مسؤولون أمريكيون وافقوا في أحاديث خاصة على هدف إسرائيل باستهداف حزب الله
تاريخ النشر: 2nd, October 2024 GMT
عمل العديد من المسؤولين الأمريكيين على دعم الحملة العسكرية الإسرائيلية ضد حزب الله، وذلك بشكل هادئ، رغم دعواتهم السابقة والمتكررة الحذر والدبلوماسية بدلا من الحلول العسكرية.
وقالت مجلة "بوليتيكو" في تقرير لها إن هؤلاء المسؤولين توصلوا إلى نتيجة أن الوقت مناسب لهذا التحول العسكري، مشيرة إلى أن شخصيات بارزة في البيت الأبيض أبلغوا "إسرائيل" وفي أحاديث خاصة أن الولايات المتحدة ستدعم قرارها بزيادة الضغط العسكري ضد حزب الله.
ويأتي ذلك حتى في الوقت الذي حثت فيه إدارة بايدن الحكومة الإسرائيلية علنا الحد من غاراتها الجوية وهجماتها ضد حزب الله.
وأكدت المجلة أن مستشار الرئيس الأمريكي عاموس هوكشتاين ومنسق شؤون الشرق الأوسط في البيت الأبيض بيرت ماكغيرك أخبرا المسؤولين الإسرائيليين في الأسابيع الأخيرة أن الولايات المتحدة تتفق مع إستراتيجية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو العامة بتحويل التركيز العسكري إلى الشمال وضد حزب الله، بهدف إقناع الجماعة اللبنانية الموافقة على المحادثات الدبلوماسية ووقف الحرب.
وأضافت أن المسؤولين قالوا إن "خلافا جرى في داخل الحكومة الأمريكية بشأن التحول في التركيز على حزب الله رغم الدعم في داخل البيت الأبيض له، وجاءت المعارضة من أشخاص داخل البنتاغون ووزارة الخارجية ومجتمع الإستخبارات الذين حذروا من أن حربا مع حزب الله قد تجر القوات الأمريكية إلى نزاع آخر في الشرق الأوسط.
وتحدثت المجلة مع مسؤولين إسرائيليين وأربعة مسؤولين أمريكيين كلهم طلبوا عدم الكشف عن هويتهم، ولم يجب مجلس الأمن القومي على أسئلتها والتعليق على هذه التصريحات.
ورفض السفير الإسرائيلي في الأمم المتحدة داني دانون التعليق على محادثات خاصة بين المسؤولين الإسرائيليين والأمريكيين، ولكنه قال: "لا نطلب دائما الإذن في كل شيء نقوم به" و "أعتقد أن ما يقولونه علنا يعكس الهدف وأنه يجب أن يكون هناك حل دبلوماسي لا نعارضه نحن".
وفي لقاءات ومكالمات جرت في منتصف أيلول/ سبتمبر أوضح المسؤولون الإسرائيليون أن الجيش يستعد لهذا التحول بدون تقديم تفاصيل.
بدورهما، حث كل هوكشتاين وماكغيرك المسؤولين الإسرائيليين على اتباع نهج حذر، إلا أنهما نقلا إليهم أن التوقيت مناسب على الارجح لمثل هذه الخطوة، وبخاصة بعد إضعاف حزب الله في الأشهر الأخيرة.
وفي الوقت الذي ربط فيه حزب الله وقف الهجمات ضد "إسرائيل" بالتوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة، إلا أن المسؤولين الأمريكيين توصلوا إلى نتيجة أن حماس لن توافق على خطة وقف إطلاق النار في أي وقت. مما يعني أن اللحظة قد حانت للتركيز على حزب الله و"فك الإرتباط بين النزاعين".
وأوضحت المجلة أن الحزب قد "بدأ بإطلاق الصواريخ والمقذوفات ضد مجتمعات الشمال في إسرائيل بعد يوم من هجمات حماس ضد "إسرائيل" في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، وهو ما أجبر أكثر من 60,000 على النزوح".
وبينت أن "الولايات المتحدة لم تكن تعرف الكثير عما تخطط له "إسرائيل"، وحتى مع دعم المسؤولين الأمريكيين الضغط على حزب الله، فقد دعوا للحذر. وحذروا أن إفراط "إسرائيل" في الضغط قد يؤدي للتصعيد الذي يقود إلى حرب شاملة، وهو أمر تحاول الإدارة تجنبه منذ عام".
