرب يشنها الطرف الآخر، وأن تبقى على حدود وسقوف دون ذلك. التقديرات كلها تؤكد أن هذه الحرب مستمرّة، وواسعة، وذات أهداف بعيدة وإستراتيجية، وأنها ما كانت لتسمح ببقاء التهديد من غزّة أو من لبنان وغيرها، ولذلك كان لا بدّ للحزب من أن يبدأ القتال على هذا الأساس، ومن دون انتظار لتكتيكات لا تقدم ولا تؤخّر في النتائج.

لقد أسّس هذا الخطأ الجسيم، لتعرض الحزب لسلسلة من الضربات المفصلية التي أرهقته، حيث تركت قدراً من التراخي، في اتخاذ ما يلزم من إجراءات أمنية لحماية قياداته وكوادره، ومواقعه العسكرية.
لقد كرّر الحزب الأخطاء الواحد تلو الآخر، وربما أنه لم يتمكن من التقاط الأنفاس، لتجنّب الخسائر الضخمة التي تعرّض ولا يزال يتعرّض لها خلال الأسابيع الأخيرة.

بعد الاغتيالات المبكّرة، كان من غير الطبيعي أو الضروري، وجود اجتماعات قيادية أو غير قيادية، وكان من الضروري تغيير طريقة حركة القيادات، وأماكن سكنهم وتردّدهم، ولكن كل ذلك جعلهم أهدافاً سهلة، للضربات العدوانية الإسرائيلية المتتالية.

معروف أنّ لبنان يضجّ بوجود وفعالية كل أنواع الاستخبارات العربية والعالمية، وأنّ الحزب يعمل بصورة علنية، وبالتالي فإنّه عُرضة للاختراق، وعُرضة للانكشاف، وبالإضافة إلى ذلك، ثمّة أحزاب وقوى وجماعات لبنانية مناوئة للحزب، وترغب في التخلّص من دوره ونفوذه، مستعدّة للتفاوض مع كلّ شياطين الأرض.

كان تكتيك الحزب في مرحلة الإسناد يقوم على تمييز قيمه عن قيم جيش الاحتلال، وذلك بالتركيز على المواقع العسكرية الإسرائيلية وتجنّب استهداف المدنيين والمنشآت الاقتصادية الحيوية، غير أنّه لا يدرك أنّ هذا التمييز لا يُحدِث فرقاً، طالما أنّ النتائج مختلفة.

أعلن الحزب أنّ استهداف المدنيين سيقابل باستهداف المدنيين، لكنه لم يفعل، وأعلن كذلك أنّ استهداف الضاحية سيقابل بردّ يستهدف تل أبيب، لكنه لم يفعل.

الآن وفي ظلّ الضربات القاسية التي تعرّض ويتعرّض لها الحزب، لا يستطيع تجاوز طريقة الردّ الروتينية، التي التزم بها منذ بداية الحرب العدوانية، ذلك أنّ الانتقال إلى مرحلة خوض الحرب بكلّ ما لديه من قوّة، يستدعي ترميم منظومتَي القيادة السياسية والعسكرية، وهو أمر من الصعب تداركه بينما تصعّد دولة الاحتلال من هجماتها المركّزة، على كلّ مكان في لبنان.

ويحتاج الانتقال إلى مرحلة خوض الحرب إلى تنسيقٍ مع أطراف المقاومة، ومع إيران بالتأكيد بما يعني الانتقال إلى الحرب الإقليمية.

الكرة الآن في ملعب إيران، فهل ستتجاوز شروط دورها الروتيني وتكتفي بإطلاق التهديدات، أو حصر دورها بردّ محدود، أم أنها ستواجه حقيقة أنّ هذه الحرب مستمرّة، إلى أن تصل إلى عُقر دارها؟ على كلّ حال الحزب رغم ما أصابه، إلّا أنه لا يزال يملك القدرة على تدفيع دولة الاحتلال الثمن.

(الأيام الفلسطينية)

مقالات مشابهة

  • هل تركت ايران الحساب مفتوحاً مع اسرائيل؟
  • عاجل: أول تصريح لـ”نتنياهو” على الهجوم الإيراني على اسرائيل
  • بعثة ايران لدى الأمم المتحدة تكشف عن نوعية الرد لبلادها في حال درت إسرائيل على هجوم اليوم
  • محلل سياسي: نتنياهو يسعى لتحقيق مشروع إسرائيل الكبرى
  • إيران: إذا تجرأت اسرائيل بالرد سيكون ردنا مدمرًا
  • ايران تملأ سماء اسرائيل بمئات الصواريخ بموجة قصف جديدة
  • بغداد تبلغ واشنطن: استمرار الحرب على لبنان سيؤدي إلى اندلاع حروب أخرى بالمنطقة
  • البابا فرنسيس: الغارات الاسرائيلية على لبنان “تتجاوز الاخلاق”
  • نتنياهو يفتح قوس الصراع