نتنياهو أراد التخلص من عقدة 7 أكتوبر بلبنان ففاجأته إيران
تاريخ النشر: 2nd, October 2024 GMT
بعد مضي نحو عام على الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة لم تستطع إسرائيل إنجاز أي من أهدافها وكلما مضت الحرب على ما هي عليه غرقت إسرائيل في وحل القطاع الذي كبدها خسائر فادحة في الأرواح والمعدات.
فقسم إعادة التأهيل في وزارة الدفاع الإسرائيلية يستقبل بالمعدل أكثر من ألف جريح جديد كل شهر، ويعاني أكثر من 3700 من الجنود المصابين من إصابات في الأطراف، وفقا لإحصاءات جيش الاحتلال في أغسطس/آب الماضي.
في حين بلغ عدد القتلى من جيش الاحتلال 690 جنديا وضابطا منذ بداية الحرب، بينهم 330 بالمعارك البرية في قطاع غزة.
ووفق إحصاءات كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، في فبراير/شباط الماضي، فقد تم تدمير أكثر من 1108 آليات إسرائيلية منذ بداية الحرب على القطاع.
وقبل تنفيذ عملية تفجير أجهزة الاتصال في لبنان كان الضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عسكريا وسياسيا يزداد وكانت المظاهرات التي تخرج ضده وضد حكومته والمطالبة بالتوصل لاتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى في أوجها.
وحدة الساحاتترافقت حرب غزة لأول مرة مع مفهوم وحدة الساحات التي اعتمدته قوى المقاومة في المنطقة، وهو أمر لم تعهده إسرائيل والغرب من قبل وسعت للتخلص منه لما له من دلالات كبرى في الوعي الجمعي من أن توحد عدة جبهات قادرة على إلحاق خسائر كبرى إن لم يكن هزيمة إسرائيل والحلف الغربي الذي يقف خلفها.
فبعكس جولات القتال السابقة التي كان فيها الفلسطينيون يواجهون إسرائيل بمفردهم، فإن حماس تتمتع هذه المرة بدعم من "محور المقاومة".
وفرض هذا الصراع المتعدد الجبهات على إسرائيل توزيع قواتها بين الجنوب والشمال، وهو ما أدى إلى إخلاء مستوطنات الجليل الأعلى، إلى جانب استهداف خانق لميناء إيلات، وهجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة من لبنان واليمن والعراق.
لذا سعت إسرائيل والولايات المتحدة إلى تفكيك وحدة الساحات لعدم تكرار هذا الأمر لاحقا، وهو ما ظهر من خلال العروض الأميركية التي قدمت للبنان في الجولات المكوكية التي قام بها مبعوث الرئيس الأميركي آموس هوكشتاين إلى بيروت.
الهروب شمالافي ظل هذه الظروف وللفت النظر عن غزة والهروب من الضغط الذي مارسته عليه حماس، وجد نتنياهو نفسه مضطرا للتوجه شمالا وفتح جبهة جديدة ضد حزب الله الذي اعتمد إستراتيجية التنقيط في دعم المقاومة في غزة، وهي الإستراتيجية التي أقنعت نتنياهو والولايات المتحدة من خلفه أن الحزب وإيران لا يريدان الحرب.
فكانت البيئة جاهزة لنتنياهو كي يقصف لبنان تحت هدف إعادة المستوطنين إلى الشمال وتقليص قدرات حزب الله والبحث عن صورة نصر قد تعيد لإسرائيل بعضا من قدرة الرد التي فقدتها وتعيد لنتنياهو بعض ماء وجهه الذي فقده منذ طوفان الأقصى.
استعجال صورة النصر دفع نتنياهو وجيشه إلى كشفت أوراقهم بسرعة، فجاءت تفجيرات البيجر والتوكي ووكي لتشكل صدمة لحزب الله وتنتشي إسرائيل بما حققته، ومما تسرب من أنباء أن تلك التفجيرات كانت ضمن خطة طويلة المدى وكانت إسرائيل تعتزم تفعليها في وقت المعركة مع حزب الله لتشكل ضربة للحزب في أثناء المعركة.
ولم تكد تمضي عدة أيام على تلك التفجيرات حتى جاء اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر، الأمر الذي شكل صدمة للحزب وجمهوره وأثر على الحزب وقيادته.
هذه التطورات دفعت نتنياهو للقول إنه "لا يوجد مكان في الشرق الأوسط لا تستطيع إسرائيل الوصول إليه، لا يوجد مكان لن نذهب إليه لحماية شعبنا وحماية بلدنا".
ويبدو أن إسرائيل راهنت على حالة صدمة وإرباك قد تصيب الحزب بعد كل هذه الضربات وأن الحزب إما سيتعامل بردة فعل مفرطة ويطلق كل ما لديه تجاه إسرائيل وبالتالي يحرق كل أوراقه أو أنه سيطلب التراجع ووقف إطلاق النار.
