لجريدة عمان:
2025-04-07@19:30:04 GMT

الإعلام الصهيوني بين التضليل والتزوير

تاريخ النشر: 1st, October 2024 GMT

من خلال المتابعة للخطاب الإعلامي الصهيوني ومنذ اندلاع الصراع العربي الاسرائيلي قبل اكثر من سبعة عقود كان الشعار الاساسي لذالك الخطاب هو طمس الحقايق والتضليل والتزوير في المعلومات وهذه نظرية قديمة استخدمها وزير الدعاية للزعيم الالماني النازي اودولف هتلر خلال الحرب العالمية الثانية، وتعد نظرية جوبلز وزير الدعاية الالماني ذات أسس محددة تقوم على المبالغة والتضليل وطمس الحقيقة بهدف رفع معنويات المحاربين وايضا ارسال رسائل للعدو بان مسار الحرب يسير في صالح الجيش الالماني.

ورغم تقدم التقنية والنظريات الحديثة للاعلام فان الكيان الصهيوني اعتمد على تلك النظرية من خلال عدد من الاسس منها الرقابة العسكرية على المعلومات والتلاعب في الارقام والتضليل والتأكيد على السردية الصهيونية حتى تترسخ في ذهن المتلقي الغربي والامريكي تحديدا بهدف كسب التعاطف والتأييد.

وعلى مدى سبعة عقود نجحت هذه النظرية الصهيونية في اقناع الشعوب الغربية بان الكيان الاسرائيلي هو ضحية، وان العرب يتربصون بالانقضاض على الكيان كما تم استخدام موضوع المحرقة خلال الحكم النازي في المانيا من خلال تزوير الارقام وتهويل العملية، والتي شككت في ارقامها عدد من الدراسات التاريخية والمفكرين ومنهم المفكر الفرنسي جارودي والذي هاجمته الصهيونية العالمية بعنف كبير.

ان النظرية الصهيونية في مجال الاعلام ليس لها علاقة بالنزاهة او الموضوعية او بيان الحقيقة ولعل من سوء حظ الكيان الصهيوني ان التقنية والهاتف الذكي مكنت شعوب العالم من المعرفة بشكل دقيق ومن خلال الكلمة والصورة ومن خلال مصادر مستقلة. ويعد نموذج الحرب العدوانية الاسرائيلية على الشعب الفلسطيني والشعب اللبناني هو نموذج حي لتحليل الخطاب الاعلامي الصهيوني الذي سقط اخلاقيا ومهنيا حتى على صعيد ثقة الاسرائيليين ومنهم من تحدث بانهم يثقون في بيانات ومعلومات حركة حماس اكثر من معلومات وبيانات المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي. كما ان طلاب الولايات المتحدة الأمريكية خرجوا باعداد كبيرة للتنديد بمجازر الاحتلال الاسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني، ومن هنا فإن نظرية التزوير والتضليل الصهيوني سقطت بشكل كامل وهي احدى نتائج الحرب الحالية، وهناك نماذج عديدة تدل على التضليل منها قضايا الاسرى والادعاء بانه تم تحريرهم وهي معلومات اتضح لاحقا انها مزورة، كذلك بيانات اعداد القتلى والجرحى فهي متضاربة بين ارقام الرقيب العسكري ووزارة الصحة الاسرائيلية وحتى الجهات المستقلة ووسائل الاعلام.

