عقبات في طريق النزوح العكسي لآلاف السوريين من لبنان
تاريخ النشر: 2nd, October 2024 GMT
دمشق- "كانت غصة وشعورا مؤلما للغاية أن تجبرني دولتي على استدانة مبلغ 400 دولار لأتمكن وأسرتي من عبور حدودها في ظل ظرف قاهر واستثنائي كالذي واجهناه في لبنان، بينما تسمح للإخوة اللبنانيين بالعبور دون دفع أي رسوم".
بهذه العبارة يصف حاله أحمد.ح (29 عاما) وهو عامل بناء سوري نازح من لبنان إلى ريف دمشق مؤخرا، وذلك عندما علم أن قرار تصريف 100 دولار على الحدود السورية ما يزال معمولا به رغم "الظرف القاهر" وحركة النزوح الجماعي الكبيرة للسوريين على خلفية التصعيد الإسرائيلي في لبنان.
ويضيف للجزيرة نت "بدلا من التركيز على حزم الأمتعة والتجهيز للعودة إلى سوريا، كان عليّ التفكير بمصدر لاستدانة المبلغ ريثما أصل إليها وأعيد تحويله إليه. ولو لم يوفر لي أخي المبلغ دينا من صديقه في لبنان لكنت بقيت عالقا وعائلتي هناك إلى الآن".
وإلى جانب أسرة أحمد، لجأت العديد من العائلات السورية -بحسب شهادات للجزيرة نت- إلى استدانة مبالغ مالية بالدولار لتصريفها على الحدود السورية كرسوم عبور، لتشكل عقبة مضافة في رحلة نزوحهم العكسي إلى بلادهم. بينما اضطرت عائلات أخرى إلى انتظار يوم أو أكثر على الحدود لعدم امتلاكها المبلغ، وهو ما أثار موجة سخط واسعة من السوريين على مواقع التواصل الاجتماعي.
وأصدرت الحكومة الجديدة للنظام السوري، الأحد، قرارا علقت بموجبه العمل بقرار تصريف مبلغ 100 دولار لمدة أسبوع، والذي كان يشمل كل السوريين الداخلين إلى مناطق سيطرته ممن هم في سن 18 عاما فأعلى.
وتستمر حركة النزوح للآلاف منذ الاثنين الماضي، ليبلغ عدد الواصلين منهم إلى الأراضي السورية حتى أول أمس 95 ألفا و516 مواطنا، وذلك بحسب بيان للمكتب التنفيذي في محافظة ريف دمشق.
وأشار مصدر مطلع بالهلال الأحمر السوري -فضّل عدم ذكر اسمه- إلى أن معظم الموجودين بمراكز الإيواء، التي أعلنت عن تجهيزها الجهات الرسمية في حمص ودمشق وطرطوس، من السوريين. وأضاف للجزيرة نت أن معظم المراكز تتوفر فيها الخدمات الرئيسية من ماء وكهرباء، وتقوم الجمعيات الخيرية والمجموعات الأهلية -بالتنسيق مع الحكومة- بتقديم وجبات من الطعام وبعض المستلزمات الضرورية من منظفات وأغطية وفرشات للنوم للنازحين.
واضطرت عائلات أخرى للعودة إلى شققها ومنازلها المتضررة وشبه المهدمة في المناطق التي نزحوا منها إلى لبنان قبل سنوات في حمص وريف دمشق، بالرغم من دمار البنية التحتية وغياب الخدمات الرئيسية.
كابوستقول للجزيرة نت خديجة.ص (46 عاما) أرملة ونازحة سورية من لبنان إلى مدينة المليحة بريف دمشق "هناك ازدحام كبير في مراكز الإيواء، والناس فوق بعضها ويكاد لا يستطيع الشخص النوم ليلا من الضجة والحركة الدائمتين، وليست هناك خصوصية لا في الغرف ولا الحمامات" مما دفعها وأولادها الثلاثة إلى العودة إلى منزلهم بالمدينة رغم صعوبة تأمين الاحتياجات الأساسية نظرا لبُعد الأسواق، وضعف حركة النقل العام في المنطقة.