وأكد هؤلاء المسؤولين أن الطريق الوحيد لإنهاء النزاع هو الحل الدبلوماسي، بينما عبر مسؤولون في المجتمع الإستخباراتي عن قلقهم في الأسبوع الماضي، سواء في إحاطات أو شهادات أمام الكونغرس، من احتمال اندلاع مواجهة برية مباشرة بين "إسرائيل" وحزب الله.
كما وجرت محادثات مماثلة في وزارة الخارجية، حيث أعرب المسؤولون عن "قلقهم من ارتفاع أعداد القتلى المدنيين في لبنان".
وقال مسؤولون في الإدارة إن ما يبدو وكأنه صدع هو في الحقيقة عدة طرق تسير عليها الإدارة في وقت واحد، بينما أكد مسؤول بارز أن "كلا الأمرين صحيح، فالولايات المتحدة تريد الدبلوماسية وتدعم في نفس الوقت أهداف "إسرائيل" الكبرى ضد حزب الله"، مضيفا "من الواضح أن هناك خط تتبعه الإدارة ولكنه ليس واضحا".
وخلف الكواليس، يصف هوكشتاين وماكغيرك وغيرهما من مسؤولي الأمن القومي أن ما تقوم به "إسرائيل" سيكون لحظة حاسمة في التاريخ، لحظة ستعيد تشكيل الشرق الأوسط للأفضل لسنوات قادمة.
وهناك اعتقاد أن "إسرائيل" قضت على هيكل القيادة العليا لحزب الله في لبنان، مما أدى إلى تقويض قدرات الجماعة بشكل كبير وإضعاف إيران، التي استخدمت حزب الله كوكيل وأداة لاستعراض القوة في الشرق الأوسط.
وتشير المجلة إلى أن الإنقسام الداخلي بشأن الحرب في لبنان، قد تبدد على ما يبدو خلال الأسابيع الماضية، حيث اجتمع كبار المسؤولين يوم الإثنين في البيت مع الرئيس جو بايدن لمناقشة الوضع على الأرض.
وقد اتفق معظمهم أن الوضع على الرغم من هشاشته، ، يمكن أن يوفر فرصة للحد من نفوذ إيران في لبنان والمنطقة. ومع ذلك، قال مسؤولون أمريكيون وإسرائيليون إن البيت الأبيض يسير بحذر، ذلك أن إدارة بايدن تريد دعم أفعال "إسرائيل" ضد جماعة إرهابية صنفتها الولايات المتحدة على أنها قتلت أمريكيين وتهدد المنطقة. وفي الوقت ليست مرتاحة لتأييد حملة "إسرائيل" بشكل كامل - أو علنا - لأنها قلقة من تعمق "إسرائيل" في الأراضي اللبنانية، مما قد يدفع إلى حرب شاملة، حسب قول أحد المسؤولين الأمريكيين. ومن هنا واصلت الإدارة رسالته العلنية إلى "إسرائيل" وضرورة تجنب التصعيد والبحث عن حل دبلوماسي مع حزب الله، وبالتحديد وقفا لإطلاق النار مدة 21 يوما، وهي الخطة التي تقدمت بها الولايات المتحدة وفرنسا الأسبوع الماضي.
ولم يتغير موقف الإدارة رغم آلاف الهجمات ضد مواقعى وعناصر حزب الله وتفجيرات أجهزة بيجر وتوكي ووكي وقتل قيادة الحزب بمن فيهم حسن نصر الله يوم الجمعة.
وحث وزير الخارجية أنطوني بلينكن "إسرائيل" وحزب الله على قبول وقف إطلاق النار، حتى مع فرحه، مثل بايدن وغيره، برحيل نصر الله.
وقال: "فيما يتعلق بلبنان، ما هي أفضل طريقة لتحقيق الهدف المعلن المتمثل في خلق بيئة في شمال "إسرائيل" تمنح الناس الثقة للعودة إلى ديارهم؟ كما قلت، نعتقد أن المسار الدبلوماسي هو الأفضل"، حيث تحدث ليلة الجمعة للصحافيين ولم يتم بعد التأكد من مقتل نصر الله.
