بقلم : تيمور الشرهاني ..

شَكل الرد الإيراني على الاحتلال الإسرائيلي حدثاً تاريخياً يستحق التقدير والاحترام، حيث جاء في وقت حساس للغاية في تاريخ الصراع الفلسطيني الصهيوني. هذا الرد لا يعكس فقط قوة المقاومة، بل يفتح نقاشاً أوسع حول دور الدول والشعوب في الدفاع عن حقوق الفلسطينيين. هنا يتضح من الأحداث الأخيرة أن الاحتلال الإسرائيلي الذي اعتقد أنه يستطيع التفرد بالمنطقة واجه تحديات غير متوقعة من قوى متعددة.

لقد أصبح من الواضح أن هناك تحالفات جديدة تتشكل لتضع المقاومة الفلسطينية في قلب الصراع مع الاحتلال.
من جهة أخرى، لا يمكن فهم تطورات الصراع الفلسطيني بدون النظر في السياق الإقليمي الذي يحيط به، لذا تُعد الدول المجاورة لفلسطين، وخاصة إيران واليمن ولبنان، محورية في هذا الصراع حيث يتم تبادل الدعم والتنسيق لمواجهة الاحتلال الغاصب. فلقد شهدت المنطقة تغيرات جذرية خلال السنوات الأخيرة، والتي أضحت تأثيراتها واضحة على مجرى الأحداث. بيد أن هذه الديناميكية تعكس تحولًا في ميزان القوى الإقليمي حيث يسعى الجميع إلى الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني.
وعلى الصعيد ذاته، يُعد الرد الإيراني على الاحتلال الإسرائيلي بمثابة رسالة قوية بمكانة الجمهورية الإيرانية كداعم رئيسي للمقاومة الفلسطينية. هذا التنسيق العسكري والمساند يُعزز من موقف المقاومة داخلياً وخارجياً مما يضع الاحتلال تحت ضغط غير مسبوق. كما أن هذه العملية تهدف إلى إعادة ترتيب أولويات القوى الإقليمية وتحفيزها على تبني موقف أكثر صرامة ضد الاحتلال. ويعد التحليل العسكري لهذا الرد من الأمور المهمة لفهم تأثيره على مستقبل الصراع.
لذا تُشارك الحركات المقاومة في اليمن ولبنان والعراق بشكل نشط في دعم القضية الفلسطينية. ثم إن التحالف بين هذه القوى يعكس وحدة مصير الأمة وإرادتها في مواجهة الاحتلال. ولقد برزت هذه الحركات كقوى مؤثرة في تغيير المعادلات العسكرية على الأرض مما يزيد من حدة التوتر بين الاحتلال وفصائل المقاومة. وإن التنسيق الدائم بين هذه الفصائل ضروري لتحقيق أهداف تحرير فلسطين بالكامل.
كما أن الضربات الأخيرة أحدثت تأثيراً كبيراً على تل أبيب وجبهة الاحتلال، فبات من الواضح أن العواقب أكثر من مجرد رد فعل عسكري، وإحداث حالة هلع وخوف الذي يشهده الإسرائيليون سببت بحد ذاتها حالة من عدم الاستقرار والرعب المستمر مما يؤثر على الروح المعنوية لدى جنودهم ومدنييهم. وتكثيف الضغوطات أدى إلى تفكير الاحتلال في استراتيجيات جديدة لمواجهة هذه التحديات. وإن استمرار الضغوطات العسكرية سيؤدي حتماً إلى تعزيز وحدتهم، لكن دون جدوى، وسيكون الانهيار مصيرهم وفقدانهم للمقاومة، ولن يصمدوا أمام جبروت العقيدة الجبارة التي يمتلكها حزب الله والمقاومون، والنصر سيكون حليف المؤمنين.
لذلك تُمثل الضربات الصاروخية دلالات لليوم الاستثنائي، علامة فارقة في تاريخ الصراع الفلسطيني حيث تقاطعت فيه نيران مقاومي الأمة في سماء فلسطين. وإن هذه اللحظة تُعزز من الرواية الوطنية الفلسطينية بينما تلقي الضوء على أهمية الوحدة بين مختلف القوى المقاومة. وإن الفهم العميق لهذه الدلالات يشكل أساساً لاستراتيجيات مستقبلية تهدف إلى إنهاء الاحتلال بإذن الله. علماً أنها ستظل هذه اللحظة محفورة في ذاكرة الأجيال القادمة كدليل على إرادة الشعب الفلسطيني في التحرر.
ما حدث اليوم يُعد دعوة قوية لجميع أحرار الأمة بأن يجعلوا لهم سهماً في تحرير فلسطين. فيتوجب علينا جميعاً دون استثناء أن نتجاوز الحدود الجغرافية ونستجيب لنداء الإنسانية، حيث إن تحرير فلسطين هو مسؤولية مشتركة. وإن التغيرات التي نشهدها تمنحنا الأمل في تحقيق هذا الهدف، وسيتطلب الأمر التزاماً حقيقياً من جميع الأطراف لضمان سلام دائم يحقق العدالة للشعب الفلسطيني.