إلا أن المتتبع لمسار الأمور بعد ذلك يلحظ أن الحزب بدا كأنه استوعب الضربة وتكيف معها خاصة بعد خطاب نائب الأمين العام للحزب نعيم قاسم الذي قال فيه إن "الحزب يتابع القيادة والسيطرة وفق هيكليته" وهناك بدائل لكل "قائد حين يصاب".
وللبرهنة على قوة الحزب وتماسكه قال قاسم إنه بعد اغتيال نصر الله استمرت عمليات المقاومة بالوتيرة نفسها وأكثر "وضربنا معاليه أدوميم وحيفا ونواصل المقاومة".
وبعد زعم الاحتلال عن بدء عملية برية في لبنان رد حزب الله بقصف تل أبيب بصلية صواريخ حيث فشلت القبة الحديدية بالتصدي لها.
وعلى ما يبدو الحزب يريدها حربا طويلة بتصعيد بطيء ومتدرج كي يحصل على فرصة رص صفوفه وتعويض خسائره واستنزاف إسرائيل.
وفي إشارة إلى أن الحزب سيستمر في سياسة وحدة الساحات، قال قاسم "لن نتزحزح قيد أنملة عن مواقف السيد نصر الله".
إيران.. الاستفاقة من النشوةوقبل أن يستفيق نتنياهو والجيش الإسرائيلي من نشوة النصر؛ ظهر الرجل يسير بهدوء في تل أبيب لإظهار أنه لا يعاني من ضغط مثلما تعاني القوى التي يحاربها.
لكن المفاجأة جاءت عبر قصف إيراني بنحو 200 صاروخ دفعت بسكان إسرائيل إلى الملاجئ.
الأمر الذي جعل العديد من الإسرائيليين يشيرون في مواقع التواصل إلى أن "شهر أكتوبر (تشرين الأول) هو شهر النكبات لدينا، لم ننسَ بعد السابع من أكتوبر الماضي واليوم حماس وإيران ذكرونا فيه"، في إشارة لعملية إطلاق النار في يافا والقصف الإيراني.
ويعتقد العديد من المراقبين أن الرد الإسرائيلي على القصف الإيراني ستقابله موجات الصواريخ والمسيرات من العراق ولبنان واليمن وإيران"؛ حيث يتساءل سعيد زياد المحلل بالشؤون الإستراتيجية: "كيف سيكون موقف إسرائيل إذا تعرضت لهجوم مشترك عليها من قبل إيران وحزب الله؟".
وأيا يكن مسار الأحداث الآن؛ فالحرب لا تزال طويلة ولن تنتهي قريبا وسيكون عنوان "المرحلة الصبر والثبات والسكينة وبرودة الأعصاب والاستنزاف وإدامة المعركة" وفق العديد من المراقبين.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات وحدة الساحات حزب الله أن الحزب
إقرأ أيضاً:
إعادة تموضع إيران في الشرق الأوسط
د. عبدالله الأشعل **
لا شك أن الاستثمار الإيراني السياسي في سوريا منذ الثورة الإسلامية في إيران عام 1979 تعرض لضربة كبيرة حيث نجح الغرب وإسرائيل في القضاء على النظام الذي تحالف مع إيران وصمد في وجه كل محاولات الغرب لفك التحالف ثم أنه كان واسطة العقد بين إيران والمقاومة على الأقل في الجبهة اللبنانية والجبهة الفلسطينية وظهر ذلك في نظرية وحدة الساحات التي ضمت اليمن والعراق، إضافة إلى فلسطين ولبنان والأخطر أن شيطنة إيران في سوريا والمنطقة كلها هدفها الوحيد القضاء على المقاومة التي تنفرد إيران بدعمها، ولذلك يريد الغرب أن يقضي على الثورة الإسلامية أصلا وهي التي تحدت إسرائيل والولايات المتحدة يوم قيامها 12 فبراير 1979.
وفي ضوء هذه الحقيقة ومادامت إيران لاتزال مستعدة لدعم المقاومة بعد فقدان الساحة السورية واعتراف إسرائيل بأنها نجحت في إزالة نظام الأسد فالمؤكد أن إيران يجب أن تبريء نفسها من جرائم نظام الأسد التي ركز عليها النظام الجديد في دمشق، فلا يمكن لثورة إسلامية ومقاومة إسلامية أن تمتهن كرامة الإنسان في أي مكان.. ولذلك؛ فالعمل الأول في برنامج إعادة تموضع إيران هو التبرؤ من جرائم الأسد وليس ذلك تخليًا عن الحليف وإنما تركز إيران على أنها كانت تساند الدولة السورية والشعب السوري ضد المسلحين وضد عوامل تصفية هذه الدولة والجيش السوري وهي رأت أن أكثر من 70 دولة تصفي حساباتها على الأراضي السورية وعلى حساب الشعب السوري.
