التابع الذي انتهت صلاحية استعماله
تاريخ النشر: 2nd, October 2024 GMT
آخر تحديث: 2 أكتوبر 2024 - 9:26 صبقلم:فاروق يوسف مسحورا بالإيرانيين قضى حسن نصرالله حياته. في ذلك كان مقتله. لو لم يكن مسحورا إلى درجة نسيان نفسه لما وضع ثقته المطلقة بنظام سياسي قدم مصلحته غير مرة وعلنا على المبادئ التي يرفعها شعارا له منذ أن وطأت قدما الخميني أرض مطار طهران وفي مقدمتها “الموت لأميركا الموت لإسرائيل”.
لقد قال أحد حكام العراق الجديد يوم كان معارضا “نتعاون مع الشيطان من أجل إسقاط نظام صدام حسين”. لم يأت ذلك التصريح من فراغ. كان النظام الإيراني هو قدوته في ذلك. ففي ثمانينات القرن العشرين تم الكشف عن فضيحة إيران غيت التي عرف العالم من خلالها أن الولايات المتحدة كانت تزود إيران بالسلاح من أجل استمرارها في الحرب ضد العراق. في بدايات الألفية الثالثة لم يخف جنرالات إيران أن الولايات المتحدة لم تتمكن من احتلال أفغانستان والعراق لولا التسهيلات التي قدمتها إيران لعمليتي الغزو. وفي ذلك أكدت إيران استعدادها للتعاون مع الشيطان الأكبر بغض النظر عما ينتج عن ذلك التعاون من مآس ستعاني من تداعياتها البلدان عشرات السنين. لم يكن النظام الإيراني يوما ما وفيا لشعاراته وصادقا فيها. فالقدس على سبيل المثال التي وضعها هدفا لفتوحاته تمر الطريق إليها بكربلاء وهو ما يعني أن احتلال العراق يجب أن يسبق أي تحرك في اتجاه القدس.ألم يكن نصرالله، وهو الذي كان يدعي الفطنة وامتلاك العقل الثاقب والقدرة على أن يضع خبرته في مسارات إستراتيجية مختلفة حين كان يلقي عظاته الطويلة بأسلوب يغلب عليه غرور القوة، قادرا على رؤية حقيقة الدولة التي ضحى بلبنان من أجلها حين وضعه تحت حمايتها أم أن الحب أعمى كما يُقال؟ حتى النزعة الطائفية لا تبرر الخطأ الذي ارتكبه وكان سببا في مقتله. اللبنانيون طائفيون باستثناء عدد قليل. الطائفية هناك اجتماعية وليست سياسية فقط. هناك مسافة بين الطوائف تحكم عليها بالعزلة. ولكن المشهود للبنانيين أنهم جميعا يعتزون بانتمائهم الوطني. وهم يضعون لبنانيتهم فوق انتمائهم الطائفي. لم يكن هناك تناقض بين الأمرين. أما حين خرق بشير الجميل ذلك العهد في التصالح الوطني وتعاون مع إسرائيل فإنه دفع حياته ثمنا لجريمته بعد أن كان لبنان قد دفع حصته من ذلك الثمن ومن خلاله المارونيون. لم يختلف نصرالله عن بشير الجميل فهو الآخر وضع الطائفة الشيعية بعد أن احتكر تمثيلها في خدمة إيران وكان عميلا يفاخر بكونه جنديا لدى خامنئي المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية وأن المئة ألف من مقاتليه يستلمون رواتبهم من إيران وهم يضحون بحيواتهم من أجل تنفيذ الإملاءات التي تصدر من طهران. وكما حدث مع بشير الجميل الذي لم يكن على يقين من أن الإسرائيليين سيغدرون به وفعلوا ذلك كان مصير نصرالله الذي عبث بلبنان طولا وعرضا ودفع دولته إلى الفشل النهائي أن يكون ضحية لغدر إيراني حتمته الظروف الدولية فكان كبش الفداء الجاهز الذي كانت إيران تفكر في التخلص منه لتحاول من خلاله أن تنهي أزمتها مع الغرب. ومع مقتله أظهرت إيران الحجم الحقيقي لسيد المقاومة لديها. الرجل الذي قتلته إسرائيل ما كان ليُقتل لولا تخلي إيران عنه. كم كان ساذجا حين اقتيد إلى اجتماع ضم ما تبقى من قيادات حزبه العسكرية والسياسية ومجلس الشورى الذي كان أعضاؤه يخططون لعزله. سرية ذلك الاجتماع لم تمنع من اطّلاع إيران عليه وهي موقع ثقة جميع مَن حضروه. ولكنها ثقة لم تكن في محلها. ما لم يكن يعلمه نصرالله ولا رفاقه أن النظام الإيراني كان قد قرر التضحية بهم من أجل بقائه. ولأن نصرالله كان جنديا إيرانيا فإنه لم يتوقع أن قيادته ستسلمه للعدو هدية جاهزة. مَن يصدق ذلك؟ ما فعله الرجل من أجل إيران لم يفعله أحد آخر. لقد ضحى ببلده ومواطنيه الذين سلمهم للضياع بمختلف أنواعه من أجل أن يكون وفيا لعهد مجنون قطعه على نفسه بأن يكون تابعا لإيران إلى آخر نفس.مات حسن نصرالله قبل أن يقول كلمته الأخيرة التي ربما كشفت عن شعوره بغدر صانعيه. غير أن ذلك لن يتمكن من قوله حتى لو بقي حيا. ذلك لأنه لم يكن سوى تابع انتهت صلاحية استعماله.
