عبدالجبار الغراب

امتلك سيد المقاومة الراحل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، ذلكم الكم الهائل من المخازن الدينية العظيمة والمعرفية والثقافية والفكرية والجهادية والإدارية في كافة المستويات والمحاور الأَسَاسية، وفي التنظيم وحسن القيادة الرفيعة في التكوين والتأسيس لتنظيم هيكلي حزبي كبير ضمن قاعدة الجهاد والدفاع وتحرير الأرض واستعادة المقدسات المحتلّة من قبل كيان الاحتلال الإسرائيلي، ليكتسب السيد حسن نصر وعلى طول مسيرته الجهادية مجمل وكامل الخصائص الإنسانية في كُـلّ صفاتها الأَسَاسية، منفرداً في عصره الذهبي في شخصيته المتجذرة في الفكر والعقيدة كفيلسوف تطبيقي ذو شخصية عالمية نادرة في التأريخ يصعب تكرارها، فقد جمع ما بين الأكاديمي والثوري والمخطّط الاستراتيجي والفاهم العظيم الذي جمع بين كامل المتناقضات، فكانت كُـلّ أفعاله جادة وناجحة وفق منهجية إيمانية حقيقية وقيم ومبادئ وسماحة الدين الإسلامي الحنيف للتعامل مع مختلف الفئات والطوائف وفق القيم والأخلاق والخصائل والشمائل المحمدية الحميدة.

شخصية السيد حسن نصر إيمانية محورية استثنائية على المستويين الإقليمي والدولي، ولها امتدادها العالمي كإنسان صاحب كاريزما لها القدرة في الإقناع والتأثير، فتأثر به عشرات الملايين من الناس وأحبوا فكرة المقاومة والجهاد واستطاع تعرية الاحتلال الإسرائيلي وحرّر معظم الأراضي اللبنانية وقاد معارك حاسمة مع الكيان حقّق فيها حزب الله الانتصار، مدافعاً عن لبنان وشعبه واقفاً مع قضايا أمته، فهو إنسان يمتلك حسن الخطاب الرفيع والمفهوم، ذكي وصادق له القدرة والكفاءة البالغة على الإقناع والحوار، بليغ وفصيح في الكلام، وأداؤه كله صادق، نابع من القلب والوجدان.

شخصية السيد حسن نصر الله جهادية حكيمة الرؤية طويلة البعد والنظر والأَسَاس، عظيمة البصر والبصيرة، فهو ابن موسى الصدر والمدرسة الحسينية الكربلائية، فمراحل حياته طويلة وغنية وحافلة بالأعمال العظيمة مرفقه بالنجاحات والعطاءات الإيمانية والجهادية، ولأكثر من 32 عاماً فقد تعددت مختلف المسارات النضالية التي أسسها سيد المقاومة الإسلامية في رسمها لوقائع جديدة بانت وظهرت في كُـلّ المجالات التي تساعد في إحداث نهضة كبرى تخدم المجتمعات في تكوينها لمؤسّسة تنظيمية جهادية اجتماعيًّا وثقافيًّا وعسكريًّا، منطلقة لتحرير كامل الأراضي المحتلّة ومواجهة العدوّ الإسرائيلي.

البيئة الجهادية وسيد المقاومة الإسلامية كانا محور ارتباط واتّحاد شكلا معاً لحمة نضالية عظمى متحدة في الثبات والبناء، ديمومَة في البقاء والوجود من انتمائها الإيماني التي لها جذورها المرتبطة في الانتساب والولاء للسيد الحسين عليه السلام، فحازت البيئة الجهادية على مختلف إمْكَانيات المقاومة وامتلاكها للكفاءات الفائقة على المواجهة والتصدي لكل المؤامرات المحاكاة مهما كانت، مختلف التحديات والصعاب، فشكلت المقاومة اللبنانية بعهد سيدها الشهيد مخازن عريضة من الذخائر الاستراتيجية العسكرية والثقافية والاجتماعية والتي جعلت كيان العدوّ الإسرائيلي يخاف منه لعقود من الزمان، وأصبح يشكل رقماً صعباً في المعادلة العسكرية الإقليمية والعالمية، لتترافق عظمة البناء والتكوين القيادي للسيد حسن نصرالله بتكوينه لمحور الجهاد والمقاومة الإسلامية للدعم والدفاع عن المستضعفين ونصرتهم والإسناد لهم والوقوف ضد الطغاة والمستكبرين الأمريكان والصهاينة، لتشكل لحظة رحيل سيد المقاومة علامتها الكبرى الفارقة في تأريخ الإنسانية جمعاء؛ لأَنَّه المنهج والمدرسة معاً للدارسة والتعليم ويقتدي بمنهجه الجميع بلا استثناء، فمدرسته خالدة مخلدة بالقلوب والضمائر الإنسانية لا يمكن لها النضوب ولا النسيان؛ لأَنَّه استشهد وهو يدافع عن الأقصى الشريف مسانداً لمعركة (طُوفَان الأقصى) الفلسطينية في مواجهة كيان الاحتلال الإسرائيلي البغيض الذي طالت أياديه القذرة والوحشية باغتياله، لينال الشهادة التي طالما تمناها، فالتحية والسلام على روحه الطاهرة.