تيمور الشرهاني

المصدر: شبكة انباء العراق

كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات

إقرأ أيضاً:

سر قاله عمر سليمان لمبارك.. كيف يؤثر نزع سلاح المقاومة على الأمن القومي المصري؟

في إطار الجهود المستمرة لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، نقلت مصر مؤخرا مقترحا إلى حركة حماس يتضمن شرطا أساسيا وهو نزع سلاح المقاومة، ويتضمن المقترح وقفا مؤقتا لإطلاق النار لمدة 45 يوما، يتخللها إطلاق سراح نصف الأسرى الإسرائيليين في الأسبوع الأول، مقابل إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة.

إلا أن المقترح يشترط نزع سلاح المقاومة، وهو ما اعتبرته حماس تجاوزًا للخطوط الحمراء ورفضته بشكل قاطع، وأوضحت الحركة أن مصر أبلغتها ولأول مرة بشكل واضح وصريح بأنه لا اتفاق لوقف الحرب دون التفاوض على نزع سلاح المقاومة”.

مضيفا أن "الحركة أبلغت القاهرة أن المدخل لأي اتفاق هو وقف الحرب والانسحاب وليس السلاح، وأن نقاش هذه المسألة مرفوض جملة وتفصيلا".

أثار المقترح الذي تقدمت به مصر جدلا واسعا، خاصة وأن النظام المصري اكتفي بنقل المقترح دون النظر إلى خطورته على الأمن القومي المصري، وتأثيره، إذ تربط غزة بمصر بحدود شرقية في غاية الأهمية فاصلة ما بينها وبين الاحتلال الإسرائيلي.


تهديدات نزع سلاح المقاومة في غزة

البعد الجغرافي والأمني
تقع غزة بمحاذاة الحدود الشرقية لمصر، وتحديدا شبه جزيرة سيناء، التي عانت في العقد الأخير من اضطرابات أمنية وهجمات مسلحة، وجود مقاومة فلسطينية منضبطة ومتماسكة يشكل عامل توازن، ويمنع تحول القطاع إلى ساحة مفتوحة للفوضى أو ملاذ للجماعات المتطرفة.

وبحسب تقرير لمعهد الشرق الأوسط (Middle East Institute)، فإن أي فراغ أمني في غزة قد يؤدي إلى تداعيات مباشرة على سيناء، ويُعزز من احتمالات تسلل عناصر مسلحة، ما يضع الأمن المصري في اختبار صعب.

وتفكيك البنية المسلحة للفصائل المقاومة في غزة المسيطرة على الوضع دون وجود بديل وطني واضح وشرعي، يعني ترك فراغ أمني قد تملؤه جماعات مطرفة أو مجموعات خارجة عن السيطرة.

خطورة التهجير
كررت بعض الأصوات في حكومة الاحتلال الإسرائيلية، خلال الحرب، دعمها مباردة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ودعوات لتهجير سكان غزة نحو سيناء، وهو ما تعتبره القاهرة خطًا أحمر لا يمكن تجاوزه، إذ يمثل تهديدًا مباشرًا لمصر والسيادة على حدودها.
أي مسعى لفرض هذا السيناريو بالقوة أو التلويح به يهدد الأمن القومي من الناحية الديموغرافية والجغرافية.

أعباء إنسانية تفوق التحمل

مع كل عدوان على غزة، يكون معبر رفح هو المتنفس الوحيد للمدنيين، والسيناريوهات السابقة، خصوصًا في 2008 و2014، أظهرت كيف يمكن أن تتحول الأزمات العسكرية إلى كوارث إنسانية على حدود مصر، وتُحمّلها أعباءً فوق طاقتها، سواء في الإغاثة أو تأمين الحدود.


مصر استبدلت شرط وقف الحرب، ورفع الحصار، والإعمار، بشرط نزع سلاح المقاومة!

ألا يعلم النظام المصري أن غزة هي المدافع الأول عن الأمن القومي المصري، وهل نسيت مصر هزيمتها النكراء عام 67 واحتلال سيناء في غضون أيام؟

سلاح المقاومة #خط_أحمر غير قابل للتفاوض، فهو صمام الأمان الوحيد… — محمد النجار ???????? (@MohmedNajjar88) April 14, 2025
استنكار لموقف مصر
واستنكر نشطاء موقف مصر بتقديم المقترح الإسرائيلي لحماس، وتبني مقترح أو مطالب نزع سلاح المقاومة، مؤكدين أن مصر كان ينبغي عليها تقديم هذا المقترح كونها تمثل عمق فلسطين الإستراتيجي.

