بالطبع ليس العدو غبيًّا حتى يركز في استهدافك على الطرق المباشرة فقط، أو على القنوات والشخصيات المحروقة، فحسب.
وبالتأكيد فإنّه حريصٌ على سحبك إلى عناوينه وحبائله، لوهلةٍ أن تثق، بأبواقه، وبالموازاة أن “تتشكّك” بسردياتك.
قناةٌ مثل الجزيرة، مثلًا! قضت سنواتٍ عديدةٍ منذ نشأتها، لاستجلاب ثقة المشاهد العربي.
إنها تنحاز بعاطفتها إلى قضاياك، وتتبناها، وإن كانت في كل الأوقات “تقول الحقيقة”!
هي أيضًا- وفق ما حاولت بإصرارٍ ترسيخه- لا تتبع قطر، وإن كانت بالطبع تبث برامجها منها.
بناء الثقة هذا يستغرق سنواتٍ بالطبع، لكنها الثقة التي تجعلك- في لحظةٍ ما- فريسةً سهلة، ولقمةً سائغة، لتصبح الجزيرة بالنسبة لك عنوانًا للحقيقة، وعلى نحوٍ لا تصدق معه أي خبر، ما لم يُنشر فيها.
وبالطبع فلا تكذّب أي خبرٍ تقوم بنشره! حتى لو قامت بنقله على هيئة اقتباس، من هيئة البث الصهيونية مثلًا، فلن يتعامل عقلك معه كشائعةٍ من عدو، بقدر ما تتعامل معه كوجهٍ للحقيقة!
في مستوى أبعد فالتحليل لديك، ما دام منقولًا على الجزيرة، سيصبح في وعيك حقيقة! رغم أنه محض استشرافٍ لمستقبلٍ لم يحدث.
لكنها الثقة، والعاطفة التي تكوّنت بينكما، وشعورك الداخليّ بأنها لا تكذب!
وبالفعل، بعد دقائق فقط، قد يصادفك على القناة ذاتها خبرٌ منقولٌ عن هيئة البث الصهيونية أيضًا، ويناقض ذاته، وبدورك فسوف تتعامل مع النفي الجديد باعتباره الحقيقة!
وعن الجزيرة، فسوف يخبرك عقلك الباطن بأنها محض ناقلٍ للخبر!
أنت كعربي، مساندٌ للمقاومة، وتنتمي للمحور، وتقف مع غزة ولبنان واليمن والعراق، مقاطعٌ بالتأكيد لكلّ وسائل الإعلام الصهيونية، وأنت بالطبع مقاطعٌ لقنواتها الناطقة بالعربية، كقناة الحدث والعربية وسكاي نيوز.. إلخ!
لكنك منذ بداية الطوفان، على الأقل، كوّنت انطباعًا بأن عاطفة الجزيرة تقف إلى جوارك، ولا بأس باستجلاب عاطفتك، أكثر، بمحلّلٍ تستشعر أن قلبه معك! فوق هذا فأنت تثق بأنها تقول الحقيقة.
وهكذا فأنت مهيأ تمامًا لابتلاع أي طُعم، وأيّ عنوان، وأي سرديةٍ تنفثها فيك الجزيرة، وبالطبع: في اللحظة المفصلية الحرجة!
قناةٌ مثل العربية محض بوقٍ رخيص، بزيارة بثها المباشر على اليوتيوب فإنك ستعرف- بالإحصائيات- كيف أنه لا يتابعها إلّا مئات!
لكنها الجزيرة البوق الأغلى، وفي الحروب النفسية فإن الأسلحة كثيرة، متباينة المهام والفتك والفاعليّة، والجزيرة لا تُستخدم إلا في ساعة الذروة..
كما هو الآن مثلًا!
ولو أمعنت، فكلّ شريط الجزيرة الآن محض عواجل منقولة..
عن الجيش الصهيوني مثلًا، هيئة البث الصهيونية، رويترز، القناة 12 الصهيونية.. إلخ!
وهكذا فيتم غسل دماغك المسكين في هذه اللحظة المفصلية بهدوء، ومن حيث لا تشعر، يستفزّك الضيق لأن الحقائق التي تشاهدها تستجلب الفزع!