اما على صعيد المعارك بين قوات الاحتلال الاسرائيلية المقاومة الفلسطينية، فان المشهد يتحدث عن نفسه فحركات المقاومة حماس والجهاد تبث افلاما تتحدث عن سير المعارك وتدمير دبابات الميركافا من المسافة صفر، كما لا يتحدث الرقيب العسكري عن رفض آلاف من الجنود الاحتياط من اللحاق بوحداتهم العسكرية في قطاع غزة، علاوة على رفض المتدينين الحريديم من الانضمام الى جيش الاحتلال والاستقالات من قبل قيادات الاجهزة العسكرية والامنية بسبب التخبط والفشل الذريع والهزيمة الكبرى التي حدثت يوم السابع من اكتوبر واصبحت تاريخا موثقا في التاريخ العسكري الحديث وسوف تدرس تلك المعركة التي نفذت من خلال آلية الخداع والتخطيط الهجومي المحكم وسط امكانات محدودة للمقاومة الفلسطينية لا تقارن بما يملكه جيش الاحتلال الاسرائيلي من ترسانة امريكية وغربية متطورة، ولكن الفارق هنا هو الايمان وان هناك قضية وطنية فلسطينية تستحق المجازفة، لعل العالم يفوق من سباته ويعرف حقيقة التضليل الاعلامي الصهيوني الذي ضرب غشاوة على العيون والقلوب طوال سبعة عقود. ان من اكبر المكاسب الاستراتيجية للحرب الحالية في قطاع غزة هو سقوط نظرية الردع والتفوق الاسرائيلي علاوة على سقوط التضليل الاعلامي الصهيوني الذي خدع العالم على مدى عقود. كما ان الهزيمة الاستراتيجية لقوات الاحتلال خلقت واقعا جديدا للاجيال الجديدة من خلال التركيز على القضية الفلسطينية وابعادها التاريخية والدينية وحول عدوانية وانتهاكات العدو الصهيوني وهذا الوعي المتزايد من خلال الاجيال الجديدة يعد تحولا كبيرا ليس فقط في العالم العربي ولكن على صعيد شعوب العالم. ان المشروع الاستراتيجي الغربي الصهيوني الاقليمي قد سقط من الناحية الفكرية والموضوعية واصبح هناك شك كبير خاصة وان اجيال هزيمة السابع من اكتوبر من القيادات العسكرية والامنية الاسرائيلية سوف يختفون من المشهد السياسي وسوف يقدمون للتحقيق عما جرى. ومن هنا فان القضية الفلسطينية قد كسبت الكثير لعل في مقدمتها زيادة الوعي وكشف زيف السردية الصهيونية والتعاطف الانساني معها بل والاعتراف بعضوية فلسطين في الجمعية العامة للامم المتحده بأغلبية اصوات كبيرة كما ان الرأي العام العالمي كشف مدى التزوير والتضليل للدعاية الصهيونية خاصة في الغرب والولايات المتحدة الأمريكية والتي ينفق عليها ملايين الدولارات ومع ذلك سقطت تلك السردية ونقل الاعلام الحر الابادة الاسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني وتحركت محكمة الجنايات الدولية ومحكمة العدل الدولية بعد تقديم ملفات قانونية توثق جريمة الاحتلال الاسرائيلي البشعة وهناك تفاؤل باصدار مذكرة اعتقال بحق احد اكبر مجرمي التاريخ الحديث نتنياهو وعصابته في الكيان الاسرائيلي.

ان تداعيات الحرب العدوانية الاسرائيلية على قطاع غزة وعموم فلسطين والآن على لبنان سوف تكون حاسمة وعلى صعيد المنطقة العربية على ضرورة سقوط المشروع الاستراتيجي الغربي الصهيوني الاقليمي في المنطقة وهذا شيء مهم ليعيد الثقة بأن السلام الشامل والعادل مطلب عربي وانساني من خلال قيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من يونيو ١٩٦٧ وهو الحد الادنى في هذه المرحلة لان بقاء الكيان الصهيوني في المنطقة العربية ومن خلال الاجيال القادمة هو محل شك كبير لدى مراكز البحوث ومن خلال الهجرات اليهودية من فلسطين المحتلة الى اوروبا والولايات المتحدة الأمريكية لان الحروب والصراعات لن تنتهي بشكل نهائي لان التناقض الفكري والعرقي وحتى الديني كبير رغم تغليف ذلك باغراء مسألة الازدهار الاقتصادي للمنطقة وشعوبها وبالمقابل خسارة هويتها الوطنية والانغماس في المادية والانحلال وايجاد فكر يخرب الاوطان والاجيال معا.

عوض بن سعيد باقوير صحفي وكاتب سياسي وعضو مجلس الدولة

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الاحتلال الاسرائیلی ومن خلال على صعید من خلال

إقرأ أيضاً:

الإعلام والحرب: “الرسالة دي للقائد الأمير حميدتي حفظه الله وصولها ليهو” (2-2)

لم ينجح إعلامنا في بناء رسالة ملحاحة للعالم في لغاته تحمله على الاقتناع بأن “الدعم السريع” منظمة إرهابية حقاً بينما حقيقة إرهابها هي كل ما في جعبتها.

أثار تعيين إعلاميين في كل من سفارة السودان في القاهرة وأديس أبابا مسألة الإعلام في الحرب من أكأب زواياها وهي فقه الوظيفة لا رسالتها. ومن بين رسائل الإعلام دعوة الفريق ركن عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة والقائد العام للقوات المسلحة تصويب الجهود السياسة والإعلامية ليرى العالم قوات الدعم السريع كما هي في حقيقتها: طاقة إرهابية لا جيشاً في مقابل القوات المسلحة كما طرأ لمجتمع دولي كسير ذابل.

