غريبة هي الأسئلة التي بدأنا نسمعها بقوة، وحتى بالأخص من قِبل أوساط "ممانعة"، عن الدور غير الإيجابي الذي تؤدّيه الجمهورية الإيرانية الإسلامية تجاه المقاومتين في كل من غزة ولبنان، وهما في أمس الحاجة اليوم إلى الدعم الإيراني المباشر لكي يستطيعا أن يواجها إسرائيل في حربها المفتوحة، التي بدأت في القطاع وامتدّت إلى كل لبنان بعدما أسقطت ما كان يُسمّى بـ "قواعد الاشتباك"، ولن تنتهي، على ما يبدو، عند حدود محدّدة، بل ستشمل مفاعيل هذه الحرب المنطقة بأسرها، إن لم يكن بالمباشر فعلى الأقل من خلال ما يترتب عنها من نتائج لن تصبّ حتمًا في خانة الاستقرار.

وهذا ما انفك يحّذّر منه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، الذي كرّر أكثر من مرّة أن ضرب الاستقرار في لبنان ستكون له تداعيات سلبية على مجمل الاستقرار العام في دول المنطقة، ومنها إلى دول العالم بأسره.
عندما بدأ العدو الإسرائيلي حربه الجوية ضد حركة "حماس" في قطاع غزة لم يميّز في عدوانه واستهدافاته بين فلسطيني "حماسي" وآخر لا علاقة له بـ "الحركة"، ولم يكن أحد يتوقّع أن يتمادى ويتورط بهجوم برّي، حتى عندما بدأه من الشمال في اتجاه الجنوب، وقد حوّل القطاع على مدى سنة إلى أرض محروقة وغير صالحة للعيش فيها. وهذا ما يعتزم القيام به في لبنان. وهذا ما سبق أن حذّر من الوصول إليه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عندما تخّوف من تحويل لبنان إلى غزة ثانية.
أمّا ما يقوله المحللون المنتمون إلى محور "الممانعة" عن الدور غير المساند من قِبل طهران لـ "حماس" ولـ "حزب الله" في مقاومة "العين"  لـ "المخرز" الاسرائيلي ففيه الكثير من التلميحات عن انكفاء إيران عن القيام بما كانت تعد به في حال تمادت إسرائيل في تهديد حلفائها في المنطقة، وهي تمادت أكثر من اللزوم، لأنها أيقنت، على ما يقول هؤلاء، بأن طهران لن تحرّك ساكنًا، وهي تضبط تحركها على توقيت مفاوضاتها الجارية من تحت الطاولة مع الأميركيين.
ولا ينطلق هؤلاء المحللون من مجرد نظريات أو مجرد "خبريات" ترويها "نسوة الفرن"، بل يستندون إلى جملة معطيات بدأت بالردّ الصوري على عملية قصف إسرائيل القنصلية الإيرانية في دمشق، وما سبقها من سقوط لطائرة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ورفاقه في ظروف غامضة لم تُكشف أسرارها بعد، وعلى الأرجح لن تُكشف في المدى المنظور. وما صرح به الرئيس الإيراني الحالي مسعود بازكشيان عندما كان في نيويورك عن أن "حزب الله" لن يستطيع مواجهة إسرائيل لوحده لا يزال مدار أخذ وردّ عن مرامي هذا الحديث في خضم معمعة المعركة المفتوحة بين إسرائيل و"حزب الله" بعدما اعتبرت تل أبيب أن قطاع غزة قد أصبح في حكم الساقط عسكريًا.
ويقول بعض المشكّكين إن إسرائيل لم تكن لتقوم بما قامت به في القطاع وما تقوم به في لبنان اليوم لو لم تكن متيقنة من أن طهران لن تحرّك ساكنًا. ولم تكن تل أبيب تجرؤ على التمادي في عدوانها لو لم تكن تعرف أن طهران لن تتورط في حرب بعيدة عن أراضيها، وهي التي تخوض حروب متقدمة من خلال حلفائها في المنطقة، وبالأخص "حزب الله"، الذي يُعتبر أقوى دفاعاتها المتقدمة.
ولهذا فإن أي حديث عن أن طهران قد "باعت" بالمجان "حزب الله" هو حديث غير واقعي، في رأي بعض المقربين من الديبلوماسية الإيرانية، خصوصًا أن المسؤولين الإيرانيين، واستنادًا إلى تجاربهم السابقة، لا يتخّلون عن أوراقهم قبل أن يأخذوا في المقابل ما يمكن اعتباره ثمنًا مضاعفًا عمّا يمكن أن يتخّلوا عنه. والدليل أن قيادة العمليات العسكرية في الغرفة العسكرية لـ "المقاومة الإسلامية" هي في يد بعض الجنرالات الإيرانيين المنتدبين لهذه الغاية إلى حين استعادة زمام الأمور محليًا بعد انتخاب أمين عام جديد لـ "حزب الله" خلفًا للسيد نصرالله.  
ولكن الردّ الإيراني على اغتيال نصرالله واسماعيل هنية واللواء عباس نيلوفوروشان قطع الشك باليقين، مع ما رافق هذا الرد على إسرائيل بتحذيرها بأن أي ردّ على هذه العملية فإنه سيواجه بهجمات عنيفة.
وعليه، واستنادًا إلى تهديدات نتنياهو من على منبر الأمم المتحدة، فإن إسرائيل ستردّ حتمًا. وهذا من شأنه أن يوقع المنطقة في حرب لا نهاية لها. المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: حزب الله أن طهران لم تکن