تخبرني: إن أخبار اليوم لا تسرّ!
– وكيف عرفت هذا؟
– لقد بثتها قناة الجزيرة، وفي شريطها العاجل أيضًا!
على أن الحقيقي، أيها الصديق الطيب، أنك لا تشاهد من الجزيرة الآن إلا علامتها، وتصميم الخط، ولون الخلفية!
وأما الخبر، والمحتوى، والصياغة، والحدث!
فتنقله إليك القناة ١٤ الصهيونية، والقناة ١٢ الصهيونية، وهيئة البث الصهيونية، ورويترز.. أشهر وكالة خبرية تملكها آلة الدعاية الصهيونية.
بعد هذا، وكما ترى، تقفل القناة وتنتقل إلى هنا، لتقرأ ما يكتبه فلان المذيع المتصهين، وفيصل القاسم الصهيوني، ولعلك ستقابل جمعًا من الفرائس الذين ابتلعوا الطعم، حتى وإن كانوا ينتمون إلى حاضنة المقاومة.
على أية حال، وما ينبغي بالفعل أن تفهمه، أننا بالفعل نواجه حربًا ضروس أيضًا، وممنهجة، ميدانها أنت! وأرضها معنوياتنا! فانتبه!
وهذا أمر طبيعيٌّ للغاية!
إنها الحرب يا صديقي، على أن كلّ ما عليك أن تفعله.. أن تثق بالله أوّلًا وبنصره القريب! بالمقاومة أيضًا! كما ينبغي أن تكون حصيفًا، بالطبع، وتعرف الآتي:
حزب الله هو حزب الله، ينبغي عليك تذكر هذا الأمر جيّدًا، وبشأن ما يتداوله إعلام العدو عن حرب برية، فكما قال سماحة السيد – سلام الله عليه – تمامًا، وفي آخر خطاباته:
أهلًا وسهلًا،
عزّ الطلب!
خوفك بهذا الشأن ينمّ عن نقصٍ في الثقة، وعن استشهاد سماحة السيد حسن – سلام الله عليه – ومشاعرنا جميعًا بهذا الشأن، فتذكر:
لقد فقدنا أبًا روحيًّا، أيقونةً ورمزيّة!
فسلام الله عليه يوم ولد ويوم ارتقى، ويوم يبعث حيًّا، لكن الميدان هو الميدان، بذاته وعلى نحو ما تركه- سلام الله عليه- يوم استشهاده.
بنفس القوة، والثبات، والقيادة والسيطرة، والمخزون، قوة الرضوان هي قوة الرضوان، وما أعده حزب الله لهذا اليوم أكبر من أن يرقى إليه حتى خيالك!
سواءً كنت صديقًا محبًّا، أم عدواً!
وفي صبيحة الأربعاء القادم، في الزاوية ذاتها بإذن الله.
يبقى لنا حديث.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
“التبادل المعرفي الإماراتي” يبحث تعزيز مسارات التعاون مع كولومبيا
بحث وفد مكتب التبادل المعرفي في وزارة شؤون مجلس الوزراء بحكومة دولة الإمارات، مع وزراء ومسؤولين في جمهورية كولومبيا، تعزيز مسارات التعاون الثنائي في تحديث العمل الحكومي، والمجالات ذات الاهتمام المشترك، في سلسلة اجتماعات ولقاءات خلال زيارة رسمية إلى كولومبيا، ضمن الشراكات المعرفية لحكومة دولة الإمارات مع حكومات دول قارة أمريكا الجنوبية والعالم.
جاءت الزيارة في إطار جهود حكومتي البلدين لتعزيز التعاون الثنائي في مجالات التحديث وتطوير الإدارة الحكومية، وبهدف توسيع آفاق الشراكات العالمية والتعاون الدولي في تبادل الخبرات ومشاركة أفضل التجارب في تطوير العمل الحكومي وخاصة في قارة أمريكا الجنوبية بما ينعكس إيجاباً على المجتمعات.
