مشهد غريب.. لماذا يقتاد ممثل هوليوودي قطيعًا من الخراف فوق جسر بلندن؟
تاريخ النشر: 2nd, October 2024 GMT
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- قام الممثل الهوليوودي، داميان لويس، بقيادة مجموعة من الأغنام فوق جسر في العاصمة البريطانية لندن هذا الأسبوع.
كان دور لويس المؤقت كراعٍ جزءًا من تقليدٍ يعود تاريخه إلى مئات السنين.
قام الممثل الهوليوودي، داميان لويس، بقيادة قطيع من الخراف فوق جسر في العاصمة البريطانية لندن هذا الأسبوع.Credit: Ben Stansall/AFP/Getty Images
وأُقيمت هذه المراسم، ويُشار إليها بـ "The Sheep Drive" (اقتياد الخراف)، الأحد على جسر "ساوثوارك" من أجل "الاحتفال بحق الرجل الحر القديم في جلب الأغنام إلى السوق عبر نهر التايمز مجانًا"، وفقًا لبيان من المنظمين.
يعود هذا التقليد إلى مئات السنين.Credit: Ben Stansall/AFP/Getty Imagesويعود مصطلح "الرجل الحر" إلى العصور الوسطى، وكان يُشير إلى شخص لم يكن ملكًا لسيّدِ إقطاعي، ويتمتع بامتيازات معينة، مثل القدرة على اكتساب المال، أو امتلاك الأرض، وفقًا لموقع مدينة لندن الحكومية عبر الإنترنت.
وذكر الموقع: "كان سكان البلدة الذين كانوا محميين بموجب ميثاق بلدتهم أو مدينتهم أحرارًا في غالبية الأحيان، ومن هنا جاء مصطلح الحرية المدينة"، موضحًا أنه "منذ العصور الوسطى والعصر الفيكتوري، تمثّلت الحرية في حق التجارة، ما سمح لأعضاء من النقابة.. بممارسة تجارتهم أو حرفتهم في الميل المربّع".
ويُعرّف المركز المالي التقليدي في لندن باسم "الميل المربع"، مع أنّه يغطي في الواقع 1.12 ميل مربع.
المصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: بريطانيا عادات وتقاليد لندن
إقرأ أيضاً:
أشرف غريب يكتب: هكذا يكون الكبار
كان من المفترض أن أكتب هذه السطور قبل أسبوعين أو ثلاثة، لكن الأحداث التي تمر بها المنطقة ولا سيما في سوريا ولبنان وغزة فرضت نفسها على المزاج العام، ولكن لا بأس، فأن تأتي متأخرا أفضل من أن لا تأتي.
وها قد أتيت حتى لا أكون مثل غيري الذين لم يأتوا أصلا، فقد مرت الذكرى السابعة لرحيل الفنانة الكبيرة شادية في الأيام الأخيرة من شهر نوفمبر مرورا هادئا لأسباب لا أفهمها أو أقتنع بها، وكأن هذه السيدة التي ملأت حياتنا فنا رفيعا وسيرة عطرة لا تستحق أكثر من مجرد ذكر لاسمها في فقرة برامجية أو حتى حلقة خاصة.
شادية لم تكن مجرد صوت جميل أو حضور أخّاذ، وإنما كانت صاحبة تجربة فنية ملهمة ومشوار إنساني يستحق التأمل، لكنني وفي هذه المساحة المحدودة والسطور القليلة يستلفت انتباهي في مسيرتها الفنية التي امتدت لنحو أربعين عاما أمر مهم لا غنى عنه عند كل فنان حقيقي يريد أن يترك بصمته حتى بعد الرحيل، وهو أنك لا بد أن تكون صاحب قرار مالكا لزمام أمرك، وقادرا على تنفيذ ما استقر عليه يقينك، والمضي قدما في طريقك مهما حملت نظرات الآخرين لك من دهشة.
باختصار يجب أن تتمتع مثل «شادية» بشخصية مستقلة تعرف متى تتمرد إذا تطلب الأمر ما دام تمردها محسوبا لا يشوبه التسرع أو الاستهتار أو عدم إدراك العواقب، وهذا لا يعني عدم الاستماع إلى خبرة السابقين موثوقي الرأي من يسدون النصح بكل إخلاص وعلم، المهم أن تتخذ القرار المناسب في التوقيت المناسب، وتقف وراءه بكل قوة وتدافع عنه إذا لزم الأمر.
فقد عاشت «شادية» منذ احترافها التمثيل وحتى اعتزالها قبل ثمانية وثلاثين عاما تملك إرادة الاختلاف وشجاعته، وحرية القرار وجرأته، فعند ظهورها سنة 1947 -صوتا وصورة - في فيلم «العقل في إجازة» كانت الكوميديا الشعبية الموسيقية هي السائدة جاذبة معها الأصوات النسائية الموجودة على الساحة من أمثال صباح ونور الهدى وحورية حسن، في إطار خريطة أوسع وأشمل ضمت الأصوات الرجالية عبدالغني السيد وعبدالعزيز محمود وكارم محمود وغيرهم.
