يمانيون:
2025-04-01@09:26:19 GMT

حليف القرآن وإمام الثائرين

تاريخ النشر: 12th, August 2023 GMT

حليف القرآن وإمام الثائرين

عبدالفتاح البنوس

الحديث عن شخصية بحجم حليف القرآن وإمام الثائرين وقدوة المستبصرين الإمام زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، يحتاج إلى مجلدات ومؤلفات كثيرة جدا للإحاطة بسيرته وشمائله وعلمه الواسع وفكره النير ومواقفه الجهادية التي كانت وما تزال وستظل علامة فارقة في تاريخ الدولة الإسلامية، نتحدث عن إمام قاد ثورة الحق ضد الباطل ، ثورة الإيمان ضد قوى الطاغوت والإجرام والتوحش، بقيادة الطاغية هشام بن عبدالملك، على خطى جده الحسين بن علي في ثورته الحسينية ضد الطاغية يزيد وطواغيته عبيد الله بن زياد وعمر بن سعد ومن دار في فلكهم من القتلة المجرمين ، خرج الإمام زيد بعد أن استشعر الخطر الذي يتهددها ، في ظل سلطة الطاغية هشام بن عبدالملك .


حملة قتل وتنكيل بكل محبي أهل البيت ، وسب علني لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب -عليه السلام- على المنابر ، المجاهرة بالمعاصي والمنكرات من شرب للخمور الخمر وجلب للمغنين والمغنيات ومنحهم العطايا والمكرمات والأموال من بيت مال المسلمين ، وصولا إلى الإساءة للرسول الأعظم وأهل بيته وتدنيس المقدسات واستباحة الحرمات ، وهي منكرات كبيرة دفعت بالإمام زيد للخروج في وجه الطاغية هشام بن عبدالملك بغية إصلاح شؤون الأمة والقيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حيث عبر عن ذلك بالعديد من المقولات التي شكلت أيقونة لثورته منها : (والله ما يسرني أني لقيت محمداً صلى الله عليه وآله وسلم ولم آمر في أمته بمعروف، ولم أنههم عن منكر، والله ما أبالي إذا قمت بكتاب الله وسنة نبيه أنه تأجج لي نار، ثم قذفت فيها، ثم صرت بعد ذلك إلى رحمة الله)، وقوله عليه السلام مُخاطباً علماء الأمة: (قد ميزكم اللّه تعالى حق تمييز، ووسمكم سِمَة لا تخفى على ذي لب، وذلك حين قال لكم: ﴿وَالمُؤْمِنُونَ وَالمُؤمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُوْنَ باِلمعْرُوْفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنْكَرِ وَيُقِيْمُوْنَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُوْنَ الزَّكَاةَ وَيُطِيْعُوْنَ اللَّهَ وَرَسُوْلَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيْزٌ حَكِيْمٌ﴾، فبدأ بفضيلة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ثم بفضيلة الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر عنده، وبمنزلة القائمين بذلك من عباده … واعلموا أن فريضة اللّه تعالى في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إذا أقيمت له استقامت الفرائض بأسرها، هينها وشديدها)، وقوله عليه السلام حين شاهد امرأة تأكل من بقايا الطعام: (من أجل هذه كان خروجي) .
فلم يخرج الإمام زيد عليه السلام من أجل مال أو سلطة ولكنه خرج لإصلاح وضع أمته وقال في ذلك : (والله لوددت أن يدي ملصقة بالثريا فأقع إلى الأرض أو حيث أقع فأتقطع قطعة قطعة وأن الله أصلح بي أمر أمة محمد)، فلم يسكت أويجبن أو يتذمر ويتخلى عن المسؤولية والواجب المنوط به، ولذلك كان رده المزلزل على من طلبوا منه عدم الخروج بقوله : (كيف لي أن أسكن، وقد خولف كتاب الله، وتحوكم إلى الجبت والطاغوت، والله لو لم يكن إلا أنا وابني يحيى لخرجت وجاهدت حتى أفنى)، خاض معركة بطولية في سبيل إعلاء راية الإسلام وتصحيح مساره وتقويم حالة الضلال والإعوجاج التي صنعها هشام بن عبدالملك، حيث ارتقت روحه الطاهرة إلى بارئها في ليلة الجمعة (25) محرم سنة (122هـ) بعد إصابته بسهم في جبينه الطاهر، وقام أصحابه بدفنه في مجرى نهر بعد أن عدلوه خلال عملية الحفر للتمويه على الأعداء، ولكن الخبر وصل للمجرم يوسف بن عمر الثقفي فأمر جنوده بإخراج جثته الطاهرة واحتزوا رأسه وبعث به إلى الطاغية هشام بن عبدالملك في الشام والذي أمر بأن يطاف به في البلاد لبث الرعب في أوساط الناس، وقاموا بصلب جثته على شجر الرمان بكناسة الكوفة، وظل مصلوبا قرابة أربع سنوات رافقتها الكثير من الكرامات، إلى أن أمر الطاغية الوليد بن يزيد المجرم السفاح يوسف بن عمر بإحراق جثة الإمام زيد وذرها في نهر الفرات ، بهدف محو ذكره ، ولم يعلموا انهم بذلك أسهموا في تخليد الإمام زيد ودفعوا الناس للالتفاف حول نجله الإمام يحيى بن زيد لمواصلة مسار والده الجهادي الثوري الخالد على مر التاريخ .
بالمختصر المفيد: الإمام زيد عليه السلام صاحب منهجية قائمة على الوسطية والاعتدال، حيث أسس فكره ومنهجه واحدا من أهم وأبرز المذاهب الإسلامية وهو المذهب الزيدي، الذي يجسد سماحة الإسلام، ورقي الرسالة المحمدية، ومنتهى سمو الفكر الإسلامي النير، الإمام زيد عليه السلام، مدرسة في العلم والوعي والبصيرة والاجتهاد، والجهاد والاستشهاد، وسيظل ملهما لكل الثوار الأحرار على مر العصور، حتى يرث الله الأرض ومن عليها .
قلت قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ووالدينا ووالديكم وعاشق النبي يصلي عليه وآله.

