أحدث رئيس الحكومة نجيب ميقاتي صدمة سياسية غير مسبوقة، بإعلانه من أمام مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، أن رئيس المجلس النيابي نبيه برّي سيدعو فور التوصل لوقف النار لانتخاب رئيس توافقي لا يشكّل تحدياً لأي فريق، وهذا أملَى على الكتل النيابية طرح مجموعة من الأسئلة.
وكتب محمد شقير في" الشرق الاوسط": الصدمة الرئاسية بمعناها الإيجابي التي أحدثها برّي تنسجم مع ما خلص إليه سفراء «اللجنة الخماسية» بترجيحهم للخيار الرئاسي الثالث ممراً إلزامياً لإخراج انتخاب الرئيس من دوامة المراوحة من دون دخولهم في أسماء المرشحين، وقُوبل بتأييد من الموفَد الرئاسي الفرنسي إلى لبنان جان إيف لودريان.


لكن ترجمة الصدمة هذه إلى خطوة ملموسة تتوَّج بانتخاب رئيس توافقي، تبقى في حاجة إلى تسويق يُفترض أن تتصدّره الكتل النيابية الكبرى التي ما زالت منقسمة على نفسها، وإن كانت تدرك سلفاً أنه ليس في وسع الممانعة والمعارضة فرض رئيس للجمهورية، وهذا ما ينسحب على فرنجية ومنافسه الوزير السابق جهاد أزعور، وبالتالي لا بد من التوصل لتسوية تؤدي للتفاهم على رئيس توافقي، وهذا ما أملى على الرئيس السابق للحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، أن يتصدر الدعوة للتفاهم شرطاً لتفادي الدوران في حلقة مفرغة، وتبنّاها لاحقاً «اللقاء الديمقراطي» في جولته على الكتل النيابية.
إلا أن التوافق يشترط التواصل المسبق بين الكتل النيابية لتفادي الدوران في حلقة مفرغة بجلسة الانتخاب، بدلاً من أن تؤدي إلى وقف التمديد للشغور الرئاسي، وهذا يستدعي منها الانفتاح على الرئيس برّي؛ لئلا تنتهي إلى ما انتهت إليه جلسات الانتخاب السابقة التي سجّلت رقماً قياسياً في تعطيل انتخاب الرئيس.
وفي هذا السياق، يقول مصدر سياسي بارز إن هناك ضرورة للانفتاح على برّي، وتحديداً من قوى المعارضة، ليس لردم الهوّة السياسية القائمة بينها وبين محور الممانعة، وإنما للتفاهم على شخص الرئيس العتيد، وخصوصاً أن برّي أقدم على خطوة سياسية بتخلّيه عن دعم ترشيح حليفه رئيس تيار «المردة»، النائب السابق سليمان فرنجية، برغم أنه لم يعرف حتى الساعة رد فعل «حزب الله»، وما إذا كان على تناغم مع رئيس المجلس بدعوته للتوافق على الرئيس.
ويلفت المصدر السياسي إلى أن هناك ضرورة للتعامل بمرونة ومسؤولية مع موقف بري، ويؤكد لـ«الشرق الأوسط» أنه بموقفه أراد أن يخطو خطوة للتلاقي مع المعارضة في منتصف الطريق، ويبقى عليها القيام بخطوة مماثلة بلا شروط مسبقة.