وعن ما عاشته في لبنان خلال الأيام القليلة الماضية، تقول خديجة "كان كابوسا، لقد نزحنا قبل سنوات تحت وابل القصف والقنابل وارتضينا حياة القلة والفقر هناك، واستيقظنا هناك قبل أيام لنجد أنفسنا في الموقف ذاته، وأنه علينا النزوح مجددا إلى سوريا. فإلى أين نذهب حتى لا تكون حياتنا عرضة للخطر؟".
وعلى الجهة الأخرى، يضطر بعض السوريين النازحين والمقيمين في لبنان سواء كانوا من الشباب "المتخلّفين" عن أداء الخدمة العسكرية، أو من المطلوبين للأفرع الأمنية بموجب مذكرة بحث، إلى الدخول إلى الأراضي السورية بصورة غير نظامية وعبر التهريب.
وبالإضافة إلى ارتفاع تكلفة التهريب بنحو ضعفي ما كانت عليه قبل التصعيد الإسرائيلي في لبنان، ثمة تعقيدات يواجهها النازحون خلال الطريق نظرا للتشديد الأمني من جهة الحدود السورية.
خوفيقول بشير (24 عاما) -وهو مصمم جرافيك مطلوب للخدمة العسكرية وعائد مؤخرا من لبنان إلى مدينته حماة– إن المهرّب الذي أشرف على رحلة عودته إلى سوريا جعل السائق يسلك طرقات وعرة وجديدة، وكلفته الرحلة 230 دولارا بدلا من 120 دولارا قبل التصعيد، واستغرقت الرحلة 4 ساعات، في حين أنها لا تستغرق عادة أكثر من ساعة واحدة.
ويضيف للجزيرة نت "شعرت بخوف شديد عندما اقتربنا من الحدود، خوف من أن أخرج من قاع لأسقط في آخر، فلا أريد أن أنجو من القصف لأقع في قبضة النظام وجيشه".
وأشار إلى أن معظم أصدقائه ومعارفه السوريين في لبنان مطلوبون للخدمة العسكرية أو لأحد الأجهزة الأمنية، وقد فضلوا إرسال زوجاتهم وأبنائهم ليبقوا هم في لبنان. وقال إن التهريب متوقف حاليا نظرا للقصف المستمر للجيش الإسرائيلي على مواقع ومعابر غير رسمية بين البلدين.
وكشف نازحون سوريون عن ارتفاع سعر تعريفة الركوب للشخص الواحد في سيارة النقل من لبنان إلى سوريا، عبر المعابر الحدودية الرسمية بين البلدين، إلى 150 دولارا، بدلا من 50 أو 100 دولار حسب وجهة الراكب في سوريا قبل التصعيد.
وأكد المصدر المطّلع نفسه -للجزيرة نت- صحة ما تداولته وسائل الإعلام المحلية حول سماح النظام السوري، منذ السبت الماضي، بدخول المطلوبين لأداء الخدمة الإلزامية إلى البلاد عبر المعابر الرسمية دون الخضوع إلى تسوية على الحدود، نظرا للازدحام والضغط الحاصل على المعابر الحدودية من الطرف السوري.
وبدلا من ذلك يتم منحهم أوراقا لمراجعة شُعَب التجنيد الخاصة بهم شرط ألا يكونوا مطلوبين لجهات أخرى. وتعتبر الورقة صالحة لمدة شهرين منذ لحظة استلامها.
وبحسب تقديرات الحكومة اللبنانية، فإن عدد اللاجئين السوريين يبلغ 1.5 مليون لاجئ. وتشير تقديرات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى أن 90% منهم في حالة من الفقر المدقع، بينما تبرز البقاع على أنها المنطقة الأعلى كثافة باللاجئين السوريين.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات من لبنان إلى على الحدود للجزیرة نت إلى سوریا فی لبنان
إقرأ أيضاً:
فضل الله: ألم تتعب الدولة من العدوان عليها وانتقاص سيادتها؟
رأى عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب حسن فضل الله أنه "إلى الآن لم تتمكن الدولة من خلال مؤسساتها أن تعالج أيا من القضايا المرتبطة بالعدوان الإسرائيلي على بلدنا وهي الاحتلال والاعتداءات المستمرة والأسرى، والدولة تقول أنّها ستعالجهم، فلتتفضّل وتعالجهم وسنكون معها وإلى جانبها، وعندما تُنجز سنقول إنّ الدولة استطاعت أن تُنجز، لكن بعد مرور كل هذه الفترة لم تنجز شيئا".