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: علیه السلام الإمام زید

إقرأ أيضاً:

خواطر رمضانية

#خواطر_رمضانية

د. #هاشم_غرايبه

وانقضى شهر الرحمات والمغفرة، ومرت أيامه سريعة كما كل الأوقات الجميلة، فهنيئا لمن اغتنم الفرصة ففاز الفوز العظيم بالعتق من النار.
كان هذا الشهر موسم حصاد الأرباح، إذ يضاعف فيه أجر الأعمال الصالحة، ولعل أكثر ما يقبل المؤمنون عليه فيه هو تلاوة القرآن.
حقيقة أنها من اجل الأعمال الصالحة، وقد حضنا عليه نبي الهدى والرحمة صلى الله عليه وسلم، لما يعلمه من جزيل نفع ذلك لحياة الأمة وصلاح أمرها، قبل نفع الفرد بأجر عند الله عندما يجد القرآن شفيعا له يوم لا ينفع المرء مال ولا بنون.
القرآن ليس مجرد كتاب هداية يفصل شؤون الدين فقط، بل هو أعظم نعمة منّ الله بها على عباده المؤمنين، فهو مصدر موثوق للمعرفة الكاملة والعلم الصحيح، ومرجع صادق لأحوال الأمم السابقة، ودليل شامل لكل ما ينفع المرء ويسعده، ولكل ما يضره ويشقيه، لذلك فهو منهاج حياة الأفراد والأمم.
لهذا كله أراد الله تعالى لعباده المداومة على قراءة القرآن في رمضان وفي غيره، لكننا للأسف نجد من المسلمين كثير تلاوة وقليل تدبر وتفكر فيما تلوه.
هنالك مقولة لـ “علي عزت بيغوفيتش”: المسلمون هذه الأيام يقدسون القرآن كمصحف، فيبجلونه ويزينونه، لكنهم لا يقدسونه كمنهج”.
الحقيقة أنه مصيب فيما قاله، فاستعماله يقتصر على تلاوته في رمضان بقصد كسب الحسنات، ويتنافسون في عدد الختمات، لكنك لا تجد من يتوقف عند كل آية محاولا اسقاط المضمون على الواقع، ولا التدبر في أحوال الأشخاص والأقوام اللذين أورد الله قصصهم، لأجل أخذ العظة مما جرى معهم.
هم يعظمون القرآن، لكنهم يريدونه طقوسيا وليس منهاجا يتبع، يحتفظون به في المساجد ودور التحفيظ، ويفتتحون به المؤتمرات، ويتنافس قراؤه على جمال تجويده، ويذيعونه على مكبرات الصوت في بيوت العزاء، لكنهم لا يتفكرون في مضمون ما يسمعونه أو يتلونه، ولا يطبقونه في حياتهم اليومية ولا يعتمدون منهجه كدستور ناظم لشؤون حياتهم، بل يعتمدون دساتير الغرب ، ويلتزمون بتعليمات المستعمر ومقررات هيئاته ويطبقون مبادئ فلاسفته ومنظريه.
وهذا هو هجران القرآن: “وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا” [الفرقان:30].
قد يقول قائل: ها هم الأمم المتقدمة لا يقرؤون القرآن، بل لا يعترفون به، ومع ذلك فهم يحققون النجاح والازدهار والتقدم، فيما نحن نلتقط من ورائهم فتاتهم.