إقرأ أيضاً:

خامنئي يفتح النار على الحكومة السورية الجديدة.. دعوات لإسقاطها وتحريض للمواطنين للإطاحة بها.. وتقارير: سياسة طهران في المنطقة أثبتت فشلها

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أعلن المرشد الأعلى لإيران، علي خامنئي، معارضته العلنية للحكومة الجديدة في سوريا، داعيًا إلى ضرورة إسقاطها، وأعلن خططًا لتشكيل مجموعة لمواجهة إدارة دمشق. 

ووفقًا لتحليل لشبكة إيران انترناشيونال، أكد خامنئي صراحةً أنه يتحدث بصفته الرسمية كقائد لإيران، مما يشير إلى أن العداء تجاه الحكومة السورية الجديدة قد أصبح سياسة رسمية لإيران، وهو ما قد يُترجم إلى توجيهات مباشرة لقوات "فيلق القدس"، الذراع الخارجية للحرس الثوري الإيراني.

وفي خطابه رقم 1936 خلال فترة حكمه التي استمرت 35 عامًا، أوضح خامنئي موقف الجمهورية الإسلامية من الإدارة السورية الجديدة. 

وفي الوقت الذي تأمل فيه العديد من الدول الإقليمية تحقيق السلام والاستقرار في سوريا، شدد خامنئي على ضرورة معارضة الحكومة الجديدة، مؤكدًا على أهمية الإطاحة بها.

وقال خامنئي: "الشاب السوري لا يملك شيئًا ليخسره. جامعته غير آمنة، مدرسته غير آمنة، منزله غير آمن، شارعه غير آمن، حياته غير آمنة. ماذا عليه أن يفعل؟ يجب أن يقف بقوة وعزم ضد من صنعوا هذا الانعدام للأمن ومن نفذوه، وبإذن الله سينتصر عليهم".

إنكار وجود المجموعات التابعة لإيران

خامنئي نفى وجود جماعات مرتبطة بإيران، رغم الاعتراف الدولي الواسع بهذه الجماعات كأذرع تابعة لطهران. 

وتشمل هذه الجماعات حزب الله، حماس، الجهاد الإسلامي، الحوثيين، والحشد الشعبي، الذين أقر قادتهم علنًا باعتمادهم على الدعم الإيراني.

على سبيل المثال، كان حسن نصر الله، زعيم حزب الله الذي قُتل مؤخرًا في غارة إسرائيلية، يكرر دائمًا أن حزبه يعتمد بالكامل على إيران في التمويل والدعم العسكري واللوجستي. 