ضم وفد حكومة دولة الإمارات سعادة عبد الله ناصر لوتاه مساعد وزير شؤون مجلس الوزراء للتنافسية والتبادل المعرفي، وسعادة محمد عبد الله الشامسي سفير دولة الإمارات لدى جمهورية كولومبيا، ومنال بن سالم مديرة إدارة برامج التبادل المعرفي الحكومي في وزارة شؤون مجلس الوزراء.
والتقى الوفد فيرونكا الكوسير غارسيا السيدة الأولى لكولومبيا، واستعرض معها فرص إطلاق مبادرة 500 ألف مبرمجة كولومبية، ودور مثل هذه المبادرات وأهميتها في إحداث التغيير الإيجابي والتطوير والتحديث الحكومي، والتشجيع على الابتكار الذي يسهم في تطوير أداء الحكومات، وتمكين المرأة الكولومبية وتوسيع المعرفة الحديثة في المجال الرقمي بما يواكب التوجهات العالمية والتطورات التكنولوجية المتسارعة.
وعقد الوفد لقاء مع معالي لورا سارابيا وزيرة الخارجية في كولومبيا، ومعالي ماوريسيو ليسكانو وزير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وسعادة باولو ألبرتو مولينا بوليفار مدير الخدمة العامة، وسعادة أليكسندر لوييز مايا مدير إدارة التخطيط الوطني، تمت خلاله مناقشة تعزيز التعاون في مجالات الشراكة بين الحكومتين.
وأكد سعادة عبد الله ناصر لوتاه أن حكومة دولة الإمارات تؤمن بأهمية التواصل والتنسيق في تسريع ترجمة أهداف الشراكات الاستراتيجية ومحاورها، وتعمل من خلال برامجها على توسيع آفاق التعاون، وخاصة مع دول قارة أمريكا الجنوبية، التي ترتبط معها بعلاقات إيجابية متميزة، تعكس التوجهات والرؤى المشتركة الهادفة لبناء مستقبل أفضل للمجتمعات.
وقال عبد الله لوتاه إن زيارة كولومبيا وفرت فرصة للتواصل المباشر مع المسؤولين في مختلف المجالات، لدفع جهود الحكومتين في تحقيق تطلعات وأهداف الشراكة الاستراتيجية، وأكدت حرص البلدين الصديقين على الاستفادة من التجارب المتقدمة في العمل الحكومي والتطوير والتنمية المستدامة التي تخدم المجتمعات وتجعل الإنسان محوراً لها.
والتقى الوفد منتسبي برنامج “كولومبيا للقيادات التنفيذية” الذي يشرف على تنفيذه خبراء ومتخصصون من حكومة دولة الإمارات، ويهدف إلى تمكين المنتسبين بأفضل المهارات، وبناء قدرات القيادات الحكومية للارتقاء بمستوى الأداء وتعزيز الإدارة الحكومية، من خلال تطوير مهاراتهم القيادية والإدارية، وتبادل معهم الحديث عن دور البرامج التدريبية المتقدمة في التأهيل والتطوير في القدرات، وأثرها على التطوير الحكومي، فيما شهدت الزيارة عقد لقاءات مع 32 مسؤولاً حكومياً من كولومبيا، تناولت مختلف مجالات التعاون والشراكة المثمرة بين البلدين الصديقين.
يذكر أن دولة الإمارات وجمهورية كولومبيا أطلقتا شراكة استراتيجية في التحديث الحكومي عام 2022، تغطي 9 محاور للتعاون الثنائي في التحديث الحكومي، تشمل؛ الأداء الحكومي، والتميز الحكومي، والخدمات الحكومية، وبناء القدرات الحكومية، والخدمة المدنية، والتنافسية والإحصاء، والطاقة، والبرمجة، والشباب.
وقد تمكنت حكومتا البلدين منذ إطلاق الشراكة في مجالات التحديث الحكومي، من تنظيم 90 ورشة غطت أكثر من 10 آلاف ساعة عمل، واستفاد منها 686 متدرباً من كوادر حكومة كولومبيا.
صحيفة البيان
إنضم لقناة النيلين على واتساب