ونواصل حديث الأمس:
من جهة أخرى ليست الحرب القائمة في السودان حرباً لمن أراد الاحتكام إلى قانون الحرب. فقام هذا القانون على افتراض أن الحرب مما يقع بين قوتين عسكريتين، وشدد على المهنية لأنها مدار تقليل فداحة الحرب لا على المدنيين كما ينبغي وحسب، بل حتى على العسكريين أيضاً. فيحكم القانون ضرب حتى الهدف العسكري، ناهيك بالمدني، بضوابط معروفة بالتناسب، فعلى القوة التي انتخبت هدفاً عسكرياً لضربه أن تحسب بدقة قوة النيران الكافية لغرضها لتصيبه بلا تفريط يتعدى الأثر إلى غيره. ويريد القانون بالتناسب أن تصيب هدفك لغرض ساعتك بلا زيادة. وشرط إحسان التناسب هو المهنية. فالقانون يطلبها نصاً بقوله إن على المتحاربين أن يكونوا على قدر كبير من التدريب في الفن العسكري ليحسنوا إدارة عملية ضرب الأهداف بتناسب. وينوه بأن تتمتع الأطراف المتحاربة باستخبارات ذكية تقع على الهدف العسكري بمهنية لا رجماً. بل شدد القانون على هذا التدريب نفسه ليحول دون السرقة والنهب في الحرب، فما وقع النهب والسلب، في قول التقرير، حتى دل ذلك على بؤس في تدريب القوة العسكرية المعنية وضعف قادتها الذين ينتهزون سانحة الفوضى العاقبة للمعارك فتمتد يدهم إلى أشياء من لا حول لهم لردهم.

فلم نرَ هذه المهنية في “الدعم” لنعدهم قوة محاربة ينطبق عليها قانون الحرب، فأول ما ينقصه هو سلسلة القيادة التي تضبط إدارته، ويشاهد السودانيون منذ الحرب فيديوهات فيها بيان كافٍ عن انحلال تلك السلسلة، ولكنهم يصرفونها كـ”هرج جاهلين” بينما هي بينة مرموقة على الطبيعة المليشياوية لـ”الدعم السريع”.
فيظهر أي جندي منهم بحديث مباشر للقائد محمد حمدان دقلو يبثه شكواه واحتجاجه، بل وخطته المثلى لإدارة الحرب. فتسمع ممن يريده تغيير وجهة الحرب من الخرطوم إلى ولاية النيل والشمالية، أو من يبث شكواه عن إهمالهم حتى إنهم يعالجون جرحاهم من المعارك على حسابهم. ويشتكي آخر في معركة الخرطوم أن عربات السلاح لم تدخل المعركة لأنها بطرف قادتهم الذين هم بين أزواجهم في دور غيرهم. بل اشتكى أحدهم للقائد حميدتي من سوء توزيع العربات القتالية. فهي في قوله راكزة في الصحراء بكبار القادة يسفيها الرمل بينما كانت الحاجة إليها ماسة في الخرطوم. وكان من رأيه أن تكون في طريقها لاحتلال بورتسودان مقر حكومة الفلول بدلاً من ضلالها عن الحرب في الخلاء، بل زاد قائلاً إن هذه الحرب في “دار صباح” (وهي لغة في الشرق عند أهل الغرب في السودان) داخلتها “ملعوبية” من الفلول الكيزان.

وجاء آخر بفيديو غاضب موجه للقائد دقلو إثر هزيمة قواتهم من الخرطوم. قال إنهم لم يجدوا معهم في ميدان القتال سوى لواءين بالاسم، أما الآخرون فغابوا بسياراتهم والذخائر التي نفدت بين أيديهم ولم يجدوا مدداً. وقال لحميدتي إنه قائم بالأمر كما ينبغي ولو نقصت فالكمال لله، وقال إنهم لم يجدوا من يمدهم بالسلاح أو الذخيرة في حر المعركة، ولم يشوش أحد على مسيرات الجيش التي قرضت الناس، واشتكى غياب السيارات ذات المدافع عن المعركة لأنها بيد قادة فضلوا أن يلازموا بيوتهم الجديدة في حي المنشية الراقي بالخرطوم.
وتجد في هذه الفيديوهات من يعبر عن قبيلته صريحاً مقابل قبيلة أخرى وبخاصة ما كان بين قبيلة المسيرية (كردفان) والماهرية (دارفور)، فقال أحدهم إنه من الفرقة 40، فرقة الجنرال جلحة، الذي كانت قتلته القوات المسلحة قبل شهرين أو نحوه، وهي فرقة مسيرية خالصة. وبدا أن المتهمين بالاستفراد بالسيارات هم من الماهرية. فقال الدعامي المسيري إن هذه السيارات للدواس ولا سبب لتكون في غير ميدانها الذي راح ضحيته منهم بالنتيجة 52 قتيلاً. وجاء بأسماء قادتهم ممن لقوا حتفهم. وقال إنهم لم ينسحبوا من كوبري المنشية بالخرطوم إلا بعد إطلاق آخر رصاصة بجعبتهم. ولم يتورع من القول إن هزيمتهم ثمرة خيانة. فوراؤها “لعبة” بينما هم أهل قضية.