ويرى أن هناك استحالة للتوصل إلى تسوية رئاسية من دون التفاهم مع برّي، ليس لأنه يُتقن تدوير الزوايا، وإنما لأنه الأقدر على التواصل، ولأن الدول الغربية المعنية بانتخاب الرئيس تعوِّل على دوره في هذا المجال، بينما ينصرف «حزب الله» إلى ترتيب أوضاعه الداخلية، ويقول إن هناك استحالة في إنجاز الاستحقاق الرئاسي حال أن البعض يخطّط للمجيء برئيس يشكّل تحدياً للشيعة، فبرّي هو من يسهّل انتخاب الرئيس، ومن غير الجائز - حسب المصدر نفسه - التصرف وكأن انتخابه يجب أن يأخذ في الاعتبار وجود غالب ومغلوب في ميزان القوى الداخلي، تحت عنوان إصرار بعض الأطراف على تصفية حساباته مع «حزب الله» على خلفية تفرّده بقراره مساندة «حماس»، من دون العودة إلى الحكومة، وما ترتّب عليها من أكلاف باهظة على البلد.
لذلك فإن انتخاب الرئيس سيُدرج بنداً أول على جدول أعمال الحراك النيابي فور التوصل لوقف النار في الجنوب، وهذا ما يشكّل حافزاً للدول المعنية بانتخابه، لمعاودة تشغيل محركاتها بدءاً بـ«اللجنة الخماسية» وسفرائها في لبنان؛ كونها تشكّل مجموعة دعم ومساندة للجهود الرامية لتسهيل انتخاب الرئيس، مع أن المصدر السياسي يتوقع منها بأن تبادر للتحرك على مستوى وزراء خارجيتها؛ لما سيكون له من تأثير يدفع باتجاه إعادة خلط الأوراق داخل البرلمان، لرفع منسوب التأييد للرئيس التوافقي، بما يضع حداً لتمديد تعطيل انتخابه.
ويراهن المصدر نفسه على أن يؤدي التواصل استعداداً لجلسة الانتخاب إلى التفاهم على الرئيس؛ لتسهيل انتخابه، والاتفاق على العناوين السياسية الرئيسة للمرحلة المقبلة بدءاً بتشكيل حكومة فاعلة.
وبكلام آخر يرى المصدر أن هناك ضرورة للتوصل إلى اتفاق لوضع الحلول للمشكلات المتراكمة في سلة واحدة تشمل رئاستَي الجمهورية والحكومة وخريطة طريق لإنقاذ لبنان، على أن لا يشمل الثلث الضامن في توزيع الحقائب الوزارية الذي أدّى إلى شلّ قدرة الحكومات المتعاقبة على الإنتاج والعطاء، وذلك أسوةً بالاتفاق الذي حصل بمؤتمر الدوحة في ربيع 2008، وكان وراء إنهاء الأزمة التي ترتبت على اجتياح «حزب الله» لبيروت، لكن من دون أن ينعقد هذه المرة في العاصمة القطرية، ويُستعاض عنه بتوافق محلي يحظى بمظلّة دولية عربية تضعه على سكة التعافي، ولو على مراحل.
 