وربما كان الاستثناء الوحيد هو النموذج الذي تقدمه ليلى مراد، أو كوكب الشرق أم كلثوم التي ودعت شاشة السينما في العام نفسه الذي ظهرت فيه شادية، لكن هذه الفنانة الناشئة التي كانت تتحسس طريقها، وبمساعدة مكتشفها المطرب محمد فوزي قررت التمرد على هذا اللون واختيار ملامح مختلفة لشخصيتها الفنية، فظهرت بشخصية البنت الدلوعة خفيفة الظل ابنة الطبقة المتوسطة أو حتى الأرستقراطية مبتعدة ما استطاعت عن أجواء الحارة الشعبية بكل تفاصيلها رغم قدرتها على تقديم هذه النوعية من الأدوار.
وعندما أحست وهي على مشارف الثلاثين أنها استنفدت أدوار مرحلة الشباب امتلكت جرأة تقديم فيلم مثل «المرأة المجهولة» سنة 1959 للمخرج محمود ذو الفقار تخلت في معظم أحداثه عن الفتاة الشابة ذات الألق والبريق لصالح سيدة عجوز تكاد تتحرك وتنطق بصعوبة في نقلة نوعية ثبتت دعائم دولة «شادية» في تاريخ السينما المصرية.
وجاءت مرحلة الستينيات لتدخل الفنانة الكبيرة تحديا آخر فرضته على نفسها دون أن يجبرها أحد عليه، فقد قررت التنازل طواعية عن أحد أهم أسباب نجاحها في المرحلة السابقة بتقديم مجموعة من الأدوار تظهر قدراتها التمثيلية فقط دون الاقتران بالغناء، أهمها: «اللص والكلاب، الطريق، مراتي مدير عام» وغيرها، وكلها عن نصوص أدبية لكبار كتابنا الروائيين، ويمكن أيضا في هذا التوقيت النظر إلى تجربتها في التحول إلى اللون الكوميدي على يد المخرج فطين عبدالوهاب تحديدا منذ العام 1963 كما في أفلام: «الزوجة 13، مراتي مدير عام، كرامة زوجتي، عفريت مراتي، نص ساعة جواز، وأضواء المدينة».
وعلى مستوى الغناء الذي كان سبيلها إلى شاشة السينما، ودّعت شادية عقد الستينيات ودخلت عقد السبعينيات والأغنية الطويلة تكسب كل يوم أرضا جديدة بفضل فرسانها الكبار عبدالحليم حافظ، فايزة أحمد، نجاة الصغيرة، ووردة الجزائرية، لكنها ورغم قدرتها على تقديم هذا اللون من الغناء قررت الاستمرار في تقديم الأغنية القصيرة التي اعتادت عليها حتى وإن طالت قليلا كما في: «بوست القمر، خلاص مسافر، آخر ليلة، والنبي وحشتنا، اتعودت عليك، الحب الحقيقي، أصالحك بإيه» وغيرها، وهي مرحلة بدأ فيها الموسيقار بليغ حمدى تحديدا الأخذ بصوتها إلى منطقة التعبير الدرامي بعد أن تجاوزت عمريا وفنيا مرحلة الأغنيات الخفيفة.
غير أن أهم قراراتها وأكثرها جرأة وأثرا كان قرارها باعتزال الفن أولا على مستوى التمثيل عقب ظهورها في فيلمها الأخير «لا تسألني من أنا» سنة 1984 ثم على مستوى الغناء بعد حفل الليلة المحمدية الشهير سنة 1986 الذي غنت فيه «خُد بإيدي» من ألحان عبدالمنعم الحريري، فأخذ الله بيدها ووجَّهها إلى الاكتفاء بما قدمته في مشوارها الفني رغم أنها كانت في منتصف الخمسينات من عمرها تقريبا.
وأرقى ما في قرار اعتزالها أنها لم تُحرم الفن الذي عشقته منذ صغرها، ولم تتبرأ من أي دور قدمته، كل ما في الأمر أنها فضّلت أن تستريح احتراما لتاريخها، وقرّرت أن تشق لنفسها طريقا آخر للعطاء الإنساني في حالة نورانية بديعة كسبت بها احترام الجميع بعكس معظم المعتزلات اللائي تاجرن باعتزالهن وتنصلن من ماضٍ لولاه لما شعر بهن أحد.
فكل المحبة والاحترام لروح العظيمة «شادية» التي عاشت حياتها حرة مستقلة سواء كانت تحت صخب الأضواء وضجيجها، أو بعيدا في خلوتها وهدوء أيامها.. وهكذا يكون الكبار.