وأشارت المجلة لجواب بايدن في المؤتمر الصحافي الذي عقده الإثنين وإن كان مرتاحا بالغارات الإسرائيلية ضد لبنان قال "سأرتاح بوقفها، ويجب أن يكون هناك وقف إطلاق النار"، إلا أن أحد المسؤولين الأمريكيين قال إن المفاوضات بشأن اقتراح وقف إطلاق النار لمدة 21 يوما والذي أعلنته الولايات المتحدة الأسبوع الماضي متوقفة بشكل أساسي، في الوقت الذي تواصل فيه "إسرائيل" عمليتها ضد حزب الله.
وتصاعد الموقف أكثر يوم الاثنين عندما تحركت القوات الخاصة الإسرائيلية عبر الحدود، مستهدفة شبكة أنفاق حزب الله ومراكز قيادة أخرى، وفقا لما قاله مسؤول أمريكي آخر لمجلة "بوليتيكو"، التي قالت إن "إسرائيل" خططت لشن توغل بري أكبر بكثير في لبنان هذا الأسبوع، لكن مسؤولي بايدن حثوا على عدم القيام بذلك، وطلبوا من "إسرائيل" أن تكون أكثر استهدافا في كيفية إجراء عملياتها.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات سياسة دولية سياسة دولية الإسرائيلية حزب الله الولايات المتحدة اللبنانية لبنان إسرائيل الولايات المتحدة حزب الله المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المسؤولین الأمریکیین الولایات المتحدة وقف إطلاق النار البیت الأبیض الشرق الأوسط ضد حزب الله فی لبنان فی الوقت
إقرأ أيضاً:
أحاديث الثورة السورية وتغيير المنطقة
أعادت مشاهدُ تجول السوريين في قصور أحد أكثر الأنظمة وحشية في تاريخنا المعاصر؛ ذكرياتٍ كادت تُنسى عقب اندلاع انتفاضات الربيع العربي، ورغم انتكاسة الانتفاضات في جميع الدول، فإن تجدد حيوية الملف السوري ونجاحه في الإطاحة بحكم البعث، أعادا الأمل في وصول الشعوب إلى حقوقها، وذلك دون إغفال لخطورة المسار المسلح في التغيير، ما دامت هناك إمكانية لتجنبه.
تعددت الأحاديث من هنا وهناك حول المقاومة ومحورها، وحول عمالة التنظيمات المسلحة أو تشددها الديني، وحول قدرة الاحتلال على التغيير، وحديث خاص من إخواننا القوميين عن دور سوريا في المقاومة ومحورها.
هذه الأحاديث المتعددة الاتجاهات والمعقَّدة تحتاج إلى مناقشات معمَّقة بين المختصين، لأجل التنبه لأمرين؛ أولهما، أهمية الحفاظ على الدولة السورية، وحرية الشعب في اختيار ممثليه في المؤسسات السياسية والتنفيذية كافة، وثانيهما، عدم انزلاق سوريا إلى الأنظمة العربية المتواطئة ضد القضية الفلسطينية، خاصة أن سوريا دولة محورية في المنطقة بتاريخها وحاضرها العريق، كما أنها دولة حدودية مع كيان الاحتلال ما يجعل لها أهمية كبيرة في المحيط العربي والدولي.
الأحاديث المتعددة الاتجاهات والمعقَّدة تحتاج إلى مناقشات معمَّقة بين المختصين، لأجل التنبه لأمرين؛ أولهما، أهمية الحفاظ على الدولة السورية، وحرية الشعب في اختيار ممثليه في المؤسسات السياسية والتنفيذية كافة، وثانيهما، عدم انزلاق سوريا إلى الأنظمة العربية المتواطئة ضد القضية الفلسطينية، خاصة أن سوريا دولة محورية في المنطقة بتاريخها وحاضرها العريق، كما أنها دولة حدودية مع كيان الاحتلال ما يجعل لها أهمية كبيرة في المحيط العربي والدولي
لا يزعم كاتب هذه السطور تخصصه في الملف السوري، لكن تأثير الأحداث في منطقتنا المشابه لأحجار الدومينو يجعل ما حدث في سوريا مؤثرا في مصر وباقي المنطقة، وبالتالي يسمح بمناقشة الأحداث من زوايا أخرى لا تتعلق بتشابك الأوضاع وتعقيدها في الداخل السوري.
