عربي21:
2025-02-01@15:31:22 GMT

أغرب انتخابات رئاسية في تونس بعد الثورة

تاريخ النشر: 2nd, October 2024 GMT

تعيش تونس الأحد المقبل أغرب انتخابات رئاسية في تاريخها الحديث. وجه الغرابة أن هذه الانتخابات لا هي «مطبوخة» ومرتّبة بشكل جيّد على طريقة العقود الخوالي في عهدي الراحلين الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي، ولا هي ديمقراطية شفافة كما عاشتها تونس بعد ثورتها عام 2011 وفق أرقى شروط النزاهة مع رقابة محلية ودولية واسعة.



هي انتخابات هجينة ومرتبكة فقيس سعيّد الذي وصل إلى قمة الرئاسة في انتخابات 2019 بفضل سلّم ديمقراطي واضح قرّر أن يكسر هذا السّلم فلا يصعده أحد من بعده، ضاربا عرض الحائط بكل قواعد القانون وأكثرها بداهة.

هذا الدوس غير المسبوق للقانون، والذي وصل في آخر حلقاته حد تغيير القانون الانتخابي أياما قليلة قبل موعد الرئاسيات لسحب صلاحية النظر في سلامة الانتخابات وإجراءاتها من المحكمة الإدارية وتحويلها إلى القضاء العدلي، عقابا لها بعد أن أنصفت هذه المحكمة ثلاثة مرشحين تم استبعادهم دون وجه حق، فضلا عن الزج بالعياشي الزمّال أحد المرشحين الثلاثة الذين قُبلت ترشحاتهم في السجن… كل ذلك دفع مؤخرا مجموعة مرموقة من أساتذة القانون والعلوم السياسية بالجامعة التونسية إلى إصدار بيان يمثل صفعة لكل ما جرى من عبث وتلاعب.

يقول هؤلاء الأساتذة إنه التزاما منهم «برسالتنا التعليمية النبيلة المعليّة لدولة القانون، وانسجاما مع المبادئ التي درّسناها طيلة سنوات وعقود في الجامعة التونسية لأجيال من الطلبة، ومن منطلق الأمانة والنزاهة العلمية والأكاديمية» فإنهم يعتبرون «مشروع تنقيح القانون الانتخابي يمسّ من مبدأ الأمان القانوني واستقرار الوضعيات والمراكز القانونية والثقة المشروعة في التشريع، وخاصة مبدأ الاستشراف إذ لا يجوز تغيير قواعد الرّهان الانتخابي في السنة الانتخابيّة وفق ما تستلزمه المعايير الدّوليّة لنزاهة الانتخابات».

ورأى هؤلاء في تعديل القانون الانتخابي بالشكل المرتجل والمفضوح من خلال برلمان مطيع ومتواطئ «مخالفة صريحة للمبادئ التي تقوم عليها دولة القانون» قائلين إن «الإسراع بختم هذا القانون من طرف رئيس الجمهورية يتنافى ودوره كضامن لعلوية الدستور خاصة في غياب محكمة دستورية» كما أن «انخراطه بوصفه مترشحا للانتخابات الرئاسية في مسار تعديل القانون الانتخابي يمس من نزاهة العملية الانتخابية».

هبّة هؤلاء الأساتذة في وجه «رباعي» يفترض أنه ينتمي إلى العائلة القانونية (رئيس الدولة خبير قانون الدستوري، وزيرة العدل ورئيس هيئة الانتخابات قاضيان، ورئيس البرلمان محام) لها قيمة كبيرة، بل وتاريخية، خاصة وأنها ليست الأولى إذ سبق لهم أن أصدر عدد منهم بيانات للإعراب عن معارضتهم لهذا السجل المفضوح للقانون كما لم يحدث من قبل، فقط لتأمين بقاء سعيّد في منصبه بأي ثمن.

أما الحملة الانتخابية الرئاسية فكانت فاترة للغاية إذ مرت خالية من الاجتماعات الجماهيرية أو المناظرات بين المرشحين الثلاثة فالعياشي الزمال في السجن ويتعرّض لملاحقات قضائية غريبة تعكس رغبة واضحة في التنكيل بالرجل، فيما يبدو زهير المغزاوي محدود الشعبية وسمعته المؤيدة بقوة لسعيّد قبل تغيير جلده فجأة قوّضت مصداقيته، أما حملة سعيّد فمرت ممجوجة بأساليب خبرها التونسيون طويلا في العهود السابقة قبل الثورة.
العام التونسي حاليا متردد بين موقفين أحدهما يدعو إلى مقاطعة هذه الانتخابات والآخر يدعو إلى المشاركة
الرأي العام التونسي حاليا متردد بين موقفين أحدهما يدعو إلى مقاطعة هذه الانتخابات والآخر يدعو إلى المشاركة بكثافة والتصويت للزمّال للتخلّص سلميا من حكم سعيّد.. ولكل من هذين الموقفين منطقه ومحاذيره.