المصدر: يمانيون

إقرأ أيضاً:

السيد القائد عبدالملك الحوثي: رمز للنضال والتحدي

أيوب أحمد هادي

بدأت قصة نضال السيد القائد عبدالملك الحوثي، المستوحاة من نضال أخيه الأكبر الشهيد القائد حسين بدر الدين، الذي كان له دور كبير في رسم الطريق نحو النضال عبر مسيرة قرآنية لا تعرف للذل طريقًا، والذي استشهد بعد ملاحقات طويلة من النظام الحاكم آنذاك، مع مجموعة من رفاقه، مما دفع السيد القائد عبدالملك بن بدر الدين، لحمل الراية ومواصلة المسيرة مع مجموعة صغيرة من أبناء قريته الأوفياء، الذين لا يتجاوز عددهم مِئة رجل، وكان سلاحهم الأَسَاسي هو الكلاشنكوف.

في تلك الفترة، كان من المستحيل تصور أن هذا القائد وأبناء قريته سيحكمون العاصمة صنعاء، وسيسطرون كُـلّ هذا النضال التاريخي، ولكن بإصراره وإيمانه بمشروعه القرآني، بدأ السيد القائد عبدالملك الحوثي في نشر ثقافة المسيرة ومشروعه، مُقنعًا القرى والمناطق المجاورة بالانضمام إليه، في نهاية عام 2014، تمكّن السيد القائد من الوصول إلى العاصمة صنعاء ومناطق شمال اليمن عبر ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر، الثورة التي من خلالها ألقت المسيرة القرآنية بظلالها ليستظل تحتها الشعب اليمني الحر المقاوم للظلم والاستبداد.

رغم الضغوط التي تبعت تلك الثورة، لم يغير السيد القائد توجّـهاته أَو يخفف من شعاراته المناهضة للغرب وعلى وجه الخصوص “أمريكا وإسرائيل” للحصول على الاعتراف الدولي، على العكس، شكلت السعوديّة تحالفًا عسكريًّا مع عدة دول، وبدأت هجومًا واسعًا على اليمن بموافقة أمريكية، مما أَدَّى إلى قصف عنيف للأراضي اليمنية وتدمير بنيتها التحتية.

واجه السيد القائد هذا التحدي بشجاعة، وبدلًا من الانشغال في تنظيم الوضع الداخلي، قرّر مواجهة كُـلّ التحديات، واضعًا “يد على البلاد ويد على الزناد”، وكلّ ما مر عام بعد عام من عدوان ذلك التحالف الهمجي بقيادة السعوديّة الإمارات، زادت قوته وصلابته، واستطاع الحفاظ على جزء من سلاح الدولة اليمنية، وتطوير قدراته العسكرية حتى وصلت إلى تصنيع الصواريخ والطائرات المسيّرة، التي أصبحت تشكل تهديدًا حقيقيًّا للسعوديّة والإمارات؛ ليتحول السيد القائد من وضع الدفاع إلى وضعية الهجوم بفضل صلابته وإيمانه بمشروعه القرآني.