المصدر: شبكة اخبار العراق
إقرأ أيضاً:
من يوليو 2023 إلى مارس 2025.. انتهت الرحلة يا بينتو
أبوظبي (أ ف ب)
أقال اتحاد الكرة مدربه البرتغالي باولو بينتو، غداة فوزه الصعب على كوريا الشمالية 2-1 في الجولة الثامنة من الدور الثالث للتصفيات الآسيوية المؤهلة إلى كأس العالم 2026 لكرة القدم، وجاء القرار بعد تراجع حظوظ الإمارات في التأهل المباشر للحدث الكبير، للمرة الثانية في تاريخها بعد 1990 في إيطاليا.
وتحتل الإمارات المركز الثالث في المجموعة الأولى برصيد 13 نقطة، وبفارق 7 نقاط عن إيران المتصدر وأول المتأهلين عن المجموعة، و4 نقاط عن أوزبكستان الوصيفة.
ويتأهل أول منتخبين من كل مجموعة مباشرة إلى كأس العالم، في حين يحدد المقعدان المباشرات المتبقية لقارة آسيا عبر الدور الرابع في ملحق قاري، فيما سيكون هناك فرصة لمقعد إضافي من خلال دور خامس في ملحق العالمي.
وقال اتحاد الكرة في بيان مقتضب: «قرر الاتحاد إقالة مدرب منتخبنا الوطني الأول البرتغالي باولو بينتو وجهازه الفني المساعد من مهام تدريب المنتخب»، دون الإعلان عن اسم البديل الذي سيقود «الأبيض» في المرحلتين الأخيرتين من الدور الثالث أمام أوزبكستان في 5 يونيو وقيرغيزستان في 10 منه.
وكان بينتو (55 عاماً) قد عين في منصبه في يوليو 2023 وحمله الشارع الرياضي مسؤولية النتائج المتذبذبة في تصفيات مونديال 2026، وبينها الخسارة أمام إيران 0-2 في طهران الخميس الماضي، والانتظار الثلاثاء حتى الدقيقة الثامنة من الوقت المحتسب بدل ضائع للفوز على كوريا الشمالية متذيلة المجموعة الأولى 2-1.
ولم تكن الإقالة السريعة لبينتو، بعد 8 ساعات من انتهاء مباراة الإمارات وكوريا الشمالية، مفاجئة، ولاسيما أن الانتقادات طالت المدرب السابق لكوريا الجنوبية في مونديال 2022 في قطر، منذ وداع كأس الخليج 2024 في الكويت من الدور الأول بعد تعادلين وخسارة.
ورأى محللون أن بينتو توفرت له مقومات نجاح لم تتوفر لغيره من المدربين على الأقل في السنوات الأخيرة، وقال علي حميد، المعلق السابق والمحلل الفني الحالي في قناة «الشارقة الرياضية»: «منتخب الإمارات بهذه العناصر الموجودة يجب أن تتحدى به أي منتخب في آسيا، ويجب أن تحصد لقب كأس الخليج، لكن بينتو لم يحسن توظيف اللاعبين الجدد، حتى أنه يتجاهل بعضهم في تشكيلته».
وأبقى بينتو، مدرب منتخب البرتغال بين 2010 و2014، على فابيو ليما مهاجم الوصل في مقاعد الاحتياط خلال مباراة إيران، رغم أنه هداف «الأبيض» في التصفيات (8)، كما دفع بلاعبين في المقدمة (حارب عبدالله ويحيى الغساني وعبدالله رمضان) لم يشاركوا مع أنديتهم إلا نادراً هذا الموسم لأسباب فنية أو للإصابات.
وعاد بينتو أمام كويا الشمالية ليجري تغييراً شاملاً في خط الهجوم بالدفع بالرباعي البرازيلي الأصل ليما وكايو لوكاس وجوناتاس ولوان بيريرا، في حين أشرك الجناح حارب عبدالله في مركز الظهير الأيسر.
وبرر المدرب البرتغالي تراجع النتائج وعم الاستقرار في التشكيلة بأن «اللاعبين الجدد بحاجة إلى وقت لتقديم الإضافة المطلوبة».
وتابع في المؤتمر الصحفي بعد الفوز على كوريا الشمالية: «في ظل ازدحام جدول منافسات الموسم لا يوجد أي فرصة لخوض مباراة ودية»، مؤكداً: «حققنا الأهم وهو الفوز، بغض النظر عن نوعية الأداء، لأن فرصتنا في التأهل ما زالت قوية».
لكن سبيت خاطر اللاعب الدولي السابق من 1999 حتى 2011، أكد أن «بينتو لم يقدم ما يستحق عليه البقاء في منصبه، وأي مدرب آخر سيأتي مكانه سيقدم أفضل منه».
واعتبر أن «الإمارات لم تفقد حظوظها تماماً في التأهل المباشر إلى كأس العالم، وكل ما تحتاج إليه هو تحسين الوضع وإجراء بعض التعديلات الفنية البسيطة».
وكتب المعلق علي سعيد الكعبي، عبر منصة «إكس»: «إقالة بينتو قرار يخدم المرحلة المهمة القادمة لكرة الإمارات في مشوار التصفيات، كونه المدرب الذي لم نشهد معه منذ عامين بصمة فنية تذكر».