قرار المقاطعة يستند إلى أن كل ما يجري حاليا هو مسخرة حقيقية مبنية على باطل من أساسها (انقلاب سعيّد على الدستور 2021) بحيث من المعيب المشاركة فيها لإضفاء أي شرعية عليها. هذا الخيار على وجاهته المبدئية سيسمح في النهاية لسعيّد بالفوز من الدور الأول، مهما كانت نسبة المشاركة هزيلة، حيث لن يذهب للاقتراع في هذه الحالة سوى أنصاره، علما وأنه سبق في عهد سعيّد أن أقر دستورا وبرلمانا جديدين بنسبة تعتبر قياسية على الصعيد الدولي في ضعفها.

أما قرار التوجّه بكثافة يوم الاقتراع والتصويت لصالح الزمّال فالداعون له، ومن بينهم حتى بعض المعتقلين السياسيين القابعين في السجن حاليا، يحاولون إقناع الناس بأنه الخيار الأسلم والقادر فعلا على الإطاحة بسعيّد. وحتى لو وصلت الأمور إلى حد إلغاء أصوات الزمّال بعد الاقتراع، كما يمكن أن تفعل هيئة الانتخابات، فإن ذلك سيفضح أكثر وأكثر هذه الانتخابات ويحرم سعيّد من فوز سهل، لكن معارضي هذا الخيار يرون أنه من غير المناسب اختيار شخص لا يٌعرف عنه الكثير مع أن وعوده تبدو مطمئنة لاستعادة المسار الديمقراطي.

مهما يكن من أمر، فالأكيد اليوم أن سعيّد يتقدّم إلى هذه الانتخابات بصورة مهزوزة للغاية تجعل من فوزه المتعسّف إن حصل، رغم أنف القانون وأغلب القوى السياسية والاجتماعية والفكرية، تحديا ثقيلا لا أحد يدري كيف يمكن له أن يديره بعد أن فقد تقريبا كل الرصيد الذي أوصله للرئاسة قبل خمس سنوات محمّلا وقتها بأمال سرعان ما تبدّدت بشكل درامي مخيف ومضحك في آن معا.

القدس العربي

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه تونس تونس الانتخابات الرئاسية قيس سعيد سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة القانون الانتخابی هذه الانتخابات یدعو إلى

إقرأ أيضاً:

«مدبولي»: توجيهات رئاسية بعمل حزمة اجتماعية جديدة قريبا (فيديو)

أكد الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء، أن الرئيس السيسي كلف الحكومة بعمل حزمة اجتماعية جديدة لرفع الأعباء عن المواطنين.

وقال مدبولي خلال مؤتمر صحفي اليوم الأربعاء، إنه بالتعاون مع وزارة المالية سيتم الانتهاء من بنود هذه الحزمة وصياغتها، وبعدها سيتم عرضها على الرئيس لإقرارها.

وتقدم «الأسبوع»، لزوارها ومتابعيها بث مباشر للمؤتمر الصحفي الذي تنقله الآن شاشة قناة «إكسترا نيوز»، والذي يُعقد لمناقشة عدد من الملفات الهامة.

اقرأ أيضاًبعد قليل.. مؤتمر صحفي لرئيس مجلس الوزراء من مقر الحكومة

«مدبولي »: اتفاق وقف إطلاق النار في غزة شاهد قوي على الجهود التي تبذلها مصر للتهدئة بالمنطقة

مدبولي: نعمل على الوصول بالحركة السياحية لـ30 مليون سائح بحلول 2030

مقالات مشابهة

  • نائب إطاري:خلافات سياسية بشأن التعديل الرابع لقانون الانتخابات
  • أغرب أنواع العطور في العالم.. أحدها مصنوع من الجبن
  • برنامج أممي يدرب مستشارين عسكريين ليبيين على القانون الدولي الإنساني في تونس
  • استمرار الخلافات السياسية بشأن شكل قانون الانتخابات البرلمانية المقبلة
  • استمرار الخلافات السياسية بشأن شكل قانون الانتخابات البرلمانية المقبلة - عاجل
  • ماذا تعرف عن أغرب تقليد لجلب البركة في رأس السنة القمرية؟
  • العراق على أعتاب انتخابات 2025… بداية جديدة أم تكرار للتجارب السابقة؟
  • البطاقة الوطنية بدل بطاقة الناخب.. خطوة لمنع التزوير الانتخابي أم مغامرة غير محسوبة؟
  • نائب:تعديل قانون الانتخابات يعتمد على “الإتفاق بين كهنة المعبد”
  • «مدبولي»: توجيهات رئاسية بعمل حزمة اجتماعية جديدة قريبا (فيديو)