كانت علامة الاستفهام الرئيسية تتحدث عن سبب نجاح السوريين الآن بعد 14 عاما تقريبا، ومدى ارتباط ذلك بالاحتلال الصهيوني، وهو ما تتزايد شكوكه بتفاخر نتنياهو المتكرر بأنه "يغير الشرق الأوسط".
يمكن القول، وبارتياح كبير، إن ما حدث في سوريا نتيجة ترتيبات دولية رأت أن التخلص من نظام الأسد في هذا الوقت أمر ضروري، لإضعاف حزب الله وإيران في المنطقة، فالثورة السورية تعرضت لتعطيل من جهة، وتفخيخ لها باتساع الصراع المسلح من جهة أخرى، بغرض إزهاق الربيع العربي، وإعطاء صورة لشعوبنا تقول إن الاستبداد أفضل لكم من الدخول في مواجهة مع المستبدين، وهي النتيجة التي رأيناها في سوريا واليمن وليبيا، أمّا الدول التي خاضت ثورة سلمية (مصر وتونس والجزائر والسودان) فقد تعرضت لارتدادات كارثية، وشهدت أحداثا مسلحة في حالتيْ مصر والسودان.
كما أن روسيا التي شاركت في نجدة الأسد سحبت يدها من الدعم العسكري، فضلا عن انشغال إيران وحزب الله بالصراع مع كيان الاحتلال.
أعطت هذه المشاهد مجتمعة يقينا بأن ما حدث في سوريا الآن يرتبط بالاحتلال، ووُصِمَت قيادات التنظيمات المسلحة بالعمالة، واكتمل المشهد بجملة نتنياهو السابق ذكرها. ومع التسليم بصحة الدور الغربي في رفع الحماية عن الأسد، إلا أن الجزء الغائب عن هذا المشهد، ليس الدور الصهيوني، بل الدور الفلسطيني، فالذي يغير الشرق الأوسط الآن ليس نتنياهو، بل يحيى السنوار وحركات المقاومة التي أشعلت طوفان الأقصى، ودفع الطوفانُ الدولَ الغربية إلى تجرع هزيمة (يسعون إلى تكون مؤقتة) في ملف الثورات وتغيير نظم الحكم الوكيلة عنهم، في سبيل حماية دولة الاحتلال الهشة والضعيفة.
الحقيقة أن ارتدادات "طوفان الأقصى" على المنطقة بدأت في سوريا، بعدما زلزلت الداخل الصهيوني، وأوصلته إلى حالة اشتعال داخلي اجتماعيا وسياسيا، فضلا عما كشفته من الهشاشة العسكرية، وما إلى ذلك من التفاصيل التي تشرح ما أحدثه الطوفان في الداخل الصهيوني، لذا فإن فضل ما حدث في سوريا لا يعود إلى الغرب والصهاينة، بل يعود إلى تبعات طوفان الأقصى، وهذا جانب لا ينبغي تجاهله والقفز على ما بعده وهو الدور الغربي.
هذا التخلي الغربي، أعاد لأذهان الحكومات الوكيلة له في المنطقة مخاوفها من أن الغرب لا يعبأ بحلفائه، وسيترك سقوط الأنظمة رغم خطورته على حلفاء آخرين في المنطقة، فسقوط بشار يمثل خطرا على باقي الأنظمة الاستبدادية في المنطقة، سواء كانت أنظمة وراثية أو عسكرية، لكن المصالح الغربية تتفوق على أهمية الوكلاء الذين يمكن الاستغناء عنهم في طرفة عين، والمصلحة الأكبر هنا كانت كيان الاحتلال الذي يحمي مصالحهم بتمزيق المنطقة، أو حراسة منابع النفط والغاز، والاستثمارات في كيان الاحتلال تبلغ مئات المليارات من الدولارات، وهو أهم من تغيير نظامٍ ما سيسعون إلى استبداله بآخر كما حدث في مصر.
