خبيران إيرانيان: الحرب في مرحلة جديدة وهذه السيناريوهات المقبلة
تاريخ النشر: 2nd, October 2024 GMT
طهران- في رابع يوم من الحداد العام الذي أعلنه المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي على روح الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، والذي يستمر 5 أيام في الجمهورية الإسلامية، شنّ الحرس الثوري هجوما مباغتا بعشرات الصواريخ على "الأراضي الفلسطينية المحتلة"، محذرا من أن أي رد عسكري إسرائيلي سيواجه بهجمات أقوى وأكثر تدميرا.
وخلال دقائق قليلة بعد الإعلان عن بدء العملية التي سُميت "الوعد الصادق 2" وإطلاق الصواريخ على إسرائيل، تحوّلت أجواء الحزن والحداد التي أعقبت اغتيال نصر الله في الغارات الإسرائيلية التي ضربت مساء الجمعة الضاحية الجنوبية لبيروت، إلى احتفالات جماعية في ساحة فلسطين وسط طهران والعتبات المقدسة المنتشرة في المحافظات الأخرى.
وعلى وقع أنشودة "خيبر خيبر يا صهيون، جيش محمد قادمون"، التي تبثها القنوات الإيرانية باستمرار، تعالت هذه الليلة التكبيرات من فوق أسطح المنازل بالتزامن مع احتفالات في الشوارع مع أصوات السيارات التي تبث أناشيد وطنية وأغاني شعبية، دعما للعملية العسكرية التي جاءت في مطلع أكتوبر/تشرين الأول وتزامنا مع رأس السنة العبرية.
عمليات مركبةوخلافا لعملية "الوعد الصادق 1" التي شنت خلالها طهران في أبريل/نيسان الماضي لأول مرة في تاريخها هجوما بالصواريخ والمسيرات على الاحتلال الإسرائيلي، وأخطرت قبلها دول الجوار والولايات المتحدة الأميركية بعزمها تنفيذ الهجوم، فإن طهران التزمت الصمت المطبق حيال هجومها الصاروخي مساء الثلاثاء، حتى بعد تداول الصور على منصات التواصل الاجتماعي.
وأعلن الحرس الثوري في بيانه الأول، أن العملية تمت بناء على قرار من المجلس الأعلى للأمن القومي ودعم الجيش الإيراني، وأنها تأتي ردا على اغتيال الكيان الإسرائيلي رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية والأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله والمستشار العسكري الإيراني اللواء عباس نيلفروشان الذي اغتيل في لبنان.
وبينما اعتبر بيان الحرس الثوري الإيراني الهجوم الصاروخي "موجة أولية من الهجمات على الأراضي المحتلة"، يكشف الباحث العسكري المقرب من الحرس الثوري علي عبدي، أن العملية الصاروخية التي شملت إطلاق 400 صاروخ باليستي وفرط صوتي نحو الاحتلال الإسرائيلي هي واحدة من 20 عملية خُطط لها بمشاركة إيران وعدد من فصائل المقاومة.
وفي حديث للجزيرة نت، يوضح عبدي أن "العمليات العسكرية التي بدأت بإطلاق مئات الصواريخ من الأراضي الإيرانية باتجاه الأراضي المحتلة ستليها عمليات أخرى على دفعات من جغرافيا محور المقاومة خلال الساعات والأيام القليلة المقبلة"، مضيفا أنها ستتوسع في حال ردت تل أبيب بعمليات عسكرية على أهداف داخل الأراضي الإيرانية.
وبرأي المتحدث نفسه، فإن إيران تعمدت هذه المرة إطلاق صواريخ متطورة "لإلحاق أضرار في البنى العسكرية الإسرائيلية، وإراقة دماء عسكرية صهيونية، انتقاما لدماء قادة المقاومة"، مؤكدا أن الهجوم الصاروخي يخطر إسرائيل بجانب من القوة العسكرية الإيرانية التي تتمكن من ضرب أهدافها بنجاح من دون أن تستطيع مضاداتها الجوية اعتراضها.
وتابع عبدي أن "الهجوم الإيراني لا يعني إعلان حرب على الكيان الإسرائيلي، ذلك أن العقيد العسكرية الإيرانية لا تسمح ببدء حرب من جانب إيران، لكنها ترسل رسالة استعداد للتعامل مع أي تهديد قد يستهدف أراضيها، وبذلك من الممكن أن تتطور الضربة الإيرانية الثانية إلى حرب في حال رغب العدو بذلك".