وكذلك الحوثيون وحماس أقروا بتلقي مساعدات مالية وعسكرية من طهران، حيث كشف محمود الزهار، القيادي في حماس، أن قاسم سليماني سلمهم شخصيًا 22 مليون دولار نقدًا خلال زيارة لطهران.

تناقضات في التصريحات

وفي حين ادعى خامنئي أن إيران لا تحتاج إلى وكلاء ويمكنها التحرك مباشرة ضد الولايات المتحدة وإسرائيل إذا لزم الأمر، تتناقض هذه التصريحات مع خطابه قبل عشرة أيام، حيث اعترف بفشل جهود إيران لدعم بشار الأسد بسبب الضربات الجوية الإسرائيلية والأمريكية.

ورغم الهزائم الواضحة التي واجهتها إيران وحلفاؤها في المنطقة، يواصل خامنئي التمسك برواية النصر. لكن المحللين الإقليميين والدوليين يتفقون على أن سياسات إيران الإقليمية قد فشلت. 

فعلى سبيل المثال، نجحت إسرائيل في تدمير بنية حماس التحتية في غزة، واستهداف شبكة قيادة حزب الله، وتقليص قدراته على الاقتراب من الحدود الإسرائيلية.

إنكار الفشل وقمع المنتقدين

بدلًا من الاعتراف بالحقائق على الأرض، يواصل خامنئي إنكار الفشل، محاولًا تكييف الوقائع لتتوافق مع رؤيته. 

وأدت هذه المواقف إلى هدر الموارد المالية والبشرية الإيرانية وتعميق العداء بين إيران والدول والشعوب المجاورة.

كما يحاول خامنئي إسكات المنتقدين المحليين، حيث وصفهم مؤخرًا بأنهم "عملاء" واتهم المحللين المعارضين بالخيانة، داعيًا إلى اتخاذ إجراءات عقابية ضدهم. 

وتبرز هذه السياسة القمعية مخاوف خامنئي المتزايدة من التداعيات الداخلية لفشل سياساته الإقليمية وتأثيرها على استقرار النظام الإيراني.

انعكاسات خطيرة

يهدد الإصرار على معارضة الحكومة السورية الجديدة بزيادة عدم الاستقرار الإقليمي وتعميق الكراهية تجاه إيران بين الشعب السوري ودول الجوار. ومن شأن هذه السياسات أن تزيد من عزلة الجمهورية الإسلامية على المستويين الإقليمي والدولي، مما يُحمِّل الشعب الإيراني تكاليف باهظة على الصعيدين الاقتصادي والسياسي.

مقالات مشابهة

  • الساحة اللبنانية… ثوابت تحدّد شكل المرحلة المقبلة
  • قصف إسرائيلي يستهدف لأول مرة منذ شهر شرق لبنان
  • جنرال إسرائيلي: اليمنيون “لن يخسروا الحرب مع إسرائيل” 
  • «القاهرة الإخبارية»: إسرائيل تواصل اعتداءاتها وتوتر متزايد على لبنان وسوريا
  • خامنئي يفتح النار على الحكومة السورية الجديدة.. دعوات لإسقاطها وتحريض للمواطنين للإطاحة بها.. وتقارير: سياسة طهران في المنطقة أثبتت فشلها
  • خبير: إسرائيل تحولت إلى مصدر خطر كبير على دول الشرق الأوسط
  • عاجل:- إسرائيل تعترف رسميًا باغتيال إسماعيل هنية في طهران
  • كاتس: إسرائيل وراء اغتيال هنية في طهران
  • 45 عامًا من القمع ضد الشعب الإيراني.. مركز عبد الرحمن برومند يكشف عن ممارسات بشعة يمارسها النظام في طهران
  • حصاد 2024| لبنان يزداد أوجاعه مع اتساع الحرب بين إسرائيل وحزب الله.. الاحتلال يضرب بقوة الضاحية الجنوبية لبيروت.. وتفجيرات أجهزة بيجر واغتيال حسن نصر الله أبرز الأحداث المؤلمة