غير المؤمنين اعتمدوا على التجربة والخطأ في تدبير شؤون حياتهم، وعانوا كثيرا من تنكبهم لمنهج الله القويم، فظلموا غيرهم وأنفسهم كثيرا وعدلوا قليلا، وسبب شقائهم أنهم خالفوا فطرة الخير والاحسان الكامنة في كل نفوس البشر مؤمنهم وكافرهم، أكثر مما اتبعوها، لذلك فحياتهم ضنكة لأنها تشبه حياة الأنعام: تعيش ليومها ولمتعها الآنية تأكل وتشرب وتتمتع بالجنس.
كيف يطمئن المرء ويهنأ باله إن كان يعلم يقينا أنه سيموت حتما، وبلا انذار، وسيترك كل ما حازه من علم وجاه وأموال وبنين وراءه، ويمضي الى واقع مجهول لا يعلم مصيره فيه، ولكي يعزي نفسه يحاول أن يقنع نفسه أنه ماض الى الفناء وليس الى دار حياة أخرى، يحدد مصيره فيها من نعيم أوشقاء بناء على محصلة أعماله الدنيوية، لكنه يفشل في اقناع نفسه قبل اقناع غيره بصحة ظنه هذا، فليس له دليل واحد على صحته، فلم يحدث أن عاد أحد بعد الموت لينبئ بما وجده، بل كل الأدلة المنطقية توحي بالعكس.
واولها أنه لو كان وجود البشر بالصدفة وبلا خالق، لوجدت احتمالات كثيرة لنماذج متعددة لمخلوقات بشرية وغيرها، لكنك لا تجد إلا صورة واحدة محددة لكل مخلوق منذ الأزل رغم مروره بمراحل تطور، لكنها جميعها في الاتجاه ذاته.
ولا يمكن لمتفكر في الطبيعة البشرية المتحكمة في سائر المخلوقات التي سخرت جميعها لنفعها، لا يمكن أن يتصور أن ذلك بلا تكليف ولا مسؤولية، فكل ما في الواقع ينبئ أنه على قدر ما يتحقق من تميز أو نفع لمخلوق، كلما كانت المتطلبات اكثر، ومسؤوليته أكبر.
لذلك من المنطقي لمن تتاح له فرصة للسيادة والتميز على غيره أن يكون وراءه حساب.
السعادة تحققها الطمأنينة، لذلك: “وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا” [طه:124].
كل عام وانتم بخير، ونلتقي ان شاء الله بعد إجازة العيد.

مقالات ذات صلة خواطر رمضانية 2025/03/29

مقالات مشابهة

  • بعد فرار الطاغية ..سوريون يحتفلون بالفطر بعد إطاحة الأسد: "العيد عيدان"
  • ماذا أفعل إذا فاتتني تكبيرات صلاة العيد؟.. أمين الفتوى يجيب
  • هل يجب حضور خطبة العيد والاستماع إليها ؟.. الإفتاء تجيب
  • محافظ الدرعية يؤدي صلاة العيد مع جموع المصلين في جامع الإمام محمد بن سعود بالمحافظة
  • خواطر رمضانية
  • كيفية صلاة عيد الفطر؟.. خطوات وأحكام تُضفي بهجة العيد| فيديو
  • عبدالرحيم على يهنىء الإمام الأكبر بشفائه
  • بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام
  • أنوار الصلاة على رسول الله عليه الصلاة والسلام
  • دعاء وداع شهر رمضان .. تعرفوا عليه