وبرأي الباحث الإيراني، فإن "الهجوم الإيراني قبل أن يصيب أهدافه في عمق الأراضي المحتلة قد استهدف إدراك المحور الصهيوأميركي وعقليته العسكرية للقدرات الإيرانية والجانب الخفي منها". وخلص إلى أن "العملية العسكرية الإيرانية هذه الليلة هي الأكبر منذ الحرب العراقية الإيرانية، بل هي أكبر هجوم صاروخي على الجانب الإسرائيلي في القرن الـ21″، على حد تعبيره.
سبب التأجيليؤكد القيادي السابق وأحد أبرز مؤسسي الحرس الثوري الجنرال المتقاعد حسين كنعاني مقدم، إطلاق بلاده نحو 400 صاروخ باليستي وفرط صوتي خلال عملية "الوعد الصادق 2″، موضحا أن التقارير الواردة من الجانب الإسرائيلي عن عدد الصواريخ التي أطلقت خلال نصف ساعة "تتحدث عن الأعداد التي بلغت أهدافها في عمق الأراضي المحتلة بما في ذلك القواعد العسكرية".
وفي حديثه للجزيرة نت، يرجع القيادي السابق في الحرس الثوري "سبب تأجيل الثأر لدماء هنية إلى الخطة التي وضعت لاستهداف قائد في كابينت الحرب الصهيونية" وعلى رأسها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وأضاف أن عملية إطلاق الصواريخ تم التعجيل بتنفيذها "عقب تجاوز تل أبيب بعضا من خطوط إيران الحمراء، والتمادي الصهيوني في استهداف قادة المقاومة، والنشوة التي أراد من خلالها تسجيل انتصار" عشية السابع من أكتوبر/تشرين الأول وذكرى عملية طوفان الأقصى.
وقال كنعناني مقدم إن "أصابع إيران على الزناد، وإن ألف صاروخ من شتى الطرازات موجهة في الوقت الراهن نحو الكيان الصهيوني"، وأضاف أن بلاده حددت بنك أهداف مكونا من 5 آلاف نقطة حساسة في المنطقة قد يطالها الرد الإيراني في حال قامت تل أبيب وحلفاؤها بأي "مغامرة" ضد السيادة الإيرانية.
ورأى، أنه "قد لا تحتاج الصواريخ الإيرانية أن تقطع مسافة 1500 كيلومتر لضرب عمق الجانب الإسرائيلي، وقد يتفاجأ العدو بهطول مئات الصواريخ عليه من المسافة صفر إذا أراد مهاجمة الأراضي الإيرانية".
وكشف الباحث، أن العديد من المسيرات الإيرانية لم تكن مسلحة خلال عملية الوعد الصادق الأولى، وإنما أطلقت للإخلال بالمضادات الجوية، وأن مهمة البعض الآخر منها كان الاستكشاف والتصوير، "وهذا ما تحقق بالفعل"، وأن الحرس الثوري لم ير حاجة هذه المرة لإطلاق المسيرات، بل ركز على إطلاق الصواريخ بعد تحديده الثغرات الأمنية لدى المنظومة العسكرية الإسرائيلية.
وتوقع، أن ترد إسرائيل بهجوم عسكري محدود لحفظ ماء الوجه، مؤكدا أن الرد الإيراني سيكون حينها أعظم من عمليتي الوعد الصادق الأولى والثانية، وأنه لا يستبعد استمرار الهجوم والهجوم المضاد بين طهران وتل أبيب حتى انتخابات الرئاسة الأميركية المقررة الشهر المقبل.
وعما إذا سيضع الهجوم الإيراني حدا للعمليات الإسرائيلية بحق فصائل المقاومة، يرجح كنعاني مقدم أن ينفذ العدو الإسرائيلي اجتياحا بريا في جنوب لبنان خلال الأيام القليلة المقبلة لتعويض خسارته، مؤكدا أن العملية البرية ستقود إلى حرب شرسة هناك، وأن الغارات الإسرائيلية ضد فصائل المقاومة ستلقى ردا أقوى مما اعتادته تل أبيب حتى الآن.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الأراضی المحتلة الحرس الثوری الوعد الصادق تل أبیب
إقرأ أيضاً:
أوروبا الخاسر الأكبر.. ملامح مرحلة جديدة بين موسكو وواشنطن
موسكو- قدم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف رؤية بلاده لعدد من القضايا الراهنة للسياسة الخارجية، وذلك في خطاب ألقاه أمام مجلس الدوما (البرلمان) بعد يوم واحد من مفاوضات الرياض مع مسؤولين أميركيين بينهم وزير الخارجية ماركو روبيو.