النقطة الثانية في برنامج التموضع هي الخط الإعلامي إلى جانب هذا الخط السياسي والخط الإعلامي يلتزم بالنظرية العامة للإعلام وهي أن المرسل هو الإعلام الإيراني وأن الرسالة الإعلامية هي المضمون الذي تحمله الرسالة وأن المرسل إليه الشعوب والحكام العرب والعالم وأن التوقيت عنصر أساسي في النظرية الإعلامية فلابد من وضع خطة إعلامية علمية لحمل برنامج إعادة التموضع وتتضمن العناصر الآتية:
الأول: أن إيران لم ولن تكون شريكة مع أي نظام في انتهاك حقوق الإنسان لأنها تسير وفق الشريعة الإسلامية التي تقدس النفس البشرية والكرامة الإنسانية.
ثانيًا: التركيز على أن إيران لازالت تؤيد الحق ضد الباطل وسبق أن ساهمت في إنشاء حزب الله الذي حرر لبنان من الاحتلال الإسرائيلي وأن إيران تنظر إلى إسرائيل وأمريكا على أنهما مهددان للعرق البشري وأن زرع إسرائيل في هذه المنطقة يقصد به اضطراب أحوال المنطقة وخلق المتاعب لها وأن إيران تناهض الحركة الصهيونية وليس الشريعة اليهودية الغراء لأنها تفهم أن الإسلام دين واحد ولكن يتكون من شرائع متعددة ومتماثلة في ارتكازها على قيمة التوحيد.
ثالثًا: ترفض إيران الفتنة التي تصدرها الولايات المتحدة وإسرائيل إلى العالم الإسلامي وتؤمن بحرية العقيدة والإسلام ليس فيه شيعة وسنة وإنما الشيعة والسنة مذاهب فكرية تثري الشريعة الإسلامية ولكنها فتنة سياسية يطلقها الغرب تلاعبًا بعقول المسلمين.
رابعًا: معالجة إيران لنقطة هامة وهي تحالفات نظام بشار وأعدائه كيف تتعامل معهم إيران فلا يجوز أن تبذل جهدًا في معاداة أحد.
خامسًا: التركيز على عودة العلاقات الدبلوماسية مع مصر لأنها أكبر دول العالم العربي واستقرارها يخدم استقرار المنطقة كلها ولا تحاول إيران كما كانت تفعل الثورة الإسلامية يوم قيامها أن تتدخل في تحالفات مصر في المنطقة والعالم.
سادسًا: أن تتعامل إيران مع الدول الأخرى وفق أولوياتها ولكن لابد من التغطية الإعلامية والدبلوماسية لأنها بحاجة إلى الرأي العام العربي والعالمي.
سابعًا: أن تتعامل إيران مع النظام الجديد في سوريا ولا تعاديه ولا تصادقه وإنما تعتبره سلطة الأمر الواقع، فإذا حقق مصالحها ونحن نتفق معها في أن مصالحها ومصالحنا العربية تقتضي دعم المقاومة ولكن لا تعلق هذا الشرط على التعامل مع النظام الجديد في سوريا إلى أن يعلن صراحة أنه ضد المقاومة ومع إسرائيل في هذه الحالة سوف تجد إيران جبهة عربية واسعة تقف معها أن لم يكن الحكام فالشعوب العربية مطبوعة على كره إسرائيل وحب المقاومة.
ثامنًا: أن تبحث إيران عن الوسائل الأخرى التي تدعم بها المقاومة ولتعلم إيران أن تخليها عن المقاومة خطبًا لود أمريكا وإسرائيل لن يجدي نفعًا مادامت الخطة هي القضاء على إيران الثورة واستعادة ملك الشاه كهدف نهائي لاستقرار المصالح الأمريكية والإسرائيلية.
تاسعًا: أن تكون إيران مرنة في اختيار أولوياتها والأولوية المطلقة هي لبقائها ومحاربة جميع طرق فنائها يلي ذلك الهدف الملف النووي الإيراني ثم تحسين العلاقات مع الحكومات الخليجية والعربية والإسلامية بالترتيب.
عاشرًا: أن تهتم إيران بالشعب الإيراني فتصلح الأوضاع الاقتصادية وتضع سياسات مرنة عادلة اتجاه الأقليات التي يتكون منها الشعب الإيراني حتى تفوت الفرصة على أعداء إيران لأنَّ إسرائيل أعلنت أنها اخترقت الصف الإيراني بفعل الأزمة الاقتصادية وعدم رضا بعض الأوساط عن توزيع المزايا السياسية فتمكنت من اغتيال هنية في طهران وهذه ضربة كبيرة للأمن الإيراني ولسمعة إيران والعلاج ليس في التحرش بإسرائيل وإنما في سد الثغرات الداخلية في المجتمع الإيراني.
** أستاذ القانون الدولي ومساعد وزير الخارجية المصري سابقًا
رابط مختصر