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: الکتل النیابیة انتخاب الرئیس على الرئیس حزب الله ل انتخاب من دون

إقرأ أيضاً:

زيارة عون للسعودية محطة أساسية لتعزيز علاقات لبنان العربية.. بري يخشى انشاء شريط حدودي جديد

شكلت الزيارة الخاطفة التي قام بها رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون الى المملكة العربية السعودية، محطة أساسية على طريق تعزيز علاقات لبنان العربية، ودعمه في المجالات كافة، نظرا للدور الذي يمكن أن تتصدّره المملكة في حشد الدعم للبنان.
ويرى مراقبون "أن تزامُن الزيارة مع التطورات التي يشهدها الشرق الأوسط عموماً، ولبنان على وجه الخصوص، يستوجب التشاور وتنسيق الجهود بين البلدين لتعزيز أمن وازدهار المنطقة، وتحقيق آمال وتطلعات الشعب اللبناني في الاستقرار والرخاء، منوهين بتطابق مساعي الرئيس عون لتمكين الدولة اللبنانية من بسط سيادتها وممارسة صلاحياتها الكاملة مع رؤية السعودية للمنطقة التي تقوم على دعم استقرار الدول كمتطلب لانطلاق التعاون الاقتصادي والاستثماري والعمل المشترك".
وباعتقاد المصدر "أن الزيارة الثانية المنوي القيام بها ستكون خريطة الطريق للعمل السعودي اللبناني في رسم الخطوط العريضة والمستقبلية لكلا البلدين".
وقد  أعرب الرئيس نبيه بري عن تفاؤله بإمكانية تحريك المساعدات السعودية للاقتصاد اللبناني، خصوصًا في ظل الحديث عن مشاريع استثمارية محتملة في لبنان. وأشار إلى أن المملكة كانت دائمًا داعمة للبنان، معربًا عن أمله في أن تنجح الحكومة في بناء علاقات مباشرة مع الرياض، سواء عبر الوزراء أو من خلال الإدارات والمؤسسات الحكومية، بما ينعكس إيجابًا على الوضع الاقتصادي اللبناني".
في ملف الجنوب، اشارت المعلومات الى ان اجتماعا للجنة مراقبة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، سيعقد قريبا للبحث في الوضع في الجنوب واستمرار الخروقات الاسرائيلية واحتلال عدة نقاط استراتيجية.
وقال  مصدر أمني "إن بقاء الحال على ما هو عليه من تفلّت إسرائيلي من الاتفاق سواء على الحدود، أو بالغارات والاغتيالات في الداخل اللبناني، سيؤدّي إلى اشتعال الأمور، إن لم يكن اليوم فغداً، أو بعد أسبوع أو بعد شهر. الوضع خطير جداً، وثمة رسالة بلغت بها لجنة المراقبة ووُجِّهت إلى الأميركيِّين والفرنسيِّين والمراجع الأممية مباشرة   لتدارك هذا الأمر".
ولفت المصدر "إلى أنّ الأميركيِّين يقولون إنّهم ملتزمون بتحقيق الانسحاب الإسرائيلي من النقاط الخمس، لكن الواقع على الأرض يخالف ذلك، إذ يترسّخ احتلال هذه النقاط أكثر بالتحصين والتدشيم الإسرائيلي لها".
وكشف الرئيس نبيه بري "أن الاحتلال الإسرائيلي لم يقتصر على احتلال التلال الخمس الحدودية فحسب، بل أعاد إقامة شريط حدودي محتل يمتد لكيلومتر أو اثنين داخل الأراضي اللبنانية، ما يعني عمليًا نشوء منطقة محتلة جديدة على الحدود الجنوبية للبنان".
وأضاف "أن لبنان يراقب هذه التحركات عن كثب ولن يسمح بفرض وقائع جديدة على الأرض، مشددًا على أن أي تغيير في الوضع الحدودي يتطلب موقفًا وطنيًا موحدًا، وعلى المجتمع الدولي تحمّل مسؤولياته في وقف هذه الانتهاكات المتكررة للسيادة اللبنانية".
وفي سباق الاتصالات، استقبل مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان الرئيس نجيب ميقاتي الذي هنأه بشهر رمضان المبارك وتم البحث في الأوضاع العامة.


المصدر: لبنان 24

مقالات مشابهة

  • محلل إسرائيلي: اتفاق السلام مع لبنان يمكن أن يُوقع غدا.. هناك عائقان
  • تركيا تبدي استعدادها لإرسال قوات إلى أوكرانيا إذا اقتضت الحاجة
  • رئيس وفد مفاوضات جدة محجوب بشرى: هناك ضعف صاحب هيكل منظمي منبر جدة
  • برلماني: كلمة الرئيس السيسي بالقمة العربية خارطة طريق لإنقاذ القضية الفلسطينية
  • عون من القمة العربية: اليوم يعودُ لبنانُ إليكم وهو ينتظرُ عودتَكم جميعاً إليه غداً
  • رئيس الحكومة استقبل ريزا.. وهذا ما تم بحثه
  • الرئيس عون أجرى سلسلة لقاءات في القاهرة... وهذا ما أبلغه غوتيريش بشأن اسرائيل
  • برلماني: مصر تواصل جهودها لإنقاذ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة وضمان تدفق المساعدات
  • إسرائيل: المساعدات أصبحت المصدر الأول لدخل حماس
  • زيارة عون للسعودية محطة أساسية لتعزيز علاقات لبنان العربية.. بري يخشى انشاء شريط حدودي جديد