فرض ذلك التحالف حصارًا اقتصاديًّا مستخدمًا مختلف أوراق الضغط الاقتصادي، من إغلاق المطارات والموانئ إلى نقل البنك المركزي من العاصمة صنعاء إلى محافظة عدن المحتلّة؛ فاستمر السيد القائد في استهداف السعوديّة، مع الحفاظ على دوران عجلة الاقتصاد والتوجّـه نحو تفعيل الموارد المحلية واستغلالها، حتى تمكّن من الحفاظ على استقرار العملة المحلية والتخفيف من أثر ذلك الحصار عبر الاهتمام بالجانب الزراعي وتنظيم الاستيراد للمنتجات الزراعية الخارجية حتى استطاع تخفيف فاتورة الاستيراد وتحقيق الاكتفاء الذاتي من الكثير من المنتجات الزراعية المحلية، وكذلك إصدار قرار لمنع سرقة النفط اليمني من قبل ذلك التحالف، حتى أصبح هذا التوجّـه يهدّد شرايين الاقتصاد السعوديّ، مما أجبر التحالف على الدخول في مفاوضات لإنهاء ذلك الحصار والتراجع عن كُـلّ العمليات العدائية على الأراضي اليمنية.

وبهذا الإصرار والنضال كانت حكومة صنعاء قاب قوسين أَو أدنى من انتزاع الاعتراف الدولي بشرعيتها لقيادة اليمن وإعلان الاستقلال والتحرّر من الوصاية والتبعية؛ فحين انطلقت عملية طوفان الأقصى في السابع من أُكتوبر 2023م لم يلبث السيد القائد حتى أعلن دعمه ومساندته للقضية الفلسطينية، من خلال إطلاق صواريخ نحو الأراضي المحتلّة وإعلان الحصار على السفن الإسرائيلية والمرتبطة بها، رافضًا أي عروض أمريكية للاعتراف به مقابل إيقاف تلك الهجمات وفك ذلك الحصار البحري، واستطاع بذلك شل حركة الملاحة الإسرائيلية وتكبيد الكيان المحتلّ الكثير من الخسائر الاقتصادية.

وفي تلك المواجهات مع التحالف الهمجي وتلك العمليات المساندة للشعب الفلسطيني أظهر السيد القائد مرونة في التعامل مع الأحداث المحيطة به داخليًّا وخارجيًّا، مما ساعده في فرض معادلات رادعة مع التحالف العربي بقيادة السعوديّة وَالإمارات أَو ما أسموه تحالف حارس الازدهار الذي تقوده أمريكا و”إسرائيل” وبريطانيا.

فذلك النضال الذي خاضه السيد القائد عبدالملك الحوثي، ليس مُجَـرّد سرد تاريخي، بل هو تجسيد لإرادَة الشعب اليمني في مواجهة التحديات، تمثل مرونته وقدرته على التكيف مع الظروف المتغيرة، وأهميّة النضال؛ مِن أجلِ السيادة والاستقلال والآن تقدم أمريكا و”إسرائيل” على تغيير مسار تلك المواجهة عبر تحريك عملاء ومرتزِقة من الداخل اليمني بزعم إسقاط هذا القائد ومسيرته التي باتت تشكل خطرًا على كُـلّ آمالهم وطموحاتهم.

ألا يستحق هذا القائد أن يكون قائدًا للأُمَّـة الإسلامية، وألا يستحق هذا النضال أن يدرس في المناهج الدراسية؟ بلى يستحق.

مقالات مشابهة

  • محافظ البحيرة تتفقد مدرستي الشهيد عبد الله عاشور للتعليم الأساسي والخزان الابتدائية والجمعية الزراعية
  • محافظ البحيرة توجه بسرعة رصف طريق مدرسة الشهيد عبد الله عاشور بالمحمودية
  • السيد القائد عبدالملك الحوثي: رمز للنضال والتحدي
  • البرلمان العربي: حرق الجيش الإسرائيلي لمستشفى كمال عدوان شمال غزة جريمة جديدة ضد الإنسانية
  • حركة الجهاد تبارك الرد اليمني على كيان العدو الإسرائيلي
  • فعاليات شعبية في مختلف محافظات المملكة تندد بحرب الإبادة الجماعية في غزة
  • الصحفي الشهيد أيمن الجدي
  • خطيب المسجد النبوي: الوحي هو نور من الله على الرسول وبه تحيا القلوب والأرواح
  • ريفي: وعد الشهيد شطح يتحقق ولبنان على طريق استعادة سيادته
  • فريق نصر الله يتوج بطلاً لدوري الشهيد بالإصلاحية المركزية بصنعاء