دائماً ما كانت استراتيجية إيران تجنيب بلادها ويلات الحرب والدمار. لكن كرة اللهب التي شوهدت فوق إسرائيل بمثابة “إعلان حرب”، خاصة وأن إصرار نتنياهو بدفع الولايات المتحدة لحرب إقليمية شاملة واضح في واشنطن أكثر منه في طهران وعواصم المنطقة.
وبغض النظر عن الآثار التي خلفها الهجوم في الأراضي الإسرائيلية، أو حجم الردع الذي بنته الصواريخ الإيرانية فإن جرأة وأهمية هذا الفعل تشير إلى أن النظام في طهران استشعر تعرض أمنه القومي للخطر المباشر.
هزّ هجوم ليلة الثلاثاء (01 أكتوبر/تشرين الأول) صورة إسرائيل معنوياً ليس فقط داخل إسرائيل، ولكن في معظم عواصم المنطقة، فليست منيعة من التعرض لهجمات تعرضها لخسائر فادحة في البنية التحتية؛ وأن استراتيجية التوحش التي تبنتها منذ السابع من أكتوبر العام الماضي لإخافة خصومها، والدول العربية لم تؤدي إلا من المزيد من عزلة في المنطقة حتى لو استمرت اتفاقيات التطبيع من منحها بصيص الضوء.
أرادت إيران من خلال الهجوم الكبير على إسرائيل، أن تبعث بالمزيد من الرسائل: الأولى، الداخل الإيراني، أن النظام ما يزال قوياً، وقادر على اتخاذ القرارات الحاسمة، وحماية أمنه القومي. خاصة مع أن طموحات نتنياهو وحتى بعض المسؤولين الأمريكيين بتغيير النظام الثوري، بعد أن قَدم الموساد نفسه قوة اخترقت النظام الأمني الإيراني.
وعقب اغتيال هنية تباينت رؤى الاستراتيجيين الإيرانيين بين الرد على الاحتلال أو اغتنام الفرصة لإيقاف إطلاق النار في غزة وجنوب لبنان. ذهب نتنياهو نحو حرب محروقة دون قواعد اشتباك. وهو ما أدى للهجمات الإيرانية التي أكدت أن قرارات خامنئي وقوات الحرس الثوري كانت على صواب، وأن مؤسستي المرشد والحرس ما تزال قوية ولن تتغير، حتى لو كان هناك تغيّر في السلطة التنفيذية.
الثانية: للحلفاء، حيث يعيد الهجوم الاعتبار لإيران كقائد لمحور المقاومة، إذ أن حالة الصمت التي أعقبت التحوّل الإسرائيلي باتجاه لبنان من تفجير أجهزة الاتصال، وصولاً لاغتيال قادة حزب الله وحتى اغتيال الأمين العام، شكك حلفاء طهران من مواقفها إذا تعرضوا لهجوم إسرائيلي.
دائماً ما كررت إيران أن استراتيجية الردع لديها تعتمد على حلفاءها، وأن على الولايات المتحدة المرور بجيوش “محور المقاومة” قبل الوصول إليها. لكنها تعرضت لضربة موجعة الشهر الماضي باغتيال حسن نصر الله والاجتياح البري لجنوب لبنان، هدد بتفكك “المحور” الذي قامت ببنائه خلال أربعين عاماً.
أما الرسالة الثالثة فتتمثل في قدرة إيران على استعادة الردع. أكد الهجوم الإيراني القدرة على الإضرار بإسرائيل دون برنامج نووي (الذي لطالما كان يثير قلق خصومها). لقد استعادت جزء من توزان الردع مع الولايات المتحدة وإسرائيل. وأكدت أنها قادرة على مهاجمة إسرائيل -أو أي من خصومها- رغم كل الأساطيل والقواعد العسكرية الأمريكية في المنطقة. وأنها قادرة على تكرار ما فعلته إذا ما استمر الاحتلال الإسرائيلي بتقويض حلفاءها في المنطقة، وبأضرار أكبر وأشد إيلاماً.
كما أكدت إيران لواشنطن أن رؤيتها لشكل الشرق الأوسط يختلف تماماً عن وجهة نظر إيران، وأن سياساتها تضفي تعقيداً مضاعفاً على مفاوضات “الاتفاق النووي”.
تعيّد كرة اللهب الإيرانية فوق الأراضي المحتلة العالم إلى النقطة الأساسية: هل سنشهد حرب إقليمية؟! ومعه تبعات اقتصادية وسياسية.
يقف الأمر على رد نتنياهو على إيران، وفق تصريح غالانت عقب الهجوم “إما نحن، أو هم”؟! وعلى قدرة الاحتلال على دفع الولايات المتحدة لشن ضربة قاصمة لطهران قد تنسف الخطين الأحمرين وهما “بقاء النظام والبرنامج النووي”. وهو ما سيشعل حرباً إقليمية تملك فيها إيران القدرة على إغلاق الممرات التجارية الدولية، في حرب تمتد من المحيط الهندي وحتى البحر الأبيض المتوسط. ولن يكون ذلك دون تعهد الروس بدعم إيران عسكرياً وسياسياً.