وركز الوزير الروسي في كلمته الأربعاء الماضي على ما وصفها بالتوترات المتزايدة في العالم بسبب "رغبة الغرب في الهيمنة".
وعن مفاوضات الرياض، قال لافروف إن الجانب الأميركي أكد أن "الاختلافات في مصالح الدول لا ينبغي أن تؤدي إلى الانزلاق نحو المواجهة" مشيرا إلى أن التحرك نحو تطبيع العلاقات مع واشنطن يسير في "كافة الاتجاهات".
وأضاف أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب هو "الزعيم الغربي الأول والوحيد حتى الآن الذي قال علنا وبصوت عال إن أحد الأسباب الجذرية للوضع في أوكرانيا كان الخط الوقح للإدارة السابقة بجر أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي".
وأكد أن بلاده لا تركض وراء الدول الأوروبية للتطبيع معها، لأن موسكو -حسب كلامه- لم تفعل شيئا لتجميد أو تدمير العلاقات مع هذه البلدان.
أوكرانيا وسوريا
وبخصوص الحرب مع أوكرانيا، أكد لافروف أن روسيا مستعدة للتسوية السياسية والدبلوماسية على أساس الأخذ بعين الاعتبار الحقائق "على الأرض".
إعلانوأوضح أن الوفد الروسي أكد للجانب الأميركي بالرياض ضرورة الحد من تحركات النظام في كييف الرامية إلى تدمير كل ما يرتبط بالثقافة الروسية.
وبالنسبة لسوريا، كشف الوزير الروسي عن اجتماعات رفيعة المستوى بين ممثلي البلدين من المقرر عقدها الأسبوع المقبل.
ووفق لافروف فإن الموضوع الرئيس بالنسبة لسوريا هو "منع تكرار السيناريو الليبي، عندما فقدت ليبيا، نتيجة عدوان حلف شمال الأطلسي، سيادتها وانقسمت ولم تتمكن من لملمة نفسها لمدة 15 عاما حتى الآن".
ويرى أن سوريا لديها مشاكل تتعلق بالوجود غير الشرعي للولايات المتحدة على أراضيها والسياسات التي اتبعتها إدارة الرئيس السابق جو بايدن، وخاصة ما يتعلق بإنشاء "شبه دولة كردية".
رسائل للأوروبيينوبرأي المحلل السياسي أوليغ بوندارينكو، يحمل خطاب لافروف في طياته ملامح مرحلة جديدة من العلاقات الدولية، لكن تفعيلها سيعتمد بشكل كبير على مستوى التقدم في المباحثات مع واشنطن ونتائجها.
وقال بوندارينكو للجزيرة نت إن تجاوز عقبة التباينات في المواقف حول الأزمة الأوكرانية سيمهد على الأرجح لحلحلة مشاكل عالقة أخرى مرتبطة بهذا الملف، كالعقوبات والأصول الروسية المجمدة.
ويضيف أن ثمة رسائل غير مباشرة للزعماء الغربيين حملتها كلمة لافروف، مفادها أن موسكو وواشنطن أطلقتا عملية استعادة القنوات الدبلوماسية والاقتصادية، وأن على أوروبا التحرك بإيجابية وإظهار مواقف أكثر توازنا تجاه روسيا.
وأوضح المحلل السياسي أن الخلاف بين موسكو وواشنطن حول الملف السوري تراجع بعد تغير نظام الحكم هناك، مما يقلل من حجم الملفات الإشكالية العالقة بينهما، على حد تعبيره.
براغماتية
من جهته رأى الباحث في الدراسات الدولية ديمتري زلاتوبولسكي أن مقارنة لافروف بين الإدارتين الأميركيتين الحالية والسابقة عبارة عن لعبة دبلوماسية ذكية هدفها الإعلان عن وجود أرضية مشتركة بين الكرملين والبيت الأبيض.
إعلانوبخصوص العلاقات الأميركية الأوروبية، قال زلاتوبولسكي للجزيرة نت إن الغرب أصبح الآن منقسما حول أوكرانيا. كما أن المرحلة المقبلة قد تشهد أزمة بين بروكسل وواشنطن، ولن يتم حلها إلا من خلال تغيير النخب والقيادات في الاتحاد الأوروبي، حسب كلامه.
وختم الباحث بأن القرارات بشأن نظام الأمن المستقبلي ستتخذها روسيا والولايات المتحدة فقط، لأنهما وحدهما قادرتان على ضمان الأمن في العالم، بصرف النظر عن مشاركة الاتحاد الأوروبي من عدمها.