وتساءل: "أما آن الأوان لهذه الدولة بكل أركانها أن تشعر بالتعب جرّاء الاعتداءات الإسرائيلية التي تمتد من الحدود في الجنوب إلى أقصى الحدود في البقاع؟ ألم يشعروا أنّ هناك انتقاصا للسيادة والكرامة والوطنية؟".
كلام النائب فضل الله جاء خلال إحياء "حزب الله" الحفل التكريمي للشهيد على طريق القدس حسن حسين ركين "مرتضى" في بلدة الشهابية بحضور شخصيات وفعاليات وعلماء دين وحشد من أهالي البلدة.
وقال: "نحن إلى الآن نعطي هذه الفرصة للدولة لتقوم بواجباتها ومن مسؤولية المتصدين للمواقع الرئيسية فيها أن يثبتوا للشعب اللبناني وللعالم بأنهم دولة، وأول إثبات اخراج الاحتلال ومنع الاعتداءات وإعادة الأسرى وإعادة الاعمار وحفظ السيادة، وعلى الحكومة أن تنفذ التزاماتها ببسط سيادتها جنوب الليطاني حتى آخر حبة تراب".
وأضاف: "العدو الاسرائيلي هو عدو للبنان وما قام به هو عدوان على بلدنا والقتال ضده هو قتال وطني، والحرب هي حرب لأجل لبنان، وليس من أجل الآخرين على الإطلاق، لم يُقتل هؤلاء دفاعاً عن مشروع خارجي ولا دفاعاً عن دول خارجية، استشهد هؤلاء دفاعاً عن لبنان، ودم السيد حسن نصر الله هو الذي أبقى للبنان كرامة وعزة وعنفوان ووجود، ونحن سندافع عن تضحيات شعبنا ولن نسمح لأحد أن يمس بقدسية هذا الدم الطاهر أو يتعرض لمعنويات أهلنا وكرامتهم مهما كان موقعه".
وأشار إلى أنّ "مقياس الوطنية والانتماء إلى لبنان هو بمقدار ما يكون هذا الانتماء إلى القضية المقدسة التي اسمها قضية الجنوب"، معتبراً أنّ "الشهداء هم مقياس الوطنية، وأنّ الذي يريد أن يزين على الميزان يجب أن يضع في الدرجة الأولى هذه الدماء وهذا الموقف التاريخي لأهلنا وشعبنا".
وأردف: "هؤلاء كانوا يدافعون عن بيروت وعن الشمال وعن الجبل وعن كل موقع في لبنان، لأنّ من يترك الحدود سائبة ومن يترك الحدود مستباحة يجعل العدو يصل إلى عاصمته كما حدث في العام 1982".
وختم فضل الله: "الجنوب يرحّب بكل مسؤول يأتي لتفقد هذه القرى والبلدات، ومن المفيد لهم أن يسمعوا رأي الناس وموقف الناس، وقد أسمع شعبنا في التشييع التاريخي صوته للعالم بأنّه ملتزم بهذا العهد مع قائده التاريخي سماحة السيد حسن نصر الله وملتزم بهذه المقاومة، لكن عندما ينزل المسؤولون إلى الأرض ويتحسسوا الواقع، فمن الممكن أن يعيدوا النظر بتوجهاتهم وقراراتهم ومواقفهم وفي السياسة التي عليهم أن يعتمدوها، والجنوب مفتوح للجميع، وكل مسؤول في الدولة عليه أن يعتبر أنّ من أولى مسؤولياته اليوم هو هذا الجنوب لأنّه تعرّض للعدوان ويوجد احتلال إسرائيلي على أرضه".