وفي إشارة إلى استقلالهم كمسيرية في “الدعم السريع” قال إن فرقتهم خسرت سبع عربات في المعركة وهي ملك للفرقة 40 لا لـ”الدعم السريع”. وبدا للرجل كأن القتال صار على مثلهم لا غيرهم، وبدا كمن يقول إن شعب المسيرية هو من وقع عليه القتال بينما توارى آخرون، وربما قصد جماعة الماهرية الذين هم من خاصة أهل حميدتي. وتكررت الشكوى من اعتزالهم القتال وتمتعهم بما وقع لهم من حظ منه.
من الصعب بالطبع وصف هذه العلاقة بين الجند الدعامة والقيادة بأنها مما يستأهل به “الدعم السريع” أن يكون قوة عسكرية مما رأينا اشتراطاتها في قانون الحرب. فليس بينهم وبين قيادتهم “ضبط وربط” الذي هو ميسم المهنية. فبدا أن لكل دعامي خطة الحرب غير ما اتفق لقيادته، بل ويطلق الواحد منهم لسانه على الملأ عن “ملعوبية” في الحرب أوردتهم موارد التهلكة. وعلى هذا فالقول إن حرب السودان هي بين قوتين عسكريتين من فضول القول، فبنية “الدعم السريع” خلت من النظامية والمهنية، وبدت كطاقة إرهابية فقط.

مما يسعد أن يستعيد الإعلام موقعين في سفارتين مركزيتين للسودان في القاهرة وأديس أبابا. وليس بشارة أن غلب فقه الوظيفة في تناول هذا التعيين على فقه وظيفة الإعلام لدولة تخوض حرب موت أو حياة في عالم ذابل. ولا من يغالط أن إعلام الحكومة لم ينم تقليداً في المبادأة والطلاقة لأنه ربيب نظم حكم ديكتاتورية طال أمدها. فصار بها بوقاً لحكومة الوقت. واحتاجت حكومة الوقت في يومنا، وفي شرط الحرب، كما لم تحتج حكومة قبلها إلى إعلام بلا ضفاف لإذاعة قضيتها في الحرب برصانة. وسيحتاج إعلامها بهذا إلى الاشتباك مع العالم في منصاته ومعارفه وأعرافه بسرديات مخدومة يخرج به سيفاً لدولة لا بوقاً:
إذا كان بعض الناس سيفاً لدولة ففي الناس بوقات لها وطبول

عبد الله علي إبراهيم

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • هولندا تعلن تشديد القيود على الصادرات العسكرية إلى الكيان الصهيوني
  • طرد سفير الكيان الصهيوني بإثيوبيا من مقر الاتحاد الإفريقي
  • هيئة مغربية تعبر عن استنكارها لتداول أخبار بشأن عبور سفينة أسلحة إلى الكيان الصهيوني عبر ميناء طنجة المتوسط
  • الإعلام والحرب: “الرسالة دي للقائد الأمير حميدتي حفظه الله وصولها ليهو” (2-2)
  • التجمع يؤيد الإضراب العالمي للتضامن مع غزة.. ويدعو لمواصلة الضغط على الكيان الصهيوني
  • الاحتلال الاسرائيلي يقتل 490 طفلا خلال 20 يوما
  • «رفح» منطقة منكوبة وغير صالحة للحياة
  • روجت لـ«حق إسرائيل في الرد».. بلاغ للنائب العام يتهم داليا زيادة بالتخابر ودعم الكيان الصهيوني
  • مقاطعة الإعلام الحربي كأداة مقاومة ضد آلة الدعاية العسكرية
  • مؤسسات الأسرى: 350 طفلا فلسطينيا في المعتقلات الصهيونية