الحديث الذائع الآخر يثيره إخواننا القوميون بشكل أساسي، إذ يعتبرون بقاء بشار من مصلحة المقاومة وفلسطين، لأن نظامه يفتح لحركات المقاومة مكاتب في فلسطين، لكن ذلك الأمر يتجاهل أن هذا النظام صاحب أهدأ جبهة مع العدو الصهيوني، بل إن الاحتلال يعربد في الأجواء السورية ويقصف ما يشاء منذ عشرات السنوات في العمق السوري دون أي رد فعل، فضلا عن سكون جبهة الجولان، دون السماح حتى بمقاومة شعبية تكبد الاحتلال خسائر، فأي انتصار هذا لفلسطين في ظل عدم الاشتباك العسكري، أو حتى السماح بتشكيل مقاومة شعبية لتحرير الأرض السورية؟!
أدرك البسطاء في فلسطين نفسها، وفي قطاع غزة؛ شرف المقاومة وفخرها، أن إزاحة نظام استبدادي سيفيد قضيتهم ولن يضرها، وتحرر الدول العربية لن يؤدي إلا إلى زوال الاحتلال. هذا ما يدركه الصهيوني وصانع القرار الغربي جيدا، لذا عمدوا إلى إفشال ثوراتنا وهبَّاتنا السياسية، وهذه هي رغبتهم الحقيقية، لا كما يقول إخواننا القوميون، إن رغبة الصهاينة إزالة نظام بشار
والأهم من هذا، كيف يمكن لإزاحة نظام قمعي دموي، تسبَّب بتحويل المطالب السياسية إلى مواجهة مسلحة، ثم عمَّق الأزمة بإدخال بعد طائفي في الصراع المسلح، كيف يمكن أن تكون إزاحته أمرا غير مرغوب به؟! ما دامت عملية الإزاحة كانت بأيدي أبناء البلد، فإنها عملية مرغوبة، ثم يأتي واجب إجبار القادمين الجدد على مجافاة ما صنعه النظام السابق من استبداد واحتكار للحكم، وهذا دور السوريين الذي يتوافدون على بلدهم مرة أخرى.
لقد أدرك البسطاء في فلسطين نفسها، وفي قطاع غزة؛ شرف المقاومة وفخرها، أن إزاحة نظام استبدادي سيفيد قضيتهم ولن يضرها، وتحرر الدول العربية لن يؤدي إلا إلى زوال الاحتلال. هذا ما يدركه الصهيوني وصانع القرار الغربي جيدا، لذا عمدوا إلى إفشال ثوراتنا وهبَّاتنا السياسية، وهذه هي رغبتهم الحقيقية، لا كما يقول إخواننا القوميون، إن رغبة الصهاينة إزالة نظام بشار.
سيقوَى محور المقاومة بالحرية، ومغالطة ذلك تصب في صالح الصهيونية لا العكس كما يتوهم إخواننا، والواجب توجيه القادمين الجدد إلى مسارات الديمقراطية، وكيفية تعزيزها، وإدراك حساسية الداخل السوري، وتنوع تركيبته السياسية والاجتماعية، وأهمية الانتخابات في تعزيز مكسب الإطاحة بالأسد، وأهمية المقاومة في مشروع حرية سوريا، وعدم انتكاسة ثورتهم. فالواجب نصحهم لا التعالي عليهم أو ازدرائهم لأنهم أصحاب لِحى، أو وصمهم بالعمالة لمجرد احتفاء نتنياهو بما حدث في سوريا، فنحن أَفْرَحُ من نتنياهو بالحرية، بينما هو يفرح بتمزيق مجتمعاتنا أو وجود حكام مستبدين على شاكلة السيسي وابن زايد.
مبارك للسوريين حريتهم، وستظل أعين الجميع على سوريا حرصا على عدم لحاقها بالدول المنتكسة، كما ستظل تكلفة التغيير السلمي تكلفة مُثلى مقارنة بخطورة التغيير المسلح، لكن المستبدين هم الذين يسعون إلى رفع الأثمان المدفوعة للتخلص من استبدادهم. وشعوبنا مسالمة لأقصى درجة، تتحمل الاستبداد ولا تحمل السلاح، والإجرام الذي فاق الحد هو الذي أخرج السوريين المسالمين عن طورهم ودفعهم إلى هذه الرحلة التي لم يكونوا يتمنونها قطعا، ولا نتمناها في أي بلد آخر، بل نرجو نيل حريتنا بحناجرنا وتصويتنا الانتخابي فقط، والعائق هو الاستبداد، ودول تزعم أنها ديمقراطية أو ترعى الديمقراطية، بينما هي تدير مشروعا استعماريّا دينيّا بغيضا.