ويري النشاط أن الخطوة قد تؤدي إلى تقويض حق الفلسطينيين في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، من جهة كما أنها يعتبر خرقًا للمواثيق الدولية التي تعترف بحق الشعوب في مقاومة الاحتلال بكافة الوسائل المشروعة، كما تؤدي إلى تعزيز شرعية الاحتلال الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية بدلاً من دعم حقوق الفلسطينيين في الاستقلال وحرية المقاومة.

مصر التي من المفترض أن تمثل عمقنا الاستراتيجي، تقدم اليوم عرضاً خلاصته: تسليم السلاح ورفع الراية البيضاء !!!
الحقيقة أنّ الأمر لا علاقة له بالسلاح، فغزة لا تمتلك سلاحاً نووياً أو ذريّاً حتى تُطالب مصر العروبة بتسليمه؛ ولكنّ الأمر يتعدى ذلك إلى ما هو أخطر من السلاح النووي؛ وهو… — د. نائل بن غازي (@dr_naelgazy) April 14, 2025
ومن ناحية أخرى فإن نزع سلاح المقاومة له تأثير كبير على الأمن القومي المضير، حيث عبر العديد من النشطاء في مصر عن قلقهم من تداعيات تبني مصر للمقترح في ظل الوضع الإقليمي المعقد، وأشاروا إلى أن هذا المقترح قد يُعتبر تحوّلًا غير مألوف في سياسة مصر تجاه القضية الفلسطينية، بما قد يضعف من موقف القاهرة كوسيط محايد.

غزة تحمي ظهر مصر
ومن جانبه كشف السياسي المصري والمرشح الرئاسي السابق أيمن نور، في تصريحات خاصة لـ "عربي21"، أن خطوة نزع السلاح إن تمت ستشكل خطورة على الأمن القومي المصري، مؤكدا أنها تحمي بوابة مصر الشرقية.

وأضاف نور، أن مصر أكثر المتضررين في فكرة نزع سلاح المقاومة في غزة، فمن الناحية العسكرية والأمنية يزيد من احتمالات المواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي، حيت تحمي غزة "ضهر مصر" من البوابة الشرقية، ما يشكل تهديدا كبيرة على الأمن القومي المصري.

وأشار السياسي المصري، إلى أن التهديد يتصل بأي اتفاقيات سلام بين الاحتلال ومصر، كما أن نزع سلاح المقاومة، ضد قناعات الجيش المصري، كون التسليح يعد حماية للعمق المصري.


حوار بين عمر سليمان ومبارك 

وأضاف أيمن نور أن مبدأ تسليح المقاومة في فلسطين كان ومازال موجود في قناعة الأنظمة المصرية حتى مع الاختلاف الأيديولوجي مع المقاومة الفلسطينية وبالأخص مع حركة حماس.

وتابع السياسي المصري أنه حضر موقف لقاء بين الرئيس الأسبق الراحل حسني مبارك وبين رئيس جهاز المخابرات حينها الراحل عمر سليمان، في طائرة خلال إحدى الرحلات ودار الحوار بينهما على المقاومة وطريقة التسليح.

وأشار نور إلى أن الحديث دار حول أنواع الأسلحة التي يمكن للمقاومة الفلسطينية أن تمتلكها على الحدود الشرقية لمصر، حينها قال سليمان لمبارك أنه تحدث مع المقاومة على أنواع معنية بمواصفات معنية ما يعني أن مبدأ تسليح المقاومة كان حاضرا.




القضية الفلسطينية حاضرة
ومن ناحية أخرى أكد أيمن نور أنه على الجانب الأخر تقديم مصر لمقترح نزع السلاح يعد تنازلا عن القضية الفلسطينية التي طالما كانت مصر حائط الصد لها ومؤمنة ومدافعة عنها حكومة وشعبا، وتحت حكم أي نظام.

وأضاف أن نزع سلاح المقاومة يعد مخالفا للقيم الدولية والشرعية في الحق في الدفاع عن النفس.



مقالات مشابهة

  • بسبب منشور عن سلاح المقاومة.. لبنان تستدعي السفير الإيراني
  • محمود عباس.. أي سقوط؟!
  • قوى تحالف المقاومة الفلسطينية ترفض خطاب عباس واعتداءه اللفظي عليها
  • المركزي الفلسطيني يجتمع برام الله.. وعباس يشتم المقاومة ويطلب تسليم الأسرى الإسرائيليين
  • الأيديولوجية الدينية في الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي
  • حماس: اجتماع المجلس المركزي الفلسطيني لا يُعبر عن الإجماع الوطني
  • من مسافة صفر..اشتباكات بين عناصر المقاومة وجيش الاحتلال
  • سر قاله عمر سليمان لمبارك.. كيف يؤثر نزع سلاح المقاومة على الأمن القومي المصري؟
  • حماس: الجرائم الصهيونية لن تُثني الشعب الفلسطيني عن التمسك بأرضه ومواصلة المقاومة حتى نيل حقوقه المشروعة
  • توحيد الصف الفلسطيني أساس الصمود