***
لا تريد إيران حرباً، فصناع القرار يعرفون خطورتها على بلادهم، فما يزال ذهنية المجتمع أمام حرب الثمان السنوات مع العراق، والحروب المجاورة في العراق وأفغانستان. مع ذلك فإن عملية “طوفان الأقصى” -التي تقترب الذكرى الأول لها- أعادت رسم الاستراتيجيات للمنطقة ومستقبله، ولا يُستبعد أن المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني أعاد رسم أولويات استراتيجية للأمن القومي.
أخيراً.. من المؤسف، أن العالم العربي بعيد عن صناعة سياسة المنطقة، بلا استراتيجية واحدة لمواجهة ما يحدث. على الرغم من أن أي حرب بين إسرائيل وإيران سيدفع العالم العربي ثمنه وهو الذي وقف متفرجاً أمام عبور كل هذه الأحداث التي تدفع لنشوء قوة جديدة في المنطقة كلاهما ليس في صالح أمن دولنا القومي.
عدنان هاشم2 أكتوبر، 2024 شاركها فيسبوك تويتر واتساب تيلقرام وزير الخارجية الإيراني: ردنا انتهى مقالات ذات صلة
وزير الخارجية الإيراني: ردنا انتهى 2 أكتوبر، 2024
مركز دراسات: معاناة الجوع في اليمن نتاج عوامل سياسية مصطنعة 1 أكتوبر، 2024
نقابة: الصحفيون المختطفون في سجون الحوثيين يواجهون “سوء معاملة وظروف سيئة” 1 أكتوبر، 2024
مركز حقوقي يمني يوثق 130 انتهاك حوثي بحق المحتفلين بـ26سبتمبر في صنعاء فقط 1 أكتوبر، 2024 اترك تعليقاً إلغاء الرد
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق *
الاسم *
البريد الإلكتروني *
الموقع الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
Δ
شاهد أيضاً إغلاق كتابات خاصةنور سبتمبر يطل علينا رغم العتمة، أَلقاً وضياءً، متفوقاً على...
تم مشاهدة طائر اللقلق مغرب يوم الاحد 8 سبتمبر 2024 في محافظة...
يا هلا و سهلا ب رئيسنا الشرعي ان شاء الله تعود هذه الزيارة ب...
نرحو ايصال هذا الخبر...... أمين عام اللجنة الوطنية للطاقة ال...
عندما كانت الدول العربية تصارع الإستعمار كان هذا الأخير يمرر...
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: وزیر الخارجیة الإیرانی الولایات المتحدة فی المنطقة فی الیمن
إقرأ أيضاً:
وزير الخارجية الإيراني: أمريكا لا تستطيع الادعاء بإعادة الاستقرار للمنطقة بالهجوم على اليمن وقتل المدنيين
يمانيون../ أكد وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، أن أميركا لا تستطيع الادعاء بإعادة الاستقرار إلى المنطقة بالهجوم على اليمن.
جاء ذلك خلال لقاء عراقجي في طهران، هانس غروندبرغ المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، الذي يزور طهران حاليا.
وأدان وزير الخارجية الإيراني، العدوان العسكري الأمريكي المتكرر على مختلف مناطق اليمن وقتل المواطنين اليمنيين وتدمير منازلهم والبنية التحتية في البلاد.
وأضاف: “إن العدوان العسكري الأميركي على اليمن، إلى جانب تصعيد الكيان الصهيوني لعمليات الإبادة الجماعية في غزة وعدوانه على لبنان وسوريا، ما هو إلا دليل آخر على تواطؤ أميركا مع تمرد الكيان ومواكبتها له في نشر انعدام الأمن والاستقرار في المنطقة”.
وأكد “يجب على صناع القرار الأميركيين أن يدركوا أن السبب الرئيسي لانعدام الأمن في المنطقة هو استمرار الاحتلال والإبادة الجماعية في فلسطين المحتلة، ولا يمكن لأميركا أن تدعي استعادة الاستقرار في المنطقة من خلال مهاجمة اليمن وقتل الشعب اليمني البريء، الذي جريرته الوحيدة هي التعبير عن التضامن والدعم للشعب الفلسطيني المظلوم”.
وانتقد تقاعس مجلس الأمن الدولي عن الوقوف أمام الانتهاكات الصارخة لمبادئ الميثاق والقانون الدولي من قبل الكيان الإسرائيلي وأميركا، مؤكدا على ضرورة اتخاذ الأمم المتحدة إجراءات فورية وفعالة لوقف انتهاك القانون الدولي.